وثيقة:حوار مع فاطمة صادقي حول احتجاجات إيران - هذه الحركة تسعى لاستعادة الحياة
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
العنوان | حوار مع فاطمة صادقي حول احتجاجات إيران - هذه الحركة تسعى لاستعادة الحياة |
---|---|
تأليف | لينا عطاالله |
تحرير | غير معيّن |
المصدر | مدى مصر |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | http://bit.ly/3gDlMuN
|
تاريخ الاسترجاع |
|
قد توجد وثائق أخرى مصدرها مدى مصر
استمر المتظاهرون الإيرانيون في النزول إلى شوارع بلادهم منذ وفاة مهسا أميني (22 سنة)، بعدما اعتقلتها شرطة الإرشاد، واعتدت عليها بحجة أن ملابسها غير مناسبة. اندلعت الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد، وتصدرها الفتيات في المدارس والطلبة في الجامعات والعمال المضربون. قتلت قوى الأمن أكثر من 200 شخص، من بينهم 23 طفلًا على الأقل، فضلًا عن اعتقال الآلاف.
وفي 15 أكتوبر الجاري، اندلع حريق في سجن إيفين بالعاصمة طهران، المعروف بكونه مكانًا لاحتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والطلاب والمحامين وغيرهم من المعارضين، ما أثار تساؤلات حول مُلابسات الحادث. توفي ثمانية سجناء، وفقًا للبيانات الرسمية، لكن تقديرات منظمات حقوق الإنسان تشير إلى عدد وفيات أكبر.
في حوارها مع «مدى مصر»، تقرأ معنا فاطمة صادقي، المشهد من خلال تطور الاحتجاجات خلال الشهر الماضي ورد فعل الدولة عليها، وهي أستاذ الفكر السياسي ودراسات النوع الاجتماعي، التي تعيش بين «طهران» و«لندن»، حيث تعمل باحثة مشاركة في معهد «UCL» للازدهار العالمي.
مدى مصر: مرّ أكثر من شهر منذ اندلاع الاحتجاجات على مقتل مهسا أميني على يد شرطة الإرشاد الإيرانية، والتي اجتاحت شوارع الدولة بأكملها. ما الذي تطوّر بالاحتجاجات خلال الأسابيع الماضية؟
فاطمة صادقي: بعد وفاتها بفترة وجيزة، أصبحت مهسا رمزًا لما يتعرض له الشعب الإيراني من إذلال شامل. أولًا، كانت امرأة، وكونها امرأة في إيران يجعلها عُرضة للإذلال والتمييز. ثانيًا، تم القبض عليها بسبب حجابها، وهو من أبرز مظاهر الاضطهاد الشامل ضد المرأة. ثالثًا، تعرضت للتعذيب الوحشي والقتل على أيدي الشرطة أثناء احتجازها؛ فتؤكد وفاتها على وحشية الشرطة. رابعًا، كانت مواطنة تنتمي لواحدة من أكثر المحافظات الإيرانية حرمانًا وتعرّضًا للقمع، وهي محافظة كردستان. وأخيرًا، بعد وفاتها، حاولت أجهزة القمع اختلاق سيناريوهات ونشر الأكاذيب لتبرير وفاتها.
تركزت الاحتجاجات حول قضيتين رئيسيتين: الحجاب الإلزامي، ووحشية الشرطة. الأول هو المُطالبة بالحرية، والثاني هو المُطالبة بالكرامة. كلاهما غاب عن الحياة السياسية في إيران، لكن حضورهما كان واضحًا وبارزًا في جميع شعارات هذه الحركة تقريبًا، وخصوصًا شعارها الأبرز: «امرأة، حياة، حرية».
