سطر 28: |
سطر 28: |
| | | |
| كان الطب النفسي والتحليل النفسي مجالا محتكرًا من طرف الرجال، لذا كان التحيّز بناء على النوع الإجتماعي واضحًا في التشخيص النفسي للنساء، فقد أشارت دراسة بروفرمان<ref>[https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/00050067508256473?journalCode=rapy20 Sex role stereotypes and clinical psychologists: An australian study Margaret Anderson]</ref> إلى أن ما يفصل بين المرأة السليمة والرجل السليم هو بأن تكون الأولى "أكثر خضوعًا، أقل استقلالية، أكثر تأثرًا، أقل عنفًا، أقل تنافسية، أكثر عاطفية، أكثر اهتمامًا بالمظاهر، أقل حيادية، وأقل اهتمامًا بالرياضيات والعلوم..." و هي معايير تنبع من قلب المنظومة الأبوية. لذا كانت تُشخص بالجنون كل امرأة لم تتسم بتلك الصفات. بالمقابل نجد النظام الأبوي يسقط في ازدواجية المعايير، حيث توصم حتى النساء اللواتي توفرت فيهن جميع المعايير أعلاه لأسباب أخرى حسب ما تراه الأسرة و المجتمع. و بالتالي، فقد كانت كلمة "امرأة" تعتبر مرادفًا للاضطراب والجنون.<ref>[https://www.nytimes.com/1972/12/31/archives/women-and-madness-by-phyllis-chesler-illustrated-359-pp-new-york.html Women and Madness By Adrienne Rich] - Paragraph 3 & 4</ref> | | كان الطب النفسي والتحليل النفسي مجالا محتكرًا من طرف الرجال، لذا كان التحيّز بناء على النوع الإجتماعي واضحًا في التشخيص النفسي للنساء، فقد أشارت دراسة بروفرمان<ref>[https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/00050067508256473?journalCode=rapy20 Sex role stereotypes and clinical psychologists: An australian study Margaret Anderson]</ref> إلى أن ما يفصل بين المرأة السليمة والرجل السليم هو بأن تكون الأولى "أكثر خضوعًا، أقل استقلالية، أكثر تأثرًا، أقل عنفًا، أقل تنافسية، أكثر عاطفية، أكثر اهتمامًا بالمظاهر، أقل حيادية، وأقل اهتمامًا بالرياضيات والعلوم..." و هي معايير تنبع من قلب المنظومة الأبوية. لذا كانت تُشخص بالجنون كل امرأة لم تتسم بتلك الصفات. بالمقابل نجد النظام الأبوي يسقط في ازدواجية المعايير، حيث توصم حتى النساء اللواتي توفرت فيهن جميع المعايير أعلاه لأسباب أخرى حسب ما تراه الأسرة و المجتمع. و بالتالي، فقد كانت كلمة "امرأة" تعتبر مرادفًا للاضطراب والجنون.<ref>[https://www.nytimes.com/1972/12/31/archives/women-and-madness-by-phyllis-chesler-illustrated-359-pp-new-york.html Women and Madness By Adrienne Rich] - Paragraph 3 & 4</ref> |
− |
| |
− |
| |
− |
| |
− |
| |
