وثيقة:النسوية الإسلامية في مصر - تحديات عديدة أمام تيار جديد

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

Circle-icons-document.svg
مقالة رأي
العنوان النسوية الإسلامية في مصر: تحديات عديدة أمام تيار جديد
تأليف منى علي علاّم
تحرير غير معيّن
المصدر السفير العربي
اللغة العربية
تاريخ النشر 2015-05-17
مسار الاسترجاع https://assafirarabi.com/ar/2869/2015/05/17/النسوية-الإسلامية-في-مصر-تحديات-عديدة/
تاريخ الاسترجاع 2022-02-27
نسخة أرشيفية https://archive.fo/wip/jROKe



قد توجد وثائق أخرى مصدرها السفير العربي




بعيدا عن جدل المصطلح، يعتبر تيار النِّسْوية الإسلامية الناشئ في مصر، والذي يعمل على أن يكون له امتداد في بلدان عربية أخرى، ردَّ فعل طبيعيّا إزاء خطابين: واحد ديني يتبنى في معظم الأحيان تفسيرات ذكورية أو آراء فقهية تنتمي إلى عصور خلت ولا تتناسب مع مستجدات العصر الحديث، مما ينتج عنه ممارسات تُنتَهَك فيها حقوق النساء على المستويين العام والخاص باسم الدين. وأما الآخر، فخطاب نِسْوي ينطلق من مرجعيات تتناقض في بعض جوانبها مع الخصوصية الثقافية والدينية للمجتمعات العربية.

وفي ظل مناخ سياسي واجتماعي وفكري يتسم بالاستقطاب الحاد وبالتوجس ـ إن لم نقل العداء ـ تجاه كل ما هو "إسلامي" (يصنَّف مباشرة ضمن "الإخوان" أو "السلفيين")، يحرص التيار الناشئ ــ من أجل تحقيق القبول المجتمعي ــ على الشراكة مع مؤسسة الأزهر، ومع مؤسسات ثقافية وجهات حكومية معنيّة بقضايا المرأة، مثل مكتبة الإسكندرية والمجلس القومي للسكان، كما يتعاون مع جهات دولية مثل هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وينفتح على التيارات النسوية العلمانية.

وقد تجلى ذلك في الملتقى الأول لشبكة "شقائق" الذي عُقِد أواخر نيسان/إبريل الماضي في الإسكندرية تحت عنوان "النساء والمجال العام: رؤية إسلامية معاصرة" والذي نظمه "مركز نون لقضايا المرأة والأسرة" بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية والمعهد السويدي في المدينة. و "نون" منظمة غير حكومية معنية "بتقديم رؤية إسلامية لقضايا المرأة والأسرة تنطلق من منظور وسطي يدعمه الأزهر". وقد شاركت في الملتقى أكاديميات وباحثات وحقوقيات وناشطات من مرجعيات مختلفة، ومن بلدان عربية عدة، وعدد من أساتذة الأزهر والباحثين في الدراسات الإسلامية. كما شاركت رئيسة مؤسسة "مسيحيون من أجل مساواة إنجيلية" في الولايات المتحدة متحدثة عن النسوية الدينية في الغرب.

قدمت الشبكة نفسها كـ "أول شبكة إقليمية للنسوية الإسلامية"، تستهدف سد الفجوة بين الخطاب النسوي والخطاب الإسلامي المعاصر من خلال تحقيق التواصل بين الباحثين وعلماء الدين المجتهدين لطرح رؤى اجتهادية جديدة تدعم المساواة بين الجنسين. وتضم الشبكة في عضويتها باحثين متخصصين في قضايا النسوية الإسلامية وعلماء دين لهم اجتهاداتهم في قضايا النساء ونشطاء ومؤسسات نسوية مثل جمعية دراسات المرأة والحضارة ومؤسسة المرأة والذاكرة.

وقد سبق هذا الملتقى أنشطة عديدة في هذا الاتجاه، فخلال عامي 2012 و2013 عُقِدت نقاشات مع الأزهر بمشاركة رموز نسائية مصرية وممثلين عن جمعيات أهلية معنية بحقوق النساء. كذلك شهد العام الماضي تنظيم مؤتمر "قضايا المرأة: نحو اجتهاد إسلامي معاصر" بمكتبة الإسكندرية، والذي انتهى بإعلان الإسكندرية حول "حقوق المرأة في الإسلام" المدعوم من الأزهر.

