تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا يوجد ملخص تحرير
سطر 39: سطر 39:       −
شفيق والزيّات هما شخصيّتان رئيستان ذائعتا الصّيت في تاريخ النسويّة المصريّة. وعلى الرغم من قيام النسويّات بتظهير حياتَيهما علنًا، فإنّ نضالهما العامّ والمعارك الصعبة التي خاضتاها من أجل المساواة الجندريّة والحقوق السياسيّة تظلّ الأكثر بروزًا. وفي هذا المقال، أهدف إلى إعادة قراءة قصّتَي حياتهما مع التركيز على موقع الجسد في معاركهما من أجل المساواة والحريّة والحبّ. إنّ أهميّة معاينة الجسد في قصّتَي هاتَين المرأتَين هي أهميّةٌ مزدوجةٌ. أولًا، لا يُعرف عن شفيق والزيّات امتلاكهما جسدَين غير مُتوافقَين مع الأعراف الإجتماعيّة، فهما لم تتجاوزا التوقّعات السّائدة في ما يتعلّق بالرغبة المغايِرة، كما لم يكن هناك ما يوحي بالتمرّد في طريقة تقديمهما لنفسَيهما. في الواقع، لم تتركّز نضالاتهما النسويّة على تحرير أجساد النساء أو حريّاتهنّ الجنسيّة كما هي الحال مع نسويّاتٍ مصريّاتٍ أخريات كنوال السّعداوي. وفي هذا الصّدد، أجد أنّ من الهامّ جدًّا فهم الطرق التي يغدو فيها الجسد ذا اعتبارٍ ليس فقط في قصص التحدّي السّافر للقواعد الجنسيّة والجندريّة. وثانيًا، أُمَوضع فهم جسدَي المرأتَين في سياق ما بعد الإستعمار كلحظةٍ إنتقاليّةٍ محدّدةٍ في تاريخ مصر في عشرينيات القرن الماضي، فسيرَتا شفيق والزيّات تبدآن في مصر الملكيّة وتنتهيان برئاسة أنور السّادات. ويتلازم نضوج وعيهما النسويّ مع تشكّل وعيٍ وطنيٍّ جماعيٍّ وولادة أمّة ما بعد الإستعمار. لقد وعد قدوم الثورة والإستقلال بتحرير النساء ضمن المشروع الوطني “الحديث” (باير، 2001، م. 3)، وارتفعت إحصائيًّا نسبة مشاركة النساء في سوق العمل بعد الإستقلال، كما حصلن رسميًّا على بعضٍ من حقوقهنّ السياسية كمواطناتٍ متساوياتٍ مع الرجال (باير، 2001)[2]. لكن هذا “التحرير” ظلّ بعيد المنال في ما يتعلّق بأجساد النساء. ومن خلال قراءة هذين النصّين، يمكن التقاط لحظة ولادة دولة ما بعد الإستعمار، والآمال والإحباطات التي سبقتها وتلتها من منظور هاتين المرأتَين. ويظهر التركيز على تأمّلاتهما الحميمة عن الحبّ والأنوثة والزواج، استمراريّة قمع النساء قبل وبعد استقلال مصر، وتحديدًا من خلال أجسادهنّ.
+
شفيق والزيّات هما شخصيّتان رئيستان ذائعتا الصّيت في تاريخ [[الحركة النسوية المصرية|النسويّة المصريّة]]. وعلى الرغم من قيام النسويّات بتظهير حياتَيهما علنًا، فإنّ نضالهما العامّ والمعارك الصعبة التي خاضتاها من أجل المساواة الجندريّة والحقوق السياسيّة تظلّ الأكثر بروزًا. وفي هذا المقال، أهدف إلى إعادة قراءة قصّتَي حياتهما مع التركيز على موقع الجسد في معاركهما من أجل المساواة والحريّة والحبّ. إنّ أهميّة معاينة الجسد في قصّتَي هاتَين المرأتَين هي أهميّةٌ مزدوجةٌ. أولًا، لا يُعرف عن شفيق والزيّات امتلاكهما جسدَين غير مُتوافقَين مع الأعراف الإجتماعيّة، فهما لم تتجاوزا التوقّعات السّائدة في ما يتعلّق بالرغبة المغايِرة، كما لم يكن هناك ما يوحي بالتمرّد في طريقة تقديمهما لنفسَيهما. في الواقع، لم تتركّز نضالاتهما النسويّة على تحرير أجساد النساء أو حريّاتهنّ الجنسيّة كما هي الحال مع نسويّاتٍ مصريّاتٍ أخريات كنوال السّعداوي. وفي هذا الصّدد، أجد أنّ من الهامّ جدًّا فهم الطرق التي يغدو فيها الجسد ذا اعتبارٍ ليس فقط في قصص التحدّي السّافر للقواعد الجنسيّة والجندريّة. وثانيًا، أُمَوضع فهم جسدَي المرأتَين في سياق ما بعد الإستعمار كلحظةٍ إنتقاليّةٍ محدّدةٍ في تاريخ مصر في عشرينيات القرن الماضي، فسيرَتا شفيق والزيّات تبدآن في مصر الملكيّة وتنتهيان برئاسة أنور السّادات. ويتلازم نضوج وعيهما النسويّ مع تشكّل وعيٍ وطنيٍّ جماعيٍّ وولادة أمّة ما بعد الإستعمار. لقد وعد قدوم الثورة والإستقلال بتحرير النساء ضمن المشروع الوطني “الحديث” (باير، 2001، م. 3)، وارتفعت إحصائيًّا نسبة مشاركة النساء في سوق العمل بعد الإستقلال، كما حصلن رسميًّا على بعضٍ من حقوقهنّ السياسية كمواطناتٍ متساوياتٍ مع الرجال (باير، 2001)[2]. لكن هذا “التحرير” ظلّ بعيد المنال في ما يتعلّق بأجساد النساء. ومن خلال قراءة هذين النصّين، يمكن التقاط لحظة ولادة دولة ما بعد الإستعمار، والآمال والإحباطات التي سبقتها وتلتها من منظور هاتين المرأتَين. ويظهر التركيز على تأمّلاتهما الحميمة عن الحبّ والأنوثة والزواج، استمراريّة قمع النساء قبل وبعد استقلال مصر، وتحديدًا من خلال أجسادهنّ.
     
staff
157

تعديل

قائمة التصفح