ملف:المسألة النسوية في مصر وتونس قبل وبعد الربيع العربي.pdf
هذه معاينة في صيغة JPG لملف في الصيغة PDF أبعادها 424 × 600 عنصورة. المَيْز الآخر المتاح: 170 × 240 عنصورة. |
الملف الأصلي (1٬240 × 1٬754 عنصورة، حجم الملف : 800 كيلوبايت ، نوع الملف : application/pdf ، 40 صفحات)
تأليف | هند أحمد زكي |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | مبادرة الإصلاح العربي |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://www.arab-reform.net/ar/node/864
|
تاريخ الاسترجاع |
|
المقدمة والأطار النظري والمفاهيمي
طرحت الثورات العربية والمسارات السياسيّة التي أنتجتها عدد من القضايا على ساحة النقاش والجدل، ربما بشكل لم يسبق له مثيل منذ التأسيس الأول لتلك الدول في مرحلة ما بعد الاستعمار. فالتعقيدات أحياناً وأحياناً أخرى فشل مسارات بناء نظم سياسية ديمقراطية تلبي طموحات الجماهير التي خرجت للشوارع وأسقطت نظم حكم سلطوية دامت عقود، أسفر عن مسارات متعثرة ومرتبكة ليس فقط فيما يتعلق بإعادة بناء مؤسسات الدول ومنعها من التف ّكك، ولكن أيضاً فيما يتعلق بإعادة طرح عدد من الأسئلة المبدئية المرتبطة بتف ّكك سيطرة الدولة على المجال الاجتماعي والثقافي، ثم محاولات استعادة الهيمنة علي تلك المجالات من قبل قوى النظام القديم والثورة المضادة، التي أعادت تنظيم نفسها في معظم بلدان الربيع العربي. وعلى الرغم من انحسار زخم الحراك والنقاش المستقلين في أعقاب إعادة تأسيس صيغ مختلفة من السلطوية بشكل أو بآخر في معظم دول الربيع العربي، إ ّلا أن النقاش والتفاوض والحراك حول عدد من القضايا المحورية لا يزال عملية دائرة بالفعل، سواء على مستوى الحراك القاعدي أو علي مستوي التفاوض السياسي المباشر. وربما تكون" المسألة النسويّة"، أي سؤال حقوق النساء بمختلف تجلّياته التاريخية الثقافية والقانونية والسياسية في مجتمع ما[1]، من أبرز المسائل التي كانت محل صراع وجدل علي مدى السنوات الأربع الماضية.
و تمثل كل من مصر وتونس مثالين واضحين على تف ّجر الجدل حول حقوق النساء في الدساتير والقوانين وأيضاً حقهن في سلامة الجسد وحرية الحركة في مجال عام أمن للجميع في أعقاب الثورات العربية. وتكمن أهمية طرح المسألة النسوية بهذا الشكل في كون سؤال حقوق النساء عدسة يمكن من خلالها تحليل وفهم عدد من القضايا المحورية كطبيعة الدولة وتو ّجهاتها ومدى تماسك واتساق مؤسساتها والتغيرات التي تطرأ عليها، إضافة إلى قدرة الدولة في الهيمنة على المجالين الخاص والعام والحدود الفاصلة بينها، وكذلك طبيعة المجال الديني ومدى قدرة الدولة على احتكاره من عدمها.[2]
فالمسألة النسوية مدخل هام لاستيعاب وفهم قضايا محورية تتعلق بمفاهيم المواطنة والحقوق وطبيعة الدولة التي تضع القواعد والقوانين المنظمة لتلك الحقوق، وأيضاً مدى قدرة مؤسساتها وأجهزتها على وضعها محل التطبيق. يرتبط هذا التص ّور بفرضية أساسية مفادها أ ّن المسألة النسوية في أي بلد تُبنى على الظروف السياسية والتاريخية التي أنتجت ثنائية المجالين العام والخاص ودرجة الفصل بينهما، ومقدار هيمنة الدولة على كل منهما و تحديدها لهذا الفصل.
