استهداف الشرطة لأفراد من مجتمع الميم-عين على تطبيقات المواعدة في مصر

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

استدراج أفراد من مجتمع الميم-عين في مصر - بالأخص رجال مثليين - من خلال تطبيقات المواعدة (مثل جرايندر وتندر) وتعرضهم للعنف وحبسهم في بعض الأحيان هو نهج بدأت الشرطة المصرية اتباعه لمهاجمة العديد من المثليين والتنكيل بهم. ظهرت تلك الظاهرة بشكل كبير منذ عام 2013، ولكنها ازدادت بشكل ملحوظ بعد قضية علم الرينبو في 2017.


تفاصيل القضية

منهجية العنف

من الممكن وصف هذا النوع من العنف بأنه "عنف ممنهج" حيث أن هناك أنماط متشابهة تتبع في كل محاولة قبض أو استهداف. النمط المتعارف عليه هو الإيقاع بالأفراد من خلال حسابات وهمية يصنعها أفراد الشرطة على مواقع وتطبيقات المواعدة المخصصة للأشخاص المثليين وعابرات وعابري الجنس (مثل جرايندر وتندر وجراولر). نمط آخر يُستخدم أيضًا هو قيام وزارة الداخلية بترحيل المثليين، أو من يُظن بهم المثلية. هناك العديد من السيناريوهات المحتملة لتطور الأحداث بعد ذلك. ولكن في الأغلب، يتفق فرد الشرطة على مقابلة الشخص الآخر ويقوم بمفاجأتهم في مكان المقابلة وحده أو مع بلطجية أو أفراد شرطة آخرين والقبض عليهم أو حتى ضربهم وتعنيفهم جسديًا.

في بعض الأحيان، يقوم رجال الشرطة بهويتهم الزائفة بالدخول في محادثات جنسية مع الأشخاص المستهدفين على تطبيقات المواعدة والحصول على صور لهم/ن في أوضاع مخلة واستخدام تلك الصور كدليل لإدانتهم/ن خلال المحكمة لاحقًا.[1]

الشق القانوني

من الناحية القانونية، يتم استعمال تهمة "اعتياد ممارسة الفجور" - واردة بالفقرة (ج) من المادة (9) للقانون رقم 10 لسنة 1961 - ضدهم/ن حيث أن القانون المصري لا يجرم بشكل صريح المثلية الجنسية أو ممارسة الجنس بين فردين من نفس النوع.[2]

عدا عن أن العنف ضد المتهمين مرفوض في القانون الدولي مهما كانت التهمة، لا يوجد أي قانون في الدستور المصري يبرر طريقة استهداف الأفراد أو التنكيل بهم أو تعنيفهم جسديًا أو إشهار هويهتهم لذويهم. ولذلك، يعد النهج المستخدم للقبض عليهم وتقديمهم للقضاء خارج نطاق القانون.


ردود الفعل

من قبل مجموعات وأفراد داعمة للأفراد ذوي وذوات الهويات الجنسية الغير نمطية

قامت مجموعات داعمة للأفراد ذوي وذوات الهويات الجنسية الغير نمطية - مثل منظمة بداية ومؤسسة مساحات للتعددية الجنسية والجندرية - بالتعريف أكثر عن تلك المنهجية بين الأفراد المعرضة للتعرض لاستهداف الشرطة والتعريف بطرق الأمان الإلكتروني، خاصة خلال استخدام تطبيقات المواعدة.

تعد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية من أهم المبادرات المهتمة بتلك القضية والداعمة لها قانونيًا وبحثيًا. حيث قامت بنشر تقرير "المصيدة، عقاب الاختلاف" ورصدوا به طرق استهداف الشرطة المختلفة منذ عام 2013 إلى عام 2017 لأفراد يشتبه في اختلاف هويتهم/ن الجنسية والجندرية عن المعايير النمطية. بحسب المبادرة، كان الاستهداف بشكل كبير لمثليين أو لرجال يمارسون الجنس مع رجال وللعابرات جنسيًا.[3]

لقطة شاشة من تطبيق جرايندر

كما قام الناشط الأمريكي في مجال حقوق الإنسان - بالأخص لأفراد مجتمع الميم-عين - سكوت لونغ بنشر مقالة على مدونته "طائر من ورق" بعنوان: "الشرطة المصرية تلاحق المجتمع المثلي / Internet entrapment in Egypt: Protect yourself!". يحتوي المقال على نصائح متعلقة بالأمان الإلكتروني ونصائح اخري لكيفية التعامل مع الجهات الأمنية والشرطة في حالة القبض.[4] [5]


