تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا يوجد ملخص تحرير
سطر 43: سطر 43:     
===الإنتاج المعرفي ونزع الاستعمار===
 
===الإنتاج المعرفي ونزع الاستعمار===
  −
يعود ثقل الكتابات النسويّة الغربيّة عن النساء في العالم الثالث إلى ضرورة العلاقة بين الدراسات النسويّة والممارسة السياسيّة النسويّة؛ إذ لا يمكن وجود دراسات نسويّة لا سياسيّة، كما تشرح شاندرا موهانتي في ورقتها البحثيّة "[[:ملف:تحت عيون الغرب - الدراسات النسوية والخطابات الاستعمارية.pdf|تحت عيون الغرب: الدراسات النسويّة والخطابات الاستعماريّة]]".
  −
  −
      
لطالما تمركزت عمليات الإنتاج المعرفي في إطار المؤسسات الجامعية والمراكز البحثية والمؤسسات الاعلامية التي لا تأخذ بالضرورة بعين الاعتبار دورها في المساهمة في خلق شكل من أشكال مشروعية الهيمنة الثقافية. والهيمنة الثقافية مفهوم يُستخدم في سياق دراسات ما بعد الاستعمار، ويعود إلى غرامشي، فيلسوفًا وسياسيًا ومنظرًا ماركسيًا إيطاليًا عاش من عام 1891 إلى عام 1937؛ اشتهر بإسهاماته في فهم الهيمنة الثقافية في سياق النظرية الماركسية. ويرى غرامشي أن الهيمنة الثقافية تعمل من خلال تقديم صالح الطبقة الحاكمة كقيم معيارية ومقبولة عالميًا للمجتمع، وبالتالي جعل هذه القيم تبدو طبيعية وأفضل ما يمكن القبول به. نتيجة لذلك، يميل الأفراد من الطبقات التابعة إلى استيعاب هذه المعتقدات والقيم، مما يساهم في الحفاظ على هياكل السلطة الحالية. ويتم ذلك من خلال التعليم والمعارف المنتشرة التي تخلق سردية واحدة؛ وفي سياق الاستعمار، تصبح الطبقة الحاكمة، بالضرورة، الجهة المستعمرة، وهذا يعني تبني ثقافة هذه الجهة، بما في ذلك لغتها، وهذا ما يفسر تمركز اللغتين الإنكليزية والفرنسية مثلًا في سياق المنطقة، وذلك بحسب التقسيم الاستعماري بين بريطانيا وفرنسا في خلال بداية العشرينات من القرن الماضي.
 
