وثيقة:تفكيك الامتيازات الطبقية واستخدامها لمحاربة النظام الأبوي والرأسمالية
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | رني إسكندر |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | نحو وعي نسوي |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://feministconsciousnessrevolution.wordpress.com/2023/03/12/تفكيك-الامتيازات-الطبقية-واستخدامها/
|
تاريخ الاسترجاع |
|
قد توجد وثائق أخرى مصدرها نحو وعي نسوي
“يمكن للمرأة أن تصبح حرة ومتساوية حقًا فقط في عالم منظمٍ وفقًا لخطوط اجتماعية وإنتاجية جديدة” – ألكسندرا كولونتاي ، ١٩٠٩
أكدت الكاتبة والمفكرة والمناضلة الروسية، وإحدى أوائل النسويات الماركسيات، ألكسندرا كولونتاي، في كتاباتها أنه ليس من الممكن أن نتعامل مع النضالات الطبقية والنضالات النسوية بشكل منفصل. كانت كولونتاي تقيم مقارنات لتسليط الضوء على الاختلاف في أنواع الاضطهاد الذي تتعرض له النساء على أساس الطبقة التي ينتمين إليها؛ وتمكنت من توضيح مدى التقاطع بين الرأسمالية والنظام الأبوي.
بصفتي امرأة من الطبقة فوق المتوسطة في القاهرة، فقد تصارعت مع فكرة الامتيازات لفترة طويلة. أحاول دائمًا أن أطرح على نفسي أسئلة في أوقات مختلفة، متى أشعر بالامتياز الذي أمتلكه، ومتى أشعر بالتمييز ضدي، وأدركت أنني أكثر امتيازًا من غالبية النساء المصريات، وأنه من المهم الاعتراف بهذا الامتياز عند الدفاع عن حقوق النساء . أذكر نفسي باستمرار بأنني كنت محظوظة لأنني تمكنت من الذهاب إلى مدرسة خاصة والحصول على تعليم جيد، وقيادة السيارة بدلاً من استخدام وسائل النقل العام، والعيش في منطقة سكنية “آمنة” نسبيًا، وتجنبت أهوال تشويه الختان وغيرها من الانتهاكات . جميع هذه الأشياء حمتني. ومع ذلك، ما زلت أشعر بالخجل من تلك الامتيازات إلى حد ما، في كل مرة أستخدم فيها سيارتي، أبدأ في التفكير في أنه يجب علي استخدام وسائل النقل العام و “مواجهة المجتمع” بدلاً من الاحتماء في فقاعتي المليئة بالامتيازات. في كل مرة يضايقني أحد الرجال، أو يقلل من قدرتي، أو يتحدث معي كأنني لا أفقه شيئاً أشعر أنني لا يجب أن أشتكي لأن معظم النساء في مجتمعي يعانين من الوضع بصورة أسوأ بكثير، أقول لنفسي إنني أستطيع أن أتحمل القليل من التمييز أو التحرش اللفظي في بعض الأحيان، حتى الاعتداء الجسدي بين الحين والآخر مقبول لأن نساء أخريات يتعرضن للعنف الجسدي بشكل يومي.
من ناحية أخرى، فإن الشعور بالخجل من امتيازاتي فقط ليس حلاً .
لا يمكن أن تكون محاربة النظام الأبوي من خلال مساواة النساء في القمع، وإنما عندما تتمكن جميع النساء من الحصول على نفس الحقوق . وهذا يعني أن محاولة تفكيك التمييز الجنسي والجندري يستلزم بالضرورة تفكيك القيم الرأسمالية والتمييز الطبقي.
