وثيقة:قضية التيكتوك: مساحة جديدة لقمع النساء في مصر
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | عبد قطايا |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | SMEX |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://smex.org/ar/قضية-التيكتوك-قمع-النساء-مصر/?fbclid=IwAR1By-gf_TWUwBMtmp3w-cJhJweqOuxBWne6siFJgpLC1fFIQLqBq9jEES8
|
تاريخ الاسترجاع |
|
قد توجد وثائق أخرى مصدرها SMEX
يزداد عدد النساء اللواتي تعتقلهنّ السلطات المصرية بتهم مختلفة بسبب استخدامهنّ لوسائل التواصل، مثل الحكم بحبس مستخدمات لتطبيق “تيكتوك” وفرض غرامات كبيرة عليهنّ. ولكنّ قضية “الاعتداء على قيم الأسرة المصرية” هذه قد تكون غير دستورية أساساً وأثيرت لأهداف سياسية.
في جلسة المحاكمة التي حُدّدت في 17 آب/أغسطس المخصصة للاستئناف في قضية حنين حسام ومودّة الأدهم،المعروفة باسم قضية “فتيات التيكتوك”، أجّلت المحكمة الجلسة إلى تاريخ 14 أيلول/سبتمبر، بعدما طلب محامو الدفاع الاطّلاع على التحقيقات والفيديوهات والتقارير الفنية، وعرض الفيديو محل الاتّهام، وسماع أقوال الضابط الذي أجرى التحرّيات. وكانت الشابتان قد حُكم عليهما بالحبس سنتين وبدفع غرامة تبلغ 300 ألف جنيه مصري (حوالي 20 ألف دولار أميركي)، بتهمة “التعدّي على مبادئ المجتمع والأسرة المصرية”، عن طريق نشر صور ومقاطع مرئية “مخلة وخادشة للحياء العام”، والإعلان عن لقاءات “مخلة بالآداب”، ودعوة الإناث إلى استخدام هذه المنصّات، حسب السلطات.
أوقفت حسام التي يتابع حسابها على “تيكتوك” حوالي مليون مستخدم في نيسان/أبريل، حيث وجّهت لها نيابة أمن الدولة العليا اتهاماً “بارتكاب جريمة الاتجار بالبشر بتعاملها مع أشخاص طبيعيين هن فتيات استخدمتهنّ في أعمال منافية لمبادئ وقيم المجتمع المصري، للحصول على منافع مادية”. وفي أيار/مايو أوقفت الأدهم، وهي أيضاً من مشاهير “تيكتوك” في مصر مع مليوني متابع، بتهمة “الاعتداء على مبادئ المجتمع والأسرة المصرية”.
ادّعاء مخالف للدستور؟
في جلسة 17 آب/أغسطس تقدّمت “مسار” (مجتمع التقنية والقانون)، وهي منظّمة مصرية “تركّز أنشطتها على الحريات الرقمية في النطاق القانوني المصري”، بدفعٍ إلى محكمة جنح مستأنف القاهرة الاقتصادية يقول بعدم قانونية جريمة الاعتداء على قيم الأسرة المصرية، وخصوصاً المادة 25 من “قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات”، وذلك في الدعوى المنظورة أمامها برقم 246 لسنة 2020، أي الدعوى المقامة بحقّ مستخدمات تطبيق “تيكتوك”.
رأت “مسار” أنّ المادة 25 من “قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات” تخالف العديد من النصوص الدستورية”، مثل المادة 95 من الدستور الصادر في عام 2014 التي تقضي “بأن تحترم النصوص العقابية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، بأن تكون النصوص القانونية واضحة ومحددة بطريقة لا يكتنفها أي غموض، وأن يُستدلّ على أركان الجريمة من المضمون الظاهر للنص وليس من خلال التأويلات والتفسيرات المختلفة لأحكامه، وهو ما تفتقر إليه عبارة: الاعتداء على مبادئ وقيم الأسرة المصرية”.