وترتبط ثنائية العام والخاص أساساً بسؤال الحداثة بمعناها السياسي؛ أي الفصل بين الدولة والمجتمع.[3] فالفصل بين المجالين العام والخاص يمثّل وفقاً لتعريف "هبرماس" اللبنة الأساسية للحداثة، ومن ثم فمأسسة المجال العام ودسترته والفصل بينه وبين المجال الخاص ضرورة للحفاظ عليه واستدامته وضمان ترشيده وعقلنته.[4] فالمجال العام هو مجال إنتاج القواعد المؤسسة للاجتماع الإنساني وأدوار وحقوق الأفراد والجماعات بما فيهم النساء كمواطنات.
تنطلق هذه الورقة من اشتباك نقدي تاريخي مع هذا المفهوم وتطبيقاته في عالمنا العربي، من خلال النظر إلى تط ّور سؤال النساء في المجال العام في كل من مصر و تونس تاريخياً، وأيضاً من خلال تحليل التطورات التي طرأت عليه في أعقاب الثورات العربية.
بمعنى آخر، تسعى الورقة لتحليل طبيعة الفصل بين المجالين العام والخاص تاريخياً في البلدين، وتبعاته على قدرة النساء في التفاوض من أجل حقوقهن، وأيضاً التط ّورات التي طرأت على كل من هذين المتغيرين. وفي المقابل، ربما علينا التساؤل عن طبيعة وإمكانيّة الفصل بين الثنائية التي يقوم عليها المجال العام، وهي ثنائية العام والخاص. وهل يمكن رسم حدود قاطعة بينهما؟ وإذا كانت الحداثة كمنظومة متكاملة قائمة على خلق عمليات التمثيل والتفويض مصحوبة بعمليات واسعة من الترشيد وإنتاج الذوات (Subjectivities)، فما هو موقع سؤال النساء من كل هذا؟ وهل يمكن الحديث عن فصل حقيقي بين المجالين العام والخاص إذا ما كانت مجمل الأطروحات حول سؤال النساء سياسياً واجتماعياً أطروحات هويّاتية بحتة؟
فنتيجة لتحويل سؤال المرأة إلى رمز للخصوصيّة الثقافية في معظم دول ما بعد الاستعمار وليس فقط الدول العربية، تم تحميل النساء عبء الحفاظ على الأصالة والهوية المفترضة للمجتمعات، في مقابل تحويل المجال العام إلى مجال حديث يمكن أن تلعب فيه النساء أدواراً محدودة ومحسوبة بدقة. وهنا برز التناقض الأساسي بين ما يجب أن تكون النساء عليه في المجال الخاص و ما يجب أن يكن عليه في المجال العام. فالمجال العام صار مجالاً يمكن للنساء فيه تأدية أدوار المشاركة والمواطنة، وهي أدوار جديدة ومختلف عليها دائماً (contested). فأدوار النساء في المجال العام باتت محلاً لجدل دائم منذ نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وصارت موضوعاً لتناقضات عنيفة في متن الخطاب الوطني حول النساء.
فمع تشجيع النساء على العمل والمشاركة في بناء الدول الجديدة، برز خطاب مفاده أن لا يؤثر ذلك على أدوار النساء التقليدية في المجال الخاص أي في المنزل كزوجات وأمهات وبنات.
أنتجت تناقضات الخطاب الوطني الحداثي[5] فيما يتعلق بالنساء تحديداً تلاويناً مختلفة ومتنوعة للمسألة النسوية، تمثّل دراستي الحالة التي تتناولهما هذه الورقة أحد أمثلتهما؛ فبينما أنتجت تلك التجارب خطابات ومشاريع وطنية "ونسائية أيضاَ" -قامت على بديهية دعم مشاركة النساء للأنخراط في المجال العام والمشاركة السياسية والاقتصادية - فقد افترضت أيضاً - بدرجات مختلفة - حتمية الإبقاء على أوضاع النساء المتدنية في المجال الخاص كركيزة أساسية للهوية المحلية.[6]
بالتالي فإن التنوع في هذه المشاريع الوطنية نفسها فيما يتعلق بالمجالين العام والخاص كمجالين حيويين لحركة النساء يتم من خلالهما إعادة صياغة خطاب وطني مهيمن حول حقوق النساء، يسمح بطرح تساؤلات مقارنة تاريخية وآنية في كل من مصر وتونس تدور حول ما يلي:
1. طبيعة تلك المشاريع نفسها كمولّد للفرص والتحديات التي تواجه النساء وتساهم في تحديد خطابهن وطبيعة حراكهن لنيل المزيد من الحقوق بدرجة كبيرة.
