وثيقة:ليلة سقوط شعرة
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | بهيج بدري |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | مجلة شباك |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://www.shubbakmag.com/articles/22
|
تاريخ الاسترجاع |
|
نُشرت هذه المقالة في العدد 1 من مجلة شباك
قد توجد وثائق أخرى مصدرها مجلة شباك
يقف كالجبل وسط الألاف مُثبتاً رجليه المهتزة في الأرض، كجذور شجرة أهلكتها عوامل التعرية على مدار مائتي عام ولكنها ترفض الانحناء، يمسك بيديه دليل إدانته، دليلاً يحمل تاريخاً طويلاً من جلد الذات، الخوف، الحزن، الوحدة، والاكتئاب، سنوات من التنمر، الكثير من الكراهية والتهميش. كل هذا بالأمس كان يخفيه بقلبه ويغلق عليه واليوم وسط عيون خالية من الإحساس من أثر الصدمة وآذان سكت عنها صوت الموسيقى نراه بكل فخر طائراً فوق الجميع، متجرداً من كل أقناعه الزائفة، يلتحف بعاره ويرقص به على ألحان كُتبت له، تحكي عنه وعن تاريخ يُسلب منه. سابقاً كان يحسب نفسه من الضحايا ولكن اليوم هو ثائراً.
هكذا يكون رد فعلك أمام من يسلب منك ذاتك ويحاول ان يمحيك، "الثورة".
ليست بالمفهوم المتعارف عليه لكن الثورة بالنسبة له ولي هى الغضب الممزوج بالوضوح، كشعاع نار حارق يحمل حقيقة غاضبة ورافضة للوضع الراهن حياتك. لم يكن غريباً أن تكون المشاعر متناقضة بين الاهتزاز والفخر نحن كالحلقة الضائعة في سلسال القهر التقاطعي، وجودنا أزمة وغيابنا أزمة والمعركة لا تفرق بين بيت ودولة وهكذا نعيش محاولات محو أسمائنا من تعداد الوطن يوم تلو الاخر ولحظة تلو الاخرى، ولكن ليس بعد الأن. بعد سنوات من "القبض على شبكة شذوذ…" الى "رفع علم المثليين لأول مرة في مصر" وما بينهما من قصص ضائعة تحمل الكثير من الحيوات المليئة بالأسى بنفس قدر ما تحتويه من إلهام يجعلنا نحيا على استحياء أمل لم نرى منه إلا ليلة لم نفكر فيها كيف نكذب لنتجنب القهر، لم نفكر في شئ غير أننا نشعر بنسيم هواء يحمل نغمات مزيكا تداعبنا وأعباء كثيرة تسقط منّا حين نتمايل راقصين به، لم نفكر فيما سيحدث غداً لأن ما يحدث الآن انفجار كوني يسيطر على اللحظة.
يقولون بين الحِراك والثورة شعرة وهنيئاً لكم ولنا فقد سقطت في ليلة تساوت فيها موازين القوى عندما أدركنا أن غايتنا في العيش بما نحن عليه وحرية التعبير عنه ليست ميزة ولكنها حق أولي، حينها فقط لم نصبح مجرد مادة للسخرية والإسفاف في فيلم من أفلامكم أو قضية ساخنة كاذبة في إعلامكم ولكن كُنا قضية انسانية حقيقية تشق طريقها الملئ بأنواع مختلفة من القهر الى ساحة المحاكمة لتكشف بطشكم أمام الجميع. قضية ملوّنة فاقدة لحيثيات إحالة في كتب القانون، لها أبطال فقط والحُكم عليهم مؤجل.
المفاجأة هذه المرة انكم لستم أبطال القصة، البطل هو من على صوته بأغنية "شم الياسمين" وبعدما انتهى التفت فوجدكم منتظرينه خارجاً ناصبين له قفصاُ حديدي، البطل هو من كتب ليلتها بيديه "أشعر وكأنني أكثر الناس فخراً على الإطلاق" والبطل هو من سيكتب غدا "كنت طفلاً يعتقد انه المثلي الوحيد في مصر حتى رأى خبر رفع العلم"، لهذا سنظل نقاوم ونناضل.. ولحسن حظنا هذه قضية تقدمية لم تخسر قط.