وثيقة:تاريخ النضال النسوي الموريتاني

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

نحو وعي نسوي.jpg
تدوينة
العنوان وثيقة:تاريخ النضال النسوي الموريتاني
تأليف نورة الطلبة
تحرير غير معيّن
المصدر نحو وعي نسوي
اللغة غير معيّنة
تاريخ النشر 2020-07-08
مسار الاسترجاع https://feministconsciousnessrevolution.wordpress.com/2020/08/07/%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b6%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b3%d9%88%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%aa%d8%a7%d9%86%d9%8a/
تاريخ الاسترجاع 2020-09-24
نسخة أرشيفية https://archive.is/BCU65
بالعربية تاريخ النضال النسوي الموريتانيالخصيصة "ترجمة" لها استعمال خاص و لا يمكن للمستخدمين تعيين قيم لها.


قد توجد وثائق أخرى مصدرها نحو وعي نسوي



مر النضال النسوي الموريتاني بالعديد من المحطات منذ الإستقلال إلى اليوم، فقد طبع الحراك في بدايته غياب التأطير النظري والممارسة التقاطعية وقضايا نساء الهامش وهو مايجعلنا نصفه بمحاولة اشراك للمرأة الموريتانية في الإقتصاد الوطني وترقيتها وتعليمها أكثر مما هو حراك نسوي بالمفهوم المعاصر. لكن التأريخ لهذه المحطات النضالية يعد واجبا ثوريا أمام إصرار المنظومة الأبوية على طمس كل مقاومة للنساء إزاء وضعية القهر والبؤس التي يعشنها. فالتذكير بنضالات النساء مهما بدت صغيرة وغير شاملة هو تذكيرُ للأجيال الحالية بأن فتات الحقوق الذي ننعم به كنساء في هذا الوطن لم يكن مِنة أو عطاءً من الأنظمة السياسية المتعاقبة بل ثمرة نضال طويل وأصوات نسائية اختارت أن تمهد وتؤثث صرح الحقوق لكي تأتي الأجيال الجديدة وتكمل نفس المسيرة. وإن لم تتغير المطالب كثيرًا منذ نشوء النضال النسوي ولحد الآن، إلا أن أرشفتها هي دفعة حماسية لحاملات لواء القضية اليوم أننا لن نخسر سوى اضطهادنا وعلينا التضامن للنصر الأخير.

في البدء كانت الحقوق بدأت المطالب النسوية في موريتانيا عن طريق تشكيل تنظيمات ومجالس نسائية ظهرت في السنوات الأولى بعد الإستقلال مثل “اتحاد النساء الموريتانيات” و “المجلس الأعلى للنساء” في حزب الشعب الحاكم الذي ترأسته امرأة من مدينة شنقيط سنة 1964 توفيت السنة الماضية. كان هذا النضال يحمل الكثير من المطالَب تحقق البعض منها والبعض الآخر ما زلنا حتى اليوم نطالب به.

كان من ضمن تلك المطالب، تعليم الفتيات، والمشاركة السياسية للمرأة، والنضال ضد جميع انواع التمييز وضد التعدد، وطالبت المنخرطات فيه بحق اختيار الزوج، ومازالت هذه المطالب مطروحة في النضال النسوي الحالي. كما كانت هناك أيضا نساء معارضات للنظام مثل النساء الكادحات أو المنتميات لحركة “للكادحين” والناصريات والبعثيات مثل السالكة بنت السنيد، ومريم منت لحويج، واعزيزه بنت المسلم، السالكه بنت اسنيد والنمه بنت مگيه، زينب بنت اخليل، النجاح بنت محمذن فال.

تحكي لنا النسوية الباسلة مليكة محمد الأمين عن هذا التاريخ بقولها: “عند الحديث الحركة النسائية في موريتانيا علينا أن نبدأ بتاريخ 12-12-1961 وهو اليوم الذي عقدت فيه مجموعة من النساء الموريتانيات اجتماعا للتشاور حول إمكانية خلق إطار تنظيمي سيعرف لاحقا “باتحاد نساء انواكشوط” وستترأسه السيدة مريم منت حامدينو تحول فيما بعد “اتحاد نساء موريتانيا” أو “اتحاد النساء الموريتانيات “l’union des femmes mauritaniennes