− | زاد خلال ثمانينيات القرن العشرين الاهتمام بتنوع تجارب النساء وتقاطع قضاياهن. فصرحت لجنة الرئيس المعنية بالصحة العقلية PCMH أن الآثار المترتبة عن التمييز الجنسي على الصحة العقلية تؤثر على النساء من جميع الأعمار والمجموعات المنتمية إلى أقليّات إثنية وعرقية وظروف اجتماعية واقتصادية مختلفة، وبالتالي يجب أن تكون سياقاتهم أولوية عند وضع السياسات والبرامج التنفيذية. وفي 1984، دعم اللجنة مؤتمرًا طور فيه مجموعة من النساء المتنوعة خطة لصحة النساء العقلية تركز على الحاجة لتحليل الاختلافات التفاعلية في سياقات واحتياجات النساء باختلافاتهن، والتي تشمل على النساء المنتميات للأقليات الإثنية والنساء الأكبر سنًا والمثليات جنسيًا والنساء المصابة بأمراض عقلية مزمنة. وبالرغم من ازدياد أبحاث وكتابات النساء المنتمية إلى أقليات إثنية ومطالبتهم بإدماجها في التيار الرئيسي في تلك الفترة، إلا أن أغلب الكتب الدراسية المعنية بسيكولوجية النساء في تلك الفترة استمرت في التركيز على النساء البيض والمنتميات للطبقة الوسطى.<ref>Brown, Goodwin, Hall, & Jackson-Lowman, [https://psycnet.apa.org/record/1986-15632-001 A review of psychology of women textbooks: Focus on the Afro-American woman.], 1985 </ref>
| |
| | | |
| ==تاريخ تطور النظرية== | | ==تاريخ تطور النظرية== |
سطر 47: |
سطر 42: |
| ينطلق البحث النسوي من الفرضية بأن المرتبة المتدنية للنساء هي حصيلة الصيغ والقيم المجتمعية المتصلة بالبطريركية والامتيازات الذكورية، وليست بسبب الاختلافات البيولوجية انما بالتفسيرات المبنية على ذلك. ويوجّه نقدًا للأبحاث التقليدية في علم النفس التي تحتكر مصادر المعرفة وتحلل المشاركين والمشاركات من وجهة نظر ذكورية. المهم أيضًا هنا ملاحظة أن جميع منهجيات البحث الحالية المطبقة في مجالات البحث النفسي، الاجتماعي والأدبي تتمحور حول الهيمنة الذكورية. | | ينطلق البحث النسوي من الفرضية بأن المرتبة المتدنية للنساء هي حصيلة الصيغ والقيم المجتمعية المتصلة بالبطريركية والامتيازات الذكورية، وليست بسبب الاختلافات البيولوجية انما بالتفسيرات المبنية على ذلك. ويوجّه نقدًا للأبحاث التقليدية في علم النفس التي تحتكر مصادر المعرفة وتحلل المشاركين والمشاركات من وجهة نظر ذكورية. المهم أيضًا هنا ملاحظة أن جميع منهجيات البحث الحالية المطبقة في مجالات البحث النفسي، الاجتماعي والأدبي تتمحور حول الهيمنة الذكورية. |
| | | |
− | الأبحاث التقليدية في علم النفس على وجه التحديد تقوم بتخطيط الأبحاث وتحليل النتائج بناء على هذه النظرية. وتقوم بتفسير النتائج من أجل الحفاظ على منظومة علاقات القوة والامتيازات الممنوحة للرجال. | + | الأبحاث التقليدية في علم النفس على وجه التحديد تقوم بتخطيط الأبحاث وتحليل النتائج بناء على هذه النظرية. وتقوم بتفسير النتائج من أجل الحفاظ على منظومة علاقات القوة والامتيازات الممنوحة للرجال. الدراسة القائمة على علم النفس النسوي تفحص القيم المجتمعية وكيفية تطبيقها. تفحص بشكل أدق هل الاختلافات الجندرية هي مفهومة ضمنًا أو أنها نتاج لهذه القيم المجتمعية. يحاول علم النفس النسوي تقديم تعريفات بديلة للقيم الاجتماعية والأدوار الجندرية من أجل ادراج النساء وتجاربهن، مبادئهن ورأيهن في الهيكلة المجتمعية للأدوار الجندرية في تحليل نتائج الأبحاث وعدم أخذها كمفهومة ضمنًا. لهذه الأبحاث دور مهم في تحريك الجمهور نحو التشكيك بالوضع القائم والتحفيز لإيجاد بديل. |
