وثيقة:الصحراء الغربية : الوجه غير المرئي للنظام الأبوي
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | نحو وعي نسوي |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | نحو وعي نسوي |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://feministconsciousnessrevolution.wordpress.com/2019/10/02/الصحراء-الغربية-الوجه-غير-المرئي-للنظ/
|
تاريخ الاسترجاع | |
نسخة أرشيفية | http://archive.vn/IXvLY
|
قد توجد وثائق أخرى مصدرها نحو وعي نسوي
في هذه السلسة التي ارتأينا أن نطلق عليها “الصحراء الغربية: الوجه غير المرئي للنظام الأبوي”، سنعمل على تسليط الضوء على حياة المرأة الصحراوية في مخيمات اللاجئين، والأرض المحتلة، والمهجر والشتات، بإستعراض الجانب الشخصي لآلام ومعاناة الصحراويات، ذلك الشخصي الذي لطالما سحق في بعبع القضايا “المهمة” والتي تدور دائما حول المهيمنين.
هي محاولة لإكتساب مساحة معارضة تنسج واقع الفئات المهمشة من خارج سطوة المنظومات التي تسحقهن/م. كما هي محاولة لتأسيس وعي جديد داخل صفوف النساء الصحراويات أنفسهن اللواتي لا يتمكن من فهم موقعهن داخل [نظام أبوي |المنظومة الأبوية] والدفاع عن مصالحهن مادام الوعي الوحيد المسموح في فضاء محتكر هو الوعي الأبوي والمعرفة السائدة و المشروعة هي المعرفة ال[ذكورية] ،
“بإعتبار أن تاريخ السلطة الذكورية هو تاريخ من احتكار المعرفة وتشكيل العقول وفقًا لأيديولوجيتها، وبالتالي خلق وعي مزيف يضمن استمرار الهيمنة وفرض تصور عن العالم الاجتماعي ليكون أكثر ملائمةً لمصالحها”.
وإن كانت هذه السلسة تهدف لتقديم وجهة نظر [نسوية] تعارض الخطاب الأبوي السائد، وتعطي معرفة بقضايا النساء الصحراويات خارج سلطة الفئات المهيمنة. فهي أيضا محاولة لكسر الصمت حول الإنتهاكات والإضهادات التي تعيشها نساء هذا المجتمع المقسمات بين ضفتي الجدار.
للحرب وجه أنثوي
لقد أثر واقع الإستعمارات المتعاقبة الذي عاشته الصحراء الغربية بشكل فعلي منذ 1884، على دفن الواقع الإجتماعي وعلاقات القوى التي تحكم هذا الأخير، حيث استعملت قضية التحرر الوطني كالوجه الوحيد الممكن معرفته والعمل من داخله عن الإنسان الصحراوي. فيما بقيت قضايا المرأة و[أقلية جنسية | الأقليات الجندرية] والإجتماعية منطقة محظورة عمل النظام السياسي الصحراوي على دحرها دوما من حيز الفضاء السياسي والنضالي. ليتشكل وفق ذلك جبل من المعاناة لم يقتصر على الإنتهاكات الجنسية والسطو على حيوات وخيارات هؤلاء النساء بل تعداه نحو تأكيد قوة وسيطرة الأرثوذكسية الأبوية في المجتمع الصحراوي من خلال تعزيز القيم التقليدية عن التقسيم الجندري للأدوار ومنح الأسرة والقبيلة كامل التحكم في كل ما يخص حياة النساء.
ورغم المتنفس الذي حظيت به النساء الصحراويات في المخيمات في العقدين الأولين للثورة(1973-1991)، حيث فتح المجال أمام الفتيات لأول مرة لإستكمال تعليمهن الأساسي والعالي، وانخرطت النساء في مهمات سياسية وعملية استهدفت خروجهن بشكل كامل من الفضاء الخاص، نحو دينامية جديدة لموقعهن داخل المنظومة الإجتماعية والسياسية، إلا أن ذلك لم يكن سوى استغلالا لجهودهن في بناء الدولة الصحراوية في اللجوء نظرا لتواجد الرجال في ثكنات القتال .