في تاريخ 5 مارس 1962 ستقوم المنتسبات للإتحاد بإرسال رسالة إلى الرئيس المختار ولد داداه تحتوي على التنظيم الداخلي الأول لهذا الإتحاد مع مجموعة من الأهداف أو المطالب وهي:

ضرورة تحسين الوضعية الثقافية أو التعليمية للمرأة الموريتانية دون تمييز عرقي أو ديني، إلزامية التعليم لجميع الفتيات، حماية المرأة من الطلاق الفوضوي أو التعسفي أي الطلاق الذي يتم بالإرادة المنفردة للزوج. ضرورة الدفاع عن حقوق المرأة الموريتانية في جميع المجالات أو الميادين السياسية والاجتماعية وضرورة مساواة وضعيتها بنظيرتها في العالم. النضال ضد الجهل والعادات العنيفة، ضرورة تعليم الأطفال تعليما حديثا دون إلغاء التعليم الديني. ضرورة العمل على تحسين وضعية النساء لضمان مشاركتهن في بناء الدولة وخدمتها. من الملاحظ أن هذه المطالب لم تتضمن مطالب بالمساواة بين الجنسين التي كانت من ضمن أولويات مطالب جميع الحركات النسائية والنسوية بطبيعة الحال في جميع أنحاء العالم في تلك الفترة، وهذا يمكن تفسيره بكون اتحاد نساء موريتانيا لم يكن وقتها على تواصل أو على اطلاع بالنضالات النسوية في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط تحديدا.

إضافةً لهذا فمريم منت حامدينو رئيسة الاتحاد كانت سيدة تقليدية مع ثقافة دينية مؤمنة بأن أهداف الاتحاد يجب أن تكون مراعية لخصوصية المجتمع التقليدي المحافظ.

إذاً لم تكن المطالب النسوية الجذرية حينها من ضمن اهتمامات المرأة الموريتانية وكانت مطالبها تتركز أساساً حول ضرورة التعليم للفتيات وضرورة مشاركة النساء في دستور الدولة الفتية. بعدها شهد الاتحاد النسائي توسعا ليضم نساء من مناطق خارج انواكشوط كما تم انشاء مكتب تابع للاتحاد في دكار، وآخر في تونس في السنة الموالية وقد

كان لهذا الاتحاد حضور إقليمي وعالمي. ومن ضمن الفعاليات التي حضرها الإتحاد:

مؤتمر النساء في دكار : مثلت الإتحاد فيه السيدة مريم منت حامدينو. مؤتمر المرأة والطفولة في واكادو : مثلت الإتحاد فيه السيدة سيمون با. مؤتمر النساء الناطقات بالفرنسية : مثلت الإتحاد فيه السيدة مريم داداه. مؤتمر المرأة في تونس والكاميرون : مثلت الإتحاد فيه مريم منت حامدينو. وقد وصل موريتانيا وقتها، أول وفدٍ نسائي خارجي، من تونس، بدعوةٍ من هذا الإتحاد، وكان هذا الوفد يضم ستة نساء ترأسهنّ حفيدة الرئيس التونسي لحبيب بورقيبة.

على أنّ هذا الإتحاد لم يكن هوّ الوحيد وقتها فقد تأسس اتحاد يناهضه هو “الاتحاد النسائي” الذي تأسس سنة 1964 وقد كان معارضا ويصف “إتحاد نساء موريتانيا” بأنه تابع للدولة، وكان من ضمن أهداف هذا الاتحاد سياسة التعريب وهدف آخر طريف وهو منع زواج المثقفين الموريتانيين من أوروبيات حيث كان ينتظم في “اتحاد نساء موريتانيا” سيدات من أصول أجنبية زوجات سياسيين موريتانيين من أمثال مريم داداه وتركيا، يذكر أن السيدة تركيا زوجة السفير السابق ابراهيم ولد داداه أصدرت كتابا تحت عنوان “ملاحظات حول الترقية النسوية الموريتانية”، ضمنته ردودا حول هذه النقطة تحديدا.

سيقوم حزب الشعب الذي هو حزب الدولة باستغلال هذه الخلافات التي وصلت حد القطيعة والتخوين بين الاتحادات النسائية وسيقوم بتوظيفها لمصلحته بعد ما يعرف بمؤتمر كيهيدي سنة 1964، أين دمجت الاتحادات في حزب الشعب داخل المجلس الأعلى للنساء برئاسة السيدة عايشا كان وبعضوية 11 امرأة وذلك على هامش مؤتمر لعيون 1966 ليطلق عليهن فيما بعد “نساء حزب الشعب“.

