سطر 13: |
سطر 13: |
| == تاريخ اللولب == | | == تاريخ اللولب == |
| | | |
− | في عام 1909 قدم الطبيب الألماني '''ريكارد ريختر''' أول نموذج عن اللولب (الأجهزة داخل الرحم المانعة للحمل)، وكان جهازه عبارة عن حلقة مصنوعة من أمعاء دودة القز شُق طرفها السفلي من أجل أن تظهر (تتدلى) من عنق الرحم بعد وضع الحلقة داخل الرحم من أجل فحصها وإزالتها بسهولة. في منتصف العشرينات، قدم طبيب آخر هو كارل بوست جهازًا مشابهًا لجهاز ريختر؛ حلقة من أمعاء دودة القز متصلة بامتداد صلب مكون من خيط حريري يقع عند عنق الرحم ومزود بزر زجاجي لتغطية العنق. في ذات الوقت تقريبًا قدم '''إرنست جرافنبرغ''' حلقة مصنوعة من خليط من المعادن (النحاس والنيكل والزنك) كبديل عن أمعاء دودة القز، كان جرافنبرغ قد استخدم بداية نموذجا معدلًا من اختراع ريختر استخدم فيه الفضة، ولكن توقف استخدامها لاحقًا بسبب تحللها وذوبانها داخل الرحم وامتصاصها إلى الدم مما يسبب تسممًا بالمعادن الثقيلة. لجأ جرافنبرغ للمعادن من البداية بديلًا عن أمعاء دودة القز حتى يصبح تحديد مكان اللولب داخل الرحم ممكنًا بالتصوير بالأشعة، حيث أن نسيج دودة القز لم يكن يظهر في صورة الأشعة كما أن شق ذيل الحلقة عند مستوى الفتحة الخارجية لعنق الرحم كان سببًا في عبور البكتيريا إلى الرحم والتسبب في إلتهابات خطيرة. | + | في عام 1909، قدم الطبيب الألماني '''ريكارد ريختر''' أول نموذج عن اللولب (الأجهزة داخل الرحم المانعة للحمل)، وكان جهازه عبارة عن حلقة مصنوعة من أمعاء دودة القز شُق طرفها السفلي من أجل أن تظهر (تتدلى) من عنق الرحم بعد وضع الحلقة داخل الرحم من أجل فحصها وإزالتها بسهولة. في منتصف العشرينيات، قدم طبيب آخر هو كارل بوست جهازًا مشابهًا لجهاز ريختر؛ حلقة من أمعاء دودة القز متصلة بامتداد صلب مكون من خيط حريري يقع عند عنق الرحم ومزود بزر زجاجي لتغطية العنق. في ذات الوقت تقريبًا قدم '''إرنست جرافنبرغ''' حلقة مصنوعة من خليط من المعادن (النحاس والنيكل والزنك) كبديل عن أمعاء دودة القز، كان جرافنبرغ قد استخدم بداية نموذجا معدلًا من اختراع ريختر استخدم فيه الفضة، ولكن توقف استخدامها لاحقًا بسبب تحللها وذوبانها داخل الرحم وامتصاصها إلى الدم مما يسبب تسممًا بالمعادن الثقيلة. لجأ جرافنبرغ للمعادن من البداية بديلًا عن أمعاء دودة القز حتى يصبح تحديد مكان اللولب داخل الرحم ممكنًا بالتصوير بالأشعة، حيث أن نسيج دودة القز لم يكن يظهر في صورة الأشعة كما أن شق ذيل الحلقة عند مستوى الفتحة الخارجية لعنق الرحم كان سببًا في عبور البكتيريا إلى الرحم والتسبب في إلتهابات خطيرة. |
| | | |
− | انتشر استخدام حلقة جرافنبرغ على مستوى إنجلترا والتابعيات البريطانية من أستراليا إلى كندا، وكانت حلقة جرافنبرغ واحدة من عدة أدوات روج بشدة لاستخدامها بواسطة حركات عنصرية داعمة لأفكار تنقية النسل والتحكم بتعداد السكان. وقد حاول جرافنبرغ، عقب سفره إلى الولايات المتحدة، الترويج لاستخدام أداته ولكنه نُصح بعد محاولة نشرها بين زملائه الأطباء. حيث قيل له أن منع الحمل في أمريكا، بعيدًا عن أفكار [[حركة تحديد النسل]]، قد اعتبر رفاهية وليس ضرورة. | + | انتشر استخدام حلقة جرافنبرغ على مستوى إنجلترا والتابعيات البريطانية من أستراليا إلى كندا، وكانت حلقة جرافنبرغ واحدة من عدة أدوات روج بشدة لاستخدامها بواسطة حركات عنصرية داعمة لأفكار تنقية النسل والتحكم بتعداد السكان. وقد حاول جرافنبرغ، عقب سفره إلى الولايات المتحدة، الترويج لاستخدام أداته ولكنه نُصح بعدم محاولة نشرها بين زملائه الأطباء. حيث قيل له أن منع الحمل في أمريكا، بعيدًا عن أفكار [[حركة تحديد النسل]]، قد اعتبر رفاهية وليس ضرورة. |
