سطر 23: |
سطر 23: |
| | | |
| ==نشأتها ودراستها== | | ==نشأتها ودراستها== |
− | ولدت سيمون ويل في باريس في 3 فبراير 1909. وفّر لها والدايها، وكلاهما من عائلتين يهوديتين، طفولة فرنسية بورجوازية وعلمانية؛ فدرست سيمون في مدارس باريسية المرموقة. وكان رينيه لو سيني أول مدرس للفلسفة لسيمون فايل والذي شرح لها أطروحته عن التناقض كعقبة نظرية توّلد تفكيرًا دقيقًا ومتنبهًا. احتفظت سيمون بهذه الأطروحة لاحقًا في كل أعمالها. | + | ولدت سيمون فايل في باريس في 3 فبراير 1909. وفّر لها والدايها، وكلاهما من عائلتين يهوديتين، طفولة فرنسية بورجوازية وعلمانية؛ فدرست سيمون في مدارس باريسية مرموقة. وكان رينيه لو سيني أول مدرس للفلسفة لسيمون فايل والذي شرح لها أطروحته عن التناقض كعقبة نظرية توّلد تفكيرًا دقيقًا ومتنبهًا. احتفظت سيمون بهذه الأطروحة لاحقًا في كل أعمالها. |
| | | |
− | وفي أكتوبر 1925، درست سيمون في مدرسة هنري الرابعة، حيث درست الفلسفة على يد الفيلسوف وكاتب المقالات إميل أوغست شارتييه (المعروف باسمه المستعار، آلان)، وهو تلميذ جول لاجينو. وخلال وقت دراستهل في فصله، اكتسبت سيمون الأدوات النظرية لنقد التقاليد الفلسفية. | + | وفي أكتوبر 1925، انتسبت سيمون إلى مدرسة هنري الرابعة، حيث درست الفلسفة على يد الفيلسوف وكاتب المقالات إميل أوغست شارتييه (المعروف باسمه المستعار، آلان)، وهو تلميذ جول لاجينو. وخلال وقت دراستها في فصله، اكتسبت سيمون الأدوات النظرية لنقد التقاليد الفلسفية. |
| | | |
− | في عام 1928 بدأت سيمون المدرسة الثانوية؛ وكانت المرأة الوحيدة في فصلها، حبث تم قبول تدريس الفتيات لأول مرة في 1917. في 1929-1930 عملت على أطروحتها عن المعرفة والإدراك في فلسفة ديكارت، وحصلت على دبلوم. عملت من أواخر عام 1931 حتى 1934 كمدرسة في الليسيه. طوال هذه الفترة، وبالإضافة إلى دورها في المدارس الثانوية التي كانت تدرس فيها، كانت سيمون تدرس الفلسفة لمجموعات عمالية. وفي بعض الأحيان، انضمت هي نفسها إلى مجالات العمل اليدوي. | + | في عام 1928 بدأت سيمون المرحلة الدراسية الثانوية؛ وكانت المرأة الوحيدة في فصلها، حبث تم قبول تدريس الفتيات لأول مرة في 1917. في 1929-1930 عملت على أطروحتها عن المعرفة والإدراك في فلسفة ديكارت، وحصلت على دبلوم. عملت من أواخر عام 1931 حتى 1934 كمدرسة في الليسيه. طوال هذه الفترة، وبالإضافة إلى دورها في المدارس الثانوية التي كانت تدرس فيها، كانت سيمون تدّرس الفلسفة لمجموعات عمالية. وفي بعض الفترات، انضمت هي نفسها إلى مجالات العمل اليدوي، انطلاقًا من رغبتها في التماهي مع الطبقة العاملة. |
| | | |
| ==فكرها ونشاطها== | | ==فكرها ونشاطها== |
| ===الانتماء للطبقة العاملة ونقد الماركسية=== | | ===الانتماء للطبقة العاملة ونقد الماركسية=== |
− | في أوائل أغسطس 1932، سافرت سيمون فايل إلى ألمانيا محاولة منها الحصول على فهم أفضل للظروف التي تعزز النازية. وكتبت سيمون إلى أصدقائها عند عودتها إلى فرنسا أن النقابات العمالية الألمانية كانت القوة الوحيدة القادرة على إحداث ثورة في ألمانيا، إلا أنّها قوة إصلاحية بالكامل. وفي 1933، انتقدت سيمون مفهوم البيروقراطية وجادلت أنها ترفع مستوى الإدارة والتفكير الجماعي ضد العامل بشكل فردي وشخصي. وانتقدت سيموت ميل المنظمات الاجتماعية توليد البيروقراطية ودعت إلى فهم العمال للعمل اليدوي الذي يؤدونه في سياق الجهاز التنظيمي بأكمله. | + | في أوائل أغسطس 1932، سافرت سيمون فايل إلى ألمانيا محاولة منها الحصول على فهم أفضل للظروف التي تعزز النازية. وكتبت سيمون إلى أصدقائها عند عودتها إلى فرنسا أن النقابات العمالية الألمانية كانت القوة الوحيدة القادرة على إحداث ثورة في ألمانيا، إلا أنّها قوة إصلاحية بالكامل. وفي 1933، انتقدت سيمون مفهوم البيروقراطية وجادلت أنها ترفع مستوى الإدارة والتفكير الجماعي ضد العامل-ة بشكل فردي وشخصي. كما. انتقدت فايل المنظمات الاجتماعية التي تؤدي إلى توليد البيروقراطية ودعت إلى فهم نوعية العمل اليدوي الذي يؤدويه العمال في سياق الجهاز التنظيمي بأكمله. |