في تلك الفترة وضعت مريم داداه مسودة مدونة الأحوال الشخصية عام 1970 لكن لم تتم المصادقة عليها إلا سنة 2001 بعد تعديلات كثيرة وتدخلات من طرف المجالس الفقهية ومجالس الفتوى. سيستمر هذا المجلس حتى 1977 حيث سيحل محله “المجلس الوطني للنساء” قبل أن يسقط النظام بانقلاب عسكري 1978 لتنتهي تجربة هذه النساء الرائدة.

اعتبرت الفترة مابين 1978 -1984 فترة انحطاط بالنسبة للنضال النسوي حيثُ كُمم النضال أو سُحق تماماً. نعرف كيف كان على الحركات النسوية بعد ذلك الانتظار وكيف قامت من رمادها عبر مختلف المطالبات بحقوق المرأة وعبر الهيئات الدولية والمنظمات الغير حكومية والدولية مثل FNUAP وجمعية النساء معيلات الأسر برئاسة آمنة بنت المختار، وبرامج أخرى مهتمة بشؤون المرأة ومناهضة للعنف إضافة ً إلى السياسات والاستراتيجيات الوطنية مثل الإطار الاستراتيجي لمكافحة الفقر ومؤشرات الجندر والسياسة الوطنية للأسرة وخطة العمل لترقية المرأة الريفية والاستراتيجية الوطنية للتخلي عن تشويه الأعضاء التناسلية للطفلة والاستراتيجية الوطنية للترقية النسوية وغيرها”.

كما استمرت العديد من المطالب التي تعنى بحقوق المرأة على يد مريم داداه متابعة في ذلك عمل “جدتها” الفرنسية اوليمب دي گوج Olympe de gouges التي وضعت أول مدونة لحقوق المرأة والمواطنة أيّام الثورة الفرنسية، حيث وضع الثوار ميثاق حقوق الإنسان والمواطن لكنهم نسوْ -كعادة الجنس “المهيمن” -أو بالأحرى تناسَوا حقوق أخواتهن ورفيقاتهن اللائي ناضلن معهم جنباً إلى جنب لانتزاع تلك الحقوق بالدم تارة وبموت فلذات الأكباد تارة أخرى ..كما يحصل دائماً في الثورات وفِي النضالات يناضل الجميع ويحصد الرجال وحدهم ثمار النضال. وهو ماحدث أيضاً في الثورة البلشفية فاضطرت الرفيقات إلى لفت انتباه رفاقهن بأنهم ربما نسوا شيئاً بعد النصر على الإمبراطور و الرأسمالية ألا وهو حقوق رفيقاتهم. لم يكن الربيع العربي مختلفاً كثيرا في هذا الأمر فقد رأينا كيف ناضلت الثائرات لكنهن تعرضن للاغتصاب في قلب الميدان على يد رفاقهن وعلى يد جنود النظام كسلاح حربٍ معروف لقمع الثورات.

نفس الشيء حدث بعد الاستقلال في موريتانيا، حصد الرجال ثمار المقاومة وبقيت النساء دون حقوق فكانت بداية النضال النسوي تتلخص في المطالبة بحقوق حاز عليها الرجال حصرا في تلك المرحلة مثل التعليم والعمل وباقي الامتيازات الذكورية.

نرى اليوم أيضاً ما يشابه ذلك في نضال الحراطين لانتزاع حقوقهم وحقوقهن حيث تتعرض الرفيقات والمناضلات الحرطانيات إلى شتى أنواع التمييز والتحرش والتمييز والجندري من رفاقهن في النضال. فتتضافر عليهن التحرشات والعنف الجنسي والنفسي من مضطهِديهم في النظام السياسي والاجتماعي الأبوي أصلاً ومن رفاقهن مما يعني أن النساء الحرطانيات يعشن في هذا النظام اضطهاداً مضاعفا لا تعيشه غيرهن من النساء وهو الاضطهاد المرتبط بالمنظومة العنصرية السائدة والاضطهاد الجندري الذي يواجههن في البيت والشارع والتنظيمات السياسية.

