وثيقة:العبور الجنسي في مصر:بين النموذج الإيراني وحق الإختلاف
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | مهى محمد |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | جيم |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://jeem.me/%D8%AC%D9%86%D8%AF%D8%B1%D8%AC%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9/%D9%85%D9%87%D9%89-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B3%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%85%D9%88%D8%B0%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%88%D8%AD%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%81
|
تاريخ الاسترجاع | |
نسخة أرشيفية | http://archive.is/b5auh
|
قد توجد وثائق أخرى مصدرها جيم
تتجه مصر الى قوننة العبور الجنسي على الأسس الإيرانية، أي عبر تجريم المثلية الجنسية.
عام 1988 عندما أثيرت قضية العابرة جنسيًا "سالي عبد الله" في مصر، كان الأمر جديدًا وغريبًا على جزء كبير من المجتمع المصري كان يسمع لأوّل مرّة برجل يتحوّل إلى امرأة. تلك كانت النظرة المجتمعيّة المهيمنة في ذلك الوقت وما زالت.
فُصلت سالي وقتها من كليّة الطب بجامعة الأزهر بسبب عبورها الجنسي، وأيّدت محكمة القضاء الإداري قرار الجامعة، ولم يلغى هذا الحكم إلا بعدها بثماني عشر عامًا عن طريق المحكمة الإدارية العليا. طريق طويل خاضه/ته الكثيرين/ات من العابرين والعابرات في الشدّ والجذب مع أجهزة الدولة، للحصول على حقهم/ن في الحياة بالجندر الذي ينتمون/ين إليه. ففي الواقع لم تكن سالي حالة فردية. هي فقط من أثارت القضية، بصراعها مع جامعة الأزهر. والآن بينما تكتب هذه السطور فإن المستشفى الأهم في مصر والمنطقة الذي يقوم بمتابعة العابرين والعابرات لإعطائهم/ن التقارير اللازمة للحصول على حقوقهم/ن، هي مستشفى الحسين التابعة لجامعة الأزهر. تقدّم كبير أليس كذلك؟
LGBT هو الاختصار لLesbian, Gay, Bisexual and Transgender والذي صار يستخدم في الغرب عقب ما سمّي بـ" الثورة الجنسية " في بداية ستينيات القرن الماضي، للتعبير عن الأقليات الجنسية أو ما يطلق عليه البعض في مصر والدول الناطقة بالعربية مجتمع الميم، اختصارًا لـ مثليات، مثليين، مزدوجي الميول الجنسية، والمتحولين/ات أو المصححين/ات أو العابرين/ات جندريًا.
اعتبر الغرب منذ البداية العابرين والعابرات جنسيًا جزء من منظومة الأقليات الجنسية. وبينما سبقت المثلية في العالم الغربي العبور الجنسي في نضالها والحصول على حقوقها، حدث العكس تمامًا في المجتمعات الإسلامية الشرقية. فبينما في الغرب كان النضال على أساس حق البشر في الاختلاف دون تمييز، تم النضال في العالم الإسلامي على أساس أن الأمر برمته مرضًا لا يوجد له علاج سوى العبور الجنسي وجرى الأمر في اتجاه استصدار الفتاوى.
عام 1987 نجحت العابرة الإيرانية "مريم هاتون مولكارا" في استصدار فتوى دينية من الإمام الخميني شخصيًا بجواز العبور الجنسي، وذلك بعد إثني عشر عامًا كاملة من مراسلته. تلك الفتوى كانت الأولى من نوعها في العالم الإسلامي، و على إثرها تم قوننة العبور الجنسي في إيران. بل وتم دعمه من الدولة بنسبة تصل الآن إلى 50% من تكلفة إجراء الجراحة. وأيًا كان فحوى الفتوى أو ما استندت عليه من أحكام وأدلّة شرعية، وأيًا كان هدفها، فقد جاءت في مصلحة فئة من الفئات المضطهدة وضد مصلحة فئة أخرى.
لم تدرك الدولة الدينية الفارق الشاسع بين العبور الجنسي والمثلية الجنسية
ففي مقابل قوننة العبور الجنسي تم التعامل مع المثلية الجنسية بقسوة شديدة، تصل إلى إعدام أصحابها أو تخييرهم/ن بين العبور الجنسي والقتل، فبدلًا من المثليّة التي يراها النظام المحافظ "انحرافًا"، فليعبر/تعبر المثليون/ات جنسيًا إلى الجنس الآخر ويندمجون/ن مع المنظومة الإجتماعية المحافظة في سلام.
بالطبع لم تدرك الدولة الدينية الفارق الشاسع بين العبور الجنسي والمثلية الجنسية. فبينما يتمحور العبور الجنسي حول النوع الجنسي والإجتماعي بغض النظر عن الميول الجنسية، فإن المثلية تتمحور فقط حول الميول الجنسية وليس لها أي صلة بالنوع الجنسي والإجتماعي. لكن في عرف الأنظمة المحافظة كل ذلك "انحراف وشذوذ" ويبدو أن أئمّة إيران قد وجدوا الحل لمشكلة "الانحراف والشذوذ" تلك في العبور الجنسي.
العابر\ة جنسيًا هو\هي شخص غير منسجم\ة جندريًا. لا يتوافق نوعه\ا الاجتماعي مع جنسه\ا البيولوجي، دون أي علاقة بميوله\ا، قد ت\ينجذب للنساء أو للرجال أو لكليهما، أيًا كان، فليس لذلك أي دخل بمشكلته\ا. قد يكون عابر من أنثى لذكر، أو عابرة من ذكر لأنثى. البعض يرغب في إجراء الجراحة، البعض الآخر لا يرغب سوى في العلاج الهرموني فقط دون الجراحة، البعض لا يصنّف نفسه لأي من الثنائية الجندرية السائدة رجل/امرأة، والأمر يحتمل الكثير والكثير من الأطياف الجندرية المتنوعة التي لا تقف عند الثنائية الجندرية الجامدة التي تدعمها بالطبع معظم المعتقدات الدينية والأفكار المحافظة التي ترى في الخروج عنها خلخلة لأسس النظم المجتمعية. ولذا فهي عندما قبلت بالعبور الجنسي "على مضض" لم تقبل سوى بالعبور الجنسي الكامل من الجنس للجنس الآخر، وباعتباره ضرورة علاجية لمحظور أكبر وهو "الانحراف"، وليس اعتبارًا لحق الانسان في الاختلاف، أو حتى بناءًا على أسس علمية.
في المستشفيات القليلة التي تتولى متابعة العابرين والعابرات في مصر، نجد النموذج الإيراني حاضرًا بوضوح، لا مجال للاختلاف أو الخروج عن النظم الاجتماعية السائدة، أنت مريض/ة ونحن نعالجك لكي ننقذك من الانحراف، لا مجال للمثلية الجنسية، إن كنت مثلًا ذكرًا ترغب في العبور الجنسي لأنثى فلا مجال لأن تكون ميولك تجاه النساء، وإلا لن تحصل على تقرير بحالتك: "نحن هنا لمعالجة الشذوذ وليس دعمه". "المثليون منحرفون عليهم أن يتخلصوا من ميولهم الشاذة"، "أو.. ربما.. يأتون لنا للشروع في العبور الجنسي".
لم يصل الأمر بعد إلى تلك النقطة الأخيرة، لكن ت/يخشى الكثيرون/ات من أنه يسير في هذا الاتجاه. فقد سارت إيران في هذا الإتجاه في قوننتها للعبور، وفي مصر يجري على مضض قوننة العبور على نفس الأسس فيما يعدّ البرلمان المصري قانونًا لتجريم المثلية.