| | | |
− | في خمسينات القرن العشرين كان الاختبارات تُجرى على اللولب بشكل موسع في عدة دول، منها اليابان التي بدأت تجارب سريرية موسعة على 20 ألف سيدة استمرت لمدة 20 عام، وشملت اختبار أكثر من 32 تنويعًا مختلفًا على حلقة جرافنبرغ. وفي ذات الوقت الذي كانت اليابان توظف اللولب للاستخدام كوسيلة منع حمل فعالة، كان المجتمع الطبي في الولايات المتحدة يرفض استخدامه ويعتبره وسيلة فاشلة لمنع الحمل، غير فعالة، تتسبب في نقل العدوى، كما أنها ترفع احتمال الإصابة بسرطان بطانة الرحم. نشرت نتائج الدراسة اليابانية في الولايات المتحدة في 1960 وقد كان لها نتائج ثورية حيث أنها نفت جميع هذه الإدعاءات بشكل كلي، فاللولب كان فعالًا، ولم تُسجل على مدار الدراسة طويلة الأمد ولو حالة واحدة للإصابة بسرطان الرحم بين مستخدماته في اليابان. | + | في خمسينيات القرن العشرين، كان الاختبارات تُجرى على اللولب بشكل موسع في عدة دول، منها اليابان التي بدأت تجارب سريرية موسعة على 20 ألف سيدة استمرت لمدة 20 عام، وشملت اختبار أكثر من 32 تنويعًا مختلفًا على حلقة جرافنبرغ. وفي ذات الوقت الذي كانت اليابان توظف اللولب للاستخدام كوسيلة منع حمل فعالة، كان المجتمع الطبي في الولايات المتحدة يرفض استخدامه ويعتبره وسيلة فاشلة لمنع الحمل، غير فعالة، تتسبب في نقل العدوى، كما أنها ترفع احتمال الإصابة بسرطان بطانة الرحم. نشرت نتائج الدراسة اليابانية في الولايات المتحدة في 1960 وقد كان لها نتائج ثورية حيث أنها نفت جميع هذه الإدعاءات بشكل كلي، فاللولب كان فعالًا، ولم تُسجل على مدار الدراسة طويلة الأمد ولو حالة واحدة للإصابة بسرطان الرحم بين مستخدماته في اليابان. |
| | | |
| على الرغم من قلة عدد مستخدمي اللولب داخل الولايات المتحدة، إلا أن الطبيب '''لازار مارغوليوس''' حاول تقديم اختراع جديد يُستخدم فيه - لأول مرة - مواد بلاستيكية معتمدة على '''البولي إيثيلين'''، وكان أول ابتكاراته أنبوبة على شكل حلقة بسُمك 6 ملم ممتلئة بمحلول معتم للإشعاع (يساعد إلى إظهار الحلقة عند التصوير بالأشعة). وقد لاقى جهازه فشلًا ذريعًا، فقد تسبب في نزيف مهبلي، آلام شديدة عند إدخاله إلى الرحم وقد رفضته أجسام بعض المريضات كذلك. وجدير بالذكر أن مارغوليوس قد استخدم جهازه على مريضات أجرين عملية ربط قناة فالوب (تعقيم أنثوي) لأغراض اختبارية فقط. ولذا لم يكن هناك مجال لمعرفة مدى فعالية جهازه لمنع الحمل حتى لو نجح في تركيبه بدون مشاكل. | | على الرغم من قلة عدد مستخدمي اللولب داخل الولايات المتحدة، إلا أن الطبيب '''لازار مارغوليوس''' حاول تقديم اختراع جديد يُستخدم فيه - لأول مرة - مواد بلاستيكية معتمدة على '''البولي إيثيلين'''، وكان أول ابتكاراته أنبوبة على شكل حلقة بسُمك 6 ملم ممتلئة بمحلول معتم للإشعاع (يساعد إلى إظهار الحلقة عند التصوير بالأشعة). وقد لاقى جهازه فشلًا ذريعًا، فقد تسبب في نزيف مهبلي، آلام شديدة عند إدخاله إلى الرحم وقد رفضته أجسام بعض المريضات كذلك. وجدير بالذكر أن مارغوليوس قد استخدم جهازه على مريضات أجرين عملية ربط قناة فالوب (تعقيم أنثوي) لأغراض اختبارية فقط. ولذا لم يكن هناك مجال لمعرفة مدى فعالية جهازه لمنع الحمل حتى لو نجح في تركيبه بدون مشاكل. |
