وثيقة:قطّعت من قماش الخيمة لما إجتني - عن الحرب التي أذلّتنا
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
العنوان | "قطّعت من قماش الخيمة لما إجتني"... عن الحرب التي أذلّتنا |
---|---|
تأليف | دعاء شاهين |
تحرير | غير معيّن |
المصدر | رصيف22 |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://raseef22.net/article/1095944-قطعت-من-قماش-الخيمة-لما-إجتني-عن-الحرب-التي-أذلتنا
|
تاريخ الاسترجاع |
|
قد توجد وثائق أخرى مصدرها رصيف22
انقلبت حياة الغزية ضحى أحمد (33 عاماً) رأساً على عقب بعد أن اقتلعتها الحرب الإسرائيلية من حياتها الآمنة ومنزلها وأسرتها لتعيش النزوح في إحدى مدارس غوث اللاجئين "الأونروا" في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، مفتقدة أبسط مقومات الحياة، تحديداً ما يتعلق بخصوصيتها كإمرأة.
زوجي استشهد وتركلي أربع بنات
نزحت ضحى تحت وابل الصواريخ بعد تهديد الحي السكني الذي تسكنه في مخيم الشاطىء للاجئين غرب مدينة غزة، ونجت من الموت بأعجوبة لتعيش النزوح في فصل دراسي مع بناتها الأربع، أكبرهن عمرها 14 عاماً برفقة 10 عائلات متكدسة بين جدران الفصل.
الافتقار إلى وسائل الحماية والرعاية الصحية والخصوصية داخل مدارس النزوح ضاعف شعورها بالقلق والخوف، تقول لرصيف22:" أصبحت مشردة، الأوضاع المعيشية صعبة للغاية، وأنا مضطرة للتكيف مع الجيران في الفصل الواحد، الخصوصية منعدمة تماماً، ننام على فراش واحد وزعته علينا وكالة غوث اللاجئين، لا أستطيع أن أرفع حجابي طوال الوقت، بالكاد أسترق النوم، لا ماء ولا طعام علاوة على ذلك فأنا محرومة من النظافة الشخصية، زوجي استشهد ليتركني أتكبد مشاق الحرب ورعاية بناتي وحدي".
طابور الحمّام
معاناة النازحة ضحى مضاعفة فهي الأب والأم، واليوم تحاول قدر المستطاع حماية خصوصية بناتها، لا سيما أثناء ذهابهن إلى الحمام لقضاء حاجتهن، أو للاستحمام الذي بدا أمراً صعباً للغاية، كونهن يحتجن هن وأمهن للوقوف بطابور حتى يأتيهن الدور، مما يشعرهن بحرج وخجل كبيرين، وأحياناً امتنعن عن ذلك مما تسبب لهن بمشاكل صحية في الجهاز البولي.
لا تقتصر معاناة النازحة ضحى وبناتها على ذلك، فحتى في الفصل تتقيد حريتهن ويتبادلن الأدوار في النوم والاسيقاظ . تكمل: "أضع حواجز من القماش بيني وبين العائلات أثناء تبديل الملابس فقط، وفي حال كان الجميع موجوداً نُبقى ملابسنا لفترة أطول". وتشير إلى أنها تفتقد الأمان النفسي بشكل كبير جداً.
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أمر جيش الاحتلال الإسرائيلي السكان في منطقتي الشمال ووسط غزة أن ينزحوا إلى جنوب القطاع الذي يدّعي أنه أكثر أمناً، لكنه لا يتوقف عن قصفه على مدار الساعة، مما اضطر معظم العائلات الغزية لترك منازلها قسراً والنزوح إلى مرافق الأونروا والخيم بجانب المشافي، ومنازل الأقارب، وبعض العائلات تبيت في الشارع نظراً لكثرة الاكتظاظ، ولا تجد مأوى لها، وهذا بالطبع ما تدفع ثمنه النساء بشكل أكبر لأنهن يحتجن لمستوى أعلى من الخصوصية.
لا يقتصر الفصل الدراسي في مدرسة النزوح على المأوى فقط، فالنساء يتشاركن فيه الطهو والغسيل، والنوم، وتغيير حفاظات الأطفال مما يجعل الخصوصية شبه معدومة.
أغير ملابسي الداخلية خفية
تتشارك نسرين تيسير العشرينية نفس الفصل مع جارتها ضحى، وتعيش حالة من عدم التقبل لوضعها بعدما تركت منزلها الذي سوّته طائرات الاحتلال بالأرض في بيت حانون شمال القطاع.
