وثيقة:وقائع حادث غير معلن.. وأشياء أخرى

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

Mada Masr Logo.png
مقالة رأي
العنوان وقائع حادث غير مُعلن.. وأشياء أخرى
تأليف سلمى الطرزي
تحرير غير معيّن
المصدر مدى مصر
اللغة العربية
تاريخ النشر 2020-08-22
مسار الاسترجاع https://www.madamasr.com/ar/2020/08/22/opinion/مجتمع/وقائع-حادث-غير-مُعلن-وأشياء-أخرى/?fbclid=IwAR1OoHmveMjdgyqWJ66BdVq-cqN8JWT-WWf_7stbrDiDrN0QaJ-eQdFfscg
تاريخ الاسترجاع 2020-08-23
نسخة أرشيفية https://archive.fo/FtlJs



قد توجد وثائق أخرى مصدرها مدى مصر



سنة 2018، سلمى كتبت إيميلين لأصحابها. في ظل الأحداث الجارية، شعرنا بأن الإيميلين يمكن أن يكونا مساهمة مناسبة في النقاش الدائر حاليًا حول العنف الجنسي في مصر. النص التالي هو دمج محتوى الإيميلين مع تعديلات تحريرية طفيفة جدًا.


أنا أكيد مش هبعتلكم إيميل أشكركم، دي تبقى قلة أدب مني، لأننا كلنا في حتة أبعد وأعمق من الرسميات دي. أنا كنت عايزة أشارك معاكم بعض الأفكار اللي جتلي بعد الحادثة، لإني مقتنعة أن في الحادثة حاجة كلنا شركاء فيها، لأنها أثرت فيكم زي ما أثرت فيا، حتى لو مش بنفس الطريقة، بأقول الطريقة مش بأقول الكم، لأنه مش شايفة أن في أي فايدة من إننا نعمل مقارنات كمية عن مين متأثر أكتر، أنا عارفة أن أنا إللي حصلتلي الحادثة، ولكني عارفة كمان إننا تفاعلنا معاها بطرق مختلفة، ويمكن يكون في ناس تأثرت بيها بشكل أعنف مني أنا نفسي، فملوش لازمة نعمل مقارنات ونجلد نفسنا.

أنا مصرة دلوقتي (والفضل في ده يرجع للمناقشة المؤلمة مع صديق عارف نفسه كويس ساعدني في تأكيد مشاعري وأفكاري) أن الحادثة دي حصلتلنا، مش حصلتلي أنا لوحدي. حتى لو كنت أنا الممثل الرسمي ليكم في الواقعة :)، ويمكن إصراري ده نابع من اللي بدأناه بشكل جماعي من سنين، حتى لو مش واعيين له، وهو إننا نشوف القوة في التشاركية، ونستمد منها قوتنا ومقاومتنا، ونفهم من خلالها اللي بيحصل حوالينا، ونفهم إيه اللي بنتخانق معاه وليه. عارفة أنه يبدو كلام نظري، بس الحقيقة أن الحادثة دي ادتني فرصة ذهبية أن الكلام النظري ده يتحط في اختبار عملي، وأشوف إحنا بقالنا سنين بنطق حنك ولا إحنا بنعمل إيه!

طول عمرنا نتكلم عن أن الخيارات الشخصية هي خيارات سياسية، بس لما حياة الواحد تبقى على المحك، والخيارات تبقى فعلًا قليلة جدًا، هنا الاختبار الحقيقي لكل حاجة الواحد فاكر نفسه مصدقها. ودي كانت أزمتي الكبيرة في الموضوع كله، أكبر أزمة فيهم كلهم، في لحظة المواجهة مع مصلحتي المباشرة، حياتي أو موتي، مستقبلي كله، غضبي أو ألمي أو خوفي. اللحظة دي ممكن تغيرني أد إيه؟ ممكن تشوهني أد إيه؟