م. م: ما هو تراث التنظيمات والحركات النسوية في إيران الذي يقبع في خلفية الاحتجاجات التي نشهدها؟ هل يوجد تراث/ سياق نسوي يمكن أن نفهم من خلاله ما يحدث في الوقت الراهن؟ ف. ص: يجب النظر إلى انبثاق هذه الحركة باعتباره -إلى حد كبير- نتيجة لتجاهل المطالب التاريخية للمرأة؛ والتي تشمل الحجاب الطوعي والحق في امتلاك الجسد. يبلغ عمر الحركة النسائية في إيران أكثر من 100 عام، وهي أقدم من العديد من الحركات الأخرى في المنطقة. بدأت هذه الحركة بالتزامن مع الثورة الدستورية عام 1905 في إيران، وكان الغرض منها هو توعية المجتمع بوضع المرأة المُتدني. كما طالبت بحقوق مثل الحق في التعليم، وخلع الحجاب، والتصويت، والمساواة في الحقوق في ما يتعلق بالزواج والطلاق، وذلك من بين أمور أخرى. لكنها واجهت عقبتين كبيرتين: أولًا، الحكومات التي منعتها، وثانيًا، الطبقات الاجتماعية التقليدية. ومع تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979، اتحدت العقبتان، ما أدى إلى رسم حدود صارمة تقيّد المرأة. حدث هذا رغم المشاركة النسائية الواسعة في الثورة، والتي ساهمت في انتصارها. إلا أن الإسلاميين فرضوا الحجاب فور وصولهم للسلطة. بعدها، تم إلغاء قانون الأسرة الذي سُن في «العهد البهلوي» بحجة أنه قانون معاد للإسلام.
قاومت النساء في إيران هذه القيود وحاربت ضدها بطرق مختلفة منذ ثورة 1979. في واحدة من أهم الاحتجاجات في السنوات الأخيرة، شهدنا اندلاع ما يسمى بـ«فتيات شارع الثورة». في الأيام الأخيرة من عام 2017، عندما كانت هناك موجة جديدة من الاحتجاجات تلوح في الأفق، صعدت ويدا موحد، وهي امرأة عادية، منصة في شارع «الثورة» في طهران، ولوّحت بحجابها في الهواء. تبعتها نساء أخريات لمعارضة الحجاب الإجباري. وهكذا ولدت حركة «فتيات شارع الثورة». تم قمعت هذه الحركة، إلا أنها أدت إلى تغيير ملحوظ في أجواء المدن، وزيادة كبيرة في عدد النساء اللواتي تجرأن على الخروج من دون حجاب.
استفاد جيل الشباب بطريقة ما من كل هذه التجارب، لكنهم يفكرون ويتصرفون بشكل مختلف. لقد سئموا من الوضع الراهن، وأدركوا أن كل الطرق المُتاحة، ومن بينها العصيان المدني، وصناديق الاقتراع، والمفاوضات، وما إلى ذلك، قد باءت بالفشل. كما يرون أن ظروف المعيشة تزداد سوءًا؛ البطالة والتضخم والمشاكل الاقتصادية الأخرى. وبدلًا من مُعالجة هذه المشاكل، تُحكم الحكومة قبضتها الأمنية بشكل أكبر وتُطلق دوريات الحجاب إلى الشوارع لاعتقال النساء.
م. م: هل تقدم الحركة الحالية شيئًا جديدًا لسياسات الاحتجاج أو النسوية أو الممارسة السياسية بشكل عام؟ هل هناك شيء يُعاد ترتيبه بفعل هذه الاحتجاجات؟
ف. ص: نعم، الاحتجاجات الأخيرة هي حلقة في سلسلة من الاحتجاجات التي لديها القدرة على إحداث تغيير جذري. بدأت سلسلة الاحتجاجات هذه مع «الحركة الخضراء» في 2009، والتي كان لها شكل أكثر سلمية، ولكن مع كل موجة من القمع، اتخذت الاحتجاجات شكلًا أكثر تصادمية. من المثير للاهتمام أن النساء تصدّرن المشهد في كل هذه الاحتجاجات، وترددت نفس الشعارات، ومنها: «الموت للديكتاتور» و«لا تخافوا لا تخافوا.. نحن جميعًا في هذا المعركة معًا».
