تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سطر 65: سطر 65:     
==== الثيمات الإمبريالية والاستشراقية في النسوية الغربية ====
 
==== الثيمات الإمبريالية والاستشراقية في النسوية الغربية ====
لفتت الانتقادات التي وجّهتها نسوية ما بعد الاستعمار للنسوية الغربية الانتباه إلى ظاهرة "النسوية الإمبريالية"، وهي امتداد للنسوية الاستشراقية التي سبقتها. يمثل هذا الشكل من النسوية إطارًا إبستومولوجيًا -معرفيًا- تستخدمه النسويات الغربيات للنظر إلى النساء العربيات والمسلمات بشكل ٍعام، والنساء اللاتي يعشن في سياقات استعمارية أو ما بعد استعمارية بشكلٍ خاص. تعمل النسوية الإمبريالية على ترسيخ المقاربات الثقافية والعنصرية، وتجريد المرأة العربية والمسلمة من إنسانيتها وتنميطها. وبدلاً من الاعتراف بقدرة هؤلاء النساء على ممارسة إرداتهن وتعقيداتهن، فإن النسويات الإمبرياليات يصوّرنهن على أنهن مُجرّد ضحايا عاجزات بحاجة إلى الشفقة والإنقاذ. برز هذا المنظور بقوّة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وأثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، مع تبرير النسويات الغربيات للحروب الإمبريالية كوسيلة "لإنقاذ" هؤلاء النساء من أنظمتهن القمعية. تتجاهل النسوية الإمبريالية بشكلٍ كامل السياقات التاريخية والسياسية لنضالات تلك النساء، وبذلك؛ فإنّها تُعزز سردياتٍ جوهرية مُهينة عنهن. بدلًا من الاعتراف بالتقاليد الراسخة لمقاومة النساء في هذه المجتمعات، تعمل النسويات الإمبرياليات على مُجانسة النساء العربيات والمسلمات، والتركيز على افتقارهن السيطرة على أجسادهن ومصائرهن. تُهمل هذه النظرة الاختزالية تعقيدات حيواتهن والأسباب متعددة الأوجه وراء انخراطهن في حركات المقاومة. لا تتعاطى النسويات الامبراليات مع الحقائق الاجتماعية والسياسية الأوسع لحياة تلك النساء، وتُركز على العوامل الثقافية فقط، مُعزِزةً بذلك الروايات المُؤذية التي تزيد من الثنائية الضدية بين المرأة المسلمة "المضطهدة" والمرأة الغربية "المحررة". بدلاً من جعل تجارب تلك النساء وأصواتهن مِحورًا أساسيًا في بحث وتفكيك واقعهن، استحوذت النسويات الإمبرياليات على نضالاتهن وأصبحن السلطة في تحديد احتياجاتهن وتطلعاتهن. الأمر الذي، بطبيعة الحال، يعزز ديناميكية القوة التي تُساهم في ترسيخ الأيديولوجيات الاستعمارية، ويزيد من تهميش النساء العربيات والمسلمات ويسلُبهن القدرة على ممارسة إرادتهن الحرة.  
+
لفتت الانتقادات التي وجّهتها نسوية ما بعد الاستعمار للنسوية الغربية الانتباه إلى ظاهرة "النسوية الإمبريالية"، وهي امتداد للنسوية الاستشراقية التي سبقتها. يمثل هذا الشكل من النسوية إطارًا إبستومولوجيًا -معرفيًا- تستخدمه النسويات الغربيات للنظر إلى النساء العربيات والمسلمات بشكل ٍعام، والنساء اللاتي يعشن في سياقات استعمارية أو ما بعد استعمارية بشكلٍ خاص. تعمل النسوية الإمبريالية على ترسيخ المقاربات الثقافية والعنصرية، وتجريد المرأة غير الغربية من إنسانيتها وتنميطها. وبدلاً من الاعتراف بقدرة هؤلاء النساء على ممارسة إرداتهن وتعقيداتهن، فإن النسويات الإمبرياليات يصوّرنهن على أنهن مُجرّد ضحايا عاجزات بحاجة إلى الشفقة والإنقاذ. برز هذا المنظور بقوّة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وأثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، مع تبرير النسويات الغربيات للحروب الإمبريالية كوسيلة "لإنقاذ" هؤلاء النساء من أنظمتهن القمعية. يُركز نقدٌ هامٌ آخر على قضية النسوية الإمبريالية، هكذا انشغلت الحركات النسوية الاستشراقية والإمبريالية بالنضال النسائي المسلح، خاصة بعد الانتفاضة الثانية في فلسطين، حيث أشارت إليهن بالإرهابيات اللاتي يلجأن لارتكاب "التفجيرات الانتحارية" لأسبابٍ دينية وثقافية. تتجاهل النسوية الإمبريالية بشكلٍ كامل السياقات التاريخية والسياسية لنضالات تلك النساء، وبذلك؛ فإنّها تُعزز سردياتٍ جوهرية مُهينة عنهن. بدلًا من الاعتراف بالتقاليد الراسخة لمقاومة النساء في هذه المجتمعات، تعمل النسويات الإمبرياليات على مُجانسة النساء العربيات والمسلمات، والتركيز على افتقارهن السيطرة على أجسادهن ومصائرهن. تُهمل هذه النظرة الاختزالية تعقيدات حيواتهن والأسباب متعددة الأوجه وراء انخراطهن في حركات المقاومة. لا تتعاطى النسويات الامبراليات مع الحقائق الاجتماعية والسياسية الأوسع لحياة تلك النساء، وتُركز على العوامل الثقافية فقط، مُعزِزةً بذلك الروايات المُؤذية التي تزيد من الثنائية الضدية بين المرأة المسلمة "المضطهدة" والمرأة الغربية "المحررة". بدلاً من جعل تجارب تلك النساء وأصواتهن مِحورًا أساسيًا في بحث وتفكيك واقعهن، استحوذت النسويات الإمبرياليات على نضالاتهن وأصبحن السلطة في تحديد احتياجاتهن وتطلعاتهن. الأمر الذي، بطبيعة الحال، يعزز ديناميكية القوة التي تُساهم في ترسيخ الأيديولوجيات الاستعمارية، ويزيد من تهميش النساء العربيات والمسلمات ويسلُبهن القدرة على ممارسة إرادتهن الحرة. تُحذر نسويات ما بعد الاستعمار من عقدة المُنقذ الأبيض المُلاحظة في بعض منظورات النسوية الغربية، كما ورد في كتاب "[https://www.plutobooks.com/9781783711857/captive-revolution/ ثورة أسيرة: نضال المرأة الفلسطينية ضد الاستعمار داخل سجون النظام الإسرائيلي]" من تأليف [https://carleton.ca/socanth/profile/abdo-nahla/ نهلة عبدو]، ودعون إلى الاعتراف بفاعلية المرأة واحترام كيانها في سياقات ما بعد الاستعمار مُتحديّاتٍ بذلك قصور النسوية الغربية، وشجعن على التضامن والتعاون بين الحركات النسوية في جميع أنحاء العالم
      سطر 72: سطر 72:       −
يُركز نقدٌ هامٌ آخر على قضية النسوية الإمبريالية، كما نوقش في كتاب "[https://www.plutobooks.com/9781783711857/captive-revolution/ ثورة أسيرة: نضال المرأة الفلسطينية ضد الاستعمار داخل سجون النظام الإسرائيلي]" من تأليف [https://carleton.ca/socanth/profile/abdo-nahla/ نهلة عبدو]، حيث تُحذر نسويات ما بعد الاستعمار من عقدة المُنقذ الأبيض المُلاحظة في بعض منظورات النسوية الغربية، ودعون إلى الاعتراف بفاعلية المرأة واحترام كيانها في سياقات ما بعد الاستعمار مُتحديّاتٍ بذلك التعامل مع النسوية الغربية على أنها الوسيلة الأولى لانقاذهن وتحريرهن، وبدلاً من ذلك، شجعن على التضامن والتعاون بين الحركات النسوية في جميع أنحاء العالم. هكذا انشغلت الحركات النسوية الاستشراقية والإمبريالية بالنضال النسائي المسلح، خاصة بعد الانتفاضة الثانية في فلسطين، حيث أشارت إليهن بالإرهابيات اللاتي يلجأن لارتكاب "التفجيرات الانتحارية" لأسبابٍ دينية وثقافية.
        سطر 81: سطر 80:       −
علاوةً على ذلك ، تُنادي نسويات ما بعد الاستعمار بأهميّة الاعتراف بالجهود التي بذلتها النسويات الأصليات وتقدريهن، إذ تُقر هذه الجهود بالتقاليد الغنية بمقاومة النساء ونشاطها في مجتمعات ما بعد الاستعمار، والتي غالبًا ما تم تجاهلها أو إسكاتها من قِبل الروايات الغربية.
       
131

تعديل

قائمة التصفح