تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إضافة رابط داخلي إلى كويرية الجندر
سطر 52: سطر 52:  
مع الوقت توصّلتُ إلى قناعة بأنّي لا أحتلّ هذا الجسد، بل هو يحتلّني ويُحيط أناي، الكائنة القادمة من كوكب آخر لا ذكور وإناث فيه. إنّ عيني الداخليّة ترى في جسدي هذا تجسيداً لجدران سجن متنقل لا يفارقني.  
 
مع الوقت توصّلتُ إلى قناعة بأنّي لا أحتلّ هذا الجسد، بل هو يحتلّني ويُحيط أناي، الكائنة القادمة من كوكب آخر لا ذكور وإناث فيه. إنّ عيني الداخليّة ترى في جسدي هذا تجسيداً لجدران سجن متنقل لا يفارقني.  
   −
أدركتُ بل أيقنتُ أنّني لست متحوّلة «ناجزة»، أي أنّني حسمتُ أمر هويّتي الجندريّة وتوصلتُ إلى قناعة راسخة بأنّي لا أحاول العبور من ضفة إلى ضفة مُقابِلة، بل إنّ مكاني في نقطة ما في النهر على الحدود بين الرجولة والأنوثة، حيث تفيض مياه العناصر الرجوليّة على أنوثتي، وتملأ مياهُ أنوثتي عناصر الرجولة التي خُلقت فيها. وينتج عن هذا حيّزٌ ثالثٌ أشبه ببرزخ تختلط فيه كل ألوان كياني وترفد بعضها بعضاً. لذا فأنا أتحلّى بعنصر الأنوثة وعنصر الرجولة (لم ولن أنكره)، والعنصر أو الحيّز الثالث الخارج عن كليهما، والذي سبق وأشرت إليه في سياق كلامي عمّا كان ينتابني من شعور اغتراب عن هذا الكوكب. ارتأيتُ أن أُسمّي هذا العنصر «قِوامي الجندركويري». تحمل «[[جندركويرية | الجندركويريّة]]» دلالة كلمة «[[كوير]]» الأصليّة، أي إنّها تشذّ عن القاعدة أو عن الإطار الذي يؤطّرُ أغلبيّةُ البشر حياتهم ضمنه دون مُساءلة، ربما لأنّ مُساءلة كهذه من شأنها زعزعة الأسس المتينة والـ«أساسيّة» لحياتهم. وتصبّ هذه العناصر الثلاثة (أو الأوجه إن شئنا) وكأنها روافد في النهر الأكبر الذي يشكل كياني (وكوني من برج الحوت، فإن هذه الاستعارة تليقُ بي جدّاً!)
+
أدركتُ بل أيقنتُ أنّني لست متحوّلة «ناجزة»، أي أنّني حسمتُ أمر هويّتي الجندريّة وتوصلتُ إلى قناعة راسخة بأنّي لا أحاول العبور من ضفة إلى ضفة مُقابِلة، بل إنّ مكاني في نقطة ما في النهر على الحدود بين الرجولة والأنوثة، حيث تفيض مياه العناصر الرجوليّة على أنوثتي، وتملأ مياهُ أنوثتي عناصر الرجولة التي خُلقت فيها. وينتج عن هذا حيّزٌ ثالثٌ أشبه ببرزخ تختلط فيه كل ألوان كياني وترفد بعضها بعضاً. لذا فأنا أتحلّى بعنصر الأنوثة وعنصر الرجولة (لم ولن أنكره)، والعنصر أو الحيّز الثالث الخارج عن كليهما، والذي سبق وأشرت إليه في سياق كلامي عمّا كان ينتابني من شعور اغتراب عن هذا الكوكب. ارتأيتُ أن أُسمّي هذا العنصر «قِوامي الجندركويري». تحمل «[[كويرية الجندر | الجندركويريّة]]» دلالة كلمة «[[كوير]]» الأصليّة، أي إنّها تشذّ عن القاعدة أو عن الإطار الذي يؤطّرُ أغلبيّةُ البشر حياتهم ضمنه دون مُساءلة، ربما لأنّ مُساءلة كهذه من شأنها زعزعة الأسس المتينة والـ«أساسيّة» لحياتهم. وتصبّ هذه العناصر الثلاثة (أو الأوجه إن شئنا) وكأنها روافد في النهر الأكبر الذي يشكل كياني (وكوني من برج الحوت، فإن هذه الاستعارة تليقُ بي جدّاً!)
    