ترحيب حذر

أبدت المشارِكات العلمانيات بعض التحفظات والمخاوف، وإن أكدن دعمهن لوجود تيار نسوي إسلامي تقدمي يقدم تفسيرات للشريعة متوائمة مع روح العصر، واعتبرن حضورهن دليلا على ترحيب مبدئي، مؤكدات ضرورة التشبيك بين مختلف التيارات النسوية. ترى مديرة "مركز تدوين لدراسات المرأة" أمل فهمي، وهي عضو مؤسس في خريطة التحرش التيار "إضافة للحركة النسوية المصرية وذلك لموقع الدين في المجتمع المصري، كما أننا بحاجة إلى إنتاج خطاب إسلامي جديد فيما يخص قضايا المرأة والنظر إلى النصوص من منظور نسوي. ومن مصلحتنا عدم إقصاء أي تيار يصب في صالح الحركة النسوية التي تعاني أصلا من التفتيت". وتقول رئيسة مجلس أمناء "مركز قضايا المرأة المصرية"، المحامية عزة سليمان، إنه من المهم جدا بالنسبة لها أن يكون هناك تحديد واضح للإطار المفاهيمي الذي تنطلق منه الشبكة وأن يحدث تطوير لهذا الإطار، فمن غير المقبول تبني الخطاب نفسه الذي تبنته الأنظمة العربية من قبل، إزاء اتفاقيات دولية مثل "سيداو" باستخدام تعبيرات مطاطة مثل "التحفظ على ما يخالف الشريعة الإسلامية"، دون تحديد واضح لما يخالف الشريعة في بنود الاتفاقية. وتساءلت: "هل سينصب الاهتمام على قضايا النساء المسلمات فقط أم سيشمل الجميع؟"، مؤكدة أنه سيظل في النهاية لكل مؤسسة ولكل شخص طريقته ومرجعيته، لكن المهم تنسيق الجهود.

الجمع بين الاجتهادَين الفكري والفقهي

تقدم النسوية الإسلامية في مصر نفسها كـ "حركة معرفية في المقام الأول"، وقد أنتجت بالفعل عددا من الأبحاث التي تناولت قضايا مثل المساواة، القوامة، النساء والحق في الاجتهاد، النساء والمجال العام، وهي القضية التي تناولتها مشاركتا أميمة أبو بكر أستاذة الأدب المقارن بجامعة القاهرة وعضو مؤسسة المرأة والذاكرة وحركة "مساواة" الدولية، وأماني صالح، أستاذة العلوم السياسية بجامعة مصر الدولية ورئيسة جمعية دراسات المرأة والحضارة. والسؤال الأول الذي يُطرح هو مدى توافق هذه المعرفة مع الأصول الشرعية والتزامها بقواعد الاستنباط المعتمَدة. وهنا تجري التفرقة بين الاجتهاد الفكري والاجتهاد الفقهي. تقول أماني صالح: "يختلف الاجتهاد الفكري في الموضوع والمنهج، فهو لا يتناول قضايا جزئية وإنما قضايا كبرى ليس لها حكم فقهي مباشر كالمواطَنة والمساواة وغيرهما، وهو لا يلتزم بقواعد الاستنباط الفقهي بل هناك حرية أكبر للباحث في الاستعانة بالمنهج الذي يراه مناسبا، كما أنه بعيد عن دائرة الحلال والحرام، وتحكمه ضوابط فردية يفرضها ذوق المسلم العادي بعدم تجاوز النص إن ادعى لنفسه الإسلاميّة. وقد عرف التاريخ الإسلامي الاجتهاد الفكري عند من بحثوا في قضايا علم الكلام مثلا. وليس الهدف أن يحل المفكر محل الفقيه ولكنه يلفت نظره إلى قضايا معينة ويحثه على النظر فيها".

ويؤكد محمود عفيفي، وهو باحث ومترجم وإمام بالأوقاف، ضرورة الحرص على التأصيل الشرعي للإنتاج المعرفي للنسوية الإسلامية، والجمع بين الاجتهادين الفكري والفقهي من خلال دراسات بينية تعتمد على متخصصين في العلوم الشرعية ومتخصصين في العلوم الإنسانية كعلوم النفس والاجتماع والأنثروبولوجيا، وذلك عند تناول قضايا المرأة أو غيرها من القضايا المستحدثة، "فالقول بأن عالم الدين من المفترض أن يكون ملما بالواقع يبدو صعب التحقق في عصر يتسم بالتخصص العلمي الدقيق، وإجراء أبحاث اجتماعية للوقوف على أسباب ظاهرة ما ووضع حلول لها ضروريّ بدلا من التخريج اللُغوي للنص الديني، لأننا بذلك نسعى لإرضاء النخب دون إيجاد حلول حقيقية لمشكلات الناس".