| | | |
− | في نصها "تأملات حول أسباب الحرية والاضطهاد الاجتماعي" (1934) (بالإنجليزية: Reflections Concerning the Causes of Liberty and Social Oppression)، قدمت سيمون تلخيصًا لفكرها المبكر وتوصيفًا مسبقًا للعناصر المركزية في مسارها الفكري. يستخدم المقال أسلوب تحليل ماركسي يركز على المضطهدين/ات وتحديدًا عمال وعاملات العمل اليدوي وينتقد موقفها كمفكرة. وتشير في نصها إلى أهمية التفكير الفردي الدقيق وغير التقليدي الذي يوحد النظرية والممارسة ضد الكليشيهات الجماعية والدعاية والتعتيم والإفراط في التخصص.<ref>Simone Weil, [https://www.taylorfrancis.com/chapters/re%EF%AC%82ections-concerning-causes-liberty-social-oppression-simone-weil/10.4324/9780203167632-5 Reflections Concerning the Causes of Liberty and Social Oppression], Routledge 2001. | + | في نصها "تأملات حول أسباب الحرية والاضطهاد الاجتماعي" (1934) (بالإنجليزية: Reflections Concerning the Causes of Liberty and Social Oppression)، قدمت سيمون تلخيصًا لفكرها المبكر وتوصيفًا مسبقًا للعناصر المركزية في مسارها الفكري. يستخدم المقال تحليل ماركسي يركز على المضطهدين/ات وتحديدًا عمال وعاملات العمل المصانع، وتنتقد فايل فيه نفسها كمفكرة. وتشير في نصها إلى أهمية التفكير الفردي الدقيق وغير التقليدي الذي يوحد النظرية والممارسة ضد الكليشيهات الجماعية والدعاية والتعتيم والإفراط في التخصص.<ref>Simone Weil, [https://www.taylorfrancis.com/chapters/re%EF%AC%82ections-concerning-causes-liberty-social-oppression-simone-weil/10.4324/9780203167632-5 Reflections Concerning the Causes of Liberty and Social Oppression], Routledge 2001. |
| </ref> وشكلت هذه الأفكار إطارًا نظريًا لممارستها للفلسفة حيث أنها قبل أشهر من موتها، كتبت في مذكراتها: "الفلسفة (بما في ذلك مشاكل الإدراك، إلخ) هي حصريًا مسألة فعل وممارسة". | | </ref> وشكلت هذه الأفكار إطارًا نظريًا لممارستها للفلسفة حيث أنها قبل أشهر من موتها، كتبت في مذكراتها: "الفلسفة (بما في ذلك مشاكل الإدراك، إلخ) هي حصريًا مسألة فعل وممارسة". |
| | | |
− | ركزت سيمون في العديد من كتابتها على نقد الماركسية وطبيعة بيئة العمل. وبالرغم من أنه كان يكتب العديد من المفكرين في دوائر سيمون فايل عن محنة الطبقة العاملة أيضًا، إلا أن قلة قليلة من زملائها فكروا في فعل ما قامت به ورأته أساسي للغاية: الذهاب إلى مكان العمل ورؤية حالة العمال عن كثب؛ فبعد سفرها، تقدمت سيمون بطلب إجازة من التدريس، وقررت أن تقضي عامًا من العمل في المصانع الباريسية؛ وذلك انطلاقًا من رغبتها في الانتماء إلى المجموعات الأكثر اضطهادًا؛ أي العاملات اليدويات غير المتخصصات. قضت سيمون 24 أسبوعًا من العمل، وتُعتبر هذه التجربة أساسية لفهم تطور فكرها الديني. في مصانع باريس، بدأت سيمون تفهم عن كثب تطبيع الوحشية في عصر الصناعة الحديثة؛ فكتبت في "مذكرات المصنع" أن الوقت عبئًا لا يطاق. وكتبت أيضًا عن إطار العمل نفسه؛ فرأت أن أعمال المصنع الحديثة تتكون من عنصريين أساسيين: أوامر من الرؤساء وزيادة سرعة الإنتاج. وأدى استمرار مديرو المصانع في المطالبة