تبكي وهي تتحدث :" تحمّلنا انعدام الغذاء والماء والخوف من القصف، لكن ظروف النزوح قاسية جداً لا أستطيع تحملها، لا سيما علينا نحن كنساء تعودن العيش في بيئة محافظة".
وترى أنها خرجت من منزل عاشت فيه خصوصية كاملة إلى مكان لا تعرف فيه معنى للخصوصية، فهي محرومة من الوضوء للصلاة بشكل دائم، لأنها سوف تضطر للنزول من الفصل إلى ساحة المدرسة المزدحمة، وأحياناً تحرم نفسها من شرب المياه وتناول الطعام حتى لا تضطر للذهاب للحمام.
كما تبدل ملابسها الداخلية خفية، وعندما تضطر لغسلها تنتظر ساعات طويلة حتى تغيب العيون إلى حد ما لتقوم بنشرها على الحبال الممتدة بين الفصول، وتشير إلى أنها لم تقم بتسريح شعرها منذ بداية الحرب فهي تجد في ذلك رفاهية كبيرة غير واردة بالنسبة لها، تقول: "نسيت شكل جسدي".
أفادت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بأن عدد النازحين الذين هجروا من بيوتهم في مختلف أنحاء قطاع غزة، بلغ 1.6 مليون فلسطيني نصفهم من النساء.
وأوضحت الوكالة أن قرابة الـ830 ألف نازح يمكثون حالياً في 154 منشأة تابعة لها، تتوزع على مختلف محافظات قطاع غزة، هرباً من الغارات الجوية والاجتياح البري والقصف الإسرائيلي على منازلهم ورؤوسهم.
تمنيت الأرض تنشق وتبلعني
بهذه الكلمات عبرت صفاء لرصيف22 عن اللحظة التي أتتها الدورة الشهرية أثناء نزوحها بينما كانت تعيش في خيمة إلى جانب مستشفى الأقصى وسط قطاع غزة بعد قصف منزلها في حي الرمال.
تعد فكرة الدورة الشهرية لدى معظم النساء كارثة كبيرة تضاف لسلسلة معاناتهن في ظل انعدام الخصوصية، لعدم توافر فوط صحية أو أماكن يذهبن إليها لرعاية أنفسهن، وعدم توفر الحمامات حتى لتغيير ملابسهن الداخلية، وبعضهن كن محتاطات فتناولن حبوب منع الحمل لتأخير الدورة الشهرية.
لكن بالنسبة لصفاء لم تكن قد تحضرت بالشكل الكافي فقد انشغلت بتحضير حقيبة أوراقها الثبوتية ونسيت الفوط الصحية، مما جعلها تتعرض لموقف محرج على حسب وصفها أثناء الحيض حيث ظهرت البقع على ملابسها ولم تجد مكاناً تغير فيه.
وتشير إلى أنها حاولت انتزاع بعض قطع القماش المهترئة المستخدمة كحاجز بين الخيم ووضعها بديلاً عن الفوط الصحية "قطعت من قماش الخيمة لما إجتني"، مما أفقدها نظافتها الشخصية من جهة ورعايتها الصحية من جهة أخرى.
تقول صفاء إنها لا تزال تعيش صدمة جراء ما تعرضت له من فقدانها لأبسط حقوقها وهو الحق في الحصول على الخصوصية كإمرأة.
من جهتها تقول الباحثة المجتمعية ريهام حسنية لرصيف22: "النساء في غزة محرومات من أبسط حقوقهن، كالحفاظ على خصوصيتهن خاصة أثناء ذهابهن للحمامات، وعدم وجود مرافق صحية والشعور بالإحراج أثناء الاستحمام، وبعضهن قد يتعرض للاعتداء ويتخوفن من التبليغ أو حتى الحديث في الموضوع نظراً لأوضاع الحرب والخوف من الفضيحة، أو تحسباً لعدم وقوع مشاكل عائلية في أماكن النزوح".
وتضيف أن لحياة النزوح تبعات صحية ونفسية خطيرة على النساء، لعدم حصولهن على شروط النظافة الشخصية، والرعاية الصحية ، مما ينعكس سلباً على تفاعل المرأة مع أقاربها وعائلتها، أو حتى زوجها وأولادها".