وثيقة:حينما نكون أهل الأعراف الجدد
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | سامر رشيد |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | مجلة شباك |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://www.shubbakmag.com/articles/42
|
تاريخ الاسترجاع |
|
نُشرت هذه المقالة في العدد 2 من مجلة شباك
قد توجد وثائق أخرى مصدرها مجلة شباك
( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيراً لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شراً لكم ) هذا ما أفتاني به شيخ الجامع الكبير حينما علم بازدواجية ميلي الجنسي، ونصحني بأن أرضى بما قسَمَه الله لي ألا وهو حب الجنس الآخر، والارتضاء بهنّ دونما كلَلٍ أو طمعٍ فيما هو أكثر، فربما يذخر لي الله الخير حينما أصبر وأحتسب أجري عنده غير عابئٍ بالدنيا وما بها من ملذّاتٍ ونعمٍ وغير مكترثٍ بمشاعري ورغبتي في التعبير عن كياني، كنت أحاول طيلة السنواتِ الماضية كبتَ ميولي وإحباطَ عزمِ شيطانِها كما كان يصوّرُ لي شيخي ومعلّمي الإمام ( طاهر عبد البرَ ) قائلاً : اتَّقِ الله وأحبط عزم شيطانك فإنه زميم، لم أكن أعرفُ غيرَ السمع والطاعة، عشتُ سنون طوالٍ متناسياً من أنا وماذا أريد وما أريد بي من كل تلك التجارب القاسية؟!
- ماذا تحبُّ أن أحضِّر لك على العشاء؟! .
تسألنُي زوجتي فأهمهمُ بأي شيٍ فاقداً كل طاقتي ورغبتي وقدرتي على الحوار، لتعتبر ذلك استسلاماً مني لها بأن تتولّى زمام الأمور كالعادة، الحقيقةُ أنني أصبحتُ غريباً عن تلك الإنسانة التى ظلمتُها وظلمتُ نفسي معها حينما رضختُ لكل تلك الأصوات الملاحِقة لي بوجوب الزواج، وتزوّجتُ منها متنازلاً عن كرامتي وحقي في تقرير مصيري وكأنني دابّةُ من الدواب تسير إلى مصيرها المحتوم؛ لكنّني إنسان، إنسانٌ أراد له الله الحياة والاختيار في كل شيءٍ حتى في عبادتِه أو الكفرِ به وتحمُّلِ تبعاتِ ذلك، وأن أتحمَّل تبعاتِ أولى قراراتي وهو أن أكون حرّاً، أن أكون كما أردّتُ وليس كما أُريدَ بي.
- " البايسكشوالز مجرد ناس بتجري على أي لَحمَة والسلام، يا إما مثليّين وخايفين يقولوا ويواجهوا نفس مصيرنا، يا إما ناس مش عارفة تروح فين! " .
الحقيقة، لم تكن تلك المرة الأولى التي أسمع فيها هذا الكلام المُقيت من أفرادِ مجتمعٍ يُفترض أن أنتميَ له، ألا وهو مجتمعُ الميم. لكنّها كانت المرة الأولى التي أدافع فيها عمّا أنتمي إليه، عن ميولي، وأصحّح ما يُقالُ عنها اعتباطاً أو من باب الإقصاء والتمييز، نحن بشرٌ ندركُ ونعي ونشعرُ ونحب ونُخلِص ونرى المحبةَ كدفَّةِ مركبٍ في محيطٍ وسيعٍ يمكنُ أن نوجِّهَها كما تأمرُنا قلوبُنا وعقولنا، وتلك هي أقدارُنا التي يعترضُون عليها ويسيئُون لها.
هل سنظلُّ نواجهُ ذا المصيرَ المؤلمَ المتعثِّرَ بهذا الكمِّ من الكارِهين والرَّافضين من كلا جانبيّ المجتمع الكبير؛ الذي يعيبُ ويشينُ ذاك الفعل لأن الرجال خُلِقَت لتقود لا لتُقاد، ولا يجب أن يتساوى الرجالُ والنساء. أما مجتمعُ الميم فيرى أنّنا إمَّا خائفون من مواجهة مثليتِنا أو طامعون في أن نأخذَ كل شيءٍ، هم يرونُنا ننافسُهم على الأخضر واليابس! .
هل كُتِب علينا أن نكون كأهلِ الأعراف، هولاء القوم المتنَازَعُ عليهم ما بين رحمة الله وجنّاته وبين غضب البشر وتطرُّفهم ومغالاتهم في التودُّد إلى الله؟! ، هل سنجدُ من يرحمُنا من تلك النزاعاتِ بقبولِنا كما نحن دون تصنيفٍ لا يعبِّرُ عنَا، دونما إقصاءٍ أو رهابٍ من كوننا جزءاً من ذلك المجتمع وأحد أعضائِه. أم أنَّنا سنظلُّ نُحارِبُ طيل سنواتِ العمر ضد الأفكارِ الرّجعية والأفكارِ الجامدة والرّغباتِ المتطرَّفة والنَزَعاتِ العنصريةِ وحصارِ الدولةِ والأديانِ لنا وصعوبةِ العيش بسلامٍ في مجتمعٍ كل يومٍ هو في شأن؟! .