تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سطر 149: سطر 149:  
وفي نصّ كانت قد نشرته سابقاً على صفحتها أيضاً، كتبت هبة عن الموت تحت القصف، والنزوح من البيوت، والعودة إلى الديار، وعبور الحدود.. كتبته بطبيعة الحال أثناء أو بعد عدوان سابق على غزة عاشته، وربما كان ضمن عمل آخر بانتظار الاكتمال أو النشر:
 
وفي نصّ كانت قد نشرته سابقاً على صفحتها أيضاً، كتبت هبة عن الموت تحت القصف، والنزوح من البيوت، والعودة إلى الديار، وعبور الحدود.. كتبته بطبيعة الحال أثناء أو بعد عدوان سابق على غزة عاشته، وربما كان ضمن عمل آخر بانتظار الاكتمال أو النشر:
   −
''"هل الموت مؤلم؟ أظنّه كذلك..
+
''"هل الموت مؤلم؟ أظنّه كذلك..''
كان موت أمّي سريعاً فلم ألحظ ألماً على وجهها بعدما توقف قلبُها المنهك فجأة عن العمل، لكنّني رأيت الألم في وجه الحاج عبد الله عندما مات، ذلك الذي أسقطت الطائرات منزله المكون من ثلاثة طوابق على رؤوس عائلته، كان واقفاً عند مدخل بيته ينتظر خروجهم لإخلاء المنزل بسبب الغارات المكثفة للطيران على المنطقة، فجأة، رأيت جسده النحيل يطير حتى وصل إلى مدخل بيتنا واصطدم به بعنف، وجهه كان مصدوماً، وكان يتألم، خيط من الدماء يسيل من جانب رأسه وشفتاه ترتجفان، ثم إنه مات وما زالت الصدمة تحتل عينيه.
+
''كان موت أمّي سريعاً فلم ألحظ ألماً على وجهها بعدما توقف قلبُها المنهك فجأة عن العمل، لكنّني رأيت الألم في وجه الحاج عبد الله عندما مات، ذلك الذي أسقطت الطائرات منزله المكون من ثلاثة طوابق على رؤوس عائلته، كان واقفاً عند مدخل بيته ينتظر خروجهم لإخلاء المنزل بسبب الغارات المكثفة للطيران على المنطقة، فجأة، رأيت جسده النحيل يطير حتى وصل إلى مدخل بيتنا واصطدم به بعنف، وجهه كان مصدوماً، وكان يتألم، خيط من الدماء يسيل من جانب رأسه وشفتاه ترتجفان، ثم إنه مات وما زالت الصدمة تحتل عينيه.''
تركنا كلنا حاراتنا، لم نغلق البيوت لأننا لا نعلم هل سنحيا لندخلها ثانية أم لا، كنا نركض من الموت شرقاً ونحن نعلم أنه يحيط بنا من كل جانب، لكن الموت شرقاً كان أكثر منطقية بالنسبة لنا، حدسٌ فطري جعلنا جميعا نسلك نهج الطيور المهاجرة في العودة إلى الديار، نمضي بلا خطة تبتدعها عقولنا، مجرد حدس، وفطرة.
+
''تركنا كلنا حاراتنا، لم نغلق البيوت لأننا لا نعلم هل سنحيا لندخلها ثانية أم لا، كنا نركض من الموت شرقاً ونحن نعلم أنه يحيط بنا من كل جانب، لكن الموت شرقاً كان أكثر منطقية بالنسبة لنا، حدسٌ فطري جعلنا جميعا نسلك نهج الطيور المهاجرة في العودة إلى الديار، نمضي بلا خطة تبتدعها عقولنا، مجرد حدس، وفطرة.''
"أتصدق يا ولدي أن حالنا يشبه حال أهلنا عندما تركوا بيوتهم قبل سبعين عاماً.. هل تظن أننا سندخل البلاد؟"،
+
''"أتصدق يا ولدي أن حالنا يشبه حال أهلنا عندما تركوا بيوتهم قبل سبعين عاماً.. هل تظن أننا سندخل البلاد؟"،''
" ربما سنفعل يا جدة، وربما نموت جميعا هنا. لا أحد يعلم"،
+
''" ربما سنفعل يا جدة، وربما نموت جميعا هنا. لا أحد يعلم"،''
مطّت شفتيها وعدّلت من منديلها الأبيض لتغطي به فمها وهي تقول.. " لقد عشتُ بما يكفي على أية حال". أشاحت بوجهها تنظر للحدود قبل أن تقول: "إلى متى سننتظر تلك الإشارة التي قلت عنها؟".
+
''مطّت شفتيها وعدّلت من منديلها الأبيض لتغطي به فمها وهي تقول.. " لقد عشتُ بما يكفي على أية حال". أشاحت بوجهها تنظر للحدود قبل أن تقول: "إلى متى سننتظر تلك الإشارة التي قلت عنها؟".''
لم أجب، لأنني لا أملك الجواب..
+
''لم أجب، لأنني لا أملك الجواب..''
الرمال الصفراء ما زالت تنتظر، وهناك خلف الأسلاك يختبئ الجنود بانتظار أول بادرة عنف نبديها نحوهم، وخلفنا تنهار مباني المدينة شيئاً فشيئاً مع كل غارة، فتمحو من الوجود مظهر المدينة الذي حفظناه في الذاكرة، هل سندخل الحدود؟ لا أعرف، أنا أنتظر كالآخرين..
+
''الرمال الصفراء ما زالت تنتظر، وهناك خلف الأسلاك يختبئ الجنود بانتظار أول بادرة عنف نبديها نحوهم، وخلفنا تنهار مباني المدينة شيئاً فشيئاً مع كل غارة، فتمحو من الوجود مظهر المدينة الذي حفظناه في الذاكرة، هل سندخل الحدود؟ لا أعرف، أنا أنتظر كالآخرين..''
لكن السؤال الذي يلح عليّ، هل سيكون الموت مؤلماً؟."''
+
''لكن السؤال الذي يلح عليّ، هل سيكون الموت مؤلماً؟."''''
   −
استُشهدت هبة مع اثنين من أبنائها هما حميد وعبد الرحمن. ومعهما ابن عمهما يوسف، ذو الشعر "الكيرلي".  
+
استُشهدت هبة مع اثنين من أبنائها هما حميد وعبد الرحمن. ومعهما ابن عمهما يوسف، ذو الشعر "الكيرلي".
    
=== [[هبة أبو ندى]] ===
 
=== [[هبة أبو ندى]] ===
staff
2٬193

تعديل

قائمة التصفح