− | الدراسة القائمة على علم النفس النسوي تفحص القيم المجتمعية وكيفية تطبيقها. تفحص بشكل أدق هل الاختلافات الجندرية هي مفهومة ضمنًا أو أنها نتاج لهذه القيم المجتمعية. يحاول علم النفس النسوي تقديم تعريفات بديلة للقيم الاجتماعية والأدوار الجندرية من أجل ادراج النساء وتجاربهن، مبادئهن ورأيهن في الهيكلة المجتمعية للأدوار الجندرية في تحليل نتائج الأبحاث وعدم أخذها كمفهومة ضمنًا. | |
− | لهذه الأبحاث دور مهم في تحريك الجمهور نحو التشكيك بالوضع القائم والتحفيز لإيجاد بديل. | |
| | | |
| النقلة النوعية في أبحاث علم النفس النسوي هي أنها أُنجزت من قِبَل ومن أجل النساء، وتعمل على البحث في نظام حياة النساء بعمق في حين أن باقي الأبحاث كانت تعالجه بشكل سطحي مع التقليل من قيمة الإهتمام الذي يستحقه، و تدّعي أبحاث اخرى أن النساء راضيات بالتقسيم المجتمعي للأدوار الجندرية. في حين توصلت أبحاث في علم النفس النسوي إلى أن النساء يعانين من مستويات أعلى من القلق والارهاق نتيجة للأعباء الكثيرة الملقاة عليهن. | | النقلة النوعية في أبحاث علم النفس النسوي هي أنها أُنجزت من قِبَل ومن أجل النساء، وتعمل على البحث في نظام حياة النساء بعمق في حين أن باقي الأبحاث كانت تعالجه بشكل سطحي مع التقليل من قيمة الإهتمام الذي يستحقه، و تدّعي أبحاث اخرى أن النساء راضيات بالتقسيم المجتمعي للأدوار الجندرية. في حين توصلت أبحاث في علم النفس النسوي إلى أن النساء يعانين من مستويات أعلى من القلق والارهاق نتيجة للأعباء الكثيرة الملقاة عليهن. |
| | | |
| أبحاث علم النفس النسوي لها أهداف مزدوجة- فمن جهة تعمل على تطوير معرفة جديدة تُدرج فيها تجارب النساء، ومن جهة أخرى تسعى إلى التغيير الاجتماعي. وهذا هو الاختلاف الجوهري بينها وبين الأبحاث التقليدية في علم النفس والتي سعت فقط إلى ايجاد تفسيرات علمية وأحيانًا ثابتة لتصرفات الأفراد. إضافة إلى ذلك، البحث النسوي يُدار ضمن أطر مبادئ وأفكار للتيارات النسوية المختلفة، ويسعى بالأساس إلى إضافة الطابع العملي للنظريات النسوية. | | أبحاث علم النفس النسوي لها أهداف مزدوجة- فمن جهة تعمل على تطوير معرفة جديدة تُدرج فيها تجارب النساء، ومن جهة أخرى تسعى إلى التغيير الاجتماعي. وهذا هو الاختلاف الجوهري بينها وبين الأبحاث التقليدية في علم النفس والتي سعت فقط إلى ايجاد تفسيرات علمية وأحيانًا ثابتة لتصرفات الأفراد. إضافة إلى ذلك، البحث النسوي يُدار ضمن أطر مبادئ وأفكار للتيارات النسوية المختلفة، ويسعى بالأساس إلى إضافة الطابع العملي للنظريات النسوية. |
| + | |
| لا تدعي الباحثات في علم النفس النسوي بأن نتائج أبحاثهن هي حقيقة مطلقة ولسن مخوّلات بالحديث باسم كل النساء- الهدف الاساسي من تخطيط البحث هو فتح مجال للنقاش وللتشكيك في البنية المجتمعية والتفسيرات الجندرية المتفق عليها. النساء اللواتي يعملن في مجال البحث النسوي يأخذن بعين الاعتبار تعدد وجهات النظر النساء وتعدديتهن واختلافاتهن، وهن ملتزمات بإحضار وإسماع هذه الاصوات المتعددة. وهذه نقطة اختلاف اضافية