تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سطر 23: سطر 23:     
    
 
    
ومع ذلك، هذا التقديم الثنائي (للبنائية الاجتماعية في مقابل الحتمية البيولوجية) غير مبرر، لأن ذلك التواجد المطلق لشرح الاختلافات المبني على البيولوجيا في الفكر والممارسة الغربيين هو إنعكاس للنطاق الواسع التي تكون فيه التفسيرات البيولوجية مُلزِمة (ومسلَّم بها).بكلمات أخرى، طالما كانت القضية هي الإختلاف (سواء لماذا تقوم النساء بإرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية أو لماذا لا تستطيع النساء التصويت)، سنجد البيولوجيات القديمة تقدم شرحًا أو سيتم إنتاج بيولوجيات حديثة لشرح عيوب النساء.  إنشغال الغرب بالبيولوجيا يستمر في إنتاج بنى من "البيولوجيات الحديثة"، حتى مع ضحد بعض من الافتراضات البيولوجية القديمة. في الحقيقة، في التجربة الغربية، كانت البنائية الاجتماعية والحتمية البيولوجية وجهان لعملة واحدة، حيث تعزز الفكرتان من بعضهما البعض. فحينما تكون الفئات الاجتماعية، كالجندر، مبنية إجتماعيًا، يتم إختراع بيولوجيات جديدة لشرح (وشرعنة) هذا الإختلاف.  
+
ومع ذلك، هذا التقديم الثنائي (للبنائية الاجتماعية في مقابل الحتمية البيولوجية) غير مبرر، لأن ذلك التواجد المطلق لشرح الاختلافات المبني على البيولوجيا في الفكر والممارسة الغربيين هو إنعكاس للنطاق الواسع التي تكون فيه التفسيرات البيولوجية مُلزِمة (ومسلَّم بها). <ref>[ See Suzanne J. Kessler and Wendy McKenna, Gender: An Ethnomethodological Approach (New York: John Wiley and Sons, 1978). ].</ref> بكلمات أخرى، طالما كانت القضية هي الإختلاف (سواء لماذا تقوم النساء بإرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية أو لماذا لا تستطيع النساء التصويت)، سنجد البيولوجيات القديمة تقدم شرحًا أو سيتم إنتاج بيولوجيات حديثة لشرح عيوب النساء.  إنشغال الغرب بالبيولوجيا يستمر في إنتاج بنى من "البيولوجيات الحديثة"، حتى مع ضحد بعض من الافتراضات البيولوجية القديمة. في الحقيقة، في التجربة الغربية، كانت البنائية الاجتماعية والحتمية البيولوجية وجهان لعملة واحدة، حيث تعزز الفكرتان من بعضهما البعض. فحينما تكون الفئات الاجتماعية، كالجندر، مبنية إجتماعيًا، يتم إختراع بيولوجيات جديدة لشرح (وشرعنة) هذا الإختلاف.  
 
عندما تكون التفسيرات البيولوجية ملزمة، تستمد حينها الفئات الاجتماعية شرعيتها (شرعية وجودها) وقوتها من البيولوجيا. باختصار، إن الاجتماعي والبيولوجي يغذيان بعضهما البعض.
 
عندما تكون التفسيرات البيولوجية ملزمة، تستمد حينها الفئات الاجتماعية شرعيتها (شرعية وجودها) وقوتها من البيولوجيا. باختصار، إن الاجتماعي والبيولوجي يغذيان بعضهما البعض.
   سطر 31: سطر 31:  
   
 
   
 
انطلقت الطريقة التي تعمل بها مفاهيم الفئات الجنسية والجندرية في الخطاب النسوي من افتراض إمكانية فصل المفاهيم البيولوجية عن الاجتماعية وتعميمهم بشكل عالمي. ولذلك كان يتم تقديم الجنس (البيولوجي) باعتباره الفئة الطبيعية، بينما يتم تقديم الجندر باعتباره البناء الاجتماعي للفئات الطبيعية. ولكن،  لاحقًا، أصبح جليًا أن الجنس (البيولوجي) نفسه يحتوى على عناصر من البنائية.  
 