لكن هذه الموجة الاحتجاجية لها أيضًا سمات فريدة، من بينها أن الكثير من البلدات الصغيرة انضمت إليها. اندلعت «الحركة الخضراء» في المدن الكبرى فقط. لكن في احتجاجات عامي 2017 و2019، انضمت مدن أخرى إلى الحركة الاحتجاجية. انخرط في هذه الموجة الجديدة المزيد من المدن، وخاصة المدن الصغيرة. علاوة على ذلك، اتخذت هذه الحركة شكلًا أكثر جذرية، وتسعى إلى إحداث تغييرات جذرية في النظام الحالي. لذلك، يمكننا القول إن إيران دخلت في حالة ثورية. لا أقصد أنها ثورة بمعنى تغيير النظام، على الأقل ليس على المدى القصير. ولكن الوضع تغيّر تمامًا بسبب هذه الحركة، ولم يعُد اليوم كالبارحة.
الحركة الأخيرة قوية لأنها مُتجذرة في الحياة العادية، وتستمد قوتها وطاقتها من تلك العادية. نزل الآلاف من الرجال والنساء العاديين إلى شوارع طهران والعديد من المدن الأخرى لشعورهم بالإحباط من الإذلال والقمع. في الواقع، هذه الاعتيادية هي التي تخلق ما هو استثنائي.
وتتجسد هذه الاعتيادية في مختلف الشعارات والتغريدات والأغاني والأعمال الفنية والصور. العدو الذي تتحدث عنه السلطات هو الحياة نفسها. وذلك لأن الجمهورية الإسلامية أعلنت الحرب على الحياة من خلال تجاهل الحياة اليومية وفرض صعوبات غير مسبوقة؛ مثل الفساد والأزمة البيئية والتمييز الشديد وعدم المساواة. وهنا تكمن قوة وشعبية شعار «المرأة، الحياة، الحرية». كما يفسر شعبية أغنية «باري»، وتعني بالعربية «من أجل»، للمطرب شيرفين هاجيبور. للأسف تم القبض على المطرب، فقط، بسبب غنائه لهذه الأغنية. تظهر هذه الأغنية وشعبيتها الواسعة واعتقال المطرب قوة الناس العاديين في زعزعة القواعد الراسخة.
م. م: ما هي التقاطعات الأخرى التي ترصديها مع الاحتجاجات السابقة منذ 2009، 2017، 2019؟
ف. ص: إذا أردت المقارنة، في ثورة 1979، كان هناك التلويح بقبضات اليدين في الهواء وفكرة قدسية الدم والعنف. في هذه الحركة، الحياة مقدسة ومطلوبة، وبدلًا من القبضات، نرى التصفيق والصفير والتعبير عن السعادة علانية. هذه الحركة تريد استعادة الحياة. لذلك، فإن مواجهتها للقوة التي تتعارض مع الحياة أمر لا مفر منه. إذا كانت رغبة السلطة وقوات القمع هي فرض حالة حداد سلبية وأبدية، في هذه الحركة، أصبح الحداد على الأحباء المفقودين جزءًا من العمل الاحتجاجي.
في هذه الحركة، لا مسافة بين احتجاجات الشوارع وأسبابها. بمعنى آخر، مجرد الوجود في الشارع يعني تحقيق حلم ممنوع، ويمكن رؤية هذا الجانب في مجموعة متنوعة من التعبيرات الرمزية، من بينها خلع الحجاب، والغناء، والشعارات، وكذلك في الموسيقى، والأعمال الفنية، والجرافيتي، والكتابة على الحائط وغيرها.
كذلك، في هذه الحركة، وخلافًا للحركات الاحتجاجية الأخرى، لا يلعب الشارع دور الوسيط فحسب. الاحتجاج في الشوارع جزء لا يتجزأ من هذه الحركة. الشارع مثل الوريد الذي يضخ الدم في جسد المجتمع. الاحتجاج في الشوارع يشبه الدم في شرايين المجتمع. علاوة على ذلك، يؤدي الوجود في الشارع إلى كسر هيمنة الدولة على الفضاء العام. إن عنف الدولة المُفِرط في التعامل مع المتظاهرين ينبع أيضًا من الخوف من خسارة الشارع.