بينها وبين الأبحاث التقليدية في علم النفس. | | لا تدعي الباحثات في علم النفس النسوي بأن نتائج أبحاثهن هي حقيقة مطلقة ولسن مخوّلات بالحديث باسم كل النساء- الهدف الاساسي من تخطيط البحث هو فتح مجال للنقاش وللتشكيك في البنية المجتمعية والتفسيرات الجندرية المتفق عليها. النساء اللواتي يعملن في مجال البحث النسوي يأخذن بعين الاعتبار تعدد وجهات النظر النساء وتعدديتهن واختلافاتهن، وهن ملتزمات بإحضار وإسماع هذه الاصوات المتعددة. وهذه نقطة اختلاف اضافية بينها وبين الأبحاث التقليدية في علم النفس. |
| | | |
سطر 65: |
سطر 59: |
| عرضت أعمال أدبية عدة تواطؤ ومشاركة الطب النفسي السائد في تأديب النساء ووضع قيود على ما كان يعتبر نشاطًا عاطفيًا وجنسًا وفنيًا غير مقيد. سلطت [[سيلفيا بلاث]]، في روايتها The Bell Jar، التي نُشرت في الولايات المتحدة في عام 1971، بالإضافة إلى يوميات [[فرجينيا وولف]] المكونة من خمسة مجلدات (1977-1984)، الضوء على تجارب النساء مع المرض النفسي ورفع مستوى الوعي بالمخاطر التي تواجهها النساء بسبب الأبوية الطبية. | | عرضت أعمال أدبية عدة تواطؤ ومشاركة الطب النفسي السائد في تأديب النساء ووضع قيود على ما كان يعتبر نشاطًا عاطفيًا وجنسًا وفنيًا غير مقيد. سلطت [[سيلفيا بلاث]]، في روايتها The Bell Jar، التي نُشرت في الولايات المتحدة في عام 1971، بالإضافة إلى يوميات [[فرجينيا وولف]] المكونة من خمسة مجلدات (1977-1984)، الضوء على تجارب النساء مع المرض النفسي ورفع مستوى الوعي بالمخاطر التي تواجهها النساء بسبب الأبوية الطبية. |
| [[ملف:غلاف السيدة دالواي.jpg|تصغير|غلاف رواية "السيدة دالواي" لـ فيرجينيا وولف، فينتاج بوكس، ٢٠٢٠]] | | [[ملف:غلاف السيدة دالواي.jpg|تصغير|غلاف رواية "السيدة دالواي" لـ فيرجينيا وولف، فينتاج بوكس، ٢٠٢٠]] |
| + | |
| كما تتطرق فيرجينيا وولف إلى الطبيب النفسي القمعي في رواياتها. وتحديدًا، في السيدة دالواي، حيث أن "الشرير" هو السير ويليام برادشو، وهو طبيب نفسي يرى كل الأمراض الباطنية على أنها مجرد "نقص في التناسب" ويسيء التعامل مع انهيار إحدى شخصيات الرواية، السيدة سبتيموس وارين سميث. العلاج الوحيد الذي يطرحه برادشو هو حبس الناس، وبالتالي سلبهم من حقوقهم السياسية والوجودية. وتصوره وولف في كتاباتها كنوع من المحارب العسكري وتجسيد للاسبتداد. | | كما تتطرق فيرجينيا وولف إلى الطبيب النفسي القمعي في رواياتها. وتحديدًا، في السيدة دالواي، حيث أن "الشرير" هو السير ويليام برادشو، وهو طبيب نفسي يرى كل الأمراض الباطنية على أنها مجرد "نقص في التناسب" ويسيء التعامل مع انهيار إحدى شخصيات الرواية، السيدة سبتيموس وارين سميث. العلاج الوحيد الذي يطرحه برادشو هو حبس الناس، وبالتالي سلبهم من حقوقهم السياسية والوجودية. وتصوره وولف في كتاباتها كنوع من المحارب العسكري وتجسيد للاسبتداد. |