أنا اتكلمت مع أكتر من حد عن خياراتي، وممكن ناس تشوف إنه ده تسامي مني أو إني «سيخ»، ممكن ناس تشوف إني بظلم نفسي، ممكن ناس تشوف إني بهرب ورا أفكاري من مواجهة الألم والرعب والغضب، أو أن خياراتي نابعة من إحساس بالذنب الطبقي، أو الأسوأ من كدة، إني أكون تصرفت بـ«إنكار ذات» بدافع من التعاطف أو الشفقة! لكن الحقيقة، أنا خياراتي كانت براجماتية إلى حد كبير، لأن أكبر رعب ممكن أتخيله هو أن حادثة تحصلي تخليني أقع في فخ إني أكون ضحية فردية وتخليني ما أبقاش متسقة مع نفسي، أن حادثة تخليني أفقد نفسي ومبقاش أنا.

عشان كدة مهم أقولكم إن دي مش أهم حاجة حصلتلي في حياتي، ولا هتكون أهم حاجة حصلتلي في حياتي، وأنا مش هسمح لها تكون مركز حياتي ولا الهوية بتاعتي. أنا مش هسمح لها أنها تسرق مني أنا مين، أنا مليون ألف حاجة، أقلهم أهمية هي الحادثة دي. دي حادثة حصلتلي لكنها مش تعريف ليا.

في 16 أبريل 2018، كنت في بيتي في القاهرة استعد للنوم لما اقتحم بيتي اتنين حرامية وتعرضت للاغتصاب تحت تهديد السلاح. إلا أن دي مكنتش أول مرة يتم الاعتداء عليا، ففي يناير 2013 كنت واحدة من حوالي 200 ست تعرضن للاعتداء الجنسي الجماعي أثناء المظاهرات في ميدان التحرير. رغم كدة، ما كانتش دي برضو المرة الأولى. ما بين سنة 1999 و2000، كنت بتعرض للاغتصاب يوميًا، إلا إني وقتها مكنتش لسه اعرف أن الواحدة لما تمارس الجنس مع جوزها السكران عشان تتفادي إنها تاخد بوكس تاني في وشها لو رفضت فده اسمه اغتصاب.

بما أن عندي الـ«سي في»، المبهر ده، فأحب استغل خبراتي للتفكير في موضوع العنف الجنسي والنظام. واللي أقصده بالنظام هنا هو الأبوية، والرأسمالية، وممارسات الدولة، والمجتمع، والسلطة، وأي حاجة وكل حاجة بتتحكم في حياتنا.

أنا عارفة أن كتير منكم قلقانين عليا إني أكون بتعامل مع الموضوع بشكل ذهني ومش بتعامل مع المشاعر. إني أكون في حالة إنكار أو تحت صدمة بس بقول إني تمام. الحقيقة أنا مش تمام 🙂 أكيد مش تمام! بس ده في حد ذاته تمام. تمام إني ما أبقاش تمام. وعلى فكرة، أنتم برضو مش تمام، وتمام إنكم مش تمام. بس هنبقى كويسين، وهنبقي كويسين مع بعض مش كل واحد لوحده.

أنا من ساعة الحادثة ومخي مبيبطلش تفكير. كأني في حالة صفاء ذهني وكل حاجة بقت أوضح فجأة. كأني بقى عندي قوة خارقة بتشوف الخيوط الخفية اللي بتربط كل الحاجات ببعض. ما أنكرش إن ده عامل لي حالة «يوفوريا» أكيد هتخلص، بس أنا عمري ما حسيت إني عايشة زي دلوقتي، وعمري ما حسيت بتصالح مع نفسي ومع اللي حواليا زي دلوقتي، وعمري ما كنت شايفة أنا عايزة أعمل إيه لخمس مشاريع قدام زي دلوقتي.

أنا عايزة أتكلم عن تعقيد أمور بتظهر لما نحط في اعتبارنا حاجات زي الطبقة والعرق والحجم والميول الجنسية.. إلخ. الحاجات اللي سيرتها بتصعب المسألة وبتصيب بالارتباك وعدم الارتياح فيتم تجاهلها بدل ما يتم مواجهتها ومناقشتها. تعقيد الأمور اللي بتتجاهلها حملات زي #مي_تو بعد ما تم اختطافها من النسوية النيوليبرالية البيضاء. عايزة أتكلم عن إزاي خطاب أصحاب الامتيازات بيتجاهل الفروق بين النساء كأن الامتيازات المختلفة (أو غيابها) دي لا تأثر على خبراتهم والصعوبات اللي بيواجهوها، وكأن تجاربهم كلها واحدة. في نفس الوقت، الخطاب ده بيفرق بين الرجالة وبيتعامل على أن بعضهم «مغتصبين» أكتر من غيرهم بناءً على الطبقة والعرق والدين.