ولذلك قررت استيطان هذه المساحة الحدوديّة - أو لنقل مساحة المياه المتماوجة، غير الثابتة - المساحة البرزخيّة التي أحملها أينما حللت أو تنقلت في العالم. البرزخ معجماً هو قطعة أرض محصورة بين أرضين أو موصلة بينهما (وأنا أقتبسها هنا للمساحة المائيّة). ويبرز هذا البرزخ في ملامحي، في تضاريس جسدي، وفي هندام ثيابي وتسريحة شعري، وفي التباين بين [[أنوثة]] ثنايا خصري وردفيّ المكتنزين وبين «رجوليّة» ساقيَّ وذقني وصوتي. وتُعرَف المناطق الحدوديّة عموماً بعدم ضمانتها للكثير من الحقوق البديهيّة، خاصة تلك المتعلّقة بكرامة الأفراد. وكلّ من تتحرّك في تلك المناطق تكون عرضة للمساءلة من قبل حرّاس عند طرفيْ الحدود. وإنّه لمن الأمر الشائك أن يتحرك شخص في الفضاء العام، في أيّ مكان من العالم - وليس فقط في بيروت التي لا يزال الشارع فيها حيزاً يفتقر إلى الأمان والاحترام في المعاملة، ليس تجاه المتحوّل أو «المُربِك» جندرياً فحسب، بل تجاه كل من ليس ذكراً ذا [[قضيب]] وهيئة ذكوريّة – في مثل هذه الحال. إذ حيث تكمن تلك المنطقة «الرماديّة» أو «المبهمة»، فإنّ هذا الشخص يشكّل لمُحدّثه في كثير من الأحيان مصدر إرباك و«دربكة»<ref>اختلاطٌ وزحام، وَقْعُ أقدام الخيل (معجم المعاني الجامع).</ref>، قد يؤدّيان إلى مظاهر استباحة تتجسّد بأشكال مُتعدّدة، منها الموارِبة والملطَّفة، ومنها السافرة والفجّة التي قد تبلغ [[عنف لفظي | العنف اللفظيّ]] و[[عنف جسدي | الجسديّ]]
 
ولذلك قررت استيطان هذه المساحة الحدوديّة - أو لنقل مساحة المياه المتماوجة، غير الثابتة - المساحة البرزخيّة التي أحملها أينما حللت أو تنقلت في العالم. البرزخ معجماً هو قطعة أرض محصورة بين أرضين أو موصلة بينهما (وأنا أقتبسها هنا للمساحة المائيّة). ويبرز هذا البرزخ في ملامحي، في تضاريس جسدي، وفي هندام ثيابي وتسريحة شعري، وفي التباين بين [[أنوثة]] ثنايا خصري وردفيّ المكتنزين وبين «رجوليّة» ساقيَّ وذقني وصوتي. وتُعرَف المناطق الحدوديّة عموماً بعدم ضمانتها للكثير من الحقوق البديهيّة، خاصة تلك المتعلّقة بكرامة الأفراد. وكلّ من تتحرّك في تلك المناطق تكون عرضة للمساءلة من قبل حرّاس عند طرفيْ الحدود. وإنّه لمن الأمر الشائك أن يتحرك شخص في الفضاء العام، في أيّ مكان من العالم - وليس فقط في بيروت التي لا يزال الشارع فيها حيزاً يفتقر إلى الأمان والاحترام في المعاملة، ليس تجاه المتحوّل أو «المُربِك» جندرياً فحسب، بل تجاه كل من ليس ذكراً ذا [[قضيب]] وهيئة ذكوريّة – في مثل هذه الحال. إذ حيث تكمن تلك المنطقة «الرماديّة» أو «المبهمة»، فإنّ هذا الشخص يشكّل لمُحدّثه في كثير من الأحيان مصدر إرباك و«دربكة»<ref>اختلاطٌ وزحام، وَقْعُ أقدام الخيل (معجم المعاني الجامع).</ref>، قد يؤدّيان إلى مظاهر استباحة تتجسّد بأشكال مُتعدّدة، منها الموارِبة والملطَّفة، ومنها السافرة والفجّة التي قد تبلغ [[عنف لفظي | العنف اللفظيّ]] و[[عنف جسدي | الجسديّ]]
1٬327

تعديل

قائمة التصفح