وثيقة:لأجل اقتصاد عادل، سوف نسترجع مستقبلنا. بيان تعاونية الضمة عن الاقتصادات البديلة
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | تعاونية الضمة |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | مجلة كُحل لأبحاث الجسد والجندر |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://kohljournal.press/ar/node/175
|
تاريخ الاسترجاع | |
نسخة أرشيفية | http://archive.fo/Hc0NW
|
هذه الوثيقة هي بيان لتعاونية الضمة نُشر في العدد الثاني من المجلد الخامس لمجلة كحل. وكان قد نُشر قبلها للمرة الأولى في رزنامة تعاونية الضمة لعام 2019.
الضمة هي تعاونية للنساء والأشخاص الترانس* و ذوي/ذوات جندر غير نمطي، تسعى إلى خلق مساحة بديلة ومكتفية ذاتياً للتنظيم السياسي في بيروت (لبنان). تقوم التعاونية على قيم العدالة الإجتماعية والإقتصادية والبيئية والجندرية وتعمل على ترجمة هذه القيم إلى واقع عملي في هيكليتها وحوكمتها وأنشطتها. كما أن تعاونية الضمة عضو في البلوك النسوي، وهو شبكة جديدة تضم مجموعات محلية تحارب النظام الأبوي، كل على طريقتها الخاصة.
طُبعت نسخة أولى من البيان أدناه في رزنامة تعاونية الضمة[1] لعام 2019 كجزء من تأملات التعاونية المستمرة حول الرأسمالية وعلاقتها المتبادلة مع الأبوية وغيرها من أنظمة القمع. تعمل تعاونية الضمة دون تمويل خارجي وتعيش وفق نموذجها الاقتصادي المستدام ذاتياً والذي يعتمد على مساهمات العضوات والأعضاء والفعاليّات والأنشطة المختلفة التي يتم تنظيمها في مساحتها، ويعتمد كذلك على مبيعات الرزنامة.
نص البيان
نحن نسعى جاهدات/ين لبناء نموذج بديل للتنظيم لا يعتمد على التمويل الخارجي أو المنح، حيث رأينا أضرارًا كافية سببتها دورات المنح والتبرعات. إن التمويل يجعلنا تابعات/ين للممول، يحد من حرّيتنا في اختيار الانشطة السياسية التي نعمل عليها، ويقيس نجاحنا على أساس التقارير التي يفرض علينا تقديمها للجهة الممولة والتي تستهلك الكثير من وقتنا. استوحينا نموذج عملنا من نموذج التعاونيات المبني على العدالة الاقتصادية، والاعتراف بعمل كل شخص، والديمقراطية.
من الواضح بالنسبة لنا أن النسوية مبنية على أسس السعي وراء تحقيق اقتصاد عادل، يحترم الطبيعة والنظم الإيكولوجية، والعمال والعاملات، والعمل، والأجساد، والجندر التي تساهم في خلق نماذج بديلة لتقييم العمل و(إعادة) الإنتاج والانجاب. يتضح لنا ذلك في مدافعة النسويات عن ضرورة الأعمال المنزلية المدفوعة الأجر أو الاعتراف بكون عاملات الجنس عاملات كغيرهن. نأمل أن نقوم بمحادثات أكثر مع النسويات الأخريات حول بناء اقتصادات بديلة في منطقتنا وفي الجنوب العالمي. نأمل أن تؤدي هذه المحادثات إلى المزيد من التعاونيات النسوية والمزيد من التضامن والمزيد من المقاومة، بصوت عالي وبوضوح. نريد أن نبني علاقات مع المجموعات الأخرى. نريد أن نقدم الإلهام لغيرنا وأن نستلهم من عملهنّ/م ونأمل أن يكون هذا البيان من بين نقاط الانطلاق.
تخيلوا معنا عالماً استعدنا فيه أجسادنا ومجتمعاتنا ومواردنا. عالمًا يمكننا من خلاله تشكيل أحيائنا وقرانا وشوارعنا عمداً وتشاركياً. نتعاون بطرق تتحدى القوالب الصلبة المنشئة لتقييدنا. لدينا الحرية في تحديد وتعريف صداقاتنا وعائلاتنا وعلاقاتنا. الأكل والمأوى وصحتنا ليسوا رفاهيات علينا العمل لشرائها بل هي حقوق مضمونة في عالم مبني على الاهتمام والرعاية.
نستيقظ كل يوم ونفتح أعيننا على عالم يصرّ على أن يمحي وجودنا وأراضينا وتاريخنا ولغاتنا وآمالنا. إنه عالم يدمرّ حتى وسائل المواجهة التي نستخدمها. خيارنا الوحيد هو أن نجد شقوقًا في الجدران المبنية حولنا لنكبر ونزهّر بالرغم من كل شيء. يُكتم صوت من يستطيعون/ن الكلام، ومن لا يستطيعونه، يُستغلون. أمّا من يتكلمون بالرغم من القيود والحدود، فيُقتلون.
