تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ط
لا يوجد ملخص تحرير
سطر 36: سطر 36:  
لا يقتصر التأسيس للغة خارج البراديغم الذكوريّ [[غيرية جنسية|والغيريّ]] [[معيارية|والمعياريّ]] فقط على تكريس اللّغة الشاملة لأنّنا نواجه تحديّا آخر وهو ترجمة المصطلحات والمفاهيم التي لم تتشكّل ضمن سياقاتنا المحليّة مثل كلمة "كوير". هذه التبعيّة اللسانيّة خلقت فجوة في تطوّر المعارف الجندريّة في منطقتنا العربيّة، فجلّ القراءات والنصوص التأسيسيّة والنظريّات النسويّة والكويريّة كُتبت بلغات أجنبيّة. نحن واعيات بأنّ الترجمة تحمل معها قيمها السياسيّة، فنحن لا نستورد فقط مصطلحات ومفاهيم غربيّة بل نستورد معها العنف السياسيّ المُعجميّ لتلك البلدان لأنّ المصطلحات هي وليدة واقع سياسيّ واقتصاديّ وثقافيّ واجتماعيّ مشحون لا يُعبّر بالضرورة عن خصوصيّاتنا ومعاشنا اليوميّ.
 
لا يقتصر التأسيس للغة خارج البراديغم الذكوريّ [[غيرية جنسية|والغيريّ]] [[معيارية|والمعياريّ]] فقط على تكريس اللّغة الشاملة لأنّنا نواجه تحديّا آخر وهو ترجمة المصطلحات والمفاهيم التي لم تتشكّل ضمن سياقاتنا المحليّة مثل كلمة "كوير". هذه التبعيّة اللسانيّة خلقت فجوة في تطوّر المعارف الجندريّة في منطقتنا العربيّة، فجلّ القراءات والنصوص التأسيسيّة والنظريّات النسويّة والكويريّة كُتبت بلغات أجنبيّة. نحن واعيات بأنّ الترجمة تحمل معها قيمها السياسيّة، فنحن لا نستورد فقط مصطلحات ومفاهيم غربيّة بل نستورد معها العنف السياسيّ المُعجميّ لتلك البلدان لأنّ المصطلحات هي وليدة واقع سياسيّ واقتصاديّ وثقافيّ واجتماعيّ مشحون لا يُعبّر بالضرورة عن خصوصيّاتنا ومعاشنا اليوميّ.
   −
هل يُعدّ فك ارتباط اللّغة العربيّة بالسياق المعرفيّ الغربيّ أمرًا صعبًا إلى هذه الدرجة؟ هل هذا يعني أنّ لغتنا قاصرة وعقيمة لذلك اضطررنا إلى الاحتماء بالأكاديميا الغربيّة؟ شخصيّا لا أعتقد ذلك، صحيح أنّ الكسل المعرفيّ تُهمة جاهزة موجّهة لنا ولكنّنا قادرات على إنتاج معرفة نسويّة وكويريّة باللّغة العربيّة وهذا ما تقوم به جيم والعديد من المنصّات والمواقع الإعلاميّة الأخرى سواء المختصّة في قضايا الجندر والجنسانيّة أو التي تكتب بكثافة عن الموضوع. هناك محاولات حثيثة ومستمرّة لجعل الممارسة الترجميّة أقلّ عنفًا ومُرتبطة أكثر بالمحليّ وهناك رغبة مُتّقدة في تثوير اللّغة ونفض الغبار عنها لا يُمكننا تجاهلها رغم أنّها مازلت في طور التأسيس. يتمثّل تثوير اللّغة في الاسترداد اللغويّ أو الافتكاك اللغويّ أي افتكاك كلمات تحقيريّة وشحنها بدلالات أخرى تُحوّل وجهة الكلمة بشكل نهائيّ وتُفقدها معناها الأصليّ مثل كلمة "شاذ". الكثير من أصدقائنا الكويريّين صاروا يستعملون كلمة "شاذ" كعلامة نصر واعتزاز وتعبيرًا عن تحدّيهم للّسان الذكوريّ. لم تعد كلمة "شاذّ" تصدم السامعين والسامعات ولم تعد تدريجيًّا تحمل نفس الدلالات، فنحن شواذّ وشاذّات ونفتخر.
+