ثم بدأتُ أدرك امتيازًا لم أفكر فيه من قبل، ألا وهو مظهري. كان أصدقائي يمزحون دائمًا قائلين إنني بيضاء وشكلي غربي، وكنت أمتعض وأرفض هذه الفرضية لأنني لم استطع الاعتراف بها. لكنني بدأت أدرك ذلك الامتياز أيضًا، نادرًا ما كان يُطلب مني أن أقوم بتصفيف شعري، ولم أتعرض أبدًا للعبارات العنصرية في الشوارع، وحتى عندما أسافر إلى الخارج، أعامل بشكل جيد بينما يواجه أصدقائي المصريون الآخرون معاملة مختلفة تمامًا. تجربتي أيضًا مختلفة تمامًا عن النساء الملونات/السود من النوبة أو النساء المهاجرات في مصر على سبيل المثال؛ اللاتي غالبًا ما يتم تجاهل نضالاتهن ، ونادراً ما تدرس هذه الطبقة الإضافية أو يسلط الضوء على التمييز ضدهن كنساء من أقلية عرقية. إن طبقتهن وعرقهن وجنسهن وحتى وضعهن كمهاجرات، تجعلهن أكثر عرضة للعنف.
من الأفضل تحليل الامتياز من خلال نظرية ما بعد الاستعمار. يمنح النظام العالمي امتيازات للأغنياء، وللرجل، وكذلك لذوي البشرة البيضاء. قبل كل شيء ذوي البشرة البيضاء. في البلدان المستعمرة سابقًا، لا زلنا نستدمج أفكاراً استعمارية بداخلنا حول كيفية رؤيتنا لأنفسنا وللآخرين؛ البشرة الفاتحة أو العيون الزرقاء / الخضراء هو مثال للجمال، لأن هذا هو الشكل الذي بدى عليه المستعمرون “المتفوقون”. تستفيد الرأسمالية بشكل طبيعي من التمييز الجنسي والعنصري ، بالطبع بالإضافة إلى التقسيمات الطبقية الحالية. يفضل المستفيدون من الوضع الراهن أن يظل النظام العالمي القائم كما هو، فأي مجموعة تأخذ حقوقها في الحرية الكاملة والمساواة، تفرض تهديدًا على المستفيدين من الوضع القائم لأنها تعني أنهم لن يتمتعوا بالحق الحصري في الحصول على امتيازاتهم.
حجتي هنا هي كما يلي: تلك الطبقات من التمييز مترابطة ولا يمكن للمرء أن يتظاهر بالنضال من أجل إحداها بينما يغض الطرف عن البقية. كما تؤكد كولونتاي (١٩٠٩)، أنه من الضروري الاستمرار في المطالبة ب“بتغييرات” للنساء من الفئات المهمشة (أي الطبقات العاملة)، ولكن لا يمكن إدراك الحل الفعلي أو تحقيق المساواة إلا من خلال تغيير النظام العالمي الرأسمالي. وعلى صعيد آخر، فإن الاختلاف هنا هو أن فرضية كولونتاي هي أنه بمجرد أن تحقق النساء من الطبقات العليا المساواة مع الرجال في طبقاتهم، سيتوقفن عن المطالبة بالمساواة، بينما ها نحن بعد أكثر من قرن، لا تزال النساء في جميع الطبقات الاجتماعية يعانين من النظام الأبوي. وهذا يسلط الضوء على أنه بالرغم من أن التقسيم الطبقي قد يمنح بعض النساء امتيازات أكثر من غيرهن ، إلا أنه يضمن أيضًا أن تظل النساء أدنى منزلة من الرجال في طبقتهن بالرغم من كونهن لا يزلن متفوقات على الرجال والنساء من الطبقة العاملة. ومن ثم ، في ظل النظام القائم ، تظل فكرة التفوق/الدونية مطاطة وقابلة للتغيير بناءً على عوامل مختلفة مثل الجنس والعرق والطبقة.
