ترجمة:شهادة وائل عباس حول حوادث التحرش الجنسي في وسط القاهرة في 2006

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Tango Globe of Letters.svg

محتوى متن هذه الصفحة مترجم من لغة غير العربية أنجزته المساهموت في ويكي الجندر وفق سياسة الترجمة.

شعار ويكي الجندر.svg
شفهي
ترجمة نهى خطاب من الإنجليزية
تحرير
بيانات الأصل:
العنوان الأصلي Wael Abbas' Testimony on the Sexual Harassment Incidents in Downtown Cairo in 2006
المصدر الوعي المصري
تأليف وائل عباس
تاريخ النشر 2006-12
تاريخ الاسترجاع 2018-10-30
مسار الأصل


هذه الوثيقة هي ترجمة شهادة وائل عباس عن حادثة السعار الجنسي في ندوة بالجامعة الأمريكية نظمها معهد سينثيا نيلسون لدراسات الجندر والنساء في ديسمبر 2006.
قد توجد وثائق أخرى من نفس المصدر مصنّفة على تصنيف:وثائق مصدرها الوعي المصري

{{#createpageifnotex:تصنيف:مشافهات|{{صفحة_تصنيف_نوع_وثائق}}}} {{#createpageifnotex:تصنيف:وثائق مصدرها الوعي المصري |{{صفحة_تصنيف_مصدر_وثائق}}}}



كانت الاحتفالات المعتادة لعيد الفطر، عندما تخرج علينا وزارة الداخلية ببيانها المكرر كل عام قبل بدء عطلة العيد، سواء في التلفاز أو في الجرائد: "ستكون الشرطة على أهبة الاستعداد من أجل تهيئة أجواء احتفالية آمنة للشعب المصري".

أنا لا أحب الخروج خلال أيام العيد، ولكني ذهبت إلى مقر عملي في اليوم الأول. عقب انتهائي من العمل اتجهت إلى وسط البلد لمقابلة بعض الأصدقاء. كنا نجلس على مقهى يطل على الشارع عندما جاء أحد أصدقائي لينبهنا بأن هناك كارثة تحدث أمام سينما ميامي وسينما مترو.

حكى لنا عن تعرض بعض النساء هناك للتحرش الجنسي من قبل أعداد كبيرة من الذكور. كان يصف لنا ما حدث وهو يسرد أشياء مثل تقطيع الثياب، شبابيك التذاكر المحطمة وغياب مفاجئ للشرطة.

كنا في البداية مذهولين ولم نصدقه. ظننا أنه لم يحدث سوى الازدحام والتدافع الطبيعي أمام دور السينما في أيام الأعياد وما يتبعها من مواقف مثل: شباب يحاول التعرف على الفتيات، مغازلات خفيفة، الأمور المعتادة. دفعنا الفضول إلى الذهاب ورؤية شبابيك تذاكر سينما مترو المحطمة بأنفسنا ولكي ننتهز الفرصة لالتقاط بعض الصور.

كانت مجموعتنا مكونة من مصوّر وكالة رويترز عبد الناصر النوري، المصور الصحفي بجريدة الكرامة بيتر ألفريد، المدون والناشط مالك مصطفى، المدون والناشط محمد جمال، محمد الشرقاوي ومدونين وناشطين آخرين وأنا معهم. كنا نحو 10 أشخاص وجميعنا رأى ما حدث وتمكن بعض منّا من التقاط الصور.

بمجرد وصولنا إلى المكان لاحظنا على الفور شبابيك تذاكر السينما المحطمة، ولكن بخلاف ذلك بدا كل شيء طبيعيًا باستثناء الزحام أمام السينما والذي يُعد أمراً معتادًا أيام الأعياد.

ولكن فجأة رأينا مجموعات من الشباب تجري في اتجاه معين. تتبعناهم لنكتشف أنهم يطاردون فتاة والتفوا في دائرة حولها وبدأوا في لمسها وشدها. حاولت الفتاة الفرار وتعثرت وحاولوا ايقافها ولكنها تمكنت في النهاية من اللجوء إلى مطعم والاختباء به. حاوط الشباب المطعم وخرج إليهم العاملون بالمكان ليدفعوهم خارجًا، وحاول شرطي زجرهم بهراوته ولكن دون فائدة.

