لم يستطع كمال، بطل رواية السّراب لنجيب محفوظ، أن يهرب من وجه أمّه الذي يراه في كلّ مكان. كان وجهها مَبعَث آلامه ومَلاذَه الوحيد. حاصرته أمومتها الفيّاضة والعنيفة والعطوفة، وشوّهت عالمه الداخليّ وعلاقته بجسده وبالآخر. كمال مرتبك أبدي، يقف على فوّهة الواقع دون أن يسقط. كان طفلاً حزيناً ومراهقاً خجولاً ورجلاً جباناً. حاول الانتحار كي يرحل بعيداً عنها، ولكن خوفه من حزنها أكبر من إغراءات الموت؛ تلك النهاية السعيدة - كما يراها - لحياته الطافحة بالهموم والتبعيّة والتعلّق المرضي. يمشي أينما تمشي، وينام أينما تنام. يُمسك براحة يديها ليُقبّلها، ويستجدي عطفها المُكابِر عندما تغضب. رضاها علّته ودواؤه. في المقابل، كانت والدته نُسخة لآلاف الأمّهات اللاّتي يُردن من أبنائهنّ وبناتهنّ أن يدفعن دَين الأمومة الأبديّ. طليقها سِكّير عربيد، أذاقها الويلات، فاتّخذت كمال قرباناً لمشاعرها المكتومة وجعلته زوجها وحبيبها وابنها المدلّل والمُعذَّب بعاطفتها المتطرّفة. ترفض أن يُمسك يداً غير يدها، أو يُعانق جسداً غير جسدها، أو يمشي فوق أرض دون أن يتبع خُطاها. أمومة سامّة وأليمة، لخّصها كمال في بداية الرواية كما يلي: | لم يستطع كمال، بطل رواية السّراب لنجيب محفوظ، أن يهرب من وجه أمّه الذي يراه في كلّ مكان. كان وجهها مَبعَث آلامه ومَلاذَه الوحيد. حاصرته أمومتها الفيّاضة والعنيفة والعطوفة، وشوّهت عالمه الداخليّ وعلاقته بجسده وبالآخر. كمال مرتبك أبدي، يقف على فوّهة الواقع دون أن يسقط. كان طفلاً حزيناً ومراهقاً خجولاً ورجلاً جباناً. حاول الانتحار كي يرحل بعيداً عنها، ولكن خوفه من حزنها أكبر من إغراءات الموت؛ تلك النهاية السعيدة - كما يراها - لحياته الطافحة بالهموم والتبعيّة والتعلّق المرضي. يمشي أينما تمشي، وينام أينما تنام. يُمسك براحة يديها ليُقبّلها، ويستجدي عطفها المُكابِر عندما تغضب. رضاها علّته ودواؤه. في المقابل، كانت والدته نُسخة لآلاف الأمّهات اللاّتي يُردن من أبنائهنّ وبناتهنّ أن يدفعن دَين الأمومة الأبديّ. طليقها سِكّير عربيد، أذاقها الويلات، فاتّخذت كمال قرباناً لمشاعرها المكتومة وجعلته زوجها وحبيبها وابنها المدلّل والمُعذَّب بعاطفتها المتطرّفة. ترفض أن يُمسك يداً غير يدها، أو يُعانق جسداً غير جسدها، أو يمشي فوق أرض دون أن يتبع خُطاها. أمومة سامّة وأليمة، لخّصها كمال في بداية الرواية كما يلي: |