بالمزيد من العمل إلى التعب وبالتالي إبطاء العمل. نتيجة لذلك، ترى سيمون أن طبيعة العمل غير إنسانية. من الناحية الظاهرية، كانت تجربتها في المصنع أقل من معاناة جسدية في حد ذاتها، وأكثر من كونها تجربة إذلال. أشارت سيمون إلى تفاجأها من أن هذا الإذلال لم ينتج عنه تمرد، بل إرهاق وطاعة. ووصفت تجربتها في المصانع بأنها نوع من "العبودية". وكان تركيز تحليل سيمون فايل في كل سياستها وكتاباتها على العامل الفردي في سياق معيشته الكلي. | + | ركزت سيمون في العديد من كتابتها على نقد الماركسية وطبيعة بيئة العمل. وبالرغم من أنه كان يكتب العديد من المفكرين في دوائر سيمون فايل عن محنة الطبقة العاملة أيضًا، إلا أن قلة من زملائها فكروا في فعل ما قامت به ورأته أساسي للغاية: الذهاب إلى مكان العمل ورؤية حالة العمال عن كثب؛ فبعد سفرها، تقدمت سيمون بطلب إجازة من التدريس، وقررت أن تقضي عامًا من العمل في المصانع الباريسية؛ وذلك انطلاقًا من رغبتها في الانتماء إلى المجموعات الأكثر اضطهادًا؛ أي العاملات اليدويات غير المتخصصات. قضت سيمون 24 أسبوعًا من العمل، وتُعتبر هذه التجربة أساسية لفهم تطور فكرها الروحاني. في مصانع باريس، بدأت سيمون تفهم عن كثب تطبيع الوحشية في عصر الصناعة الحديثة؛ فكتبت في مذكراتها "أن الوقت عبئًا لا يطاق". وكتبت أيضًا عن إطار العمل نفسه؛ فرأت أن أعمال المصنع الحديثة تتكون من عنصريين أساسيين: أوامر من الرؤساء وزيادة سرعة الإنتاج. وأدى استمرار مديرو المصانع في المطالبة بالمزيد من العمل إلى التعب وبالتالي إبطاء العمل. نتيجة لذلك، ترى سيمون أن طبيعة العمل غير إنسانية. من الناحية الظاهرية، كانت تجربتها في المصنع أقل من معاناة جسدية في حد ذاتها، وأكثر في كونها تجربة إذلال. أشارت سيمون إلى صدمتها من أن الإذلال لم ينتج عنه تمرد، بل إرهاق وطاعة. ووصفت تجربتها في المصانع بأنها نوع من "العبودية". وكان تركيز تحليل سيمون فايل في كل سياستها وكتاباتها على العامل الفردي في سياق معيشته الكلي. |
| | | |
| | | |
| | | |
| ===نقدها للثورة الصناعية=== | | ===نقدها للثورة الصناعية=== |
− | في أغسطس 1933، كتبت سيمون عن تحليلها ونقدها في مجلة طليعية مناهضة للستالينية تسمى ثورة البلوريتاريين Revolution Proletarienne حيث أشارت أن ثورة القرن العشرين الحقيقية هي ثورة من كوادر من النخب البيروقراطية وليست من البروليتاريا. لم يقتصر تحليل سيمون فايل لجذور الاضطهاد التكنوقراطي ونقد ما أطلق عليه ميشيل كروزير بعد عقود الظاهرة البيروقراطية، على إلقاء اللوم السهل على أحزاب أو شخصيات معينة أو حتى التكنوقراط أنفسهم، بل حللت بعض أصول المشكلة في عملية التطور التكنولوجي نفسه وافترحت خطوط تحليل محتملة لفشل الاتحاد السوفياتي من وجهة نظر العمال، كما وربطت العمال والعاملات والفنيين والمهندسين والعلماء في محنة شائعة تسمى بالتكنوقراطية: | + | في أغسطس 1933، كتبت سيمون عن تحليلها ونقدها في مجلة طليعية مناهضة للستالينية تسمى ريفولوسيون بلوريتاريين Revolution Proletarienne، حيث أشارت أن ثورة القرن العشرين هي في الحقيقة ثورة كوادر النخب البيروقراطية. لم يقتصر تحليل فايل لجذور الاضطهاد التكنوقراطي ونقد-ما أطلق عليه ميشيل كروزير بعد عقود اسم-"الظاهرة البيروقراطية"، على إلقاء اللوم السهل على أحزاب أو شخصيات معينة أو حتى التكنوقراط أنفسهم، بل حللت بعض أصول المشكلة في عملية التطور التكنولوجي نفسه واقترحت خطوط تحليل محتملة لفشل الاتحاد السوفياتي من وجهة نظر العمال، كما وربطت العمال والعاملات والفنيين والمهندسين والعلماء في محنة شائعة تسمى بالتكنوقراطية: |
| | | |
| <blockquote> | | <blockquote> |