م. م: كيف تستجيب القيادة؟ هل ترصدي نوعًا ما من الضعف؟ هل تتوقعين تداعيات على المدى القصير؟ تغييرات على المدى الطويل؟
ف. ص: رد الحكومة كان القمع. وكالعادة تنسِب الاحتجاجات إلى الغرب وإسرائيل. تم قطع الإنترنت عن إيران لمدة شهر تقريبًا وتعطّل تبادل المعلومات، كما استمرت الاعتقالات الجماعية. وفقًا لبعض التقديرات، تم اعتقال ستة آلاف شخص حتى الآن وقتل العديد في الشوارع. من بين أمور أخرى، تجدر الإشارة إلى أنه تم إيقاف 300 طفل وطالب مدرسي، خلال هذه الاحتجاجات. تعرّض الكثير منهم للتعذيب في مراكز الاحتجاز وفقد البعض حياته. هذا بخلاف التهديدات التي تتعرض لها العائلات والنشطاء المدنيين والسياسيين والفنانين والرياضيين. قبل أيام قليلة، كان هناك حريق في سجن إيفين سيء السمعة، حيث يقبع عدد كبير من المعتقلين والنشطاء السياسيين والمدنيين والصحفيين. ولم يتضح بعد ما كانت نية الحكومة. لكن يبدو أن الهدف كان قتل السجناء بناءً على سيناريو مخطط له مسبقًا.
تكمن المشكلة الرئيسية في نهج الحكومة تجاه المجتمع. لقد ربطت هويتها بالهيمنة والقوة. أدبيات المسؤولين الإيرانيين مليئة بالازدراء. نبرتهم آمرة وكلماتهم مليئة بإزدراء الآخرين. حتى عندما يريدون التحدث بشكل طبيعي، فإن ألسنتهم تنطلق بالسخرية والكراهية والتضليل. إن أدبيات القيادة والسيطرة هذه لها جذور قوية في الفقه. بشكل عام، مهمة الفقهاء هي إصدار الأوامر، ولا يحتملون المعارضة والنقد. إنهم لا يفهمون الحقيقة البسيطة المُتمثلة في أنه مع هذه الأدبيات الحاكمة، لا يمكنهم السيطرة على الجيل الجديد، الذي لا يعرفه الفقهاء ولا تفهمه السلطات. لذلك، عندما يقول لهم الناس: «لا تقتلوا»، يصبحون أكثر عنادًا ويقتلون أكثر. لا أرى أي تغيير في رد فعل الحكومة.
م. م: ما هي مخاوفك من الاستغلال العالمي/ الغربي لهذه الحركة، خاصة لأن قيادتها شبابية وتتمحور حول قضايا المرأة؟
ف. ص: الحكومات الغربية لديها موقف متناقض ومنافق حتى الآن. فمن ناحية، يشاهدون موجة قوية من الاحتجاجات داخل إيران وخارجها، وعليهم الاستجابة لها. لكن من ناحية أخرى، لا يريدون تغيير النظام في إيران، لأسباب عديدة، من بينها توازن القوى الذي أحدثه وجود الجمهورية الإسلامية في المنطقة. دعونا لا ننسى أن وجود إيران وتدخلاتها في المنطقة هو ذريعة جيدة لبيع أسلحة للسعودية ومنافسين آخرين لإيران في المنطقة. ومن المثير للاهتمام أنه رغم العقوبات المفروضة على إيران، فإننا نرى أنهم استمروا في بيع أدوات القمع للنظام طوال هذا الوقت. من بين أمور أخرى، بمساعدة المنظمات العاملة في الغرب، أصبح من الممكن قطع الإنترنت في إيران. استمر تصدير تقنيات القمع على الرغم من مسألة حقوق الإنسان ومعارضة الحكومة الإيرانية، وهو ما ساعد النظام على البقاء. تجعل الحكومة الإيرانية المجتمع أكثر فقرًا كل يوم بحجة العقوبات وتُقلل من خدمات الرعاية الاجتماعية. لكن في الواقع، وفي نفس الوقت، حافظ جهاز القمع على قوته وحرص على تحديث أدواته بمساعدة الحلفاء من الشرق والغرب، من روسيا والصين إلى الولايات المتحدة وكندا وكذلك الدول الأوروبية. أدت العقوبات التي فرضها الغرب على إيران إلى إضعاف المجتمع وتقوية الحكومة. لهذا السبب، جزء كبير من المتظاهرين في الداخل ليس لديهم تفاؤل إزاء الحكومات الغربية. يعارض العديد من المتظاهرين داخل إيران كلًا من الحرب والتدخل الأجنبي من ناحية والعقوبات من ناحية أخري، لأنهما وسيلة تدمير المجتمع الإيراني.
