وثيقة:النقد النسوي بين الطياب ونار الغيرة

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

Circle-icons-document.svg
مقالة رأي
العنوان النقد النسويّ بين الطياب ونار الغيرة
تأليف سارة مراد
تحرير غير معيّن
المصدر ميغافون
اللغة العربية
تاريخ النشر 2020-03-05
مسار الاسترجاع https://megaphone.news/النقد-النسوي-بين-الطياب-ونار-الغيرة/
تاريخ الاسترجاع 2020-03-07



قد توجد وثائق أخرى مصدرها ميغافون



هالحكومة فيها طياب

يكتب أحد الأصدقاء على فيسبوك معلّقاً على وزيرات الحكومة الجديدة. ماذا تفعلين في هذه الحالة؟ هل تردّين عليه لتفكّكي ذكوريّة خطابه؟ هل تشرحين له معاناة النساء في مجتمع يكرّس المرأة كائناً جنسياً، يمتّع بها الرجل نظره؟ هل تشرحين له أنّ مشكلتنا هي أيضاً مع السلطة الأبويّة، سلطة يكتسبها هو ليمارسها في وعيه ولاوعيه، عن قصد وعن غير قصد؟ هل تشرحين له أنّ مشكلتنا مع النظام الفكري السائد الذي لا يرى في المرأة إلا أنوثتها، ليصبح «طيابُها» هو المعيار الأوّل الذي يقيَّم من خلاله حقّها في الظهور؟ لا تريدين الدفاع عن تلك النساء، فأنت تكرهين هذه الحكومة بنسائها ورجالها.


تمكين المرأة

يرى البعض أنّ تعيين ستّ وزيرات هو دليلٌ تقدميّ وإنجازٌ يُحسَب لحكومة حسان دياب. والأرجح أن يضيفه البروفيسور إلى سلسلة إنجازاته. لكنّ إنجاز دياب هذا ليس إلا حلقة في عملية سطو النظام على خطاب تمكين المرأة. ولعلّ أبرز هذه الحلقات تمثّل سابقاً بتشكيل وزارة لشؤون المرأة (ترأّسها رجل)، وتسليم فيوليت الصفدي، زوجة رجل الأعمال والنائب السابق محمد الصفدي، وزارة التمكين الاقتصادي للشباب والمرأة في حكومة الحريري الأخيرة. فلا بدّ لنا أن ندرك اليوم أنّنا في مرحلة جديدة من معركتنا مع النظام. فقد يرمي لنا النظام بعض الفتات- قانون من هنا، وزارة من هناك- ليخفّف من ظمإنا. لكنّ النظام لن ينصفنا حقّنا، إذا ما اعتبرنا أنّنا هنا للدفاع عن كل مظلوم. فالظلم ليس واحداً، وهو أيضاً يميّز بيننا.


تغاروا منّي لأنّي ناجحة

تأتي جمانة حداد، مثلاً، لتعرض لنا ظلم الدين من خلال معاناة امرأة منقّبة. تأتي إلينا بمونولوغ في عرضٍ مسرحي تشبّه فيه المنقّبة نفسَها بكيس الزبالة. تشتكي من فرضه عليها وقمعه لها ولجسدها. انتشر فيديو يصوّر المشهد على فيسبوك حيث تداوله الجمهور النسوي. فشرع البعض- وهم محقّون- إلى انتقاد طرح حداد السطحي للقمع الديني، واتّهامها بترويج صورة منمّطة عن المحجّبات والمنقّبات، ممّا يكرّس النظرة الاستشراقية الدونية لهنّ. في المقابل، ردّ جمهور حداد على التعليقات الناقدة باتّهام مطلقيها بالغيرة. فالنقّاد، يعتبر المدافعون، يغارون من جمانة حداد ومن إنجازاتها. وما النقد إلا دليل حسدٍ وضيقة عين. ماذا تفعلين إذاً في هذه الحالة؟

ماذا تفعلين في هذه الحالة؟ وهذه الحالة؟ وهذه الحالة؟ أيُّ نقدٍ ينفع، بين الطياب ونار الغيرة؟

تكتبين ستاتوس. تكتبين مقالاً. تكتبين كسّي منّو مسبّة. تتشاجرين مع شوفير السرفيس. توبّخين صديقاً. تتركين حبيباً. تنظّمين مسيرةً. تكتئبين. تقرأين ستاتوساً. تردّين. تتظاهرين. تشتمين. تبكين. تتشاجرين مع صديقة. تتجادلين مع أمّك. تتجادلين مع نفسك.

فالنسويّة، قبل كل شيء، هي فكر نقديّ. هي ممارسة فكرية نقدية. هي إصرار على ممارسة النقد، نقد الذات قبل غيرها. وهي، بالطبع، ليست حكراً على النساء. هي محاولة دؤوبة لدحض الفكر الذكوري- التمييزي والسلطوي والفوقيّ- أينما وُجد، أي في كلّ مكان. فلا وجود للذات النسوية الأصيلة. هي موقع متحرّك. هي رؤية نقديّة. هي حالة بحثٍ دائمة عن الجلاد والضحيّة في علاقاتنا وممارساتنا اليومية. هي اشتباك مع السلطة وتمجيدها، داخل أنفسنا قبل نفوس الآخرين. وكلّ ذلك متعب. فالنسويّة ليست طقساً دينياً يعلّمنا إيّاه مَن سبَقَنا إلى المعبد. كلّ ذلك مُتعِب. فمن الأجدى بنا أن نرعى مساحات لنرتاح قليلاً، بين الحالة والحالة.