عايزة أتكلم عن إزاي النظام يستمد نفوذه من العزلة، بعزل الضحية وعزل المعتدي. وعايزة أتكلم عن تصوير الخطاب الرسمي للمغتصبين كأنهم كائنات فضائية دخيلة عالمجتمع، أو بضع ثمرات فاسدة في سلة فاكهة سليمة تمامًا، بينما كل الأشكال الأخرى للتمييز والعنف الجنسي مش بس بيتم تجاهلها، ولكن كمان بيتم التطبيع معاها وقبولها.

عايزة أتكلم عن سياسات الدولة، والمنظومة العقابية، والعنف المؤسسي. كلها ممارسات أبوية صميمة. سواء في القاهرة ولا في أوروبا. دايمًا الحل الوحيد في نظر الدولة هو المزيد من السيطرة، تغليظ العقوبات حتى تصل إلى عقوبة الإعدام. حلول مش بس غير فعالة في الحد من جرائم العنف الجنسي اللي في ارتفاع مستمر، ولكنها كمان بتعرض الضحية لخطر القتل على يد المغتصب عشان ما تتعرفش عليه أو تعرضها للانتقام على يد أهله.

عايزة أتكلم تاني عن عقوبة الإعدام اللي طول عمري ضدها، واللي هي أقصى عقوبة في حالات الاغتصاب تحت تهديد السلاح. عايزة أتكلم عن الحيرة ومعاناة الاضطرار إني اختار بين أماني المؤقت واتساقي مع مبادئي. عايزة أتكلم عن الشعور بالهزيمة، وأنا قاعدة جنب ظابط الشرطة بنبص على تسجيل الكاميرات في مدخل العمارة، بينما أنا كنت دايمًا ضد المراقبة. عايزة أتكلم عن حيرتي وارتباكي لشعوري الصادق بالامتنان للظابط ده. عايزة أتكلم عن الحل الوسط اللي لجأتله عشان أتفادي أي احتمال ولو ضئيل أن المعتدين يتحكم عليهم بالإعدام، فبلغت عن السطو المسلح ومبلغتش عن الاغتصاب. عايزة أتكلم برضو عن خوفي من المهانة والانتهاك اللي من خلال خبرتي عارفة إني كنت غالبًا هتعرضله في كشف الطب الشرعي لو كنت بلغت.

عايزة أتكلم برضو عن انتقائية عدالة الدولة بناءً على موازين القوى المبنية عالطبقة والعرق. وأتكلم عن أن ضحية اغتصاب من الطبقة المتوسطة في القاهرة هتلاقي دعم ورد فعل أكبر بكتير من لو كانت بياعة شاي في موقف ميكروباص، وأن لو واحدة ست بيضا في برلين تم التحرش بيها من مجموعة مهاجرين هتلاقي دعم أكتر بكتير من الدعم اللي هتلاقيه واحدة ست ملونة لو تم التحرش بها من نفس المجموعة.

عايزة أتكلم عن كون حادثتي الأخيرة هي نموذج الاغتصاب المثالي لضمان تلقي الدعم و«القبول» -لإني كنت لوحدي، في البيت، من طبقة فوق المتوسطة والمعتدين من الطبقة العاملة. الوضع كان هيبقى مختلف لو كان تم اغتصابي في ديسكو، أو في بيت صديق، لو إني كنت أنا اللي من الطبقة العاملة، لو المغتصب كان جوزي، أو الأنقح، لو كانت اللي اغتصبتني واحدة ست. أنا مش بتكلم عن دعم و«قبول» الدولة بس؛ أنا بتكلم كمان عن المجتمع الواسع والضيق، وعن حتى بعض الأصدقاء.

