تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
←‏3- بعض المشاكل المتعلقة بالبيوت الآمنة في مصر: اضافة وصلات وتعديل وصلات وتعديل املائي
سطر 50: سطر 50:  
إن وجود البيوت الآمنة في مصر هو شئ إيجابي في حد ذاته، خاصة أن في بداية إنشاء تلك البيوت كانت هناك مقاومة شديدة حتى داخل وزارة التضامن الاجتماعي نفسها على اعتبار أنها تشجع النساء على الانحراف أو هجر بيوتهن. وبالرغم من إيجابية وجود البيوت الآمنة في حد ذاتها، إلا أن هناك عدة مشاكل متعلقة بإدارتها وأهدافها وتعاملها مع النساء وقلة خبرة العاملين بها، سيتم تفصيلها فيما يلي.
 
إن وجود البيوت الآمنة في مصر هو شئ إيجابي في حد ذاته، خاصة أن في بداية إنشاء تلك البيوت كانت هناك مقاومة شديدة حتى داخل وزارة التضامن الاجتماعي نفسها على اعتبار أنها تشجع النساء على الانحراف أو هجر بيوتهن. وبالرغم من إيجابية وجود البيوت الآمنة في حد ذاتها، إلا أن هناك عدة مشاكل متعلقة بإدارتها وأهدافها وتعاملها مع النساء وقلة خبرة العاملين بها، سيتم تفصيلها فيما يلي.
   −
==3- بعض المشاكل المتعلقة ب[[البيوت الآمنة]] في مصر==
+
==3- بعض المشاكل المتعلقة بالبيوت الآمنة في مصر==
تعاني البيوت الآمنة من عدة أوجه قصور تمنعها من تأدية دورها في تمكين [[الناجيات من العنف]]. بشكل عام، غياب [[المنظور النسوي]] عن المشروع نفسه وعن القائمين عليه والعاملين به يؤثر سلبا على تعاملهم مع الناجيات وعلى فهمهم لدور البيوت الآمنة. على صعيد آخر، هناك عدة مشاكل متعلقة بآليات عمل وزارة التضامن الاجتماعي نفسها وامكانيتها. فيما يلي، عرض مفصل لأبرز المشاكل المتعلقة بالبيوت الآمنة في مصر.
+
تعاني البيوت الآمنة من عدة أوجه قصور تمنعها من تأدية دورها في تمكين الناجيات من العنف. بشكل عام، غياب [[منظور نسوي|المنظور النسوي]] عن المشروع نفسه وعن القائمين عليه والعاملين به يؤثر سلبا على تعاملهم مع الناجيات وعلى فهمهم لدور البيوت الآمنة. على صعيد آخر، هناك عدة مشاكل متعلقة بآليات عمل وزارة التضامن الاجتماعي نفسها وامكانيتها. فيما يلي، عرض مفصل لأبرز المشاكل المتعلقة بالبيوت الآمنة في مصر.
    