لطالما تمركزت عمليات الإنتاج المعرفي في إطار المؤسسات الجامعية والمراكز البحثية والمؤسسات الاعلامية التي لا تأخذ بالضرورة بعين الاعتبار دورها في المساهمة في خلق شكل من أشكال مشروعية الهيمنة الثقافية. والهيمنة الثقافية مفهوم يُستخدم في سياق دراسات ما بعد الاستعمار، ويعود إلى غرامشي، فيلسوفًا وسياسيًا ومنظرًا ماركسيًا إيطاليًا عاش من عام 1891 إلى عام 1937؛ اشتهر بإسهاماته في فهم الهيمنة الثقافية في سياق النظرية الماركسية. ويرى غرامشي أن الهيمنة الثقافية تعمل من خلال تقديم صالح الطبقة الحاكمة كقيم معيارية ومقبولة عالميًا للمجتمع، وبالتالي جعل هذه القيم تبدو طبيعية وأفضل ما يمكن القبول به. نتيجة لذلك، يميل الأفراد من الطبقات التابعة إلى استيعاب هذه المعتقدات والقيم، مما يساهم في الحفاظ على هياكل السلطة الحالية. ويتم ذلك من خلال التعليم والمعارف المنتشرة التي تخلق سردية واحدة؛ وفي سياق الاستعمار، تصبح الطبقة الحاكمة، بالضرورة، الجهة المستعمرة، وهذا يعني تبني ثقافة هذه الجهة، بما في ذلك لغتها، وهذا ما يفسر تمركز اللغتين الإنكليزية والفرنسية مثلًا في سياق المنطقة، وذلك بحسب التقسيم الاستعماري بين بريطانيا وفرنسا في خلال بداية العشرينات من القرن الماضي.
سطر 70: سطر 66:  
تتأمل [[أندريا دوركين]]، كاتبة وناقدة نسوية راديكالية أميريكية، في مقالتها "[http://www.nostatusquo.com/ACLU/dworkin/IsraelI.html إسرائيل: بلد مَن هي على أي حال؟]" التي نُشرت عام ١٩٩٠ في نشأتها كيهودية في الولايات المتحدة وانغماسها المبكر في الأيديولوجية الصهيونية. إذ تُقر بمشاركتها في دعم إسرائيل من خلال أنشطة مُختلفة مثل الذهاب إلى المدارس العبرية، وجمع التبرعات للحركة الصهيونية، وتصديقها في الدعاية الإمبريالية الصهيونية تلك الفترة التي صوّرت "إسرائيل" على أنّها دولة محاطة بأعداءٍ عرب. بحلول أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، ركّز نشاط دوركين بشكلٍ أكبر على القضايا النسوية والمناهضة للنظام الأبوي، وأصبحت شخصيةً بارزة في الحركة النسوية. كما خضعت آرائها حول الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني لتحولات كبيرة في تلك الفترة أيضًا، إذ بدأت في التساؤل عن سياسات الحكومة الإسرائيلية وأفعالها تجاه الشعب الفلسطيني، وأعربت عن مخاوفها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الفلسطينيون، وانتقدت الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتهجير وتهميش الفلسطينيين، والأعمال العسكرية التي تقوم بها حكومة الاحتلال. استمرت وجهات نظر دوركين في التغير بعد مشاركتها في مؤتمر نسوي في إسرائيل عام ١٩٨٨، حيث تعرّفت على ناشطة نسوية فلسطينية، وكان لقائهما نُقطة تحول في إدراكها الظلم الذي يواجهه الشعب الفلسطيني من قِبل الاحتلال. إلا أن دوركين لم تقابل أو تتحدث مع نساء فلسطينيات أخريات يعشن تحت الاحتلال، فكانت كتابتها عن تجارب النساء الفلسطينيات سطحية تميل لتكون استشراقية وحتى عنصرية. فشلت أندريا دوركين في فهم السياق الفلسطيني وجرّدت النساء الفلسطينيات اللاتي اتجهن للمقاومة المسلحة من اختياراتهن، ودافعت عن النسوية الإمبريالية وروّجت  لرواية تربط مشاركة المرأة الفلسطينية في المقاومة ضدّ المُحتل لأسبابٍ شخصية ونفسية ودينية. إذ تُصور دوركين في كتاباتها النساء الفلسطينيات المنخرطات في الكفاح المسلح على أنهن يسعين للانتقام وارتكاب "تفجيراتٍ انتحارية" كوسيلة لاسترداد شرف أُسرِهن، حيث كتبت "يتُقن هذه النساء إلى ارتكابِ عملٍ إرهابي خالص من شأنه أن يمحو وصمة العار عن كونهن إناث بعد كُل ما تعرضن له من اعتداءٍ جنسي من قبل رجالهن وتهدديهن بالقتل" <ref> The Women Suicide Bombers، أندريا دوركين، نشر Feminista في 2002.</ref>، وتصف أعمالهن المُقاوِمة بأنها إجراءاتٌ ضرورية تُقدمها المرأة المُغتصبة كمقايضة تُقدمها أملًا في أن تحصل على مرتبة أعلى، أي كشهيدة، باعتبار أنّ هذه الأعمال المقاومة تُعيد الشرف الشخصي وترفع من المكانة الاجتماعية- الموت مُقابل استعادة شرف العائلة. هكذا  بذلك، تختزل أعمال المقاومة المعقدة والمتعددة الأوجه إلى دوافع سطحية، وتتجاهل السياق السياسي الأوسع للاستعمار والقمع الاحتلالي. لا يُرسخ هذا النهج الاختزالي صُورًا نمطية فحسب، بل يحرِم النساء الفلسطينيات من حقهن في تقرير المصير ونضالهن من أجل التحرر.  
 