النظام كله بيزقنا في ركن الضحية الفردية المنعزلة. «السيستم» بيحط ضهرنا في الحيط بحيث إن الوسيلة الوحيدة اللي نقدر نحقق حد أدني من الأمان أو الدفاع عن النفس هو إننا نستخدم أدواته اللي إحنا أساسًا رافضينها، واللي لا يمكن استخدامها إلا بشكل فردي منعزل، لأن «السيستم» مبني على إننا منعرفش ننظم نفسنا بشكل جماعي. فيحصلكم حادثة، بسبب النظام، فمايكونش قدامكم غير استخدام أدوات النظام اللي إنتم ضدها، مش بس كدة، ده عشان تستخدموا الأدوات دي لازم كمان تستغلوا امتيازاتكم بكل فجاجة، وده كله مش عشان أدوات النظام هي الحل الوحيد، ولكن عشان النظام مش هيسمح ولا هيسيب مساحة لتطوير أدوات تانية. النظام بيخلق دايرة كاملة، وبعدين لما يجي عليكم الدور تبقوا ضحية معزولة ومزنوقة في الركن، هيبص لكم النظام بابتسامة سمجة ويقولولكم شفتوا بقى أن كان عندي حق.

أنا كان أكبر رعب عندي هو إني أصدقهم.، إني أصدق أن كان عندهم حق.

أنا عايزة أتكلم عن استخدام الدول في مختلف أنحاء العالم للعنف الجنسي كوسيلة للعقاب والقمع. عايزة أتكلم عن كون الاغتصاب هو مجرد أكثر التجليات وضوحًا وفجاجة لممارسات أبوية ممنهجة تمارسها الدولة والمجتمع.

عايزة أتكلم عن خطورة اختزال الموضوع في امتثال اللغة واستخدام مصطلحات معينة، لكن من غير ممارسات ومراجعات نسوية حقيقية. عايزة أتكلم عن أن الإصرار على لفظ ناجية باعتباره اللفظ الوحيد المقبول ورفض لفظ ضحية إجمالًا ممكن يكون أحيانًا مؤذي للي المفترض يكون اللفظ بيدافع عنها. عايزة أضم صوتي لصوت صديقة عزيزة تعرضت هي كمان للاعتداء في وقت من حياتها، وأتكلم عن إشكاليات كلمة «ناجية»، كاسم فاعل، بيحمِّل اللي تعرضت للاغتصاب مسؤولية نجاتها وتخطيها الأمر والاستمرار في حياتها، فعل مضارع منتظر منها إنها تعمله كل يوم، اسم فاعل يتحول لجزء من هويتها ولقب تشيله بقية حياتها. بصفتي تعرضت للاغتصاب، أكثر من مرة، عايزة استرد حقي في لفظ ضحية: أنا ضحية النظام، أنا ضحية الرأسمالية، ضحية الأبوية.

عايزة أتكلم تاني عن كون اغتصابي، اغتصاباتي، هي مجرد حوادث في حياتي. حاجات تعرضت لها ولكنها مش بتعبر عن هويتي. عايزة أتكلم عن أن نجاتي من هذه الحوادث وتعافيّا منها مش أهم انجازاتي. أنا حاجات أكتر من كدة بكتير وأرفض اختزالي في كوني «ناجية».

عايزة أتكلم عن المعضلات الأخلاقية اللي بنلاقي نفسنا قدامها لما نتعرض للعنف الجنسي. وإزاي المعضلات دي يتم تجاهلها والتقليل من أهميتها لصالح المشاعر وردود الأفعال المتوقعة من ضحية الاغتصاب واللي بينتظرها منها الجميع علشان يتفاعلوا معاها على أساسها زي ما «تدربوا». عايزة أتكلم عن أن التيار النسوي «المينستريم» أو السائد وطرحه نموذج سطحي لـ «دعم» يساهم بدون وعي في عزل الضحية أكثر، وكمان في الترسيخ للنظام. عايزة أتكلم عن أن نموذج الدعم ده بيسلب الضحية أهليتها، وبيخلي الجميع يتعاملوا معاها كشخص غير مكتمل الوعي، كطفلة مش عارفة مصلحتها، من أول وكيل النيابة لحد أقرب الصديقات النسويات. وإني غالبًا كنت هبقى بعمل زيهم بالضبط مع ضحايا أخريات لو لم تشأ الظروف إني أكون أنا الضحية.