===العدد والتوزيع الجغرافي===
 
===العدد والتوزيع الجغرافي===
هناك مشكلة خاصة بعدد [[البيوت الآمنة]] و توزيعها الجغرافي، حيث أن هناك قطاعات بالكامل لا توجد بها بيوت آمنة. طبقا لدراسة نشرتها هيئة المعونة الأمريكية ((USAID عام 2009 - وكان عدد البيوت الآمنة 8 بدلا من 9 وقتذاك- أن ال214 سرير الموجودين يعادلون سرير لكل 380000 شخص، ومن المفترض طبقا للدراسات العالمية أن يتوفر سرير لكل 7500 مواطن وهو ما يعني أن مصر وقتها كانت تحتاج إلى 10000 سرير زيادة عن المتاح بالفعل . مع الزيادة السكانية منذ عام 2009 تم إنشاء بيتين آمنين جدد وإغلاق أحد الموجودين وهو ما يعني أن عدد البيوت الآمنة ما زال قليل جدا نسبيا. أما بالنسبة للتوزيع الجغرافي، بينما يوجد ثلاثة بيوت آمنة في القاهرة الكبرى (القاهرة-الجيزة-القليبوية) واثنين في الدلتا (الإسكندرية والمنصورة) واثنين في شمال الصعيد (بني سويف والفيوم)-وهو شئ جيد وضروري- قطاع مدن القناة (السويس-الاسماعيلية-بورسعيد) خالي تماما من البيوت الآمنة للنساء وكذلك جنوب الصعيد خالي من البيوت الآمنة للنساء. تعتبر قلة العدد والتوزيع الجغرافي غير العادل مشكلة حقيقية للنساء التي ترغب في الوصول للبيوت الآمنة وذلك لأنهن يضطررن إلى السفر مسافات طويلة وهو ما يشكل صعوبات لاحتمالية وجود المرأة المعنفة في حالة صحية وجسدية لا تؤهلها للسفر، وفي بعض الأحيان يشكل السفر مشكلة مادية للمرأة التي لا تتلقي أجر.
+
هناك مشكلة خاصة بعدد البيوت الآمنة وتوزيعها الجغرافي، حيث أن هناك قطاعات بالكامل لا توجد بها بيوت آمنة. طبقا لدراسة نشرتها هيئة المعونة الأمريكية ((USAID عام 2009 - وكان عدد البيوت الآمنة 8 بدلا من 9 وقتذاك- أن ال214 سرير الموجودين يعادلون سرير لكل 380000 شخص، ومن المفترض طبقًا للدراسات العالمية أن يتوفر سرير لكل 7500 مواطن وهو ما يعني أن مصر وقتها كانت تحتاج إلى 10000 سرير زيادة عن المتاح بالفعل. مع الزيادة السكانية منذ عام 2009 تم إنشاء بيتين آمنين جدد وإغلاق أحد الموجودين وهو ما يعني أن عدد البيوت الآمنة ما زال قليل جدًا نسبيًا. أما بالنسبة للتوزيع الجغرافي، بينما يوجد ثلاثة بيوت آمنة في القاهرة الكبرى (القاهرة-الجيزة-القليبوية) واثنين في الدلتا (الإسكندرية والمنصورة) واثنين في شمال الصعيد (بني سويف والفيوم)-وهو شئ جيد وضروري- قطاع مدن القناة (السويس-الاسماعيلية-بورسعيد) خالي تماما من البيوت الآمنة للنساء وكذلك جنوب الصعيد خالي من البيوت الآمنة للنساء. تعتبر قلة العدد والتوزيع الجغرافي غير العادل مشكلة حقيقية للنساء التي ترغب في الوصول للبيوت الآمنة وذلك لأنهن يضطررن إلى السفر مسافات طويلة وهو ما يشكل صعوبات لاحتمالية وجود المرأة المعنفة في حالة صحية وجسدية لا تؤهلها للسفر، وفي بعض الأحيان يشكل السفر مشكلة مادية للمرأة التي لا تتلقي أجر.
   −
لكن المشكلة الأكبر في واقع الأمر هي أن البيوت الآمنة على قلة عددها وسوء توزيعها الجغرافي، لا تمتلئ بسعتها القصوى وبعض البيوت الآمنة تكاد تكون خالية، وذلك لعدة أسباب. أولا، أغلب النساء لا يعلمن بوجود هذه البيوت وبالتالي لا يلجأن إليها وذلك لعدم وجود لخط ساخن أو تفعيله يمكن وصول [[الناجيات من العنف|الناجية]] إلى البيت بسهولة، وعدم وجود مواقع إلكترونية خاصة بالبيت. وبالطبع قد يكون ذلك ضمانا للأمان إلا أن في المقابل لا يوجد شبكة إحالة جيدة ومُفَعلة بين البيوت الآمنة ومنظمات المجتمع المدني التي تعمل مع النساء المعنفات، بل الكثير من المنظمات والجمعيات التي تعمل في هذا المجال لا تعلم بوجود البيوت الآمنة. بالطبع تلعب الثقافة الأبوية التي ترى في ترك المرأة المعنفة بيتها انحرافا أو هدما للحياة الأسرية دورا كبيرا في عزوف الكثير من النساء عن اللجوء للبيوت خوفاً من الوصمة المجتمعية، أو فقد حضانة الأبناء إذا قررت الطلاق، أو أملاً في الصلح مع الزوج. من العوامل المساعدة أيضا في عدم امتلاء البيوت بسعتها الكاملة هو التعسف في قبول النساء المعنفات في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال في بيت الإسكندرية، لا يتم قبول أي حالات بعد الساعة ثلاثة ظهرا ويجب انتظار انعقاد الإدارة لاتخاذ قرار في قبول "الحالة" من عدمه . أحيانا أيضا يتم التعسف في قبول الناجيات باعتبار أن ما تعرضن له لا يعتبر عنفا إن لم تكن هناك آثارا مادية للضرب أو الأذى البدني .
+
لكن المشكلة الأكبر في واقع الأمر هي أن البيوت الآمنة على قلة عددها وسوء توزيعها الجغرافي، لا تمتلئ بسعتها القصوى وبعض البيوت الآمنة تكاد تكون خالية، وذلك لعدة أسباب. أولا، أغلب النساء لا يعلمن بوجود هذه البيوت وبالتالي لا يلجأن إليها وذلك لعدم وجود خط ساخن أو تفعيله يمكن وصول [[ناجية|الناجية]] إلى البيت بسهولة، وعدم وجود مواقع إلكترونية خاصة بالبيت. وبالطبع قد يكون ذلك ضمانًا للأمان إلا أن في المقابل لا يوجد شبكة إحالة جيدة ومُفَعلة بين البيوت الآمنة ومنظمات المجتمع المدني التي تعمل مع النساء المعنفات، بل الكثير من المنظمات والجمعيات التي تعمل في هذا المجال لا تعلم بوجود البيوت الآمنة. بالطبع تلعب [[نظام أبوي|الثقافة الأبوية]] التي ترى في ترك المرأة المعنفة بيتها انحرافًا أو هدمًا للحياة الأسرية دورًا كبيرًا في عزوف الكثير من النساء عن اللجوء للبيوت خوفاً من الوصمة المجتمعية، أو فقد حضانة الأبناء إذا قررت الطلاق، أو أملاً في الصلح مع الزوج. من العوامل المساعدة أيضًا في عدم امتلاء البيوت بسعتها الكاملة هو التعسف في قبول النساء المعنفات في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال في بيت الإسكندرية، لا يتم قبول أي حالات بعد الساعة ثلاثة ظهرا ويجب انتظار انعقاد الإدارة لاتخاذ قرار في قبول "الحالة" من عدمه. أحيانًا أيضا يتم التعسف في قبول الناجيات باعتبار أن ما تعرضن له لا يعتبر عنفًا إن لم تكن هناك آثارًا مادية للضرب أو الأذى البدني.
   −
===تعريف العنف\المرأة المعنفة===
+
===تعريف العنف/المرأة المعنفة===
لا يوجد تعريف محدد للعنف في اللائحة المكتوبة وبالتالي يتبع العاملون في [[البيوت الآمنة]] المختلفة تعريف العنف طبقا لمفاهيمهم هم وحسب إدارة كل جمعية. على سبيل المثال يتبنى بيت الجيزة مفهوما واسعا للعنف يشمل [[العنف اللفظي]]، كما تقول منال عبد اللطيف مديرة البيت: "طبعا لو واحدة جوزها بيهينها أو بيشتمها ومش عايزة تقعد ده يعتبر عنف ". كما يقبل البيت أيضا بعض الحالات التي تتعرض [[التحرش الجنسي|للتحرش]] أو [[الاعتداء الجنسي]] في المجال العام أو في الشارع وتخشى العودة إلى المنزل. ولكن هناك بيوت أخرى لا تعترف بالعنف إلا إذا كان الأذى البدني واضحا وتارك آثار على جسد المرأة أو وجهها. حتى طبقا للمفهوم الضيق والمخل للعنف ك[[العنف الجسدي|عنف جسدي]] أو [[العنف الجنسي|جنسي]] فقط، فأحيانا تكون الآثار غير ظاهرة أو تختفي بعد مدة معينة. بالتالي يعد ذلك تعسفا شديدا في بعض الأحيان ويلحق ظلما شديدا بالناجية، لا فقط لعدم قبولها في البيت أو عدم وجود مكان لاستضافتها، ولكن أيضا لشعورها بعدم تصديقها أو الاستخفاف والإستهانة بما عانت منه. تروي نادية وهي [[الناجيات من العنف|ناجية من العنف]] من الإسكندرية أن زوجها كان يعاملها معاملة قاسية وأحيانا يضربها ويطردها من البيت وأنها ذهبت إلى بيت أمها ولكنها لم تتقبل فكرة هجرها لبيت زوجها وقامت بطردها والإلقاء بجميع متعلقاتها الشخصية في الشارع. لم تكن هناك آثار ضرب على جسد أو وجه نادية، وفور وصولها إلى البيت الآمن قالت لها المسئولة:"ده مش عنف.. لازم تيجي مبطوحة أو الاسعاف جايباكي ...لكن ده مش عنف". وبالتالي لم تقبل نادية في البيت وهي تبحث الآن عن عمل ومنزل للاستقلال.
+
لا يوجد تعريف محدد للعنف في اللائحة المكتوبة وبالتالي يتبع العاملون في [[بيوت آمنة|البيوت الآمنة]] المختلفة تعريف العنف طبقا لمفاهيمهم هم وحسب إدارة كل جمعية. على سبيل المثال يتبنى بيت الجيزة مفهومًا واسعًا للعنف يشمل [[عنف لفظي|العنف اللفظي]]، كما تقول منال عبد اللطيف مديرة البيت: "طبعا لو واحدة جوزها بيهينها أو بيشتمها ومش عايزة تقعد ده يعتبر عنف". كما يقبل البيت أيضًا بعض الحالات التي تتعرض [[تحرش جنسي|للتحرش]] أو [[اعتداء جنسي|الاعتداء الجنسي]] في المجال العام أو في الشارع وتخشى العودة إلى المنزل. ولكن هناك بيوت أخرى لا تعترف بالعنف إلا إذا كان الأذى البدني واضحا وتارك آثار على جسد المرأة أو وجهها. حتى طبقًا للمفهوم الضيق والمخل للعنف ك[[عنف جسدي|عنف جسدي]] أو [[عنف جنسي|جنسي]] فقط، فأحيانًا تكون الآثار غير ظاهرة أو تختفي بعد مدة معينة. بالتالي يعد ذلك تعسفًا شديدًا في بعض الأحيان ويلحق ظلمًا شديدًا بالناجية، لا فقط لعدم قبولها في البيت أو عدم وجود مكان لاستضافتها، ولكن أيضا لشعورها بعدم تصديقها أو الاستخفاف والإستهانة بما عانت منه. تروي نادية وهي [[ناجية|ناجية من العنف]] من الإسكندرية أن زوجها كان يعاملها معاملة قاسية وأحيانا يضربها ويطردها من البيت وأنها ذهبت إلى بيت أمها ولكنها لم تتقبل فكرة هجرها لبيت زوجها وقامت بطردها والإلقاء بجميع متعلقاتها الشخصية في الشارع. لم تكن هناك آثار ضرب على جسد أو وجه نادية، وفور وصولها إلى البيت الآمن قالت لها المسئولة:"ده مش عنف.. لازم تيجي مبطوحة أو الاسعاف جايباكي ...لكن ده مش عنف". وبالتالي لم تقبل نادية في البيت وهي تبحث الآن عن عمل ومنزل للاستقلال.
   −
وبالتالي عدم تحديد معنى العنف أو الاتفاق عليه يفتح الباب في أحيان كثيرة إلى تعنت شديد مع الناجيات أو عدم تصديق رواياتهن لعدم وجود دلائل مادية تثبت الضرب أو [[الاعتداء الجنسي]]. أيضا تستضيف [[البيوت الآمنة]] المرأة المعنفة المصرية فقط ولا تقبل اللاجئات أو غير حاملي الجنسية حتى إن وقع عليهن العنف في مصر (إلا اذا كانت الناجية متزوجة من مصري أو مطلقة في شهور العدة).
+
وبالتالي عدم تحديد معنى العنف أو الاتفاق عليه يفتح الباب في أحيان كثيرة إلى تعنت شديد مع الناجيات أو عدم تصديق رواياتهن لعدم وجود دلائل مادية تثبت الضرب أو الاعتداء الجنسي. أيضا تستضيف [[البيوت الآمنة]] المرأة المعنفة المصرية فقط ولا تقبل اللاجئات أو غير حاملي الجنسية حتى إن وقع عليهن العنف في مصر (إلا اذا كانت الناجية متزوجة من مصري أو مطلقة في شهور العدة).
    