تتأمل [[أندريا دوركين]]، كاتبة وناقدة نسوية راديكالية أميريكية، في مقالتها "[http://www.nostatusquo.com/ACLU/dworkin/IsraelI.html إسرائيل: بلد مَن هي على أي حال؟]" التي نُشرت عام ١٩٩٠ في نشأتها كيهودية في الولايات المتحدة وانغماسها المبكر في الأيديولوجية الصهيونية. إذ تُقر بمشاركتها في دعم إسرائيل من خلال أنشطة مُختلفة مثل الذهاب إلى المدارس العبرية، وجمع التبرعات للحركة الصهيونية، وتصديقها في الدعاية الإمبريالية الصهيونية تلك الفترة التي صوّرت "إسرائيل" على أنّها دولة محاطة بأعداءٍ عرب. بحلول أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، ركّز نشاط دوركين بشكلٍ أكبر على القضايا النسوية والمناهضة للنظام الأبوي، وأصبحت شخصيةً بارزة في الحركة النسوية. كما خضعت آرائها حول الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني لتحولات كبيرة في تلك الفترة أيضًا، إذ بدأت في التساؤل عن سياسات الحكومة الإسرائيلية وأفعالها تجاه الشعب الفلسطيني، وأعربت عن مخاوفها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الفلسطينيون، وانتقدت الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتهجير وتهميش الفلسطينيين، والأعمال العسكرية التي تقوم بها حكومة الاحتلال. استمرت وجهات نظر دوركين في التغير بعد مشاركتها في مؤتمر نسوي في إسرائيل عام ١٩٨٨، حيث تعرّفت على ناشطة نسوية فلسطينية، وكان لقائهما نُقطة تحول في إدراكها الظلم الذي يواجهه الشعب الفلسطيني من قِبل الاحتلال. إلا أن دوركين لم تقابل أو تتحدث مع نساء فلسطينيات أخريات يعشن تحت الاحتلال، فكانت كتابتها عن تجارب النساء الفلسطينيات سطحية تميل لتكون استشراقية وحتى عنصرية. فشلت أندريا دوركين في فهم السياق الفلسطيني وجرّدت النساء الفلسطينيات اللاتي اتجهن للمقاومة المسلحة من اختياراتهن، ودافعت عن النسوية الإمبريالية وروّجت  لرواية تربط مشاركة المرأة الفلسطينية في المقاومة ضدّ المُحتل لأسبابٍ شخصية ونفسية ودينية. إذ تُصور دوركين في كتاباتها النساء الفلسطينيات المنخرطات في الكفاح المسلح على أنهن يسعين للانتقام وارتكاب "تفجيراتٍ انتحارية" كوسيلة لاسترداد شرف أُسرِهن، حيث كتبت "يتُقن هذه النساء إلى ارتكابِ عملٍ إرهابي خالص من شأنه أن يمحو وصمة العار عن كونهن إناث بعد كُل ما تعرضن له من اعتداءٍ جنسي من قبل رجالهن وتهدديهن بالقتل" <ref> The Women Suicide Bombers، أندريا دوركين، نشر Feminista في 2002.</ref>، وتصف أعمالهن المُقاوِمة بأنها إجراءاتٌ ضرورية تُقدمها المرأة المُغتصبة كمقايضة تُقدمها أملًا في أن تحصل على مرتبة أعلى، أي كشهيدة، باعتبار أنّ هذه الأعمال المقاومة تُعيد الشرف الشخصي وترفع من المكانة الاجتماعية- الموت مُقابل استعادة شرف العائلة. هكذا  بذلك، تختزل أعمال المقاومة المعقدة والمتعددة الأوجه إلى دوافع سطحية، وتتجاهل السياق السياسي الأوسع للاستعمار والقمع الاحتلالي. لا يُرسخ هذا النهج الاختزالي صُورًا نمطية فحسب، بل يحرِم النساء الفلسطينيات من حقهن في تقرير المصير ونضالهن من أجل التحرر.  
 
إن وصف دوركين للنساء المقاوِمات ضد الاستعمار بـ "الارهابيات" يُساهم في نزع الصفة الإنسانية عنهن، واستخدامها مُصطلحًا مثل "الدم مقابل الشرف" في هذا السياق يُرسخ وجهات النظر الجوهرية للمرأة غير الغربية، وتمحو تجاربهن دوافعهن المتنوعة وراء انخراطِهن في حركات المقاومة. يفتقر هذا النهج إلى فهمٍ عميق للسياق التاريخي، ويفشل في تحليل دور إرهاب الدولة والعنف الهيكلي الذي تمارسه القوى الإمبريالية فيه.  
 
إن وصف دوركين للنساء المقاوِمات ضد الاستعمار بـ "الارهابيات" يُساهم في نزع الصفة الإنسانية عنهن، واستخدامها مُصطلحًا مثل "الدم مقابل الشرف" في هذا السياق يُرسخ وجهات النظر الجوهرية للمرأة غير الغربية، وتمحو تجاربهن دوافعهن المتنوعة وراء انخراطِهن في حركات المقاومة. يفتقر هذا النهج إلى فهمٍ عميق للسياق التاريخي، ويفشل في تحليل دور إرهاب الدولة والعنف الهيكلي الذي تمارسه القوى الإمبريالية فيه.  
  −
  −
  −
  −
  −
  −
  −
  −
  −
  −
  −
  −
تُدرج شاندرا موهانتي ورقتها البحثيّة "[[:ملف:تحت عيون الغرب - الدراسات النسوية والخطابات الاستعمارية.pdf|تحت عيون الغرب: الدراسات النسويّة والخطابات الاستعماريّة]]" في سياق النقد الداخليّ للمداخل النسويّة الغربيّة المهيمنة. تعالج شاندرا في ورقتها البحثيّة عددًا من النصوص التي ظهرت في سلسلة "النساء في العالم الثالث" الصادرة عن دار Zed Press للنشر؛ إذ يشكّل تحليل بناء نساء العالم الثالث في الخطاب النسويّ الغربيّ الخطوة الأولى في تحديد الطرق التي تقاوم بها المداخل النسويّة في العالم الثالث الخطاب الاستعماريّ. تجادل شاندرا أنّ الخطاب الاستعماريّ يتّخذ من اهتمامات النسويّة الغربيّة نقطة مرجعيّة في إنتاجه للمعرفة حول النساء في العالم الثالث؛ فينتج "امرأة العالم الثالث" كموضوع مفرد متجانس، قامعًا أوجه التباين المادّيّ والتاريخيّ بين حيوات النساء.
      
===التضامن النسوي العابر للحدود في إطار نسوية ما بعد الاستعمار===
 
===التضامن النسوي العابر للحدود في إطار نسوية ما بعد الاستعمار===
190

تعديل

قائمة التصفح