من قبل المجتمع المصري

من قبل منظمات دولية

من قبل الصحافة

محلية

عالمية

شهادات

نعرض هنا بعض الشهادات لإمرأة عابرة جنسيًا ورجال مثليين تم استدراجهم/ن عن طريق تطبيقات المواعدة موثقة من قبل هيومن رايتس ووتش في تقريرها "مصر: تعذيب وانتهاكات بحق " مجتمع الميم" على يَد قوات الأمن"[6]

  • "ياسر" (27 عاما)

في سبتمبر/أيلول 2019، كما قال ياسر، التقى برجل آخر في وسط مدينة الجيزة بعد التحدّث معه على غرايندر، وهو تطبيق للمواعدة المثلية. اقترب منهما رجال الشرطة واتهموهما بـ "بيع الخمور" واعتقلوهما:

اقتادوني إلى "عنبر الآداب" وأبقوني هناك حتى الساعة 4 صباحا في غرفة صغيرة من دون غذاء أو ماء. أخذوا هاتفي ومقتنياتي. عندما عادوا حاملين محضر الشرطة، تفاجأت عندما رأيت أنّ الشابّ الذي تعرّفت عليه على غرايندر هو أحد العناصر. ضربوني وشتموني حتى وقّعت أوراقا تتهمني بـ "ممارسة الفسق والفجور والاعلان عنه وارضاء رغباتي الجنسية الشاذة".

قال ياسر إنّ رجال الشرطة أخذوه في اليوم التالي إلى النيابة العامة في الدقي، أحد أحياء مدينة الجيزة. قال له وكيل النيابة: "هو انت العيل الخول اللى قفشوك، انت هتتمنيك عليا يابن المتناكه، انت خول يلا برخصة، انت بتتناك ياد ولا بتنيك؟"

ثمّ، جدّد احتجاز ياسر لأربعة أيّام:

اقتادوني إلى قسم شرطة الدقي وضربوني بشدّة حتى فقدت الوعي، ثمّ رموني في زنزانة مع سجناء آخرين. قالوا لهم: "دا خول" وقالوا لي: "خلي بالك بدل ما تطلع منهم حامل". بقيت لأسبوع في تلك الزنزانة، وبين الضرب على يَد العساكر والاعتداء من المحتجزين الآخرين، ظننت أنّني لن أنجو.

قال ياسر إنّ رجال الشرطة أخذوه بعد أسبوع إلى سجن الجيزة المركزي في معسكر قوات الأمن المركزي في الجيزة:

تلوا تهمي فور دخولي، وتناوبوا على ضربي، وانهالوا عليّ بالألفاظ النابية. وضعوني في الحبس الانفرادي، وعندما سألت عن السبب، قال الضابط: "عشان انت عيل خول بتتناك هسيبك وسط الرجالة دول هينكوك او تعديهم يا كسمك". اضُطررت إلى رشوة العساكر كي يكفّوا عن تعذيبي وإذلالي.

في 30 سبتمبر/أيلول، حضر ياسر جلسة الاستماع الأولى في محكمة جنح الدقي في الجيزة، وبرّأه القاضي:

عندما عدت لأخذ المعاملات من المركز، تفاجأت بأنّ النيابة طعنت في القرار. وجدت في نهاية المطاف محاميا استأنف القضية، وصدر حكم "البراءة" مرّة أخرى. قاطعتني عائلتي، وهدّد أخي بقتلي. كنا أخاف أن أمشي في الشارع. فقدت كلّ شيء، ولم أكُن أملك المال حتى لمغادرة البلاد."[7]


  • "حنان" (20 عاما)

في سبتمبر/أيلول 2017، عندما كانت حنان، وهي امرأة ترانس، تبلغ من العمر 17 عامًا، أوقعت قوات الأمن المصرية بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي واعتقلتها تعسفيًا في أحد مطاعم القاهرة، قالت:

كنت أتحدث إلى رجل على "فيسبوك" وطلب رؤيتي. التقينا في مطعم قبل ثلاثة أيام من حفل مشروع ليلى في القاهرة. كان لدي تذكرة للحفل في حقيبة الظهر. وصلت لأجد أربعة رجال يرتدون ملابس مدنية ينتظرونني. علمت أنه يتم القبض عليّ.