===غياب فكرة "التمكين"===
 
===غياب فكرة "التمكين"===
تتعامل أغلب [[البيوت الآمنة]] على أنها أماكن للإقامة فقط ولا يوجد برنامج للتمكين الاقتصادي أو برنامج منتظم للدعم النفسي وفي أغلب الأحيان أيضا لا تكفي الميزانية وجود محام وبالتالي لا توفر كل [[البيوت الآمنة|البيوت]] الدعم القانوني اللازم [[الناجيات من العنف|للناجيات]] إذا احتجن إليه . أنشطة التمكين الاقتصادي إن وجدت تكون بالأساس بشكل ودي وعشوائي حسب الجمعية والأدوات المتوافرة ولكنها غير موجودة بنظام واضح، وغير ممنهجة . على سبيل المثال يقع بيت الجيزة بالقرب من منطقة صناعية ومن السهل مساعدة الناجيات في البحث عن عمل في المصانع المحيطة، ولذلك غالبا ما تتمكن النزيلات في البيت من إيجاد عمل قريب والإدّخار قبل خروجها من البيت . وكذلك في أماكن أخرى قد يتصادف وجود ماكينة خياطة متاحة للنزيلات بالبيت فيتم استغلالها لتعلم الخياطة. لكن في أغلب الأحيان لا يوجد برنامج واضح ومخطط له مسبقا للتمكين الاقتصادي. أيضا في أغلب الأحيان التمكين الاقتصادي يقتصر على أنشطة تقليدية ونمطية كالتريكو والخياطة. والبيت الوحيد الذي لديه برنامج ومنهج للتمكين الاقتصادي هو بيتADEW .
+
تتعامل أغلب البيوت الآمنة على أنها أماكن للإقامة فقط ولا يوجد برنامج للتمكين الاقتصادي أو برنامج منتظم للدعم النفسي وفي أغلب الأحيان أيضًا لا تكفي الميزانية وجود محام وبالتالي لا توفر كل البيوت الدعم القانوني اللازم للناجيات إذا احتجن إليه. أنشطة التمكين الاقتصادي إن وجدت تكون بالأساس بشكل ودي وعشوائي حسب الجمعية والأدوات المتوافرة ولكنها غير موجودة بنظام واضح، وغير ممنهجة. على سبيل المثال يقع بيت الجيزة بالقرب من منطقة صناعية ومن السهل مساعدة الناجيات في البحث عن عمل في المصانع المحيطة، ولذلك غالبًا ما تتمكن النزيلات في البيت من إيجاد عمل قريب والإدّخار قبل خروجها من البيت. وكذلك في أماكن أخرى قد يتصادف وجود ماكينة خياطة متاحة للنزيلات بالبيت فيتم استغلالها لتعلم الخياطة. لكن في أغلب الأحيان لا يوجد برنامج واضح ومخطط له مسبقًا لل[[تمكين النساء>تمكين الاقتصادي]]. أيضًا في أغلب الأحيان التمكين الاقتصادي يقتصر على أنشطة تقليدية ونمطية كالتريكو والخياطة. والبيت الوحيد الذي لديه برنامج ومنهج للتمكين الاقتصادي هو بيتADEW .
   −
أيضا فيما عدا بيت ADEW جلسات الدعم النفسي لا تتم بشكل منتظم وفي بعض الأحيان لا تتم على الإطلاق إذا كان الأخصائي النفسي غير متاح وفي أحيان كثيرة تروي الناجية حكايتها لشخص غير متخصص مثل المديرة أو المشرفة أو تعيد القصة أكثر من مرة مما يرهقها ويشكل انتهاكا لخصوصيتها. إن غياب مفهوم التمكين هو عامل مهم في فهم دور البيوت الآمنة أو كيف يراها القائمين عليها. إن لم تكن البيوت الآمنة أماكن للتمكين في المقام الأول فدورها إذا يقتصر على كونها مكان إقامة مؤقت وبالتالي تفقد جزء كبير من قيمتها الأساسية في مساندة المرأة المعنفة لإعادة الاندماج في المجتمع والمساهمة في تحويلها من ضحية إلى ناجية. بالتالي غياب منظور النوع الاجتماعي عن مشروع البيوت الآمنة نفسه وعن إدراك العاملين به والمسؤولين عنه يقلص دور البيت وكأنه مشروع خيري ويؤثر على فاعليته. لذلك ربما البيت الوحيد الذي يهتم إلى حد كبير بفكرة التمكين هو بيت ADEW لأنها في الأساس منظمة مجتمع مدني مهتمة بقضايا النساء ترى العنف ضد المرأة ومناهضته من منظور نسوي.
+
أيضًا فيما عدا بيت ADEW جلسات الدعم النفسي لا تتم بشكل منتظم وفي بعض الأحيان لا تتم على الإطلاق إذا كان الأخصائي النفسي غير متاح وفي أحيان كثيرة تروي الناجية حكايتها لشخص غير متخصص مثل المديرة أو المشرفة أو تعيد القصة أكثر من مرة مما يرهقها ويشكل انتهاكًا لخصوصيتها. إن غياب مفهوم التمكين هو عامل مهم في فهم دور البيوت الآمنة أو كيف يراها القائمين عليها. إن لم تكن البيوت الآمنة أماكن للتمكين في المقام الأول فدورها إذا يقتصر على كونها مكان إقامة مؤقت وبالتالي تفقد جزء كبير من قيمتها الأساسية في مساندة المرأة المعنفة لإعادة الاندماج في المجتمع والمساهمة في تحويلها من ضحية إلى ناجية. بالتالي غياب منظور النوع الاجتماعي عن مشروع البيوت الآمنة نفسه وعن إدراك العاملين به والمسؤولين عنه يقلص دور البيت وكأنه مشروع خيري ويؤثر على فاعليته. لذلك ربما البيت الوحيد الذي يهتم إلى حد كبير بفكرة التمكين هو بيت ADEW لأنها في الأساس منظمة مجتمع مدني مهتمة بقضايا النساء ترى العنف ضد المرأة ومناهضته من منظور نسوي.
    
