وثيقة:شرطة الأخلاق: كيف أصبحت إيران الثانية عالميًّا في عمليات التحول الجنسي؟

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

Circle-icons-document.svg
تأليف شيماء محمد
تحرير غير معيّن
المصدر منشور
اللغة العربية
تاريخ النشر 2017-03-24
مسار الاسترجاع https://manshoor.com/people/transgenders-in-iran
تاريخ الاسترجاع 2017-11-04
نسخة أرشيفية https://archive.fo/2zu7Q



قد توجد وثائق أخرى مصدرها منشور




مقدمة

كنت جالسة في حديقة «ملت» بالعاصمة الإيرانية طهران، وكان يجلس بجانبي فتاتان لا تزيد سنُّهما على 20 عامًا، وفجأة ظهر أحد عناصر قوات «الباسيج» (شرطة الأخلاق) وطلب من إحداهما كشف شعرها. دسَّت الفتاة يدها في حقيبتها وأظهرت له بطاقة ما، نظر فيها وانصرف، ووصل إليَّ بعض الكلمات فهمت منها أنها بطاقة مركز متابعة المتحولين جنسيًّا.

لم أستطع مقاومة فضولي وذهبت لسؤال الفتاة عمَّا حدث، وعلى عكس ما توقعت كانت ودودًا للغاية ولم تصدَّني. كان اسمها «فائزة»، تدرس علوم الكمبيوتر في إحدى الجامعات الإيرانية الخاصة، ملامحها حادَّة، طويلة القامة ويمكنك تمييز شكلها المائل إلى الذكورية بسهولة.

سألتها عن تلك البطاقة ولماذا طلب منها عنصر الأمن الكشف عن شعرها، إذ يبدو الأمر غريبًا في بلد تراقب فيها الشرطة ارتداء النساء الحجاب ليلًا ونهارًا. قالت إنه شكَّ في أنها رجل مثليُّ الجنس يرتدي ملابس النساء، وهو ما يعاقِب عليه القانون الإيراني، لذلك طلب منها خلع حجابها ليتأكد من شعرها، فأظهرت البطاقة، التي يصدرها مركز متابعة المتحولين جنسيًّا لتسهيل بعض الأمور عليهم خلال ممارستهم حياتهم.

فائزة تعاني اضطراب الهوية الجنسية وترغب في التحول إلى رجل، وقدَّمت أوراقها اللازمة وخضعت لكشف طبي للسماح لها بإجراء عملية تحويل الجنس، وهي الآن في مرحلة تعاطي العقاقير والهرمونات اللازمة قبل الخضوع للعملية.

كنت أعلم من قبل أن إيران من الدول الإسلامية التى تجيز عمليات التحول الجنسي، وأنها تحتل المركز الثاني عالميًّا بعد تايلاند في إجراء تلك العمليات، لكني أردت التوصل إلى معلومات أكثر عن تلك المسألة، كيف بدأت ومتى؟ ومن كان أول شخص خضع لتلك العملية؟

مريم مولكارا: أول متحولة إيرانية بفتوى الخميني

قبل قيام الثورة الإيرانية في عام 1979، كان المجتمع الإيراني لا يعرف كثيرًا عن مرض اضطراب الهُويَّة الجنسية، وكانت القوانين تجرِّم إجراء عمليات التحول الجنسي.

في تلك الأثناء، ومع بدايات الثورة وعودة الخميني إلى إيران من منفاه، شعر «فريدون» بأنه قد آن الأوان لأن يجد حلًّا لمأساته، فهو رجل ذكر، لكنه يشعر أنه امرأة ويرغب في التحول، فاتخذ خطوة وصفها البعض في وقتها بالشجاعة، ورأى آخرون أنها جنون سيقوده إلى السجن.

أحد النشطاء الحقوقيين روى لي أن فريدون كان يريد فتوى شرعية من رجل دين، وفقًا لكلام والده المنشور في إحدى المجلات القديمة، وقد رأى أن الخميني هو المرجع الديني الوحيد القادر على إصدار تلك الفتوى، سواءً قبل أو بعد الثورة الإيرانية، وعلى إثر ذلك بعث رسالة إلى الخميني يشرح فيها رغبته في التحول جنسيًّا، ويطلب منه إصدار فتوى تسمح له بإجراء تلك العملية.

مضت عدة أشهر ولم يتلقَّ فريدون أيَّ رد، فقرَّر أن يذهب بنفسه إلى مقر إقامة الخميني، وهناك تَلقَّى سيلًا من الإهانات والضرب من حرس الإمام، لكنه لم يستسلم حتى سُمح له بمقابلة المرشد الأعلى للثورة والسلطة الدينية الأعلى في البلاد.

في أعقاب ذلك اللقاء، الذي لم تتوافر أي معلومات عن تفاصيل ما دار فيه، أصدر الخميني فتوى شرعية فحواها أنه «إذا أراد أحد تغيير جنسه الحالي لأنه يشعر أنه عالق داخل جسد غير جسده، يحقُّ له التخلص من هذا الجسد والتحوُّل إلى جنس آخر»، معلِّلًا تلك الفتوى بأنه لا يوجد نص قرآني يحرِّم تلك العمليات.

أخيرًا، استطاع فريدون إجراء العملية في تايلاند، إذ لم يكُن إجراؤها متاحًا في إيران في ذلك الحين، وتحول إلى «السيدة مريم مولكارا»، أو الأم الروحية للمتحولين جنسيًّا في إيران كما كانت تحب أن يناديها الآخرون. عاشت مولكارا حياةً محظوظة إلى حدٍّ ما، إذ دعمتها عائلتها في قرارها، فتزوجت وكرَّسَت كل وقتها لمساعدة المتحولين جنسيًّا.

بمرور السنوات، أصبح التحول الجنسي في إيران مألوفًا إلى حدٍّ ما، ودعمت الحكومة ذلك وصارت تتحمل نصف تكاليف العملية، وتوفِّر مركزًا لتأهيل المتحولين جنسيًّا وإعادة إدماجهم في المجتمع وإنهاء أوراقهم الرسمية بسهولة، لكن الواقع لم يكن بتلك البساطة.

طريق المتحولين جنسيًّا ليس مفروشًا بالورود

«منشور» التقى «رامين»، الشاب الإيراني الذي غيَّر جنسه من أنثى إلى ذكر. يبلغ رامين من العمر 30 عامًا، ويقول إنه منذ 10 سنوات يحاول أن يقنع أهله بإجراء تلك العملية، إلا أن والدته رفضت تمامًا، ولم يجد من يسانده إلا أخاه الأصغر.

يقول رامين إن أصعب فترة يمر بها أي شخص متحول جنسيًّا هي التأهيل للعملية، إذ تَعرَّض هو نفسه لعديد من المضايقات لكونه «امرأة مسترجلة»، حسب تعبيره. أما فترة ما بعد إجراء العملية فيقول إنها «اختلفت تمامًا؛ كل شيء في حياتي صار غريبًا عليَّ، لكن لا يزال المجتمع ينظر إليَّ نظرة اشمئزاز إلى حدٍّ ما».

يؤكد رامين أن الحكومة أسهمت بنصف تكاليف العملية والعلاج، ولكونه ميسور الحال استطاع تدبُّر باقي التكاليف، لكن «الحكومة لم توفِ بوعودها في تدبير وظيفة بعد العملية، فأنا كنت معلمة في مدرسة بنات وفُصلت الآن من عملي».

ووَفْقًا لموقع «محتا» (صوت الإيرانيين المتحوليين جنسيًّا)، يواجه المجتمع الإيراني صعوبة في تقبُّل المتحولين، لكن الأمر أفضل ممَّا كان عليه في أي وقت سابق، خصوصًا لمن يتحولون من أنثى إلى ذكر، فثقافة المجتمع الإيراني تشبه مجتمعات الشرق الأوسط التي تعتبر أن الرجل «لا يعيبه شيء»، أما بالنسبة إلى المتحولين من ذكر إلى أنثى فالأمر لا يزال معقَّدًا، إذ يواجهون رفض المجتمع الذي يرى الأنثى في مرتبة «أدنى».

المجتمع الإيراني، كباقي مجتمعات المنطقة، يرى الرجل أعلى مرتبةً من المرأة، وبالتالي يعتبر التحول إلى رجل أمرًا مقبولًا إلى حدٍّ ما، ففي نهاية المطاف سيظل رجلًا «لا يعيبه شيء»، على عكس من يتحولون إلى نساء، فذلك أمر مَعِيب ويُنظر إليهم بسخرية شديدة أو باعتبارهم من «الشواذ»، لذلك تصبح فرصهم في الحصول على وظائف نادرة، فيلجؤون إلى العمل في الدعارة لتدبير نفقات حياتهم، ولا يوجد أي دعم لهم من جانب الحكومة أو ذويهم.