| | | |
− | بأي حال، وعلى إثر نشر نتائج دراسة اليابان عن اللولب في الولايات المتحدة، بدأت شعبية اللولب داخل المجتمع الطبي في أمريكا بالتزايد والانتشار، وقد قام عدة أطباء وطبيبات، منها '''ماري هالتون وروبرت ديكنسون وكريستوفر تيتزي''' بابتكار أدوات مماثلة لحلقة جرافنبرغ استخدموا فيها أمعاء دودة القز مرة أخرى، وقد أثبتت ابتكاراتها فعالية عالية في منع الحمل وصلت إلى 98.9%. أما مارغوليوس فقد أصر على الاستمرار في استخدام البلاستيك، ونجح لاحقًا في ابتكار أنبوبة رفيعة من البولي إيثيلين بسماكة لا تزيد عن 3-4 ملم باستخدام بودرة البولي إيثيلين المخلوطة بمحلول الباريوم. وقد بدأ باستخدام جهازه على مريضاته وكانت مريضته الأولى هي زوجته، وكانت نتائج النسخة المعدلة من الابتكار أفضل من الأولى بكثير، حيث زادت الفعالية وقلت نسبة فشل وسيلة منع الحمل. | + | بأي حال، وعلى إثر نشر نتائج دراسة اليابان عن اللولب في الولايات المتحدة، بدأت شعبية اللولب داخل المجتمع الطبي في أمريكا بالتزايد والانتشار، وقد قام عدة أطباء وطبيبات، منهم/ن '''ماري هالتون''' و'''روبرت ديكنسون''' و'''كريستوفر تيتزي''' بابتكار أدوات مماثلة لحلقة جرافنبرغ استخدموا فيها أمعاء دودة القز مرة أخرى، وقد أثبتت ابتكاراتها فعالية عالية في منع الحمل وصلت إلى 98.9%. أما مارغوليوس فقد أصر على الاستمرار في استخدام البلاستيك، ونجح لاحقًا في ابتكار أنبوبة رفيعة من البولي إيثيلين بسماكة لا تزيد عن 3-4 ملم باستخدام بودرة البولي إيثيلين المخلوطة بمحلول الباريوم. وقد بدأ باستخدام جهازه على مريضاته وكانت مريضته الأولى هي زوجته، وكانت نتائج النسخة المعدلة من الابتكار أفضل من الأولى بكثير، حيث زادت الفعالية وقلت نسبة فشل وسيلة منع الحمل. |
| | | |
| استمرت خلال العقد التالي (الستينات) الأبحاث والابتكارات على اللولب، وتمحورت التجارب الساعية نحو الحصول على أفضل جهاز داخل الرحم لمنع الحمل حول شكل الأجهزة والمواد المستخدمة في تصنيعها. ابتكر الأمريكي '''هوارد تاتوم''' جهازًا على شكل حرف T لأول مرة، وكانت فعاليته لا تتجاوز 82% فحسب، وقد تزامنت أبحاثه مع نتائج دراسة أجراها التشيلي '''جايمي زيبر''' تثبت الخواص التثبيطية العالية لمعدن النحاس ضد نشاط الحيوانات المنوية، ولذا فقام تاتوم بتعديل ابتكاره بحيث أضاف النحاس إلى تركيب اللولب، وقد اعتمد الجهاز الخاص به للاستخدام كأول (جهاز داخل الرحم) لمنع الحمل داخل الولايات المتحدة وأول لولب نحاسي في العالم. | | استمرت خلال العقد التالي (الستينات) الأبحاث والابتكارات على اللولب، وتمحورت التجارب الساعية نحو الحصول على أفضل جهاز داخل الرحم لمنع الحمل حول شكل الأجهزة والمواد المستخدمة في تصنيعها. ابتكر الأمريكي '''هوارد تاتوم''' جهازًا على شكل حرف T لأول مرة، وكانت فعاليته لا تتجاوز 82% فحسب، وقد تزامنت أبحاثه مع نتائج دراسة أجراها التشيلي '''جايمي زيبر''' تثبت الخواص التثبيطية العالية لمعدن النحاس ضد نشاط الحيوانات المنوية، ولذا فقام تاتوم بتعديل ابتكاره بحيث أضاف النحاس إلى تركيب اللولب، وقد اعتمد الجهاز الخاص به للاستخدام كأول (جهاز داخل الرحم) لمنع الحمل داخل الولايات المتحدة وأول لولب نحاسي في العالم. |