===ضعف الموارد وظروف العمل===
 
===ضعف الموارد وظروف العمل===
من العوامل التي تؤثر سلبا على أداء [[البيوت الآمنة]] هي المشاكل المتعلقة بضعف الموارد المتوفرة وتمويل تلك البيوت. لا يوجد تمويل كافي مثلا لتوفير خدمات تعليمية [[الناجيات من العنف|للناجيات]] أو إرسالهم لتلقي دورات تعليمية خارج البيت. تختلف قيمة الإعانة المقدمة من وزارة التضامن الاجتماعي من بيت إلى آخر، ولكن على سبيل المثال الإعانة المقدمة من وزارة التضامن الاجتماعي إلى بيت الجيزة في السنة الواحدة هي 26000-28000 جنيه مصري للمستلزمات ونفس القيمة لمرتبات العاملين، وطبقا للأستاذ محمد راشد مدير الجمعية المسند إليها إدارة بيت الجيزة، لا يكفي هذا المبلغ على الإطلاق لسد احتياجات البيت . تقول الأستاذة منال عبد اللطيف مديرة البيت أنه من المفترض أن يكفي هذا المبلغ لدفع الكهرباء والمياه وشراء مستلزمات الأكل والملبس لكل ناجية كما تقول أن تكلفة الحالة الواحدة في الشهر لا يمكن أن تقل عن 500 جنيه مصري، وبالتالي الإعانة المقدمة من وزارة التضامن الاجتماعي لا تناسب احتياجات المكان والناجيات على الإطلاق. يؤثر ذلك بشكل كبير على البيوت الآمنة لأنه لا يمكن تطوير المكان سواء من حيث الاهتمام بأنشطة جديدة أو تعليم الناجيات أو تحسين المكان نفسه والعمل على وجود ألعاب وأنشطة ترفيهية للأطفال الموجودة. ثانيا، يمنع ضعف الموارد المكان من أخذ سعته الاستيعابية كاملة، وتزايد ذلك خاصة في الفترة الأخيرة لتأخر الإعانات (غير الكافية أصلا) عن الوصول للبيت وذلك لأن تم تغيير نظام المراقبة المالية بوزارة التضامن الاجتماعي. ففي البداية كانت الإعانة تصل إلي مديريات وزارة التضامن الاجتماعي في المحافظات المختلفة وتتم المراقبة المالية في كل مديرية، وتغير هذا النظام مؤخرا وأصبحت جميع المراجعات المالية مركزية وتم نقل جميع صناديق المديريات إلى الوزارة . بالتالي أصبح وصول الإعانة يتأخر إلى حد كبير ونتج عن ذلك مثلا تأخر الإعانة السنوية عن بيت الجيزة منذ منتصف العام الماضي وكذلك تأخر وصول مرتبات الجهاز الاداري للبيت مما يجعل الجمعية تتحمل تلك المصاريف التي من المفترض أن تتكفل بها الوزارة.
+
من العوامل التي تؤثر سلبا على أداء البيوت الآمنة هي المشاكل المتعلقة بضعف الموارد المتوفرة وتمويل تلك البيوت. لا يوجد تمويل كافي مثلا لتوفير خدمات تعليمية للناجيات أو إرسالهم لتلقي دورات تعليمية خارج البيت. تختلف قيمة الإعانة المقدمة من وزارة التضامن الاجتماعي من بيت إلى آخر، ولكن على سبيل المثال الإعانة المقدمة من وزارة التضامن الاجتماعي إلى بيت الجيزة في السنة الواحدة هي 26000-28000 جنيه مصري للمستلزمات ونفس القيمة لمرتبات العاملين، وطبقا للأستاذ محمد راشد مدير الجمعية المسند إليها إدارة بيت الجيزة، لا يكفي هذا المبلغ على الإطلاق لسد احتياجات البيت. تقول الأستاذة منال عبد اللطيف مديرة البيت أنه من المفترض أن يكفي هذا المبلغ لدفع الكهرباء والمياه وشراء مستلزمات الأكل والملبس لكل ناجية كما تقول أن تكلفة الحالة الواحدة في الشهر لا يمكن أن تقل عن 500 جنيه مصري، وبالتالي الإعانة المقدمة من وزارة التضامن الاجتماعي لا تناسب احتياجات المكان والناجيات على الإطلاق. يؤثر ذلك بشكل كبير على البيوت الآمنة لأنه لا يمكن تطوير المكان سواء من حيث الاهتمام بأنشطة جديدة أو تعليم الناجيات أو تحسين المكان نفسه والعمل على وجود ألعاب وأنشطة ترفيهية للأطفال الموجودة. ثانيا، يمنع ضعف الموارد المكان من أخذ سعته الاستيعابية كاملة، وتزايد ذلك خاصة في الفترة الأخيرة لتأخر الإعانات (غير الكافية أصلا) عن الوصول للبيت وذلك لأن تم تغيير نظام المراقبة المالية بوزارة التضامن الاجتماعي. ففي البداية كانت الإعانة تصل إلي مديريات وزارة التضامن الاجتماعي في المحافظات المختلفة وتتم المراقبة المالية في كل مديرية، وتغير هذا النظام مؤخرا وأصبحت جميع المراجعات المالية مركزية وتم نقل جميع صناديق المديريات إلى الوزارة. بالتالي أصبح وصول الإعانة يتأخر إلى حد كبير ونتج عن ذلك مثلا تأخر الإعانة السنوية عن بيت الجيزة منذ منتصف العام الماضي وكذلك تأخر وصول مرتبات الجهاز الاداري للبيت مما يجعل الجمعية تتحمل تلك المصاريف التي من المفترض أن تتكفل بها الوزارة.
   −
بالطبع يسفر ضعف التمويل أيضا عن رواتب مخزية جدا خاصة وأن ظروف العمل صعبة . يتراوح مرتب المديرة في البيت من 320 إلى 400 جنيه مصري ومرتب الأخصائي الاجتماعي يكون في حدود 220 جنيه مصري . كما تقول الأستاذة منال عبد اللطيف: "المرتبات قليلة، الأخصائين اللي هيوافقوا بالمبالغ دي أي كلام"، ويتسبب ضعف المرتبات أيضا في ترك الكثير من العاملين بالبيوت للعمل وهو الحال في بيت الجيزة: "الأخصائي الاجتماعي مشي عشان الفلوس والنفسي بييجي بالطلب" ، وبالتالي بسبب تأخر الإعانة وانصراف الكثير من العاملين عن العمل أصبح البيت غير قادر على استقبال حالات جديدة ويكاد يكون أوقف الاستقبال مع بداية هذا العام بالرغم من أن بيت الجيزة من أكثر البيوت الآمنة نشاطا وأحسنهم استيعابا لمفهوم البيوت الآمنة .
+
بالطبع يسفر ضعف التمويل أيضا عن رواتب مخزية جدا خاصة وأن ظروف العمل صعبة. يتراوح مرتب المديرة في البيت من 320 إلى 400 جنيه مصري ومرتب الأخصائي الاجتماعي يكون في حدود 220 جنيه مصري. كما تقول الأستاذة منال عبد اللطيف: "المرتبات قليلة، الأخصائين اللي هيوافقوا بالمبالغ دي أي كلام"، ويتسبب ضعف المرتبات أيضا في ترك الكثير من العاملين بالبيوت للعمل وهو الحال في بيت الجيزة: "الأخصائي الاجتماعي مشي عشان الفلوس والنفسي بييجي بالطلب" ، وبالتالي بسبب تأخر الإعانة وانصراف الكثير من العاملين عن العمل أصبح البيت غير قادر على استقبال حالات جديدة ويكاد يكون أوقف الاستقبال مع بداية هذا العام بالرغم من أن بيت الجيزة من أكثر البيوت الآمنة نشاطا وأحسنهم استيعابا لمفهوم البيوت الآمنة.
    