يقول لـ”سمكس” المحامي حسن الأزهري، الباحث القانوني في “مسار”، إنّ الفصل الثالث من “قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات” بمادّتيه المادة 25 والمادة 26 يتكلّم عن حماية الحياة الخاصة وحماية البيانات، “وبالتالي لا يمكن فهم موضوع المبادئ الأسرية خارج المادتين وحرمة الحياة الخاصة”. أمّا ما فعلته النيابة فكان تفسير النص بطريقة معاكسة، على الرغم من أنّه “ما دام الشخص نشر صوره للعموم بنفسه وتخلّى بنفسه عن هذا السياق فهذا يعني أنّه هو من يحدّد مدى خصوصيته في العلن، وهو لم يخترق خصوصية أحد”، كما يشرح الأزهري.
ماذا وراء حملة الاعتقالات بحقّ مستخدمات وسائل التواصل؟
أثارت قضية اعتقال المستخدمات جدلاً واسعاً في مصر، بحيث رأى البعض أنّه استهداف للإناث، واعتبر الآخر أنّه استهداف للحرّيات بشكل عام، فيما توافقت آراء أخرى مع رأي النيابة العامة على أنّ هذه الفيديوهات تمثّل “اعتداءً على مبادئ الأسرة المصرية”. ولكن ثمّة رأي آخر يرى أنّ هناك دافعاً سياسياً.
“قد تكون هذه القضية في جزءٍ منها لإلهاء الرأي العام عن انتشار فيروس كورونا”، حسبما يقول الأزهري الذي يضيف أنّ قضية النساء اللواتي يستخدمن “التيكتوك” بدأت مع انطلاق الاعتقالات في نيسان/أبريل، “وهو الوقت الذي كان هناك مخاوف كبيرة حول فيروس كورونا وانتشاره في مصر”.
في ذلك الوقت، كانت وسائل إعلام وخبراء يتحدّثون عن “سيناريو مرعب لكورونا في مصر” حيث شكّكوا بأرقام الحكومة حتّى أنّ البعض اعتبر أنّ مصر “قد تكون مصدراً لتوريد الفيروس”. وقد عُزي عدم مسارعة السلطات المصرية إلى اتّخاذ الإجراءات الوقائية مثل الإقفال ومنع التجمّعات بسبب محاولتها الإبقاء على المداخيل السياحية.
بالإضافة إلى ذلك، اعتمدت معظم القضايا التي حرّكتها النيابة العامة ونيابة أمن الدولة في شهر نيسان/أبريل على “قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات” لسنة 2018 (المعروف باسم “قانون الجرائم الإلكترونية”)، وخصوصاً المادة 25 منه، على الرغم من أنّ القانون لم تكن صدرت له لوائح تنفيذية (مراسيم تطبيقية) بعد. وتالياً، فإنّ المسارعة إلى تطبيق القانون من دون لوائح تنفيذية تُعتبر مؤشّراً إضافياً إلى وجود قرار سياسي بالبدء بتطبيقه بالتوازي مع فترة دخول كورونا إلى مصر.
وبالفعل، شهدت مصر موجة اعتقالات لناشطين وناشطات وحتّى أطبّاء يعبّرون عن آرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي حول مسألة جائحة كورونا (Covid-19) وطريقة تعامل الأجهزة الرسمية معها. فقد وثّقت مؤسسة “حرية الفكر والتعبير” (afte) المصرية استدعاء نيابة أمن الدولة العليا لعشرات المواطنين بسبب نشر تدوينات تتناول جائحة كورونا في مصر، بالإضافة إلى حجب عدد من المواقع المستقلّة.
توجّه نحو فرض سيطرة أكبر على الإنترنت
بالعودة إلى قضية “نساء التيكتوك”، قالت نيابة أمن الدولة العليا في مصر في بيان نشرته على صفحتها على “فيسبوك” إنّ “إدارة البيان والتوجيه (وهي إدارة ضمن النيابة العامة) رصدت تفاعل المواطنين مع فيديوهات ’تيكتوك‘ وتلقّت شكوى بهذه الفيديوهات”، وعلى هذا الأساس طلبت من الشرطة التحرّي عن هؤلاء المستخدمات على “تيكتوك”.