النساء والمؤسسات الدينية

تضمن الملتقى جلسة بعنوان "النساء والمؤسسات الدينية التعليمية: خبرات وشهادات واقعية"، وهي بدت في بعض جوانبها كأنها "فضفضة" من جانب الأكاديميات المتخصصات في العلوم الشرعية عما واجهنه من تمييز وتحديات. تحدثت جميلة الرفاعي، التي كانت أول أستاذة بكلية الشريعة في الجامعة الأردنية، عن رفض تعيينها في البداية رغم أحقيتها، لولا تدخل الملك، وبعد التعيين كان الأساتذة يتحرجون من إعطائها مواد تُدرِّسها، إذ "كيف تُدرِّس للرجال؟!". وتحدثت منجية السوايحي من جامعة الزيتونة بتونس عن تعطيل مناقشة الأطروحات العلمية بأساليب مختلفة، وعدم إسناد طلاب إلى الأستاذات للإشراف على رسائلهم، مما يُعطّل الترقية العلمية، وعدم التوزيع المتكافئ للمواد التي تُدرَّس بين الأساتذة والأستاذات في الدرجة نفسها، كذلك التحدي الخاص بالتوفيق بين العمل الأكاديمي والواجبات الأسرية. ورصدت نادية الشرقاوي، الباحثة بالرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب، نتائج المبادرة الدينية الرسمية لإشراك النساء في المجال الديني، الصادرة قبل عشر سنوات، على مستوى 3 مؤسسات دينية رسمية، حيث مثلت النساء 25 في المئة من أعضاء هيئة التدريس بمؤسسة دار الحديث الحسنية، كما ضم "المجلس العلمي الأعلى" (وهو الهيئة العلمية الدينية العليا في المغرب) في عضويته 3 عالمات، وبلغ عددهن في المجالس العلمية المحلية 85 عالمة. وفي الرابطة المحمدية للعلماء، هناك 11 عالمة من أصل 70 منهن واحدة في المكتب التنفيذي. الوضع في مصر مختلف، فالنساء بعيدات تماما عن المؤسسات الدينية المرموقة مثل "مجمع البحوث الإسلامية" و "المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية"، وهو ما فسرته مريم محمد أمين المدرسة المساعدة بقسم العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، بأن الجانب المحافظ في الأزهر يرى أن وجود المرأة يُضيّع هيبة المؤسسة، أو من منطلق أن النساء "ناقصات عقل ودين"، بخلاف الخطاب المعلن للقيادات الأزهرية بقبول مشاركة المرأة "ما دامت مؤهلة فكريا ومعرفيا". ومن التحديات التي تواجهها الأستاذات الأزهريات أيضا النظرة الذاتية وعدم الثقة في قدرتهن على الاجتهاد بسبب نظام التربية الذي يجعل المرأة تخاف من التعبير عن وجهة نظرها، وهو ما دفع مريم إلى العمل على إصدار مجلة داخل الكلية تكتب فيها الأكاديميات بمشاركة الطالبات لتشجيعهن على التعبير عن رؤاهن في أبحاث تربط فيها الطالبة بين النص الديني والواقع المعيش، على غرار ما رأته في كلية اللاهوت بجامعة ييل الأميركية حيث كانت تَدرس للحصول على درجة الماجستير.

مُقترَحات للتطوير

في اليوم الختامي للملتقى، قدّم المشاركون مقترحات لتطوير عمل الشبكة مستقبلا، تمثلت في تحديد واضح لمصطلح "النسوية الإسلامية"، وللإطار المعرفي والأدوات التي سوف تستخدمها لإنتاج المعرفة، وتبسيط لغة هذه المعرفة والعمل على توصيلها لقطاعات أوسع وعدم الاقتصار على النخب، والاستفادة من التجارب الدولية في مجال حقوق المرأة خاصة في بلدان إسلامية كإندونيسيا وإيران، والحذر من الوقوع تحت هيمنة النسوية الغربية بترتيب الأولويات وفقا للمشكلات الحقيقية التي تعاني منها النساء في المجتمع المصري والعربي، وتحفيز الإنتاج المعرفي بتوجيه الباحثين لتناول موضوعات بعينها من أجل تحقيق تراكم معرفي عربي للنسوية الإسلامية، والأهم – كما قالت فاطمة حافظ الباحثة وعضو "شقائق"- أن يكون المنهج المتبع مختلفا بحيث يجمع بين المنظورين النسوي والإسلامي حتى لا نصل إلى النتائج نفسها التي توصلت إليها من قبل أبحاث تناولت قضايا المرأة في الإسلام.