2. تأثير تلك الخطابات علي قدرة النساء على الحشد والتفاوض ومدى إمكانية طرح خطابات نسوية بديلة للخطابات الوطنية المهيمنة.
3. تطور كل من (١) و (٢) بعد اندلاع الثورات العربية بشكل يسمح بإعادة طرح المسألة النسوية برمتها بشكل جديد يتجاوز تراث الصيغ القديمة التي طرحتها دول ما بعد الاسقلال.
وتشكل هذه النقطة الأخيرة ركيزة الورقة الحالية بما يسمح بالإجابة على الأسئلة التالية: ما هي أهم العوامل البنيوية التي أثرت على بناء ما يُعرف "بالمسألة النسوية" في كل من المستويين الوطني والإقليمي؟ وكيف أثرت عملية بناء دولة ما بعد الاستقلال على محتوى ومضمون وإمكانيات طرح حقوق النساء؟ لاسيّما كيف أُسست عملية هندسة المسألة النسوية تاريخياً في كل من البلدين لتصورات مهيمنة على حقوق النساء في المجالين العام والخاص؟ وما هي أهم الأثار المتربة على ذلك؟ وكيف يمكن رصد تأثير هذا التراث على أوضاع النساء في البلدين في فترة ما بعد الربيع العربي؟ و ترتبط تلك الحزمة من الأسئلة بسؤال أعم يتعلق بإمكانية النظر أصلاً للمسألة النسوية في المنطقة بوصفها مسألة سياسية، ترتبط ببناء الدولة وتفضيلات النخب وعملية التنمية الاجتماعية الشاملة، أم أن الأصلح هو تتبّع الخطاب النسوي كخطاب ثقافي تابع لتلك العمليات وإن بقي دائماً على هامشها، دون وجود تص ّور تاريخي مهيمن بشكل كبير؟
ويرتبط هذا بسؤال آخر حول مشاريع ما يعرف "بنسوية الدولة" في كل من البلدين، وحدودها ومدى قدرتها على طرح وتشكيل خطاب نسوي مهيمن وما هي آليات تلك الهيمنة؟ وأخيراً: ما أبرز التغييرات التي أحدثتها الثورات العربية على مستوى هذا الخطاب المهيمن وكذلك على آليات البناء السياسي لخطاب أو خطابات نسائية أو نسوية بديلة، سواء بالتركيز على طرح حقوق جديدة للنساء أو الحفاظ على مكتسبات قائمة بالفعل؟ وما هي أهم نقاط التماثل والاختلاف بين أشكال الحراك الجديد التي ظهرت في مرحلة ما بعد الثورة والأشكال الحركية أو الخطابية التي حكمت حدود الفعل النسوي قبلها؟ وكيف يمكن فهم النتائج المختلفة للتفاوض والحراك حول حقوق النساء في كل من مصر وتونس من منظور مقارن، وفقاُ لقراءة تاريخية "لتراث" المسألة النسوية في البلدين، وقراءة أخرى سياسية لمعطيات جهود النساء للتفاوض والحراك بهدف الحفاظ على مكتسبات تاريخية أو إقرار حقوق جديدة في مرحلة ما بعدالثورات؟
مصادر ومراجع
- ↑ يعرف المؤوخ الهندي بارثا شاترجي المسألة النسوية بكونها " النقاشات العامة والتصورات الفكرية والاقتراحات ذات الصبغة الإصلاحية، من منظور ديني نصي أو من منظور اجتماعي حول مكانة و حقوق المرأة و التي أنتجتها الطبقة الوسطي المتعلمة الصاعدة في مرحلة التحرر الوطني من الاستعمار وتأسيس دولة ما بعد الأستعمار و استمرت و تشكلت بعد ذلك وفقاً للخطابات الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية السائدة". المصدر: Chatterjee, Partha.1993. The Nation and Its Fragments: colonial and postcolonial histories. Princeton, N.J: Princeton University Press.