لم تكشف النيابة العامة من الشخص الذي قدّم البلاغ بحقّ مستخدمات التطبيق ولا سبب تقديمه لهذا البلاغ، ولم يُفهم سبب قولها إنّها تحرّكت بناءً على شكوى من أحدهم إلّا لكي تبرّر تصرّفها وفقاً للنصّ القانوني الذي يقول “متى علمت النيابة”، وفقاً للمحامي والباحث القانوني في “مسار”. أمّا الإبقاء على مجهولية مقدّم الشكوى، فيثير عدّة تساؤلات بحسب الأزهري، مثل إمكانية ممارسة النيابة المراقبة العشوائية على وسائل التواصل بأدوات معيّنة.
من جهة ثانية، “ثمّة توجه عام يعتبر أنّ الإنترنت مساحة ينبغي السيطرة عليها”، وفقاً للأزهري، ولهذا تلجأ السلطات إلى “فرض قيود مالية وزيادتها لجعل استخدام الإنترنت أمراً أصعب، أو تعمد إلى فرض رسوم على المدخول الذي يجنيه البعض على الإنترنت”. وقد ظهر ذلك جلياً منذ أعوام. ففي عام 2018 كشف تقرير أنّ الحكومة المصرية اشترت تقنيات مراقبة جماعية من شركة الأمن الرقمي الفرنسية “إركوم” (Ercom) في عام 2014، بمباركة فرنسية رسمية. كما تتمثّل بعض محاولات السيطرة على الإنترنت كذلك في سعي السلطات إلى طرح وإقرار مشاريع قوانين في البرلمان تزيد من القيود المفروضة على الإنترنت، مثل مشروع القانون لفرض ضرائب على إعلانات “فيسبوك”، وحجب آلاف المواقع الإلكترونية ومحاولة حجب مواقع أخرى مثل “يوتيوب”، والحكم بحبس الأشخاص بسبب فيديوهات لهم على منصّات التواصل، وغيرها.
آخر هذه المحاولات يتمثّل في سعي السلطات إلى فرض رسوم على استخدام الإنترنت وجني المال منه. بتعبير آخر، تقول لك السلطات إنّه “في حال كنت تكسب المال من خلال الإنترنت فعليك أن تدفع ضريبة أو سيُعتبر عملك غير مشروع”، بحسب الأزهري، لأنّ الدولة التي قد لا تعرف الرابط بين عدد المشاهدات وتحقيق المال في قضية النساء للواتي يستخدمن “تيكتوك”، فهمت أنّ الإنترنت بات مساحة يكسب الناس المال منها. ولهذا السبب منعت الدولة شركات الأفلام المصرية ألا تنشر أفلامها على “يوتيوب”، بل على تطبيق “واتش إت” (Watchit) التابع للدولة والذي يتطلّب استخدامه اشتراكاً مدفوعاً، في حين حاولت فرضت ضرائب على تطبيقات مثل “شاهد” و”نتفليكس” وغيرها، كما يضيف الأزهري. وبالتالي، فإنّ “الدولة لن ترضى بأن تكسب مجموعة من الإناث المال عن طريق تطبيق، في حين لا تعرف العلاقة بين المشاهدات وكسب بالمال”، يقول الأزهري.
في الختام، ثمّة حاجة إلى مراجعة القوانين والمطالبة بإيقاف العمل بعدد منها، لأنّه “يمكن استخدام القوانين لأغراض سياسية أو ضدّ المستخدمين وليس لصالحهم”، حسب تعبير الأزهري الذي يرى أنّه “ينبغي العودة إلى روحية الفلسفة التشريعية للقانون المصري التي تقوم على حماية المتّهم وليس قمعه”.