من المطالبة للرديكالية ومن المركز للهامش لم تختلف المطالب التي نادت بها نساء التأسيس عن التي نناضل من أجلها في وقتنا الراهن، لكن الملاحظ أن تغيرات كبيرة طرأت على الحركة النسوية الموريتانية، سواءً من حيث الخطاب الذي انتقل من المهادنة نحو الجذرية، أو الأعداد التي تزايدت بشكل ملحوظ مطلع القرن الواحد والعشرين، كما أن الحراك في شكله الحالي انتقل من النخبوية والمركزية التي طبعت التجمعات النسائية لوقت طويل، نحو قاعدية تظهر كل يوم بتنوع الوجوه وبصوت نساء الهامش وبالمنحى التقاطعي الذي أصبح سمة غالبة للنسوية الموريتانية، حيث ظهرت وجوه نسوية سوداء قادت وتقود المعركة ضد النظام العنصري والنظام الأبوي مؤكدة على أن نجاح أي حراك ثوري مرهون بتبنيه لقضايا جميع النساء اللواتي لسن بطبيعة الحال كتلة موحدة بل مجموعة من المواقع الطبقية والعرقية والجندرية التي تضع كل امرأة في تجربة مختلفة عن الأخرى لكنها تلتقي نضاليا بالتأكيد.

وبظهور شابات من خلفيات أيدولوجية مختلفة يتبنين قضية الطبقة والجندر والعرق والنضال ضد النظام العسكري. ولكي نمسك خيط المرحلة الجديدة التي نقلت المعركة نحو جذريتها الحالية لابد من ذكر فضل المناضلات اللائي ناضلن منذ بداية الألفية: مثل مكفوله ابراهيم، وفطمة محمد المصطفى، وزينب الطالب موسى، وأمنة المختار، وسكتو محمد فال. وهي الأسماء التي دخلت معترك ساحة المجتمع المدني وتابعت العديد من قضايا النساء مثل العنف الجنسي والأسري، والصحة الإنجابية، وتوثيق حالات الاغتصاب والإعتداء على الأطفال.

لكن الحركة النسوية لم تأخذ منحى نَسوياً صريحاً بالمفهوم النَسوي إلا ابتداءاً من 2012 مع حراك “اتكلمي” وهو من أول الحراكات التي تتبنى رؤية نسوية واضحة في المطالبة بتجريم العنف والاغتصاب وقاد احتجاجات تاريخية ضد الإعتداء الجنسي والعنف ضد النساء ورفع مطالب المساواة بين الجنسين وقدم نقدا للقوانين التي تضطهد المرأة في موريتانيا كما قاد نقاشات على الفضاء العام طرحت فيها قضايا المرأة وتأسس اثره خطاب جديد تبنته فئات واسعة. تأسس هذا الحراك يد شابات من حركة 25 فبراير مثل المناضلة مليكة محمد الأمين (التي تعتبر عضواً موسساً في مدونة “نحو وعي نسوي” الرائدة والتي جاءت نتيجة تشارك نسويات الصحراء الغربية و موريتانيا لتكون بعد ذلك مكاناً يجمع نسويات من الجزائر ودوّل عربية شتى وكان الهدف منها أرشفة النضال النسوي في المنطقة).

إلى جانب مكفولة أحمد وسلمى المهدي، وختو سيدي عالي، وانضم لهن في الحملات والتظاهرات رفاق دعموا الحراك ومازالوا يدعمونه منهم على سبيل المثال لا الحصر، أحمد جدُّو، والسالك ناجم، والحاج ابراهيم ، ومولاي اعلي، وسيدي الطيب المجتبى، ومحمد عبدو ومن الذين التحقوا بالحراك لاحقاً مثل الهادي أحمد فال.

تواصلت المراكمة النضالية في الساحة النسوية وأدت لظهور حراكات جديدة مثل حراك “هُن” وهو حراك تقاطعي قادته نسويات من طبقات وفئات مختلفة ضدا في قهر المنظومة الأبوية والطبقية والعنصرية، تأسس سنة 2018 على يد مجموعة من النسويات مثل بينتو بوكو، السالكة حميده، سومة محمد الولي، منة جودة، عيشة حمادي، منة زيدان، روكي سومارى، منى باب، حوراء حميده. نظم الحراك طيلة سنتين العديد من الاحتجاجات المناهضة للعنف والذكورية ونظم مطالبات بقانون يحمي النساء عبر العمل على طرح خطابات نسوية في الفضاء العام مثل العمل على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال المناشير المصاحبة لهاشتاك #حمايتي_بالقانون_حقي.