في حالة كولونتاي، ينصب التركيز بشكل أساسي على عامل الطبقة، ولكن هذا ليس العامل المؤثر الوحيد في حياة جميع النساء. سأتحدث عن نفسي الآن، أنا أنتمي إلى الطبقة فوق المتوسطة، ولكني ما زلت امرأة في مجتمع أبوي. ما زلت أنتمي إلى أقلية دينية. ما زلت أُعامل كمواطن من الدرجة الثانية. ما زلت أنتمي إلى أقلية سياسية مهددة بشكل ممنهج . ما زلت أتفاوض من أجل حقوقي الأساسية كإنسان. وعلى الرغم من أن بشرتي بيضاء نسبيًا، فإن جواز سفري يشير بوضوح إلى أنني أتيت من دولة من الجنوب العالمي، الجزء “غير المتحضر” من العالم. هل هذا يعني أنه ليس لدي امتيازات؟ لا، لكن هذا يعني أن مشاعري وغضبي ضد عدم المساواة في محلها.
الحقيقة هي أن الانتماء إلى الطبقات العليا أو حتى تحقيق كل الأحلام الرأسمالية الليبرالية لن يعفي النساء تمامًا من آلام الرأسمالية. وبالتالي، تتشابك الرأسمالية والنظام الأبوي، بأسوأ طريقة ممكنة.
في حين أن كون المرأة من الطبقات العليا قد يمنحها حماية نسبية، إلا أنه لن يحميها بالكامل من النظام الأبوي؛ حيث تحافظ الرأسمالية على بقاء المرأة في هذا الإطار الأبوي بغض النظر عن الطبقة التي تنتمي إليها. على سبيل المثال، قد لا تتعرض النساء من الطبقات العليا للاعتداءات في وسائل النقل العام، ولكن من الناحية الأخرى، لا تزال العديد منهن عرضة للعنف المنزلي. ناهيك عن أنه داخل الأماكن التي كان يُعتقد سابقًا أنها “مساحات آمنة” مثل الحفلات الخاصة أو الحفلات الحصرية للطبقة العليا التي يتم تسويقها على أساس أنها “منفتحة”، ثبت أنها غير آمنة للنساء من خلال “حادثة فيرمونت“.
في مثل هذه الحالات، من المستحيل أن تحصل النساء على أي نوع من العدالة لأن أولئك الذين ارتكبوا الجريمة هم من الطبقة “التي لا يمكن المساس بها” بسبب ثرواتهم وعلاقاتهم. بغض النظر عن مدى الحماية التي تكفلها بيئة المرأة لها، فإن العيش في مجتمع أبوي أمر خطير بالنسبة لجميع النساء وهناك بالفعل فروقات بين الطبقات في مظاهر العنف والقمع أو تواترها؛ ولكن في نهاية المطاف، فإن المدينة الفاضلة المزيفة للطبقات العليا هي أبوية مثلها مثل بقية المجتمع.
السبيل الوحيد للمضي قدمًا هو أن نفهم جميعًا، نحن اللاتي نكافح من أجل المساواة والعدالة أن المرأة لا يمكن أن تكون آمنة وحرة إلا عندما تتمتع كل امرأة أخرى بنفس القدر من الأمان والحرية. إذا وجدت بعض النساء انفسهن لازلن مجبرات على العمل مع متحرشين ليتمكن من وضع الطعام على المائدة أو إذا كان مبلغ الإيجار الذي تدفعه أو المنطقة التي تعيش فيها المرأة يمكن أن تكون سببًا لتعرضهن للعنف، فلا يزال أمامنا طريق طويل، إلى أن نصل للمساواة والأمان الذي نطمح له. أنا لا أقترح أن النساء اللواتي لديهن امتيازات تضمن لهن درجة معينة من الحماية من العنف يجب يعانين نفس معاناة جميع النساء على هذا الكوكب؛ ولكن علينا أن نراقب أنفسنا. يجب أن نستمر في مراجعة امتيازاتنا والاعتراف بها. يجب أن نغير استراتيجيتنا للتركيز على تحقيق المساواة لجميع النساء بدلاً من العمل على تدمير النظام الأبوي وحده بينما تعمل الرأسمالية على أجساد النساء “الأخريات”. يجب تطوير النسوية وتعبئتها باستمرار لخوض معركة شاملة؛ تطوير ينهي الظلم ضد جميع الأجناس والطبقات والأعراق.