الحرب تخفي بُنى السّلطة لكنها تغدو واضحةً في أوقات السّلام.
بعد الهدنة التي وقعت عليها كل من البوليساريو والإحتلال المغربي سنة 1991، وعودة الرجال للمخيمات، عادت معهم السلطة الأبوية التقليدية وتم دحر النساء مجددا للفضاء الخاص حيث تم حصرهن في المهمة الأولى التي أعطيت للنساء في الثورة ولو أنهن تجاوزنها نحو النضال بالشهادة والإعتقال وبناء الدولة، وهي التعامل مع المرأة كمعمل للإنتاج يزود الدولة بالعنصر البشري، ضمن سياسة “التكاثر” التي كانت ولازالت عقيدة سياسية تم تبنيها منذ بداية النزوح والحرب، والتي أسست لواقع من الهيمنة يمكن أن نسميه ب “الإستغلال الإنجابي”.
هكذا تم الإستلاء على معظم الحقوق البديهية كالتعليم والتمثيل السياسي والمؤسساتي والمشاركة في بناء الدولة والتحرر الوطني، والتي منحت للنساء بشكل عمودي في بداية الثورة الصحراوية كنوع من تسويق صورة تقدمية عن هذه الثورة، وتم تعويضها بخطاب تضليلي عن مثالية ونموذجية وضعية المرأة الصحراوية استغلت فيه صور تلك الحقبة عن المرأة المناضلة، والمعلمة، والدكتورة، والمعمارية، والفلاحة، والديبلوماسية…. بينما في الحقيقة أخذ الرجال العائدون من ثكنات الحرب معظم الوظائف والمرافق التي وجدوها جاهزة كإرث نسائي كابدت في بنائه المرأة اللاجئة الأمرين، وتم إلغاء كل القيم التي دخلت للمجتمع الصحراوي مع بداية التحرر الوطني كضرورة التعليم والعمل بالنسبة للنساء، في المقابل عادت القيم الأبوية التي تنبذ أي تغير في وضعية المرأة خصوصا ما يتعلق منها بظهورها في موقع اجتماعي جديد كالتعليم والعمل.
الأبوية لا تعادي الإحتلال
إن وضع الصحراء الغربية كبلد مستعمر، ظل دوما عامل انتهاك إضافي في حياة النساء الصحراويات، فهو إن كان ساهم في تشريد نصفهن وإستغلالهن لتأسيس هيمنة مضاعفة للرجال في المخيمات، فإنه أيضا ساهم في جعلهن وقودا للثورة ورمادا لها في الجزء المحتل.
قدمت النساء الصحراويات اللواتي يعشن تحت سطوة الإحتلال الكثير من التضحيات كالإستشهاد والإعتقال والتظاه، لكن ذلك لم يؤثر على واقع السلطة الأبوية التي تحكم العلاقات الإجتماعية بل تفاقمت وأصبحت تظهر في كل مرة بشكل أكثر تطرفا.
مما يجعلنا نتحدث عن الثورة الصحراوية كفعل تاريخي أعاد الهيمنة الأبوية بتشكلات يصعب تفكيكها مادامت تتوارى خلف “الأولويات” والتحرر الوطني وجدلية الولاء/التخوين التي تستخدم كفزاعة لإسكات أصوات النساء والإبقاء على واقع التهميش.
إن واقع المرأة الصحراوية بين ضفتي الجدار وإن كان واقعا من الهيمنة والظلم إلا أنه أيضا واقع من الإضطهاد اللامرئي والغير معترف به، والذي تعمل الأبوية الصحراوية بكل جهدها على تغطيته واسكات أي صوت يكسر الصمت حوله بفزاعات التخوين والترهيب واحتكار مساحة الحديث السياسي والنضالي.