قالت حنان إن عناصر الشرطة فتشوا هاتفها، وسجّلوا الدخول إلى "غرايندر" عبر حسابها على فيسبوك، وأنشأوا محادثة مزيفة لتحميل صور لها كامرأة. ولم يتم إخبارها بالتهم الموجهة إليها. قالت إنها أُجبرت على خلع ملابسها أمام رجال الأمن في مركز الشرطة، الذين تفحصوا جسدها وسألوها أسئلة خاصة، مثل: "هل تحلقين؟"، "كيف حصلت على الثديين؟"، "لماذا لديك شعر طويل؟"، "لماذا لديك تذكرة لحضور حفل مشروع ليلى؟"

قالت حنان إنها توقفت عن الرد على الأسئلة بعد ساعات من الإساءة اللفظية. ثم بدأ رجال الأمن بضربها:

صفعوني وركلوني بأحذيتهم وجروني من ملابسي حتى مزقوها. كنت أبكي ولم أستطع التحدث. كان رجال الأمن يصفعوني ويطعنونني بأقلامهم لإجباري على الكلام. هددوني بإجباري على الخضوع لفحص شرجي قسري. قلت لهم أن يفعلوا ذلك، فليس لدي ما أخفيه. ثم أمروا طبيبا شرعيا بإخضاعي للفحص الشرجي.

في النيابة العامة، سُئلت حنان عن الصور الموجودة على هاتفها. نفت أن تكون هي، لكن وكيل النيابة قال: "حتى صورك في زي رجل تدينك. إما أن تعترف الآن أو لن تغادر أبدا". قالت: "كان يشتمني ويصرخ في وجهي، لكنني رفضت الاعتراف". ثم قال وكيل النيابة: "سأبقيك محتجزا ثلاثة أيام حتى تفكر في الأمر".

قالت حنان:

احتجزت في قفص تحت درج [في النيابة العامة]، لم تكن حتى زنزانة سجن، [ولكن] مجرد غرفة صغيرة مساحتها 3*2 أمتار، فيها 25 شخصًا مثليين وترانس. رفضوا السماح لي بالاتصال بأي شخص أو توكيل محام. لم أستطع النوم، كنت أهذي، مصدومة، شعرت أنني يجب أن أكون في حالة تأهب أو سيقتلونني. قصصت شعري بالمقص حتى أبدو طبيعية عندما يتم استجوابي مرة أخرى.

قالت حنان إنه تم نقلها بعد ثلاثة أيام إلى زنزانة مع رجال:

تعرضت للتحرش والاعتداء الجنسي والإساءة اللفظية والسخرية. كانوا يلمسوني أثناء نومي. توقفت عن النوم. ضربني رجال الأمن وقالوا: "سنعلمك كيف تكون رجلا". قاموا برشي بالماء عندما قاومت الانتهاكات.

"استمر وكيل النيابة بتأجيل محاكمتي، 15 يوما، ثم شهرين. قالت حنان: "شعرت أنني لن أغادر أبدا". احتُجزت حنان على ذمة التحقيق لمدة شهرين و15 يوما.

حكمت عليها محكمة بالسجن لمدة شهر آخر بتهمة "الحض على الفسق والفجور". على الرغم من إطلاق سراحها بسبب الوقت الذي أمضته، إلا أن التهمة بقيت في سجل حنان لمدة ثلاث سنوات:

عند إطلاق سراحي، سألني رجل أمن، "انت بتنيك ولا بتتناك؟" لم أفهم ما قصده، فاحتجزني ليلة أخرى رغم صدور الأمر بإطلاق سراحي. في اليوم التالي سألني مرة أخرى. قلت: "بنيك". أجاب: "شاطر يا واد".[8]


  • "أدهم" (22 عاما)

في أغسطس/آب 2018، قال أدهم إنه كان ينتظر أحد أصدقائه في القاهرة عندما أحاط به رجلان يرتديان ملابس مدنية:

قالا إنهما مباحث، ثم أمسكا بذراعيَّ وأخذا هويتي وفتشا هاتفي بحثا عن تطبيقات مواعدة للمثليين. ضربوني وشتموني، ثم ضغطوا عليّ لأريهم صوري الشخصية.