في النظام الرأسمالي، تضمن النخبة القليلة بقائها على قيد الحياة على حساب الناس والأرض ومواردها. نستيقظ كل يوم على سوق ترانا كأدوات وسلع، مما يجعلنا في متناول اليد متى احتاجت لنا، وتعتبرنا معطوبات/ين عندما تقل انتاجيتنا. هذا النظام يعتبر الفقر خطأ الفقراء ويشوه من يستغلهنّ/م برخص بعد أن لم يترك لهم خيارًا آخرًا. وفي الوقت نفسه، فإن عملنا في مجال الرعاية يحافظ على هذا السوق ولا يزال غير مرئي ومبخّسا ومجّانيّا، على الرغم من أهميته.
ما الذّي كنا سنفعله كل يوم إن لم نكن مجبرات/ين على العمل من أجل "المعاش"؟ في عالم خال من الرأسمالية، كنّا سنكرّس عملنا حيث نرى ونشعر أنه مفيد، لنبني من حولنا الأشياء التي نحتاجها. فيكون الإهتمام بالحياة هو محور الشغل المقدَّر. يكون العمل الجنسي محترمًا وغير مجرّم. يكون العمل المنزليّ متشارَكا ومرئيًا ومحترَمًا. يكون الكدح العاطفي معترفًا به ومقدرّا، وكما ينطلق منّا، يعود إلينا.
من يقرر قيمة الأشياء؟ من يقرر ما هو منتج وما هو غير منتج؟ فلنكن نحن من نملك نتاج عملنا. فلنكن نحن من نقرر ظروف عملنا. لنستبدل الشركات بالتعاونيات، والإدارات بمجالس العمال! لنستبدل المنافسة بالتضامن!
تحت غطاء المسؤولية الإجتماعية للشركات، يتم خداعنا أنّ بإمكان الرأسمالية أن تكون خضراء وأن تخفّف من إنهاك الموارد الطبيعية. الاستخلاص الزائد، إزالة الغابات، والحروب على الموارد كلها أدّت لزوال الحياة البرية والتغير المناخي ودمار الأنظمة البيئية. اليوم نجد لاجئين/ات بيئيين/ات في العالم، بينما الشركات والسياسيون يحمون أنفسهم من خلال شراء قصور في الجبال وسيارات مكيفة.
العدالة البيئية والعدالة البشرية متصلان ببعضهما البعض. نحن نهدف لنظام بيئي ليس مجرّد جزء من شيء كامل، بل نظام مترابط يكمّل ذاته حيث تكون الموارد البيئية محميّة وتستعمل فقط عند الحاجة. لا يعيش أي شيء بعافية حتى يعيش كل شيء بعافية.
عندما نعطي الطبيعة مساحة كافية لتتجدّد، لن تضيع هباتها الوفيرة. نريد طبيعة حرّة، غير مُستعمرة، لا تُستَغلّ وينتمي فيها كل شيء. تؤمن الزّراعة المعمرة نموذجا مركزا عن الوصول المتساوي في مجتمعنا، حيث لا شيء يهدر أو يتهمّش أو يُستغَلّ، وكلّ شي يعود من حيث أتى. يتم إعطاء كل شيء المساحة التي يحتاجها للنمو، ويجد كل شيء منزلاً مناسباً له.
تصمّم البيوت لتدفئتنا وحمايتنا. تصمّم المطابخ لنطبخ ونجتمع فيها. أمّا غرف النوم، فهي كي نفعل بها كل ما يحلو لنا ونرتاح ونحبّ أجسادنا. هي ليست أدوات لتخمين الرّبح المستقبلي. ومع ذلك، لماذا يحدد المال الذي نملكه قدرتنا على الحصول على سقف وبيت؟ بيوتنا ليست للبيع! فلنتجمّع ونبني تعاونيّات سكنيّة!
يهدف العمل التنظيمي إلى أن نساعد بعضنا البعض على أن ننمو، نتشارك معرفتنا ومهاراتنا، ونحضّر حركاتنا ونحافظ عليها، بينما يريد النظام الأبوي أن نكون تفاعليّين. علينا أن نتجاوز النشاط الموسمي ونخلق روابط وصلات طويلة الأمد، تنمو وتكبر بإستمرار.
تخيلوا معنا هذا العالم، حيث راحتنا وخياراتنا الشخصية وراحة المجتمع الذي نعيش فيه يكملان بعضهما البعض. حيث يتم تقدير من نختار أن نكونه، وكيف نختار أن نكونه. نريد أن نلبس بحرية ونعبّر عن أنفسنا ونتحرك على طريقتنا في الشوارع. نريد أن نرقص من الفرحة الفردية والمشتركة.
ما من طريقة واحدة لنكوّن مجتمعاتنا وعائلاتنا. لنتخلّص من الأمومة والأُبوّة التقليدية التي تفرض علينا أدوارا وهويّات معيّنة. لنربّي أطفالنا بحبّ جذري وجوهري وحرّ! ماذا تعلّمناه وما الذي سوف نعلّمه لأطفالنا؟ عندما نغير طرقنا في التربية، يتغير المستقبل معها.
الغد لنا ولن يسلبنا إياه أحد!
الهوامش
- ↑ بإمكانكم/نّ أن تجدوا الرزنامة على الرابط التالي: https://etsy.me/2QFW9bi