لم يحوّل الشباب تركيزهم عن الفتاة بداخل المطعم إلا عندما صرخ أحدهم: "هناك واحدة أخرى عند سينما ميامي". حينها فقط أسرعوا جميعهم في اتجاه المرأة الأخرى. حدثت الكارثة مرة أخرى وظلت تتكرر حتى منتصف الليل مثلما أخبرني شاهد آخر على الواقعة في اليوم التالي.

لم يكن هناك فارق بين المرأة المحجبة أو غير المحجبة، الصغيرة في السن أو الكبيرة، بمفردها أم مع والدها أو زوجها أو أخيها أو صديقها. لم تسلم امرأة من التحرش في ذلك اليوم. بالنسبة لهؤلاء الذكور أي شيء يتحرك وله رائحة أنثى كان هدفاً. هذا الحدث المأساوي تكرر عدة مرات خلال نفس اليوم من قبل مجموعات مختلفة من الذكور، يهاجمون النساء في شوارع نفس المنطقة في الوقت ذاته. حدثت واقعة اخرى مع فتاتين ترتديان عباءتين خلجيتين حين أحاطت بهما مجموعة أخرى وتحرشت بهما قبل أن تفترقا. استطاعت إحداهما اللجوء إلى مدخل بناية وقام حراس البناية بحمايتها، حتى أن أحد حراس الأمن رفع سلاحه في وجه المجموعة المعتدية ليتمكن من إبعادهم.

احتمت الفتاة الأخرى داخل أحد المحال التجارية واضطر مالكوه إلى غلق الأبواب ليتمكنوا من حمايتها. كانوا غاضبين للغاية مما يحدث وقرروا التعامل بأنفسهم واستخدام الهراوات والسياط وعصا المكانس لإنقاذ الفتيات اللواتي يتعرضن للهجوم خارج المحل.

هاجمت تلك المجموعات الفتيات داخل سيارات الأجرة أيضًا. حاولت مجموعة منهم جذب فتاة خارج التاكسي، وكانت هناك فتاة أخرى تسحب بعض المال من ماكينة صراف آلي عندما وجدت نفسها محاطة بعدد كبير منهم قبل أن يبدأوا في لمسها وشدها. لم ينقذها سوى سائق سيارة أجرة أخذها معه مما أثار هياج المتحرشين الذين أحاطوا بالسيارة، ولكنه تمكن في النهاية من الفرار ومعه الفتاة. كانت هناك الكثير من حوادث جذب الفتيات خارج سيارات الأجرة ومحاولة السائقين الدفاع عنهن وحمايتهن، مما أدى إلى تحطيم نوافذ التاكسيات، وقال عدد من شهود العيان أن العديد من هؤلاء الفتيات تمزقت ملابسهن وكان هناك روايات أخرى على الإنترنت وفي الجرائد المطبوعة عن حوادث تحرش جنسي أكثر فظاعة، ليس فقط في القاهرة ولكن أيضًا في الإسكندرية والمنصورة.

على عكس الأعداد المهولة لقوات الشرطة التي تفوق عدد المتظاهرين في المظاهرات السلمية، كان هناك أقل من 12 شرطياً متواجدًا في موقع الحادثة، ولم يهتموا بشيء سوى حماية دور السينما والممثلين ممن حضروا العرض الأول لأفلامهم. لقد شاهدوا كل شيء ولم يأخذوا أي خطوة لمنع ما حدث على الرغم من أن قسم البوليس على مقربة منهم، وكان بإمكانهم طلب حضور المزيد من القوات عبر أجهز اللاسلكي وتوفير الدعم اللازم للسيطرة على الموقف واحتواء تلك الفوضى، ولكنهم لم يفعلوا ذلك. ربما مصدر الإزعاج الوحيد لهم كان نحن عندما تنبهوا أننا نلتقط الصور. حاولنا التحدث معهم وطلبنا منهم أخذ أي رد فعل، ولكنهم أعطونا ذلك العذر الواهي بان أعدادهم أقل من المعتاد بسبب عطلة العيد، كما حاولوا منعنا من أخذ المزيد من الصور وإقناعنا بالدخول إلى إحدى السينمات لمشاهدة الأفلام مجانًا.