م. م: كيف تتأثر الحركة الحالية بتزايد المشاعر المعادية لإيران في الجوار؟
ف. ص: لقد تأثرت لدرجة كبيرة للغاية. من المعروف أن الحكومة الإيرانية تتدخل في شؤون دول المنطقة، إلا أن العديد من الإيرانيين لا يوافقون على هذه الإجراءات. وكان أسوأها وقوف النظام إلى جانب بشار الأسد في القمع العنيف للثورة وللشعب السوري. لقد أضرم الناس النيران في تمثال قاسم سليماني، رئيس العمليات العسكرية لإيران في المنطقة. بالنسبة لهم، هو ليس بطلًا، على عكس ما يحاول النظام الترويج لذلك، بل مُجرد قاتل للأطفال والنساء في العراق وسوريا.
في رأيي، سيكون لهذه الحركة الاحتجاجية بعض التأثيرات على دول الجوار. لهذا السبب، فإنهم يراقبون الأحداث عن كثب. ورغم أن الحكومات المجاورة معارضة للحكومة الإيرانية، فإن قلقها على مستقبلها يجعلها تتعاطف مع الحكومة الإيرانية، رغم عدم تصريحها بذلك. لهذا من المحتمل أن هذه الحكومات تفكر الآن في الاستعداد للتعامل مع الحركات الاحتجاجية التي قد تندلع ضدها مُستقبلًا.
م. م: لقد أخبرتيني ذات مرة أن الصبر هو جوهر السياسة. هل يمكن أن تخبريني ما إذا كانت هذه هي اللحظة التي أتى فيها الصبر بعض الثمار؟
ف. ص: نعم، أعتقد أن المجتمع الإيراني قد نضُج في العقود الأخيرة ولا يمكن قمع هذه الحركة بسهولة. يقرأ الناس الكتب ويفكرون في أوضاعهم وفي الوضع العام. طوال هذه العقود، كان التأمل وطرح الحُجج والمناقشات والحوارات لا يحدث فقط في أذهان الناس، بل أيضًا داخل العائلات وفي المقاهي وبين الأصدقاء ومجموعات القراءة والجامعات والمدارس وما إلى ذلك. أعتقد أن هذه الحركة مُتجذرة في ثورة اجتماعية هادئة حدثت بالفعل في إيران. يمكننا القول إنها ثورة نسوية، لكنها لا تقتصر بأي حال من الأحوال على قضايا المرأة فقط. ومن الإنجازات الأخرى لهذه الثورة الاجتماعية أن الحكومة التي استولت على السلطة باسم الدين فقدت مصداقيتها الأخلاقية وأصبحت غير شرعية سياسيًا. يعتقد الكثير من الإيرانيين الآن أن هذه الحكومة لم تعرض الحياة للخطر فحسب، بل إنها تدمر أيضًا الحضارة والتاريخ والهوية الإيرانية.