وفي سنة 2020 تأسس حراك “ضد التمييز” بدعوة من عدة نسويات من مختلف الانتماءات السياسية والتنظيمية وهو من بين الإطارات الإعلامية الشاملة لكافة الحراكات النسوية في البلد في منصة تواصلية تنسيقية وتوعوية تم استحداثها من أجل إنارة المسار نحو الهدف الجامع للنسوية. ويعمل حراك ضد التمييز على عدة مستويات منها: تحديد معالم المظلومية الثقافية والمجتمعية المكرسه لدونية المرأة وتفنيدها من داخل الموروث القيّمي والموروث الشعبي. ورفع اللبس الحاصل بين الثقافة والتشريع.

التوعية بالاعتداءات الجسدية والجنسية والمعنوية التي تتعرض لها المرأة والمطالبة بإنصافها من داخل الترسانة القانونية وبإعتماد ترسانات أكثر فاعليه لرفع هذا الظلم. التنسيق مع الهيئات المختصة والمطالبة بتحسين ظروف النساء الأقل حظا من أجل الظفر بعيش كريم. مواكبة كافة أنواع التمييز على أساس الجندر وملاحقة مرتكبيها وتحقيق العدالة للضحايا.

تلتقي هذه الحراكات في كونها أسست لتاريخ جديد من النضال النسوي، وساهمت في نقل المعركة لمستويات أكثر راديكالية.

وإن ذكرنا الإطارات التنظيمية كسروح جامعة لمعظم الناشطات على الساحة فهذا يحملنا أيضا على ذكر المساهمات الفردية للنسويات وتخليد أسمائهن وعملهن.

إذ برزت في السنوات الماضية العديد من النسويات المقاتلات والمنظرات مثل مليكة محمد لمين الفتاة الباسلة التي لا تعرف معنى الخضوع، ورغم صغر سنها كانت أول نسوية حقيقية تحمل راية النسوية في هذه البقاع المسماة موريتانيا وبفضلها التهبت مشاعر الفتيات واستطاعت أن تقودهن إلى النضال النسوي الحقيقي خصوصا بعد أن كانت من مؤسسات حراك “اتكلمي” والتحاقها بالنضال النسوي الإقليمي.

وظهرت على الساحة أيضا أسماءُ أخرى مثل عائشة السالمة المصطفى التي تسمى بمحامية الضعفاء والمضطهدين والمضطهدات وهي عضو في الجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل، وعضو في جمعية الحقوقيات العربيات كما تعمل مع جمعية الحقوقيات الموريتانيات على مستوى السجون ودافعت وما زالت تدافع عن كل القوانين التي من شأنها حماية النساء والفتيات واعطاءهن حقوقهن وتعتبر من أشرس المدافعات عن مشروع القانون الجديد.

وفي 2011 كذلك برزت المنظرة الشرسة، ليلى محمد فاضل، وهي عضوة في جمعية من “أجل موريتانيا خضراء وديمقراطية” For MVD ، حملت راية ومظلومية المرأة منذ نعومة أظافرها وكانت ممن نظمن مسيرة 8 مارس 2012 تلك المسيرة التي قُدمت فيها مسودة قانون النوع إلى رئاسة الجمهورية، من طرفها هي ومجموعة من النساء معها منهن فطمة محمد المصطفى، كما حملن إلى مستشار الرئيس مظلومية “الكوتا” التي استبدلت بإتفاقية اللائحة الوطنية للنساء مبيناتٍ له أن هذه الاتفاقية لن تُمكن موريتانيا من تحقيق أهداف الألفية. وناهضن فتوى مستشار الوزير الأول آنذاك اسلم ولد سيد المصطف، حيث قال “أن المرأة لا يُسمح لها بالترشح للرئاسة إلا في حالة كان عدم نجاحها مضموناً، إذا كان هناك احتمال في النجاح فلا يُسمح لها بالترشح”.

ومن النسويات اليساريات العتيدات وحاملات راية المضطهدات الإعلامية اللامعة النيه منت حمديت احدى مؤسسات منظمة النساء معيلات الأسر . ونذكر أيضاً من النسويات الفرانكوفونيات الصحفية المتميزة سلوى شريف التي كانت من أول من نظمن مسيرات ضد الإغتصاب والعنف ضد النساء والفتيات وحاربت على جميع المستويات وذلك منذ 2005 معها مجموعة من النساء والفتيات تميزن باتحاد النسويات الفرانكوفونيات والناطقات بالعربية مثل الكاتبة والأديبة الصحفية مريم بنت الدرويش، والنسوية الثائرة عيشة حمادي.

