وثيقة:العذراء والمجدلية مريم المرأة في المجتمع الأبوي
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | ايمان عمارة |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | نحو وعي نسوي |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://feministconsciousnessrevolution.wordpress.com/2019/12/07/ العذراء-و-المجدلية،-مريم-المرأة-في-الم/
|
تاريخ الاسترجاع | |
نسخة أرشيفية | http://archive.vn/I7LIG
|
قد توجد وثائق أخرى مصدرها نحو وعي نسوي
ثنائية مريم المجدلية/مريم العذراء في المسيحية مثيرة جدا للاهتمام وتشرح الكثير حول نظرة المجتمعات للنساء بصفة عامة. كلا المريمتين عاصرت المسيح وأصبحتا بعد ذلك جزءا من الديانة المسيحية لكن بصورة على طرفي نقيض. فبينما تم تعظيم وتمجيد مريم العذراء، واجهت المجدلية شيطنة نادرا ما تعرضت لها شخصية (حقيقية أو وهمية) تاريخيا وبكل هذا العنف.
مريم العذراء هي صورة المرأة المثالية في عيون المجتمع الأبوي: عذراء لم يمسسها رجل ولم تقع في “خطيئة” ممارسة الجنس ولم تتدنس بها ورغم ذلك لم تتنصل من الدور الأسمى المنوط بها كأنثى: الأمومة. أمومتها هنا معظمة حد التقديس والهوس. أما المجدلية فقد التصقت بها صفة العهر وتدنست بممارسة الجنس على الرغم من أن الإنجيل الذي ذكر اسمها ١٤ مرة لم يخبرنا في أي منها أنها كانت “بائعة هوى” كما اشتهر عنها لاحقا.
لماذا إذا أصبحت مريم المجدلية بتلك الصورة في الذاكرة؟ مريم المجدلية، وبشهادة الإنجيل، كانت من أوائل تلاميذ المسيح وتعلمت على يده، وكانت حاضرة عند إنزال جسده من على الصليب وقامت بتغسيله وهي من اختارها من بين حوارييه كي يظهر لها عند قيامه من بين الأموات وهذا دليل على مكانتها العظيمة عنده وقربها الشديد منه. بعد موت المسيح تعرضت مريم المجدلية لحملة تشويه ممنهجة استمرت لقرون وتم حصرها في خانة الخاطئة التي تابت وتجريدها من صفة التلميذة والحوارية لأنها امرأة ولأنها المرأة الوحيدة التي خرجت عن السياق المحدد لها في المجتمع الأبوي وخالفت صورة المرأة المثالية التي تمثلها مريم الأخرى.
مريم الأخرى، العذراء، الأم، الثكلى التي فقدت ابنها لا دور فعال لها في الحقيقة ووجودها واهٍ جدا وشديد الرمزية ولم تكن سوى الوسيلة البشرية التي جعلت ولادة المسيح ممكنة. مريم العذراء مجرد امرأة من بين النساء، مجرد أم ذات حضور باهت، خلدها الدين والفن في دور الباكية المكلومة التي فقدت ابنها. مريم لا تمثل أي خطر على المجتمع الأبوي بل تتماهى تمامًا مع قواعده وتعليماته لذا تم تقديسها وتعظيمها لتكون مثالا لنساء العالمين. في المقابل، مريم المجدلية تمردت وخاطرت وتعلمت وفكرت وكان لها دور حقيقي جنبا إلى جنب مع المسيح والحواريين لذا عاقبها المجتمع والتاريخ بأن اعتبروها ساقطة لا تتوانى عن التعري لإغواء الرجال. يذكر مثلا أنها تعرت بالكامل أمام البحارة كي يتم إنقاذ القارب الذي تركبه مع الهاربين لشواطئ أوروبا في الأسطورة الشعبية.
مؤخرًا، مال بعض المؤرخين والمهتمين لاعتبار أن المجدلية كانت زوجة أو حبيبة المسيح في محاولة لإعادة النظر في شخصيتها وماهية وجودها إلى جانب المسيح وذكرها بهذه الكثافة في الكتب المقدسة. هذه النظرة، وإن كانت بهدف إعادة الاعتبار لها، فهي أيضا دونية ومتشبعة بقيم المجتمع الأبوي الذي يرى في المرأة التي تمارس الجنس برغبتها شيطانا ويصمها بالعار. وجهة النظر هذه دونية لأن مريم المجدلية لا قيمة لها كشخص واع ذو قدرات فكرية جعلتها أقرب تلاميذ المسيح له وكيان مستقل بذاته، بل كمجرد امرأة في حياة المسيح تقوم بالدور الاجتماعي المنتظر منها وهو الحبيبة والزوجة.