- ↑ لمزيد من التفاصيل حول التصورات النسوية بشأن المجالين العام والخاص و تنظيم الدولة لكل منهما أنظر: Krishan Kumar and Ekatarina Makarova,“The Portable Home: The Domestication of Public Space,” Sociological Theory 26, no. 4 (2008), 324-342 and Joan Scott and Debra Keates, (Eds.), Going Public: Feminism and the Shifting of the Private Sphere, (Urbana: University of Illinois Press, 2004).
- ↑ يعرف موريس باربيي "الحداثة السياسية يمر بالضرورة عبر تعريف الدولة الحديثة وهو ما يمكن القيام به إلا بعد تعريف نقيضها، أي الدولة العتيقة التي يقصد بها باربيي" مجموعة بشرية منظمة أو جماعة سياسية تتوفر على الحاجيات الأساسية للعيش وتتمتع بالاكتفاء الذاتي وذلك بغض النظر عن حجم إقليمها وساكنتها. وتستلزم الدولة العتيقة من جهة أخرى وجود سلطة تقود وتحكم هذه الجماعة التي يبقى أفرادها مجرد أجزاء من الكل ( الجماعة) إذ ليس لهم استقلال ذاتي. ويترتب على ذلك أولوية الجماعة على الأفراد الذين لا وجود لهم خارج إطار الجماعة حيث تنتفي قدرتهم على المبادرة و الفعل. وعلى النقيض من ذلك تتأسس الدولة الحديثة على كيان منقسم إلى عنصرين متمايزين: الدولة بالمعنى الدقيق و التي تحيل على الفضاء السياسي من جهــــــــــــة والمجتمع بالمعنى الضيق و الذي يشكل ما يسمى بالمجتمع المدني من جهة أخرى. ويؤدي هذا الانفصال بين الدولة والمجتمع إلى ظهور مجالين متمايزين: مجال عام أي مجال الدولة ومجال خاص أي مجال المجتمع.
- ↑ 4 Habermas, Jürgen. The Structural Transformation of the Public Sphere: An Inquiry into a category of Bourgeois Society. Trans. Thomas Burger with Frederick Lawrence. Cambridge, MA: MIT Press, 1991.
- ↑ لا تفترض تلك الورقة ثنائية فاصلة و قاطعة ك بين ما يعرف بمشاريع الحداثة العربية التي ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر و بدايات القرن العشرين، و خطابات الأصالة سواء الاسلامية أو التقليدية كما ستوضح الورقة لاحقا. و إن كان استخدام مفهوم االمشروع الوطني الحداثي هنا يتم فقط للتدليل علي مشروع سياسي بعينه بغض النظر تحيزاته المتناقضة تجاه النساء و التنوع القائم بين مختلف تلك المشاريع
- ↑ :للمزيد حول تلك النقطة، راجع الأتي 6 Beth. 2005. Egypt As A Woman: Nationalism, Gender and Politics. Berkeley: University of California Press,Kholoussy, Hanan.2010. For Better, For Worse: The Marriage Crisis That Made Modern Egypt. Stanford: Stanford University Press, and Bier, Laura.2011. Revolutionary Womanhood: Feminisms, Modernity and the State in Nasser’s Egypt. Stanford: Stanford University Press.
تاريخ الملف
اضغط على ختم زمني لمطالعة الملف كما بدا في ذلك الزمن.
زمن/تاريخ | صورة مصغرة | الأبعاد | مستخدم | تعليق | |
---|---|---|---|---|---|
حالي | 18:11، 21 نوفمبر 2017 | 1٬240×1٬754، 40 صفحة (800 كيلوبايت) | سارة قدري (نقاش | مساهمات) | هذه الورقة نشرتها مبادرة الإصلاح العربي عن الحركة النسوية في مصر وتونس قبل وبعد الربيع العربي. تصنيف:أوراق بحثية |
لا يمكنك تعديل هذه الصورة.
استخدام الملف
الصفحة التالية تربط إلى هذا الملف: