وثيقة:رحيل الكاتبة والناشطة المصرية جاين لوميل فهمي.. عزاء واجب

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

Circle-icons-document.svg
مقالة رأي
تأليف الموقف المصري
تحرير غير معيّن
المصدر الموقف المصري
اللغة العربية
تاريخ النشر 2022-10-17
مسار الاسترجاع https://www.facebook.com/photo/?fbid=437473578498129&set=a.113788360866654
تاريخ الاسترجاع 2022-10-18



قد توجد وثائق أخرى مصدرها الموقف المصري



يوم الثلاثاء اللي فات، رحلت عن عالمنا الكاتبة والناشطة المصرية جاين لوميل فهمي، واحدة من المدونين الي بدأوا حركة التدوين ضد نظام مبارك في مصر مع مطلع الألفية الجديدة.

أسرة صفحة الموقف المصري بتتقدم بخالص التعازي لأسرة ومحبي جاين، وبنتمنى لهم الصبر والسلوان في مصابهم.

جاين، أو "كِن كِن" باللغة البورمية، ولدت في القاهرة لعائلة قبطية سنة ١٩٧٦، وقضت جزء من طفولتها في أسيوط قبل العودة مرة أخرى للقاهرة. كانت مدونة وناشطة سياسية شاركت في الاحتجاج ضد نظام المخلوع مبارك، ثم شاركت في ثورة يناير وما بعدها.

بدأت جاين نشاطها كمدونة منذ ٢٠٠٥، وتميزت كتاباتها إلى جانب الاحتجاج على القمع والفساد السياسي بالتركيز على حق المرأة في الحديث عن نفسها من منظورها الخاص.

بعد ٢٠١٤، توجهت جاين بطاقة كبيرة للنشاط في مجال الصحة العامة وحماية حقوق المرضى بجانب استمرارها في الكتابة، وسافرت فترة إلى ميانمار قبل أن تضطر للعودة بعد الانقلاب العسكري في مطلع ٢٠٢١، لترحل عن عالمنا عن عمر ٤٦ سنة.

البداية من الأربعاء الأسود

أرشيف مدونات جاين، أو "كِن كِن" كما هو اسمها باللغة البورمية، بيبدأ من مايو ٢٠٠٥، وتحديدا من يوم الأربعاء الأسود، ٢٥ مايو ٢٠٠٥، أحد أهم الأيام في تاريخ الحركة الاحتجاجية المصرية ضد نظام المخلوع مبارك، واللي كانت المحرك الأساسي تجاه ثورة يناير.

يوم ٢٥ مايو ٢٠٠٥ لمن لا يتذكره، هو اليوم الذي طرح فيه مبارك المادة ٧٦ من الدستور المصري الدائم سنة ١٩٧١، للتعديل اللي كان بمقتضاه اختيار رئيس الجمهورية هيتم من خلال الانتخاب المباشر من الشعب وليس عبر الترشيح من مجلس الشعب والاستفتاء العام للشعب على الترشيح.

في هذا اليوم، قامت حركة كفاية بتنظيم وقفة احتجاجية على سلم نقابة الصحفيين، المكان المتفق على استخدامه للأنشطة الاحتجاجية السلمية، لكن ما حدث في هذا اليوم هو أن قوات الأمن المصري التفت حول المحتجين كالعادة، وتم تحت أعينها الاعتداء على المحتجين بالضرب والاعتداء بالتحرش الجنسي على المحتجات من قبل بلطجية مستأجرين من كوادر الحزب الوطني في نقابة الصحفيين، إلى جانب عناصر الأمن المصري.

ورغم تواطؤ وضغوط أمن الدولة على الضحايا، وعلى رأسهن الصحفيات نوال علي وعبير العسكري وشيماء أبو الخير وإيمان طه، تقرر الضحايا مواصلة محاولة انتزاع شيء من حقوقهن من الأمن المصري من خلال شكوى للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان بمساعدة من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

وبالفعل، في ١٤ مارس ٢٠١٣، صدر قرار المحكمة الإفريقية واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بإدانة الحكومة المصرية ومطالبتها بإعادة فتح التحقيق في الواقعة ومحاكمة المتهمين وتعويض المتضررات الأربعة الشاكيات عن الأضرار الجسدية والنفسية، وتلزم الحكومة المصرية بتقديم تقرير عن تنفيذ الحكم خلال ١٨٠ يوم.

الحدث يبدو أنه كان المحرك لجاين ناحية التدوين، خاصة وإنه من الواضح من كتابتها إنها كانت بتجمع بين حساسية شديدة لقضايا المرأة وتهميشها وبين إيمان شديد بأولوية الديمقراطية وحقوق الإنسان ضمن أي أجندة سياسية، ورفض محاولة تأجيلهم بحجج مش منطقية.