| ونجد نظير برادشو في رواية "المدينة ذات الأربع أبواب" لـ [[دوريس ليسنغ]]، وهي روائية نسوية يسارية. وفي روايتها، تتحدث ليسنغ عن دكتور لامب، والذي يمثل نفس "الشر" الذي مثلته وولف في برادشو، وتضع ليسنغ انسانية دكتور لامب موضع التساؤل. | | ونجد نظير برادشو في رواية "المدينة ذات الأربع أبواب" لـ [[دوريس ليسنغ]]، وهي روائية نسوية يسارية. وفي روايتها، تتحدث ليسنغ عن دكتور لامب، والذي يمثل نفس "الشر" الذي مثلته وولف في برادشو، وتضع ليسنغ انسانية دكتور لامب موضع التساؤل. |
− | وفي رواية "جين اير" لشارلوت برونت، يلعب الراهب دور "طبيب نفساني" بديل. أما في روايات [[مارغريت اتوود]]، فنجد أن قوة الذكور، وتحديدًا أصحاب القوة، غير شخصية تمامًا، تتسجد في مجموعة من القمعيين تطلق عليها اتوود تسمية "الأمريكان". | + | وفي رواية "جين اير" لشارلوت برونت، يلعب الراهب دور "طبيب نفساني" بديل. أما في رو |
| + | ايات [[مارغريت اتوود]]، فنجد أن قوة الذكور، وتحديدًا أصحاب القوة، غير شخصية تمامًا، تتسجد في مجموعة من القمعيين تطلق عليها اتوود تسمية "الأمريكان". |
| القاسم المشترك بين الروائيات المذكورات ورواياتهن، وذلك بحسب الباحثة باربارا هيل ريغني، أنهن يقدمن دراسات عن ضمير الأنثى المنسلب في مقابل المجتمع الذكوري/المرتكز على الرجل أو مقابل السلطة الذكورية المتمثلة برجل، وغالبًا ما يكون إما معالج نفسي أو روحاني. وفي كل الروايات نفسها، ترفض البطلات شخصية الأب، وبدرجات متفاوتة، يشرعن في البحث عن الأم. وتعطي ريغني مثالًا عن كيف ترى النسوية [[أدريان ريتش]]، في كتابها "ولدت امرأة"، كل النساء كمتلقيات للصدمات النفسية لكونهن حرموا من حب شخصيات من جنسهن، أي أنهن لم يتبنين المثلية كهوية أو كممارسة. وكذلك تشير ريغني إلى أن فيرجينيا وولف ودوريس ليسنغ ومارغارت اتوود، على وجه الخصوص، كتبن شخصياتهن المصابة بالفصام على أنهن شخصيات شبه دينية، أو قديسات، أو علماء يبحثن عن شكل من أشكال الحقيقة. | | القاسم المشترك بين الروائيات المذكورات ورواياتهن، وذلك بحسب الباحثة باربارا هيل ريغني، أنهن يقدمن دراسات عن ضمير الأنثى المنسلب في مقابل المجتمع الذكوري/المرتكز على الرجل أو مقابل السلطة الذكورية المتمثلة برجل، وغالبًا ما يكون إما معالج نفسي أو روحاني. وفي كل الروايات نفسها، ترفض البطلات شخصية الأب، وبدرجات متفاوتة، يشرعن في البحث عن الأم. وتعطي ريغني مثالًا عن كيف ترى النسوية [[أدريان ريتش]]، في كتابها "ولدت امرأة"، كل النساء كمتلقيات للصدمات النفسية لكونهن حرموا من حب شخصيات من جنسهن، أي أنهن لم يتبنين المثلية كهوية أو كممارسة. وكذلك تشير ريغني إلى أن فيرجينيا وولف ودوريس ليسنغ ومارغارت اتوود، على وجه الخصوص، كتبن شخصياتهن المصابة بالفصام على أنهن شخصيات شبه دينية، أو قديسات، أو علماء يبحثن عن شكل من أشكال الحقيقة. |
| + | |