انطلقت الطريقة التي تعمل بها مفاهيم الفئات الجنسية والجندرية في الخطاب النسوي من افتراض إمكانية فصل المفاهيم البيولوجية عن الاجتماعية وتعميمهم بشكل عالمي. ولذلك كان يتم تقديم الجنس (البيولوجي) باعتباره الفئة الطبيعية، بينما يتم تقديم الجندر باعتباره البناء الاجتماعي للفئات الطبيعية. ولكن،  لاحقًا، أصبح جليًا أن الجنس (البيولوجي) نفسه يحتوى على عناصر من البنائية.  
فيما بعد، في العديد من الكتابات النسوية، قُدم الجنس البيولوجي باعتباره القاعدة بينما الجندر باعتباره البنية الفوقية. بالرغم من تلك الجهودات لفصل الإثنين، فإن التفرقة ما بين الجنس البيولوجي والجندر شئ مضلل (زائف). في المفهوم الغربي، الجندر لا يستطيع التواجد بدون الجنس البيولوجي حيثُ أن الجسد هو أحد أسس الفئتين. بالرغم من تفوق البنيوية الاجتماعية النسوية، التي تتخذ نهجًا اجتماعيًا حاسمًا لتحليل المجتمع،  فإن أساسية البيولوجيا، إن لم تكن اختزاليتها، لا تزال مركز الخطابات الجندرية، تمامًا كما هي مركز كل النقاشات الاجتماعية الأخرى في الغرب.
+
فيما بعد، في العديد من الكتابات النسوية، قُدم الجنس البيولوجي باعتباره القاعدة بينما الجندر باعتباره البنية الفوقية.<ref> For elucidation, see Jane F. Collier and Sylvia J. Yanagisako, eds., Gender and Kinship: Essays toward a Unified Analysis (Stanford, Calif.: Stanford University Press, 1987). ].</ref> بالرغم من تلك الجهودات لفصل الإثنين، فإن التفرقة ما بين الجنس البيولوجي والجندر شئ مضلل (زائف). في المفهوم الغربي، الجندر لا يستطيع التواجد بدون الجنس البيولوجي حيثُ أن الجسد هو أحد أسس الفئتين. بالرغم من تفوق البنيوية الاجتماعية النسوية، التي تتخذ نهجًا اجتماعيًا حاسمًا لتحليل المجتمع،  فإن أساسية البيولوجيا <ref>[Linda Nicholson has also explicated the pervasiveness of biological foundationalism in feminist thought. See "Interpreting Gender," in Signs 20 (1994): 79-104. ].</ref>، إن لم تكن اختزاليتها، لا تزال مركز الخطابات الجندرية، تمامًا كما هي مركز كل النقاشات الاجتماعية الأخرى في الغرب.
    
   
 
   
 
وبالرغم من ذلك، فكرة أن الجندر مبني إجتماعيًا هي فكرة ذات معنى من منظور عابر للثقافات. في واحد من النصوص النسوية الأولى، التي دافعت عن أطروحة البنائية وعن حاجتها لمحاججة عابرة للثقافات، كتبت سوزان جي كيسلر وويندي ماكينا :
 
وبالرغم من ذلك، فكرة أن الجندر مبني إجتماعيًا هي فكرة ذات معنى من منظور عابر للثقافات. في واحد من النصوص النسوية الأولى، التي دافعت عن أطروحة البنائية وعن حاجتها لمحاججة عابرة للثقافات، كتبت سوزان جي كيسلر وويندي ماكينا :
"برؤية الجندر كبناء اجتماعي، يصبح من الممكن أن نرى أوصاف ثقافات أخرى كدليل على وجود بدائل ومفاهيم واقعية لمعنى أن يكون الشخص رجل أو امرأة." ولكن، للمفارقة،  نجد أن عالمية اضطهاد النساء هو الإفتراض الجوهري للنظرية النسوية. الفكرتان متضادتان.  
+
"برؤية الجندر كبناء اجتماعي، يصبح من الممكن أن نرى أوصاف ثقافات أخرى كدليل على وجود بدائل ومفاهيم واقعية لمعنى أن يكون الشخص رجل أو امرأة."<ref>[Kessler and McKenna, Gender.].</ref> ولكن، للمفارقة،  نجد أن عالمية اضطهاد النساء هو الإفتراض الجوهري للنظرية النسوية. الفكرتان متضادتان.  
 