هل يُعدّ فك ارتباط اللّغة العربيّة بالسياق المعرفيّ الغربيّ أمرًا صعبًا إلى هذه الدرجة؟ هل هذا يعني أنّ لغتنا قاصرة وعقيمة لذلك اضطررنا إلى الاحتماء بالأكاديميا الغربيّة؟ شخصيّا لا أعتقد ذلك، صحيح أنّ الكسل المعرفيّ تُهمة جاهزة موجّهة لنا ولكنّنا قادرات على إنتاج معرفة نسويّة وكويريّة باللّغة العربيّة وهذا ما تقوم به جيم والعديد من المنصّات والمواقع الإعلاميّة الأخرى سواء المختصّة في قضايا الجندر والجنسانيّة أو التي تكتب بكثافة عن الموضوع. هناك محاولات حثيثة ومستمرّة لجعل الممارسة الترجميّة أقلّ عنفًا ومُرتبطة أكثر بالمحليّ وهناك رغبة مُتّقدة في تثوير اللّغة ونفض الغبار عنها لا يُمكننا تجاهلها رغم أنّها مازلت في طور التأسيس. يتمثّل تثوير اللّغة في الاسترداد اللغويّ أو الافتكاك اللغويّ أي افتكاك كلمات تحقيريّة وشحنها بدلالات أخرى تُحوّل وجهة الكلمة بشكل نهائيّ وتُفقدها معناها الأصليّ مثل كلمة "شاذ". الكثير من أصدقائنا الكويريّين صاروا يستعملون كلمة "شاذ" كعلامة نصر واعتزاز وتعبيرًا عن تحدّيهم للّسان الذكوريّ. لم تعد كلمة "[[شاذ|شاذّ]]" تصدم السامعين والسامعات ولم تعد تدريجيًّا تحمل نفس الدلالات، فنحن شواذّ وشاذّات ونفتخر.
   −
أعتقد أنّه يجب الأخذ بعين الاعتبار هنا بأنّنا نتكلم عن تثوير اللغة واستعمال لغة شاملة على مستوى اللّسان الفصيح فقط وليس على مستوى اللّسان العاميّ. فالدارجة أو العاميّة لها شيفراتها الخاصّة ولا يُمكننا إسقاط قواعد الفصحى عليها. أرى ذلك نوعًا من الوصاية والأبويّة المستترّة وفيه تكريس لكليشيه علويّة الفصحى ودونيّة العاميّة. ربّما يُمكننا تخصيص ملف كامل عن هذه الإشكاليّة رغم أنّنا في جيم نسعى إلى تثمين العاميّات المختلفة وإفراد مواد تحفر عميقًا في ميكانيزماتها ورموزها. وقد خصّصنا في ملفنا الحاليّ "حفريّات في اللّغة والجندر والجنسانية" خارطة مصطلحات تنهل من معين الجنس والجنسانية بمختلف لهجات المنطقة ومقالًا لتفكيك البناء اللغويّ داخل محلاّت الحلاّقين وآخر لتشريح عبارة "فرارات" التونسيّة سياسيًّا وجنسانيًّا.
+
أعتقد أنّه يجب الأخذ بعين الاعتبار هنا بأنّنا نتكلم عن تثوير اللغة واستعمال لغة شاملة على مستوى اللّسان الفصيح فقط وليس على مستوى اللّسان العاميّ. فالدارجة أو العاميّة لها شيفراتها الخاصّة ولا يُمكننا إسقاط قواعد الفصحى عليها. أرى ذلك نوعًا من الوصاية والأبويّة المستترّة وفيه تكريس لكليشيه علويّة الفصحى ودونيّة العاميّة. ربّما يُمكننا تخصيص ملف كامل عن هذه الإشكاليّة رغم أنّنا في جيم نسعى إلى تثمين العاميّات المختلفة وإفراد مواد تحفر عميقًا في ميكانيزماتها ورموزها. وقد خصّصنا في ملفنا الحاليّ "حفريّات في اللّغة والجندر والجنسانية" خارطة مصطلحات تنهل من معين الجنس [[جنسانية|والجنسانية]] بمختلف لهجات المنطقة ومقالًا لتفكيك البناء اللغويّ داخل محلاّت الحلاّقين وآخر لتشريح عبارة "فرارات" التونسيّة سياسيًّا وجنسانيًّا.
    
سيكون للّغة الساخرة نصيب وسنفكّر سويّا في كيفيّة افتكاكها على اعتبار أنّها أداة للهيمنة الذكورية. هل يكون ذلك بفكّ شيفراتها وبتغيير المضمون وذلك بتحويل النساء والأقليّات الجنسيّة من موضوع للتندّر والكراهية إلى فاعلات وفاعلين داخل الآلة الخطابيّة أم بخلق خطاب نسويّ كويريّ ساخر قائم بذاته؟
 
سيكون للّغة الساخرة نصيب وسنفكّر سويّا في كيفيّة افتكاكها على اعتبار أنّها أداة للهيمنة الذكورية. هل يكون ذلك بفكّ شيفراتها وبتغيير المضمون وذلك بتحويل النساء والأقليّات الجنسيّة من موضوع للتندّر والكراهية إلى فاعلات وفاعلين داخل الآلة الخطابيّة أم بخلق خطاب نسويّ كويريّ ساخر قائم بذاته؟
staff
2٬193

تعديل

قائمة التصفح