| وسبق أن كتبت دوريس لسنغ أنه من "خلال الجنون والمتغيرات الجذرية غير المنتظمة، نجد الحقيقة". وكذلك تؤكد آتوود أن الرؤية والحقيقة تأتي بعد "فشل المنطق". وشخصية سبتيموس "المجنونة" في رواية فيرجينيا وولف تصبح فيما بعد قديسة. وحتى في جين أير، والتي تعد نتاج علم النفس ما بعد الحداثة، فإن المرأة "المجنونة" لها ما يبررها حتى في طريقة كراهيتها. وبالتالي، للكاتبات طريقة في وصف علاقة النساء مع الجنون والحالات النفسية كنوع من العلاقة الروحانية والأسطورية التي تتولد نتيجة قمع المجتمع وعدم محاولة "قواد" المجتمع الرجال من فهمهن. وفي هذا الإطار، تكتب [[فيليس تشسلر]]، في كتاب "المرأة والجنون": | | وسبق أن كتبت دوريس لسنغ أنه من "خلال الجنون والمتغيرات الجذرية غير المنتظمة، نجد الحقيقة". وكذلك تؤكد آتوود أن الرؤية والحقيقة تأتي بعد "فشل المنطق". وشخصية سبتيموس "المجنونة" في رواية فيرجينيا وولف تصبح فيما بعد قديسة. وحتى في جين أير، والتي تعد نتاج علم النفس ما بعد الحداثة، فإن المرأة "المجنونة" لها ما يبررها حتى في طريقة كراهيتها. وبالتالي، للكاتبات طريقة في وصف علاقة النساء مع الجنون والحالات النفسية كنوع من العلاقة الروحانية والأسطورية التي تتولد نتيجة قمع المجتمع وعدم محاولة "قواد" المجتمع الرجال من فهمهن. وفي هذا الإطار، تكتب [[فيليس تشسلر]]، في كتاب "المرأة والجنون": |
− | | + | <blockquote> |
− | '''ولعل النساء الغاضبات والحزينات في المصحات العقلية هن نساء الأمازون اللواتي عدن إلى الأرض بعد عدة قرون. وكل واحدة منها تجري بحثًا خاصًا وغامض عن الإنتماء - بحث أسميناه "الجنون".
| + | ولعل النساء الغاضبات والحزينات في المصحات العقلية هن نساء الأمازون اللواتي عدن إلى الأرض بعد عدة قرون. وكل واحدة منها تجري بحثًا خاصًا وغامض عن الإنتماء - بحث أسميناه "الجنون". |
− | '''
| + | </blockquote> |
| | | |
| [[ملف:مي زيادة.jpg|تصغير|الكاتبة مي زيادة، والتي تم ادخالها إلى مصحة العصفورية للأمراض النفسية في لبنان]] | | [[ملف:مي زيادة.jpg|تصغير|الكاتبة مي زيادة، والتي تم ادخالها إلى مصحة العصفورية للأمراض النفسية في لبنان]] |
− | وفي الأدب العربي، حاولت [[مي زيادة]] معالجة ما تعرضت له بعد أن أدخلها أقاربها إلى مصحة العصفورية للأمراض النفسية في لبنان، إلا أنها استطاعت اثبات سلامتها العقلية والخروج من المستشفى. ويظهر هذا بشكل أساسي في "كتابات منسية"، حيث قامت الباحثة الألمانية أنيتا زيغلر بجمع كتابات مي زيادة التي صدرت في أعوامها الأخيرة وهي تلقي ضوءًا جديدًا على حياة مي زيادة، خصوصًا العقد المأساوي الأخير منها. كما تسعى الرسامة باسكال غزالي إلى رسم قصة حياتها. | + | وفي الأدب العربي، حاولت [[مي زيادة]] معالجة ما تعرضت له بعد أن أدخلها أقاربها إلى مصحة العصفورية للأمراض النفسية في لبنان، إلا أنها استطاعت اثبات سلامتها العقلية والخروج من المستشفى. ويظهر هذا بشكل أساسي في "كتابات منسية"، حيث قامت الباحثة الألمانية [[أنيتا زيغلر]] بجمع كتابات مي زيادة التي صدرت في أعوامها الأخيرة وهي تلقي ضوءًا جديدًا على حياة مي زيادة، خصوصًا العقد المأساوي الأخير منها. وفي 2019، كتبت باسكال غزالي ورقتها "البحث عن مي" ونشرها المجلس العربي للعلوم الاجتماعية،<ref>[[:ملف:المقاومة الجندرية.pdf | البحث عن مي]]؛ ص93؛ المجلس العربي للعلوم الاجتماعية. |