إن العالمية المنسوية للثنائية الجندرية الغير متعادلة تفضل البيولوجيا كعنصر أساسي، بدلًا من الثقافة، باعتبار أن التشريح الإنساني عالميًا، في حين أن الثقافات تتحدث بأصوات لا حصر لها. القول بأن الجندر هو مبني اجتماعيًا يعني أن المعايير التي تصنع من البشر رجالًا ونساءً تختلف باختلاف الثقافات. إذا كان الأمر كذلك، إذًا  فإن ذلك يتحدى القول بأن هناك إلزامًا بيولوجيًا في العمل. من هذا المنطلق، فالفئات الجندرية متغيرة، وبذلك فالجندر يصبح غير طبيعي.
 
إن العالمية المنسوية للثنائية الجندرية الغير متعادلة تفضل البيولوجيا كعنصر أساسي، بدلًا من الثقافة، باعتبار أن التشريح الإنساني عالميًا، في حين أن الثقافات تتحدث بأصوات لا حصر لها. القول بأن الجندر هو مبني اجتماعيًا يعني أن المعايير التي تصنع من البشر رجالًا ونساءً تختلف باختلاف الثقافات. إذا كان الأمر كذلك، إذًا  فإن ذلك يتحدى القول بأن هناك إلزامًا بيولوجيًا في العمل. من هذا المنطلق، فالفئات الجندرية متغيرة، وبذلك فالجندر يصبح غير طبيعي.
   سطر 42: سطر 42:     
   
 
   
من منظور عابر للثقافات، تكمن أهمية تلك الملاحظة في عدم قدرة أي شخص على افتراض عالمية التنظيم الاجتماعي لأي ثقافة (بما في ذلك الغرب المهيمن)، أو اعتبار تفسيرات تجارب ثقافة معينة شارحة لثقافة أخرى. من ناحية، على مستوى عام وشامل، فبنائية الجندر تفتح إمكانية تغييره. ومن ناحية أخرى، على المستوى المحلي – أي ضمن حدود أي ثقافة محددة- فالجندر متغير فقط إذا كان مبني إجتماعيًا على هذا النحو. نظرًا لأن الفئات الجندرية في المجتمعات الغربية، مثلها مثل كل الفئات الاجتماعية الأخرى، مبنية على عناصر بيولوجية، فيصبح تغييرها موضع للتساؤل. المنطق الثقافي للفئات الاجتماعية الغربية مؤسس على الحتمية البيولوجية كأيديولوجيا: أي تصور أن البيولوجيا توفر منطق التنظيم الإجتماعي العالمي. ولذلك، كما أشرت سابقًا، هذا المنطق الثقافي هو في الحقيقة منطق بيولوجي.  
+
من منظور عابر للثقافات، تكمن أهمية تلك الملاحظة في عدم قدرة أي شخص على افتراض عالمية التنظيم الاجتماعي لأي ثقافة (بما في ذلك الغرب المهيمن)، أو اعتبار تفسيرات تجارب ثقافة معينة شارحة لثقافة أخرى. من ناحية، على مستوى عام وشامل، فبنائية الجندر تفتح إمكانية تغييره. ومن ناحية أخرى، على المستوى المحلي – أي ضمن حدود أي ثقافة محددة- فالجندر متغير فقط إذا كان مبني إجتماعيًا على هذا النحو. نظرًا لأن الفئات الجندرية في المجتمعات الغربية، مثلها مثل كل الفئات الاجتماعية الأخرى، مبنية على عناصر بيولوجية، فيصبح تغييرها موضع للتساؤل. المنطق الثقافي للفئات الاجتماعية الغربية مؤسس على الحتمية البيولوجية كأيديولوجيا: أي تصور أن البيولوجيا توفر منطق التنظيم الإجتماعي العالمي. ولذلك، كما أشرت سابقًا، هذا المنطق الثقافي هو في الحقيقة منطق بيولوجي.
    
==الأختية المهيمنة: "النسوية" و"الآخر" بالنسبة لها==
 
==الأختية المهيمنة: "النسوية" و"الآخر" بالنسبة لها==
264

تعديل

قائمة التصفح