عمليات تصحيح الجنس في مواجهة المثلية

في عام 2007، وفي أثناء استضافة جامعة كولومبيا الأمريكية للرئيس الإيراني حينها محمود أحمدي نجاد، سأله أحدهم عن كيفية تعامل النظام الإيراني مع المثلية الجنسية، فكان رده: «ليس في إيران مثلية مثل بلادكم».

كان نجاد يمزح، حسبما قال بعدها، لكن من الواضح أنه يعيش في عالم آخر، ويخبرنا صادقي، الذي فضَّل استخدام اسم مستعار لإخفاء هويته لأنه مثليُّ الجنس، أن المثلية ازدادت انتشارًا في إيران في الآونة الأخيرة، لكن المثليين يعيشون في قلق ورعب دائم خوفًا من تَعرُّضهم للاعتقال في أي لحظة، ويوضح أنه يسعى طَوَال الوقت لإيجاد فرصة كي يهرب من البلاد.

وَفْقًا للمادة 110 من قانون العقوبات الإيراني، يعاقَب المثليون الرجال المتورطون في علاقة جنسية كاملة بالإعدام، أما النساء فيعاقَبن بالجَلْد مئة جلدة، دون أن يذكر القانون سببًا واضحًا لتلك التفرقة.

يقول صادقي إن شرطة الأخلاق اعتقلته ذات مرة للاشتباه في كونه مثليَّ الجنس، وعُرض على طبيب مختص، وحينها أبلغه الطبيب أنه يستطيع الخضوع لعملية التحول الجنسي كي يعيش في أمان.

يستخدم النظام الإيراني عمليات التحول الجنسي لقمع المثليين، ويصل الأمر إلى حد تخييرهم بين الاعتقال ثم الإعدام، أو الخضوع لعمليات تحويل الجنس، وفي هذا يقول مؤسس منظمة المثليين الإيرانيين بكندا، «أرشام بارسي»، إن بعض المثليين لم يجد حلًّا سوى الخضوع للعملية ثم الندم لاحقًا، فقد أثرت العملية على صحتهم الجسدية والنفسية، لأنهم في الأساس ليسوا من مضطربي الهُويَّة الجنسية.

كانت محاولة التواصل مع الأطباء المختصين بإجراء العملية صعبة للغاية، لكن أحدهم وافق على التحدُّث بشرط عدم ذكر اسمه. قال ذلك الطبيب إنه يعلم أن إجراء شخص مثليٍّ عمليةَ تحوُّل جنسي أمر غير أخلاقي ولا مهني، لكن هؤلاء ليس أمامهم طريقة أخرى كي يتمكنوا من مواصلة حياتهم، كما أن «عليهم أن يكونوا شاكرين للنظام لأنه يسمح لهم بإيجاد طريقة أخرى للعيش بدلًا من تلك التي اختاروها».

الفرار من إيران

بين خيارَي الإعدام والتحوُّل، يلجأ بعض المثليين إلى الهرب من إيران إلى تركيا، كخطوة أولى في طلبهم اللجوء إلى أي بلد أوروبي يستطيعون العيش فيه بأمان، لكن يبدو أن حياتهم حتى في تركيا محفوفة بالصعاب.

توضح شيرين، وهي مثلية إيرانية ناشطة مع منظمة حقوق المثليين الإيرانيين في ألمانيا، أن المثليين الإيرانيين في تركيا يعانون التمييز والاضطهاد كذلك، إذ يدخل أغلبهم البلاد بطرق غير شرعية، فلا يستطيعون الحصول على فرصة عمل توفِّر لهم حياة كريمة أو مقبولة، لكن يظل الأمر أهون بكثير من العيش في إيران.

يبقى الوضع ملتبسًا في إيران التي تحكمها تقاليد الشريعة، فالخطوط الحمراء قاطعة، وفي الوقت الذي قد يرى فيه البعض أن الجمهورية الإسلامية تُعدُّ جنةً للمتحولين جنسيًّا، يعتبرها آخرون «جهنم المثليين».

طالع/ي كذلك