| + | </ref> وتعمل حاليًا على إنتاج قصة مصوّرة عن مي زيادة بمساعدة منحة كتابية من آفاق. |
| | | |
| ==العلاج النفسي النسوي== | | ==العلاج النفسي النسوي== |
سطر 83: |
سطر 81: |
| | | |
| ==مشاريع ومبادرات== | | ==مشاريع ومبادرات== |
− |
| |
| ===أصوات نسوية في علم النفس=== | | ===أصوات نسوية في علم النفس=== |
| سيكولوجي فيمينست فيوسز ([https://feministvoices.com/ Psychology's Feminist Voices])، هو مشروع وفريق بحث مقرّه جامعة يورك في تورنتو، كندا وفيه عضوات وأعضاء في قارات مختلفة. يستعمل المشروع مقاربات نقدية تاريخية تقاطعية لتحليل ارتباط علم النفس بقضايا الجندر. <ref> [https://feministvoices.com/aboutUs موقع Psychology Feminist Voices]</ref> | | سيكولوجي فيمينست فيوسز ([https://feministvoices.com/ Psychology's Feminist Voices])، هو مشروع وفريق بحث مقرّه جامعة يورك في تورنتو، كندا وفيه عضوات وأعضاء في قارات مختلفة. يستعمل المشروع مقاربات نقدية تاريخية تقاطعية لتحليل ارتباط علم النفس بقضايا الجندر. <ref> [https://feministvoices.com/aboutUs موقع Psychology Feminist Voices]</ref> |
− | يقدّم المشروع أرشيف رقمي مفتوح بوسائط متعددة عبر الانترنت يتضمن السير الذاتية لعالمات نفس قدمن مساهمات في مجال علم النفس كما لنساء في علم النفس النسوي كمجال بحثي منفصل. ويستعمل المشروع التاريخ الشفوي من خلال مقابلات مع عالمات نفس نسويات لتوثيق وحفظ واستكشاف العلاقة بين علم النفس والنسوية. المقابلات موجودة كفيديو عبر الموقع الإلكتروني كما أن نسخة نص PDF مفرغة منها متوفرة للتحميل. | + | يقدّم المشروع أرشيف رقمي مفتوح بوسائط متعددة عبر الإنترنت يتضمن السير الذاتية لعالمات نفس قدمن مساهمات في مجال علم النفس كما لنساء في علم النفس النسوي كمجال بحثي منفصل. ويستعمل المشروع التاريخ الشفوي من خلال مقابلات مع عالمات نفس نسويات لتوثيق وحفظ واستكشاف العلاقة بين علم النفس والنسوية. المقابلات موجودة كفيديو عبر الموقع الإلكتروني كما أن نسخة نص PDF مفرغة منها متوفرة للتحميل. |
| | | |
| ويشير المشروع في تقديمه للباحثات والطبيبات اللواتي ساهمن بإضافات مهمة لعلم النفس إلى أن البعض منهن لم يكن نسويات بالضرورة أو كن حتى معارضات لإدخال مفاهيم النسوية في علم النفس أو ربما من عنصريات و/أو ذكوريات. ويطرح أهمية الإضاءة على هؤلاء النساء، رغم ذلك، لأن مساهمات النساء عادة ما تلغى من التاريخ أو يقلل من أهميتها. كما يعرض لأهمية الحديث عن الماضي بتعقيداته المختلفة للتمكن من نقد الحاضر وكيف وصلنا إليه. | | ويشير المشروع في تقديمه للباحثات والطبيبات اللواتي ساهمن بإضافات مهمة لعلم النفس إلى أن البعض منهن لم يكن نسويات بالضرورة أو كن حتى معارضات لإدخال مفاهيم النسوية في علم النفس أو ربما من عنصريات و/أو ذكوريات. ويطرح أهمية الإضاءة على هؤلاء النساء، رغم ذلك، لأن مساهمات النساء عادة ما تلغى من التاريخ أو يقلل من أهميتها. كما يعرض لأهمية الحديث عن الماضي بتعقيداته المختلفة للتمكن من نقد الحاضر وكيف وصلنا إليه. |