التدوين والثورة

إذن، في ٣١ مايو ٢٠٠٥، بعد أسبوع من الأربعاء الأسود، تطلق جاين مدونتها الأولى باسم "عالقهوة" وتدون فيها باسم "سؤراطة"، وتبدأها بعدد من المقطوعات الأدبية عن الأربعاء الأسود والقمع السياسي في مصر، وتحديدا عن واقعة الأربعاء الأسود كتبت:

"إهداء: إلى كل المجندين والعساكر والمخبرين، وأخيراً وليس آخراً الضباط الذين شاركوا في "موقعة" الأربعاء الخامس والعشرين من مايو، والتي دارت رحاها على أجساد الفتيات.

لا تظنون أننا عدنا إلى بيوتنا ملفوفات بالعار.. لا تظنون أننا اختبأنا أو ندمنا.. لا تظنوننا هوينا للقرار.. لا تظنوا أن أياديكم التي كللها العجز أمام كل رئيس، وكل خسيس، قادرة على تغيير القرار.. لقد تحملنا ظلمكم، وجهلكم، واليوم نتحمل أيضاً أمراض نفوسكم.. لا تظنون أننا لعننا الثورة أو الحرية أو السياسة.. كل ما فعلناه أننا غسلنا عن أجسادنا قذارة أيديكم.. وفركنا فركنا حتى تزول روائحكم وروائح محرضيكم.. غسلنا أجسامنا كما يجب أن تغسل بلادنا من بلاويكم.. إنكم لم تنتهكوننا وحدنا، بل هتكتم عرض وطن، وأكلتم لحم أهليكم.. أرسلوك تسعى في مهمة وطنية وراء قطعة من جسد أنثى؟ ولحمك الذي أكلوه حياً ولعقوا أصابعهم، أتنسى؟"

بعد "عالقهوة" أطلقت جاين مدونة جديدة في سبتمبر ٢٠٠٥ باسم "الحرملك" وكتبت فيها باسم "زبيدة سؤراطة" مستلهمة شخصية زبيدة زوجة هارون الرشيد كرمز لإعادة تقديم قضايا المرأة والتاريخ من منظور المرأة التي كانت صامتة لا الرجل الذي يتحدث دوما.

شاركت جاين في ثورة يناير واستمر نشاطها الثوري بعدها في معارضة حكومة المجلس العسكري ثم حكومة الرئيس الراحل محمد مرسي ثم نظام ما بعد٣٠ يونيو كذلك، وكتبت ضدهم جميعا.

باختصار، يمكن تماما اعتبار مدونتي "الحرملك" و"عالقهوة" الي واصلت جاين الكتابة عليها إلى فبراير ٢٠١٤، جزء من ذاكرة مصر بين ٢٠٠٤ و٢٠١٤، وصوت حر لنسائها بيحاول يعبر عنهم بعيون امرأة.

حقوق المرضى والنساء وميانمار

لم تنقطع جاين عن الكتابة والنشاط العام بعد ٢٠١٤، ووجهت نشاطها لعملها كطبيبة مختصة في الصحة العامة، فاشتغلت في الدفاع عن حقوق المرضى ضمن مجموعة حقوقية اسمها "شركاء الرقابة على الرعاية الصحية" اللي تخصصت في فكرة حق المرضى في معرفة حالاتهم الطبية وعدم تضليلهم وحقهم في شكوى الطبيب ومحاسبته حال إهماله في علاج المريض.

قدمت جاين في الفترة دي عدد من الكتابات الي نشرت باسمها على رأسها مقالة مطولة عن المخرج المصري الكبير صلاح أبو سيف بعنوان "شفاعات وفاطمة: قدرة مرأة وقدرة أخرى" بترصد فيهم رؤية صلاح أبو سيف للمرأة وطاقتها من خلال عملين أساسيين له وهما "شباب امرأة" و"الزوجة الثانية".

بعد كده انتقلت جاين مع شريك عمرها إلى ميانمار، وتحديدا إلى العاصمة يانجون، لتشهد هناك بعينها انقلاب فبراير ٢٠٢١ اللي قامت به المؤسسة العسكرية في ميانمار ضد الحكومة المنتخبة، وهناك سجلت جاين مشاهداتها عن الانتفاضة ضد الانقلاب العسكري وذاكرة البورميين عن الحكم العسكري بعد الاستقلال في مقالة "شرفة تطل على الثورة.. يوميات الانتفاضة على الانقلاب في ميانمار" واللي نشرتها مجلة المرايا في عددها رقم ٢١.

اللي حكيناه عن جاين بيقول أد إيه هذه الإنسانة البسيطة قدرت من خلال ثقافتها وإيمانها العميق بمبادئها وتضحيتها من أجلها تشارك على مدى حياتها القصيرة في دعم أي قضية أو موقف إنساني عاشته ضمن ظروفها الخاصة، علشان تكون شخصية ملهمة لنا جميعا. ده مع الأخذ في الاعتبار معاناة جاين مع المرض اللي وفقا لمقالة أحد أصدقائها كان غالبا "صداع عنقودي" وهو نوع من الصداع المصحوب بأعراض شديدة الإيلام في الوجه، ومن غير السهل السيطرة عليه.

خالص تعازينا مجدداً في واحدة من المصريات اللي عاشوا حياتهم في الدفاع عن حقوق المصريين وكرامتهم والتعبير عنهم، لأسرتها وأصحابها وللمصريين جميعا.

مصادر