وثيقة:أيعقل أن أقف في وجه نظرية التطور؟

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

Circle-icons-document.svg
مقالة رأي
تأليف رواند عيسى
تحرير غير معيّن
المصدر شباب السفير
اللغة العربية
تاريخ النشر 2015-03-17
مسار الاسترجاع http://shabab.assafir.com/Article/12376
تاريخ الاسترجاع 2018-07-07


نشرت هذه المقالة ضمن ملف "أمّهات المستقبل" على موقع شباب السفير



قد توجد وثائق أخرى مصدرها شباب السفير



أول شعور يجتاحني عندما يرن المنبّه في الصباح هو الرغبة بالبكاء، تليه محاولات إقناع نفسي بأنني هنا على قيد الحياة بإرادتي، وبأنّه رغم إيماني بلا جدوى الحياة فإنّ التجارب التي خضتها حتى الآن غير كافية لأقرّر إنهاء وجودي. على الأقل، أنا أعرف أن وضعي هذا لن يستمر، أظنه مربوطاً بالمرحلة السخيفة التي أعيشها، "أوائل العشرينيات وأزمة البحث عن هوية". لدي شعور يتطوّر بأنني لن أجد هويتي، سأظل أتخبط هكذا طوال حياتي، لكني سأعتاد على الأمر، وسأتعلّم أن أحبّه، ربّما. الأمر غير مربوط فقط بالهوية، هناك مليون "ضربة سخنة"، لكنّني مللت من ذكر الأسباب. من السهل ربط مشاعري الكئيبة بوصف سرياليّ كـ "أزمة البحث عن هوية". مثلاً:

- لمَ أنت حزينة؟

- عمري اثنان وعشرون.

- آه فهمت.


في البكالوريا، اكتشفت في درس العلوم أنّه يمكن للمرأة بعملية بسيطة أن تسدّ قناة اسمها الـ "فالوب"، وبذلك تمنع البويضات من الهروب من المبيض إلى الرحم، يعني لا حمل مدى الحياة. عشقت الفكرة، ووعدت نفسي بإقامة هذه العمليّة حين يصبح لديّ المال الكافي لها، قبل أن أكبر وأُجنّ وأقع في الحب، وأقرر على غفلة أنّني أريد أن أصير أماً. فعلاً ما الفائدة من التكاثر؟ ولو أن فكرة الإنجاب تبدو كقوّة خارقة سحرية، لكنّها أنانيّة! لمَ أريد الإنجاب؟ كي أشعر بالأمومة؟ كي أعطي لحياتي معنى؟ وماذا عن الإنسان الذي سآتي به إلى الحياة من دون خياره ليستيقظ كل صباح ويسأل عن معنى وجوده؟

بالطبع لقصة ولادتي أثر على قراري، لقد أتيتُ عن طريق "الخطأ"، لم يخطّط أهلي لإنجابي. وأمّي عندما اكتشفت أنّها حامل بي، حاولت التخلّص مني مرّات عدة، لكنّني كنت جنيناً عنيداً. أنجبتني في مستشفى رديء، ووصلت هي إلى حافة الموت قبل أن أخرج من أحشائها، أمّا أنا فولدت زرقاء اللون، مخنوقة، بلا نبض. أنقذنا الطبيب، وعشنا. لا أتذكر متى تعرّفت إلى هذه القصّة، لكنّني أعرفها منذ بدأت أفهم "بعض" الأشياء من حولي. لم أفهم قط لمَ أصرّت أمي أن تخبرني هذه القصّة مراراً وتكراراً حين كنت طفلة، كانت دوماً تقول: "جيتي بالغلط!"، وتضحك. لم أكن أفهم "الغلط" حينها، لكنّني كنت أربطه مباشرةً بوجودي. هل هذه بداية حياة مشرّفة مثلاً؟ كان والداي يريدان ممارسة الجنس فقط، القليل من المتعة، لكن لا، أرادت غريزة البقاء أن تعاقبهم بي، أن تحشرني في حياتهم غصباً عنهم. أيّ نوع من الكائنات المزعجة أنا؟

بالطبع سأمتنع عن الإنجاب! لكن، وبعد شهرٍ واحدٍ من القرار الحاسم أحببت شاباً مزعجاً أكثر مني، وأقنعني بأنّ فكرتي سخيفة، وقررنا أنّ أول طفلٍ لنا سيكون أسمه يسار. عندما انفصلت عن أبو يسار الثرثار، عادت فكرتي الجهنميّة بقمع غريزة التكاثر لديّ بسدّ الـ "فالوب". لكن مع الوقت، بدأت تندثر هذه الفكرة رويداً رويداً، ربما لأني وصلت إلى مرحلة لا أثق فيها بقراراتي تماماً، الشكّ في كل شيء أكل عقلي. بدأت أخاف من إبقاء أفكاري القديمة، خصوصاً في فترة المتاهة التي أعيشها هذه. ثم قد يكون الإنجاب والتكاثر يقرّبنا أكثر من التطوّر إلى جنس أفضل. علّه تسنح للأرض فرصة أن تحتوي كائناتٍ أرقى منّا، أيعقل مثلاً أن أقف في وجه نظرية التطوّر؟