ربما ازدادت مشكلة التمويل مؤخرا إلا أنها ليست بجديدة، بل كانت مصاحبة لمشروع البيوت الآمنة منذ إنشائها. كما تكمن المشكلة أيضا في صعوبة ظروف العمل من الناحية النفسية وأيضا اللوجيستية خاصة الموظفين المنتدبين من وزارة التضامن الاجتماعي الذي يتم نقلهم من مدنهن للعمل بالبيوت. ففي التدريب الذي انعقد عام 2006 روت الكثير من العاملات في البيوت عن المشاكل التي تواجههن ومنها أنهن في بعض الأحيان ينتدبن إلى مدن خارج مدينتهن وخارج العاصمة، وغالبا في مكان نائي يصعب الوصول إليه، فبالتالي زادت ساعات العمل دون أي زيادة في الراتب . ويؤثر ذلك بالطبع على العاملات في المكان كما قالت إحدى العاملات في بيت بني سويف وقتها: "متطلبيش مني أتعاطف مع البنات وأنا أصلا متكدرة. " تؤدي ظروف العمل السيئة أيضاً إلى مشكلة في الاستدامة حيث أن فريق العمل يتغير باستمرار ولا يستمر أغلب العاملين سوى بضعة أشهر. يشكل ذلك تحديا حقيقياً خاصة في مكان مثل البيت حيث أن استمرار الفريق مدة كافية في غاية الأهمية حتى يتم استيعاب الدور الذي يلعبه البيت وبناء خبرة في التعامل مع المعنفات وعائلاتهن ومشاكلهن. بالطبع الرواتب وظروف العمل هي من أهم أسباب عدم استدامة فريق العمل، إلا أن العبء النفسي الذي يشكله العمل في البيت هو أيضا عامل مهم، خاصة وأنه لا يوجد في أغلب الأحيان شخص واحد متخصص (أخصائي نفسي أو اجتماعي) للاستماع للناجيات، ويتم ذلك بشكل عشوائي مع أي من العاملات بالبيت وفي أي وقت.
 
ربما ازدادت مشكلة التمويل مؤخرا إلا أنها ليست بجديدة، بل كانت مصاحبة لمشروع البيوت الآمنة منذ إنشائها. كما تكمن المشكلة أيضا في صعوبة ظروف العمل من الناحية النفسية وأيضا اللوجيستية خاصة الموظفين المنتدبين من وزارة التضامن الاجتماعي الذي يتم نقلهم من مدنهن للعمل بالبيوت. ففي التدريب الذي انعقد عام 2006 روت الكثير من العاملات في البيوت عن المشاكل التي تواجههن ومنها أنهن في بعض الأحيان ينتدبن إلى مدن خارج مدينتهن وخارج العاصمة، وغالبا في مكان نائي يصعب الوصول إليه، فبالتالي زادت ساعات العمل دون أي زيادة في الراتب . ويؤثر ذلك بالطبع على العاملات في المكان كما قالت إحدى العاملات في بيت بني سويف وقتها: "متطلبيش مني أتعاطف مع البنات وأنا أصلا متكدرة. " تؤدي ظروف العمل السيئة أيضاً إلى مشكلة في الاستدامة حيث أن فريق العمل يتغير باستمرار ولا يستمر أغلب العاملين سوى بضعة أشهر. يشكل ذلك تحديا حقيقياً خاصة في مكان مثل البيت حيث أن استمرار الفريق مدة كافية في غاية الأهمية حتى يتم استيعاب الدور الذي يلعبه البيت وبناء خبرة في التعامل مع المعنفات وعائلاتهن ومشاكلهن. بالطبع الرواتب وظروف العمل هي من أهم أسباب عدم استدامة فريق العمل، إلا أن العبء النفسي الذي يشكله العمل في البيت هو أيضا عامل مهم، خاصة وأنه لا يوجد في أغلب الأحيان شخص واحد متخصص (أخصائي نفسي أو اجتماعي) للاستماع للناجيات، ويتم ذلك بشكل عشوائي مع أي من العاملات بالبيت وفي أي وقت.
سطر 77: سطر 77:  
في الواقع، توفير ظروف عمل آدمية ومريحة وكذلك مرتبات عادلة للعاملات هو شئ في غاية الأهمية خاصة في عمل بصعوبة إعادة تأهيل وتمكين النساء المعنفات، والحفاظ على أمن العاملات نفسهن وعلى سلامتهن النفسية هو أيضا شئ مهم. من الصعب أن تستطع النساء العاملات بالبيت لعب دور فعال في تمكين الناجيات من العنف إذا كانوا يشعرون أنهن أصلا غير مُمكَنات ويتعرضن هن أيضا إلى أشكال من القهر والظلم منها قهر مادي ومعنوي متعلق بعملهن في هذا المكان.
 