نذكر أيضاً النسويات المناضلات العظيمات ومؤسسات المرحلة الحالية مثل، سومة محمد الولي، وحوراء أحميدة، وهولي كان، ومليكة دياجانا، ومكفولة أحمد، ودجينابا، والسالكة أحميدة، رئيسة جمعية “التقدم” التي تنشط في مجال الصحة الإنجابية والجنسية والتوعية بها خصوصا في الأحياء الشعبية وهي من مؤسسات برنامج أصوات النساء. وعيشة اسلمو، ومنى باب، وامنتو جودة، وفرح عبدالرحمن ونور الهدى…

هناك أيضاً الحقوقيات والمدافعات عن حقوق النساء وعن حقوق الانسان بصفة عامة مثل هندو عينين، ونجوى الكتاب، وندى المنى والبرلمانيات مثل سعداني خيطور التي برزت كمدافعة شرسة عن القانون الجديد… وخرجت ضمن هذه المرحلة النضالية بنات يتعلمن الفنون القتالية في ظل تزايد العنف المستمر مثل فاماتا وان ورفيقاتها، ومريم سي رئيسة جمعية نادي “ليونس انواكشوط النخيل” القائلة : “لا للعنف، لاتوجد امرأة ضعيفة فلم لا نعلم البنات الدفاع عن أنفسهن وعن أخواتهن؟”.

ونحن إذ نتوخى بسردنا هذا هدف أرشفة النضال وحفظ الذاكرة الثورية لكي لايطالها الطمس الممنهج، إلا أننا قد نغفل سهواً عن ادراج جميع الأسماء التي قادت وتقود هذه المرحلة النضالية الحرجة من المعركة النسوية الموريتانية ونرجو إذاك إلتماس العذر في حالة نسيان أي اسم ففي الأخير مايميز هذه المرحلة هو أنها جعلت النسوية للجميع وكل الناشطات في الميدان يقدمن مجهودات جبارة لن تسقط من الذاكرة قطعا.

ولا يفوتنا أن نذكر أن من بين الأشياء التي ميزت الحراك النسوي في شمال افريقيا هو الإلتحام والتضامن والعمل الموحد الذي ساد بين الحراكات النسوية في موريتانيا والصحراء الغربية، حيث عملت النسويات اليساريات الثَوريات من الصحراء الغربية جنبا إلى جنب مع رفيقاتهن في موريتانيا، وكُن قدوة لكثير من النسويات الموريتانيات وحملن معهن راية المرأة في المنطقة نذكر منهن سعاد اسويلم ومنة اسويلم والعالية ماء العينين وهن من مؤسسات منصة “نحو وعي نسوي” التي من أهدافها دعم الحراكات النسوية في الصحراء الغربية وموريتانيا وخلق مساحة تقاطعية لقضايا النساء والأقليات.

والدكتورة لهدية دافا من إسبانيا مؤسسة منصة “الديمقراطية الصحراوية “. Democracia Saharaui والمحاربة نصرة يحظيه من اسبانيا مؤسسة منصة “أمنات الثورة “. وقد عُرفت النسويات الصحراويات أيضاً بمقاومتهن للاستعمار المغربي في الصحراء الغربية.

يتواصل النضال كان ذلك مسار النضال النسوي في موريتانيا وهو تاريخ تميز بمراحل متعددة وتطور ونضج والأهم من ذلك أنه صمد في وجه القمع العسكري والديني الذي يطبع البلاد. فلابد أن يكون هذا التاريخ محفوظا للأجيال القادمة لكي لا تنفرد السلطة كعادتها بالرواية ويضيع جهد النساء وتضحياتهن. إن انفجار العنف والاغتصاب بشكل مخيف في بلدنا ووقوف القوى الذكورية الظلامية في وجه النضالات النسوية المطالبة بسن قوانين تضمن سلامة النساء والأطفال وترسخ حقوقنا وحرياتنا يستدعي منا الإحتفاء بصلابة النسويات في الميدان والكتابة عن بطولاتهن ومحاولاتهن اللامتناهية في الظفر بالقليل رغم الواقع العنيف ومواجهتهن لمنظومة متجذرة وقوية لكن النضال يتواصل رغم كل شيء.