وثيقة:إلى سارة
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | مجهول |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | سلوان أهل العزا |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://queerswhocantgriefinpublic.wordpress.com/2020/06/18/64/
|
تاريخ الاسترجاع |
|
استيقظ في بيت صديقي في منفاه المختار عن الحرب في بلده الأم. استيقظ مبكرًا عن موعد استيقاظي على تليفون من أمي، الساعة 6 صباحًا هنا و1 ظهرًا في القاهرة، نتهاتف في مواعيد معينة. قبل أن أرد، أخذت نفسًا عميقًا متوقعة الاسوأ. رنين هاتف غير متوقع من أم لأبنتها الشاذة يحمل الكثير من الخوف والترقب. كانت مكالمة لأسباب لوجيستية، أخذت نفسًا عميقًا وقلت ليس اليوم، أعود إلى سريري ولا أفهم لماذا أشخاص يرسلوا لي حب وقلوب بدون سياق. فهمت في لحظة تصفحي للفيسبوك. بكيت في صمت.
واحدة مننا أنهت حياتها! تشبهني! تشبه صديقي الأقرب! تشبه حبيبتي الأولى! تشبه شاذة أخرى في مصر، في لبنان، في المغرب، في تونس، في كل مكان. أبكيها مرة وأبكي كسرة قلبي على شركاء يداعبون فكرة الانتحار. أبكي كل ذلك وأنا أبكي حيواتنا.
في حفلة مشروع ليلى في 2017، في لحظة خروجنا من أفواج البشر المستمتعة بمشروع ليلى، قررت الفرقة أن تودعنا بأغنية “شم الياسمين”، كل شاذ وشاذة سمع الأغنية التي خرجت لنا في عام 2010، نعرف تلك الغصة في بطوننا، ونعرف ايضًا الدفء التي تحمله قبل أن نختبره، قبل أن نقع في الحب، قبل أن نترك من نحب، قبل من أن نحلم بحيوات لن تتحقق معهم “بس أنت ببيتك وأنا بشي بيت”. لم أكن أعرف إن في لحظة توديعهم لنا كان توديع القاهرة لمشروع ليلى؛ القاهرة بتاعتنا مش بتاعتهم. وضعت يدي على قلبي لحظتها وأبتسمت لمن أحب وأبتسمت لي وطمئنتني عيونها بحبنا الشاذ. كان هناك الآلاف من الشواذ يشعرون بنفس القشعريرة، كان هناك من هم أصغر مننا يعودون ليلتها إلى منازل أهاليهم ولا يفكروا كثيرًا قبل إن يبتسموا لاحتمالات قبلة أولى مع الكراش، ومداعبة بأغنية في ال DM وجنس جميل. نمنا فرحانين ليلتها بالسحر الذي نخلقه في مدينة بطبيعتها غير ساحرة.
سارة كانت هناك. ملكت القاهرة للحظات. شعرت بالحب والقوة مع اصدقاء وغرباء.
في حياتك ورحيلك قوة وجمال، في مثليتك، في نسويتك، في شيوعيتك، في قلقك، في غرابتك، في تأتأتك، في ضحكتك، في كتبك، في حنينك إلى تمشية في شوارع قاهرتنا، في مصرنا، في مقاهيها وشيشة مع الاصدقاء. تركتي لنا ثأر شحصي مع نظام ومجتمع، وذكرتينا بقوتنا وجمالنا الأكبر من عنفهم.