في الواقع، توفير ظروف عمل آدمية ومريحة وكذلك مرتبات عادلة للعاملات هو شئ في غاية الأهمية خاصة في عمل بصعوبة إعادة تأهيل وتمكين النساء المعنفات، والحفاظ على أمن العاملات نفسهن وعلى سلامتهن النفسية هو أيضا شئ مهم. من الصعب أن تستطع النساء العاملات بالبيت لعب دور فعال في تمكين الناجيات من العنف إذا كانوا يشعرون أنهن أصلا غير مُمكَنات ويتعرضن هن أيضا إلى أشكال من القهر والظلم منها قهر مادي ومعنوي متعلق بعملهن في هذا المكان.
   −
===تدريب وتأهيل العاملين\العاملات ب[[البيوت الآمنة|المساكن الآمنة]]===
+
===تدريب وتأهيل العاملين/العاملات بالمساكن الآمنة===
ترتبط وثيقا بمشكلة التمويل وظروف العمل مشكلة تدريب العاملات بالبيوت على فهم دورهن ودور البيوت الآمنة. في أغلب الأحيان تفتقر العاملات في البيوت إلى منظور النوع الاجتماعي والحساسية المطلوبة للاستجابة لاحتياجات [[الناجيات من العنف]]. في نهاية الأمر العاملات في البيوت هن جزء من المجتمع ويتعرضن هن نفسهن للقهر الأبوي ويستبطن الثقافة الأبوية في الكثير من الأحيان. إن لم تكن العاملات بالبيوت نسويات أو مؤمنات بمنظور النوع الاجتماعي، فلا يمكن تغيير بعض المفاهيم الأبوية إلا عبر الخضوع لبرامج ودورات تدريبية تمكنهن من ممارسة دورهن حيث أن تلك الثقافة الأبوية تؤدي إلى ممارسات متعسفة ضد الناجيات حتى إن كانت غير لائحية. في السنوات الأولى من إنشاء البيوت الآمنة تكرر تَعَرُض بعض الناجيات إلى كشوف عذرية . بالرغم من أن اللائحة لا تنص على إجراء كشوف العذرية إلا أنها تنص على استيفاء الأوراق الطبية وفي بعض الأحيان فسرت العاملات والعاملين أن من ضمن تلك الأوراق هو كشف العذرية للتأكد من "سلوك الفتاة". الآن أصبح إجراء كشف العذرية أقل كثيرا ولا تصر العاملات بالبيت على إجراءها: "مرة واحدة بس اتطلب مني أعمل كشف عذرية بعد الثورة في 2012 تقريبا أو آخر 2011 ورفضت والموضوع عدى." إلا أن في الغالب مازال هناك تعنت أكثر في قبول البنات غير المتزوجات والتوجس منهن وهناك شك في سلوك الناجيات بشكل عام خاصة إن لم تلجأ الناجية للبيت عن طريق جمعية يثقن فيها. وفي بعض الأحيان قد تتعنت بعض العاملات مع الناجيات اللتي يرغبن في الطلاق وقد تؤنبها على تركها البيت أو رغبتها في الطلاق. زيادة على ذلك، هناك تعنت في التعامل مع المثليات وأحيانا يتم طردهن. على سبيل المثال في إحدى المرات حكت إحدى الناجيات للأخصائية النفسية أنها مثلية فحكت الأخصائية النفسية للمشرفة فقررت طردها" . تظهر في تلك الممارسات المختلفة افتقار منظور النوع الاجتماعي واستخدام القيم والأخلاقيات الشخصية للحكم على الناجيات. وقد يكون التوجس أيضا تجاه بعض الناجيات التي تشك "العاملات في سلوكهن" ناتج عن توجسهن من فكرة البيوت الآمنة في حد ذاتها أو الشك في النساء التي تقدم على ترك بيت الأهل أو الزوج أو طلب الطلاق أو الاستقلال. تظهر أيضا تلك الثقافة جليا في التعنت في قبول بعض الحالات. تقول الأستاذة عايدة نور الدين مديرة جمعية المرأة والتنمية: "كل الحالات اللي بعتناها لبيت الإسكندرية مستقبلوهاش" وذلك لأسباب كثيرة منها تعقيد اللائحة وعدم وجود جزء عن إدارة حالات الطوارئ خاصة وأن البيت يغلق أبوابه الساعة 3 ظهراً ويصر البيت على انتظار اجتماع الادارة لقبول حالة جديدة، ومن الأسباب أيضا فهم العاملات في البيت لمفهوم العنف وكذلك اشتراط العاملات في به على عدم التحاق الناجية بالبيت إلا بعد أن يحضر الزوج لمحاولة الصلح ولا يتم قبولها إذا رفضت حضور الزوج. المشكلة في عدم وجود فكرة الطوارئ هو أنهم قد يرفضون استقبال الناجية فتضطر إلى السفر ليلا أو لا تجد مكان للمبيت مما يعرضها للخطر. ويعزز تلك الثقافة وجود أشخاص غير مؤهلين أو غير مهتمين بمنظور النوع الاجتماعي في إدارة البيوت. فعلى سبيل المثال في عام 2009 كان المسئول عن إدارة بيت القاهرة رئيس نيابة الآداب، وكان البيت خالي تماما وقتذاك للتعسف في قبول الناجيات والشك في سلوكهن وكانت مديرة بيت الفيوم ترفض قبول النساء التي ترغب في الطلاق. أما في المنيا مثلا، لم تدرك العاملات أن البيت هو مكان للمعنفات وكان أشبه بدار للمسنين، وتغير ذلك مع الوقت.  
+
ترتبط وثيقا بمشكلة التمويل وظروف العمل مشكلة تدريب العاملات بالبيوت على فهم دورهن ودور البيوت الآمنة. في أغلب الأحيان تفتقر العاملات في البيوت إلى منظور النوع الاجتماعي والحساسية المطلوبة للاستجابة لاحتياجات الناجيات من العنف. في نهاية الأمر العاملات في البيوت هن جزء من المجتمع ويتعرضن هن نفسهن للقهر الأبوي ويستبطن الثقافة الأبوية في الكثير من الأحيان. إن لم تكن العاملات بالبيوت نسويات أو مؤمنات بمنظور النوع الاجتماعي، فلا يمكن تغيير بعض المفاهيم الأبوية إلا عبر الخضوع لبرامج ودورات تدريبية تمكنهن من ممارسة دورهن حيث أن تلك الثقافة الأبوية تؤدي إلى ممارسات متعسفة ضد الناجيات حتى إن كانت غير لائحية. في السنوات الأولى من إنشاء البيوت الآمنة تكرر تَعَرُض بعض الناجيات إلى [[كشف العذرية|كشوف عذرية]]. بالرغم من أن اللائحة لا تنص على إجراء كشوف العذرية إلا أنها تنص على استيفاء الأوراق الطبية وفي بعض الأحيان فسرت العاملات والعاملين أن من ضمن تلك الأوراق هو كشف العذرية للتأكد من "سلوك الفتاة". الآن أصبح إجراء كشف العذرية أقل كثيرًا ولا تصر العاملات بالبيت على إجراءها: "مرة واحدة بس اتطلب مني أعمل كشف عذرية بعد الثورة في 2012 تقريبًا أو آخر 2011 ورفضت والموضوع عدى." إلا