كنّا مصدومين وشاعرين بالعجز. لم نستطع بالطبع مهاجمة كل تلك الأعداد لذكور غاضبين وسط موجة من الجنون الجنسي. كنت أحمل حقيبة ظهر بها لابتوب وغير مستعد لخوض مشاجرة في الشارع، لذلك قررنا تحذير النساء والفتيات القادمات في ذلك الاتجاه من الشارع وشرحنا لهم ما يحدث حتى يغيرن مسارهن. كانت هذه هي الطريقة الوحيدة للمساعدة في تلك الليلة الجنونية.

الصادم للغاية أن نفس ذلك السيناريو تكرر مجددًا في اليوم التالي واليوم الذي يليه في شارع طلعت حرب وأماكن اخرى مختلفة بوسط البلد.

في ذلك اليوم لم يكن معي كاميرا احترافية ولم أملك سوى هاتفي المحمول. الوقت كان ليلاً والمكان مظلم ومزدحم ولم يكن رد فعل الناس من حولنا إيجابيًا عندما اكتشفوا أنني ألتقط الصور. أحد حراس الأمن رفع مسدسه في وجهي ليوقفني. لم ألومه فقد ظن أن ما يحدث فضيحة لا يجب أن تظهر في الصور، ولقد كانت فضيحة بالفعل.

نتيجة لإمكانياتنا التقنية المحدودة في تلك الليلة لم نحصل على صور بجودة ممتازة، مما جعل وزارة الداخلية وبعض الجرائد الرسمية تنتهز الفرصة لتدعي أني قمت بفبركة الصور. مصوّر الرويترز الذي كان بصحبتنا لم يجد أيضًا فائدة لصوره ومسحها، بينما قرر بيتر من جريدة الكرامة الاحتفاظ بصوره للعدد القادم من صفيحته الأسبوعية على الرغم من أن الصور لم تكن واضحة بشكل جيد.

حمّلتُ الصور على جهازي واحتفظت بها لغرض لاحق. ونشر كل من مالك وجيمي وشرقاوي شهادتهم على مدوناتهم الخاصة، وكانت ردود الأفعال هائلة على ما نشروه. أعداد ضخمة من الأشخاص بردود أفعال متباينة، فبينما صُدم البعض، شكك الآخرون في الرواية بأكملها. اتصل مالك بي وطلب مني نشر الصور، وحينها فقط تحول الموقف إلى الأسوأ.

لم يحدث لي من قبل أن يشكك أحدهم في مصداقية صوري والتي عادة ما تستخدمها الجرائد المستقلة والمعارضة، كما أن بعض الجرائد الرسمية تلجأ إليّ أحيانًا لاستخدام بعض الصور. ولكن الجودة السيئة لصور أحداث التحرش في وسط البلد يبدو أنها كانت فرصة جيدة للبعض لمهاجمة مصداقيتي.

وذكرت التقارير التي نُشرت في الجرائد الرسمية نية رفع دعوى قضائية ضدي نتيجة لنشر الشائعات. بعض الصحافيين شككوا في تقريري عن الحادثة وهاجموني شخصيًا، وتلقت عائلتي اتصالات هاتفية مريبة من أشخاص يريدون معرفة مكاني. هاجمني مسؤولون أمنيون مرات عديدة في برامج تلفزيونية وحاولوا إقناع الناس أن لدي تاريخ إجرامي.

ما أنقذني كان بعض مقدمي البرامج الذين استضافوا شهود عيان تواجدوا في موقع الحادثة وأكدوا شهادتي، ولكن ما أراه أن من العار على وزارة الداخلية تشويهنا إلى هذه الدرجة للتغطية على إهمالها الجسيم في تلك الليلة.