عثر عنصرا الأمن على لقطة شاشة لمحادثة بين أدهم وصديق وسجلاها في دفتر ملاحظاتهما على أنها ما وصفاه بـ "محادثات جنسية مخلة". عندما حاول الشرح، أمسكه أحدهما في وضعية خنق بينما قام الآخر بضربه بشدة ووصفه بـ "أقذر الشتائم"، على حد قوله. ثم ألقيا به في حافلة:

أخذاني إلى "قسم شرطة عابدين"، وقالا إنها سيسمحان لي بالذهاب بمجرد التحقق من بطاقة هويتي، لكن بعد ذلك احتجزاني لساعتين في غرفة غير إنسانية. ضربوني بشدة حتى أنني سقطت على الأرض وأهانوني. رأى رجل شرطة أنني كنت أرتدي صليبا، وأمرني بخلعه، والتقط صورة لي وأنا أحمل ورقة مكتوب عليها اسمي الكامل وتحته كتب "فجور".

قال أدهم إن عناصر الشرطة حاولوا إجباره على توقيع محضر لم يكتبه يتضمن الاعتراف بـ "تجارة بالجنس"، و"فجور وتحريض على الفسق"، و"محاولة إشباع رغبات جنسية محرمة"، والذهاب للمارة من الرجال مقابل اجر مادي".

عندما رفض، هاجمه عدة عناصر أمن من الخلف وبدأوا بلكمه وصفعه والدوس عليه بأحذيتهم في جميع أنحاء جسده. قال أدهم:

جروني من ملابسي إلى زنزانة مع محتجزين آخرين، وقالوا: "ادخل يامتناك ياخول بدل ما اخليهم ينيكوك". اعتدى عليّ المعتقلون الآخرون لفظيا وجنسيا.

وفي اليوم التالي، اقتاد رجال الشرطة أدهم إلى "نيابة قصر النيل" بوسط القاهرة حيث أمر بالإفراج عنه. إلا أن الشرطة لم تمتثل، وأعادته إلى قسم عابدين:

عندما عدت إلى الزنزانة، اعتدى عليّ عنصر أمن جنسيا، وعندما دفعته بعيدا، هددني بوضع صور مزيفة على هاتفي لتوجيه اتهامات إليّ.

في 23 سبتمبر/أيلول 2018، حكمت محكمة في القاهرة على أدهم بالسجن ستة أشهر وستة أشهر تحت المراقبة بتهمة "الفجور". عند الاستئناف، أسقطت المحكمة التهم الموجهة إليه، لكنها ظلت في سجله الجنائي حتى أبريل/نيسان 2019، ما منعه من السفر أو إيجاد عمل.[9]

المراجع

باللغة العربية

باللغة الإنجليزية

المصادر

  1. أحمد قياتي؛ كل الطرق تؤدي إلى الحبس: الأبعاد السياسية لاستهداف المثليين في مصر؛ منشور؛ 2017/01/24.
  2. فريق المجموعة المتحدة للقانون نجاد البرعي وشركاه؛ المثلية الجنسية الفجور والتحريض عليه في القانون المصري " ورقة قانونية "؛ المجموعة المتحدة للقانون نجاد البرعي وشركاه؛ ص2.
  3. داليا عبد الحميد؛ المصيدة عقاب الاختلاف الجنسي في مصر؛ المبادرة المصرية للحقوق الشخصية؛ ص6؛ 2017/11.
  4. سكوت لونغ؛ الشرطة المصرية تلاحق المجتمع المثلي / Internet entrapment in Egypt: Protect yourself!؛ a paper bird؛ 2015/06/12.
  5. سكوت لونغ؛ تحديث: الشرطة المصرية تقوم بالقبض على من يُشتَبه في كونهم من المثليين و متحولي النوع /الجنس من خلال الإنترنت. إِحموا أنفُسكم!؛ a paper bird؛ 2015/09/12.
  6. * فريق هيومن رايتس ووتش؛ مصر: تعذيب وانتهاكات بحق " مجتمع الميم" على يَد قوات الأمن؛ هيومن رايتس ووتش؛ 2020/09/30.
  7. * فريق هيومن رايتس ووتش؛ مصر: تعذيب وانتهاكات بحق " مجتمع الميم" على يَد قوات الأمن؛ هيومن رايتس ووتش؛ 2020/09/30.
  8. * فريق هيومن رايتس ووتش؛ مصر: تعذيب وانتهاكات بحق " مجتمع الميم" على يَد قوات الأمن؛ هيومن رايتس ووتش؛ 2020/09/30.
  9. * فريق هيومن رايتس ووتش؛ مصر: تعذيب وانتهاكات بحق " مجتمع الميم" على يَد قوات الأمن؛ هيومن رايتس ووتش؛ 2020/09/30.