أن في الغالب مازال هناك تعنت أكثر في قبول البنات غير المتزوجات والتوجس منهن وهناك شك في سلوك الناجيات بشكل عام خاصة إن لم تلجأ الناجية للبيت عن طريق جمعية يثقن فيها. وفي بعض الأحيان قد تتعنت بعض العاملات مع الناجيات اللاتي يرغبن في الطلاق وقد تؤنبها على تركها البيت أو رغبتها في الطلاق. زيادة على ذلك، هناك تعنت في التعامل مع المثليات وأحيانا يتم طردهن. على سبيل المثال في إحدى المرات حكت إحدى الناجيات للأخصائية النفسية أنها مثلية فحكت الأخصائية النفسية للمشرفة فقررت طردها" . تظهر في تلك الممارسات المختلفة افتقار منظور النوع الاجتماعي واستخدام القيم والأخلاقيات الشخصية للحكم على الناجيات. وقد يكون التوجس أيضا تجاه بعض الناجيات التي تشك "العاملات في سلوكهن" ناتج عن توجسهن من فكرة البيوت الآمنة في حد ذاتها أو الشك في النساء التي تقدم على ترك بيت الأهل أو الزوج أو طلب الطلاق أو الاستقلال. تظهر أيضا تلك الثقافة جليا في التعنت في قبول بعض الحالات. تقول الأستاذة عايدة نور الدين مديرة جمعية المرأة والتنمية: "كل الحالات اللي بعتناها لبيت الإسكندرية مستقبلوهاش" وذلك لأسباب كثيرة منها تعقيد اللائحة وعدم وجود جزء عن إدارة حالات الطوارئ خاصة وأن البيت يغلق أبوابه الساعة 3 ظهراً ويصر البيت على انتظار اجتماع الادارة لقبول حالة جديدة، ومن الأسباب أيضا فهم العاملات في البيت لمفهوم العنف وكذلك اشتراط العاملات في به على عدم التحاق الناجية بالبيت إلا بعد أن يحضر الزوج لمحاولة الصلح ولا يتم قبولها إذا رفضت حضور الزوج. المشكلة في عدم وجود فكرة الطوارئ هو أنهم قد يرفضون استقبال الناجية فتضطر إلى السفر ليلا أو لا تجد مكان للمبيت مما يعرضها للخطر. ويعزز تلك الثقافة وجود أشخاص غير مؤهلين أو غير مهتمين بمنظور النوع الاجتماعي في إدارة البيوت. فعلى سبيل المثال في عام 2009 كان المسئول عن إدارة بيت القاهرة رئيس نيابة الآداب، وكان البيت خالي تماما وقتذاك للتعسف في قبول الناجيات والشك في سلوكهن وكانت مديرة بيت الفيوم ترفض قبول النساء التي ترغب في الطلاق. أما في المنيا مثلا، لم تدرك العاملات أن البيت هو مكان للمعنفات وكان أشبه بدار للمسنين، وتغير ذلك مع الوقت.  
   −
ومن ناحية أخرى، يؤدي نقص الخبرة والتدريب في بعض الأحيان إلى مشاكل حتى مع وجود حسن النية وحتى من قبل العاملين الراغبين في المساعدة. هناك افتراض في التعامل مع الناجيات على أن فريق العمل بالبيت يجب أن يكون محايد وأن الحل الأمثل هو الصلح والعودة للمنزل ومقياس النجاح بالنسبة للكثير من البيوت الآمنة هو أن تعود الناجيات لأسرهن أو أزواجهن لأن من الأساس لا يتم التعامل مع العنف على أنه جريمة، وكأنه مجرد خلاف ممكن أن يحل عن طريق "قعدة صلح". غالبا ما يتم ذلك بحسن نية وبسبب رغبة حقيقية في حل المشكلة ولكنه يؤدي إلى مشاكل ضخمة في أحيان كثيرة. في بعض الأحيان أدى رجوع الناجيات إلى بيت الزوج أو الأهل إلى مشاكل عرضت حياة بعض الناجيات للخطر وأنهت بالفعل حياة أخريات. أحيانا ينتج عن العودة إلى المنزل إعادة تعريض الناجية لتجربة العنف وعودتها للبيت مرة أخرى، وأحيانا يتخذ العنف أشكال أكثر فجاجة تصل إلى التعذيب بالكهرباء في أماكن حساسة. في إحدى الحالات بعد عودة إحدى الناجيات إلى الأهل تم حبسها لمدة 9 أشهر فى غرفة دون أن تتمكن من الاستحمام أو تغيير ملابسها وكانت تتعرض للتعذيب بالكهرباء وأدى ذلك إلى وفاتها. وفي حالات أخرى تم تغيير مكان الإقامة الذي يعلمه العاملين في البيت ولم يتمكن أحد من الوصول إلى الناجية مرة ثانية. بالتالي مشكلة الخبرة والممارسة تؤدي إلى أخطاء قاتلة في بعض الأحيان. بالتالي يجب أن تبذل الوزارة مجهودا حقيقيا في تدريب العاملين والعاملات والاستفادة من بعض خبرات منظمات المجتمع المدني والمنظمات التي لديها خبرة في ادارة البيوت الآمنة.
+
ومن ناحية أخرى، يؤدي نقص الخبرة والتدريب في بعض الأحيان إلى مشاكل حتى مع وجود حسن النية وحتى من قبل العاملين الراغبين في المساعدة. هناك افتراض في التعامل مع الناجيات على أن فريق العمل بالبيت يجب أن يكون محايد وأن الحل الأمثل هو الصلح والعودة للمنزل ومقياس النجاح بالنسبة للكثير من البيوت الآمنة هو أن تعود الناجيات لأسرهن أو أزواجهن لأن من الأساس لا يتم التعامل مع العنف على أنه جريمة، وكأنه مجرد خلاف ممكن أن يحل عن طريق "قعدة صلح". غالبًا ما يتم ذلك بحسن نية وبسبب رغبة حقيقية في حل المشكلة ولكنه يؤدي إلى مشاكل ضخمة في أحيان كثيرة. في بعض الأحيان أدى رجوع الناجيات إلى بيت الزوج أو الأهل إلى مشاكل عرضت حياة بعض الناجيات للخطر وأنهت بالفعل حياة أخريات. أحيانًا ينتج عن العودة إلى المنزل إعادة تعريض الناجية لتجربة العنف وعودتها للبيت مرة أخرى، وأحيانا يتخذ العنف أشكال أكثر فجاجة تصل إلى التعذيب بالكهرباء في أماكن حساسة. في إحدى الحالات بعد عودة إحدى الناجيات إلى الأهل تم حبسها لمدة 9 أشهر فى غرفة دون أن تتمكن من الاستحمام أو تغيير ملابسها وكانت تتعرض للتعذيب بالكهرباء وأدى ذلك إلى وفاتها. وفي حالات أخرى تم تغيير مكان الإقامة الذي يعلمه العاملين في البيت ولم يتمكن أحد من الوصول إلى الناجية مرة ثانية. بالتالي مشكلة الخبرة والممارسة تؤدي إلى أخطاء قاتلة في بعض الأحيان. بالتالي يجب أن تبذل الوزارة مجهودا حقيقيا في تدريب العاملين والعاملات والاستفادة من بعض خبرات منظمات المجتمع المدني والمنظمات التي لديها خبرة في ادارة البيوت الآمنة.
    
===عدم وجود نظام للمتابعة===
 
===عدم وجود نظام للمتابعة===
لا يوجد نظام لمتابعة [[الناجيات من العنف|الناجيات]] بعد خروجهن من [[البيوت الآمنة]]، ومن المفترض مثاليا أن تتم متابعة الناجية بعد خروجها لفترة محددة للاطمئنان على سلامتها النفسية والجسدية. في بعض الأحيان تتم هذه المتابعة بشكل ودي لوجود علاقات طيبة بين العاملات في البيت والناجيات إلا أن هذه المتابعة غير منهجية وليست لها أهداف أو مدة محددة، ولا تتبع نظام معين، ولا تتم مع جميع الناجيات ولا في جميع البيوت.
+
لا يوجد نظام لمتابعة [[ناجية|الناجيات]] بعد خروجهن من [[البيوت الآمنة]]، ومن المفترض مثاليًا أن تتم متابعة الناجية بعد خروجها لفترة محددة للاطمئنان على سلامتها النفسية والجسدية. في بعض الأحيان تتم هذه المتابعة بشكل ودي لوجود علاقات طيبة بين العاملات في البيت والناجيات إلا أن هذه المتابعة غير منهجية وليست لها أهداف أو مدة محددة، ولا تتبع نظام معين، ولا تتم مع جميع الناجيات ولا في جميع البيوت.
    
===عدم وجود علاقات مع الـمؤسسات والأجهزة المعنية===
 
===عدم وجود علاقات مع الـمؤسسات والأجهزة المعنية===
من العوامل المفصلية في نجاح [[البيوت الآمنة]] في أداء دورها هو وجود علاقات بين البيوت الآمنة والأجهزة أو المؤسسات المعنية من الدولة ومن المجتمع المدني على الأقل في محيطها. فيما يخص مؤسسات الدولة أو المؤسسات الحكومية، يجب أن تكون هناك علاقات على الأقل مع القسم المحيط بالبيت الآمن وكذلك أقرب مستشفى حكومية ومصلحة الطب الشرعي (وزارة العدل). أولا، العلاقة مع القسم في غاية الأهمية لتوفير حماية [[الناجيات|للناجيات]]، ففي أحيان كثيرة يعلم الأهل بمكان وجود الناجية ويحاولن اقتحام البيت لذلك يجب وجود علاقات قوية بين البيت وقسم الشرطة التابع له، خاصة أن أغلب البيوت غير محيطة بأسوار ولا توجد لديها أمن خاص. أيضا، العلاقة مع قسم الشرطة مهمة في حالة عدم اكتمال أوراق الناجية القانونية ويسهل ذلك استيفاء باقي الأوراق وعمل فيش وتشبيه. كذلك العلاقة مع المستشفيات المحيطة مهمة للإحالة لعمل التقارير الطبية أو إجراء كشوف سريعة أو طارئة. أما العلاقة مع الطب الشرعي فتظل مهمة في القضايا التي تقرر فيها الناجية الملاحقة القانونية للمعتدي وقد تحتاج تقرير طب شرعي من ضمن الأدلة.
+
من العوامل المفصلية في نجاح البيوت الآمنة في أداء دورها هو وجود علاقات بين البيوت الآمنة والأجهزة أو المؤسسات المعنية من الدولة ومن المجتمع المدني على الأقل في محيطها. فيما يخص مؤسسات الدولة أو المؤسسات الحكومية، يجب أن تكون هناك علاقات على الأقل مع القسم المحيط بالبيت الآمن وكذلك أقرب مستشفى حكومية ومصلحة الطب الشرعي (وزارة العدل). أولا، العلاقة مع القسم في غاية الأهمية لتوفير حماية للناجيات، ففي أحيان كثيرة يعلم الأهل بمكان وجود الناجية ويحاولن اقتحام البيت لذلك يجب وجود علاقات قوية بين البيت وقسم الشرطة التابع له، خاصة أن أغلب البيوت غير محاطة بأسوار ولا توجد لديها أمن خاص. أيضُا، العلاقة مع قسم الشرطة مهمة في حالة عدم اكتمال أوراق الناجية القانونية ويسهل ذلك استيفاء باقي الأوراق وعمل فيش وتشبيه. كذلك العلاقة مع المستشفيات المحيطة مهمة للإحالة لعمل التقارير الطبية أو إجراء كشوف سريعة أو طارئة. أما العلاقة مع الطب الشرعي فتظل مهمة في القضايا التي تقرر فيها الناجية الملاحقة القانونية للمعتدي وقد تحتاج تقرير طب شرعي من ضمن الأدلة.
    
==4-التوصيات المقترحة==
 
==4-التوصيات المقترحة==
2٬800

تعديل

قائمة التصفح