أنا عارفة إني بنط من موضوع لموضوع، بس كلهم مرتبطين ببعضهم في دماغي.

عايزة أتكلم عن السن، والغضب، والخوف، والامتيازات، والحزن. الحزن العميق.

في الحادثة الأخيرة، مقدرش أتغاضى عن واقع إني عندي 40 سنة ومغتصبي عنده 19. أو واقع أن زميله التاني يبقى ابن بواب العمارة اللي كنت بجيبله شيكولاتة وهو طفل صغير. مقدرش أتغاضى عن كوني بشرب كابوتشينو بثمن أجر يوم كامل من شغله. مقدرش برضو أتغاضى عن أنه كبر في مجتمع بيديله سلطة عليا لمجرد أنه ذكر. مقدرش أتغاضى عن كونه حاسس باستحقاق وتفوق عليا لأني بالنسبة له شر**طة هي اللي جابته لنفسها. مقدرش أتغاضى عن واقع أن أبوه البواب، زيه زي كل بوابين المنطقة، بيشتغل مرشد للبوليس، وأن ده أدى ابنه إحساس زائف بالقوة. مقدرش أتغاضى عن المفارقة الساخرة في القصة اللي حكاها لي أمين الشرطة، وهي أن أولاد البوابين دول وأصحابهم عاملين عصابات للسطو على السكان، وأن حادثتي هي الحادثة رقم 22 في المنطقة الشهر ده.

عايزة أتكلم عن أن مغتصبي عيط بعد ما اغتصبني عشان أدرك حجم الورطة اللي صنعها، وأنه معرفش يستجمع شجاعة كافية لقتلي. عايزة أتكلم عن أد إيه أنا كنت متفقة معاه، وإننا إحنا الاتنين في اللحظة دي كنا شركاء في موقف شديد التعاسة. مفيش في القصة دي أي انتصارات أو «رجوع حق»، مفيش حاجة هتخلي اللي حصلي ما حصلش، وبالتأكيد العقاب المؤسسي مش هو اللي هيحقق ده. عايزة أتكلم عن كوني أنا اللي رسمتله خطة هروبه، وإني قعدت أطبطب عليه عشان أهديه من حالة الهلع اللي كانت عنده. عن إني مدحته. عن إني ما قلتش لأ. وعني إني مثلت إني مستمتعة عشان أتفادى القتل.

عايزة أتكلم عن الخدعة اللي خدعوهلنا واقنعونا أن الاغتصاب هو أسوأ حاجة ممكن تحصل لنا، وخلونا مصدقين إننا نفضل الموت على إننا نغتصب، وإزاي أنا اكتشفت إني عايزة أعيش، وأن أسوأ حاجة كان ممكن تحصل في الحقيقة هي إني كنت أتقتل، وأن حياتي أهم وأقيم بكتير من مفهومهم عن الشرف.

عايزة أتكلم عن أن الأزمات الفردية هي مجرد تجليات للأزمات السياسية الأكبر، وأنه بمنعنا عن العمل بشكل جماعي، وتشتيت محاولاتنا لمواجهة الأسئلة الصعبة، والتعامل مع قضايا العنف الجنسي بشكل تقاطعي يضع في اعتباره تأثير العرق والطبقة والجندر والميول الجنسية. بينجح النظام في منعنا من إيجاد حلول جماعية مبنية على مبدأ المسؤولية بدلًا من العقاب والانتقام، ومن غير الحلول دي عمرنا ما هنقدر نتعافى كأشخاص ومجتمعات لأن ضهرنا دايمًا للحيطة.

أنا في الشهر اللي فات شفت كم حب ودعم وتعاون وتنظيم جماعي اداني قوة رهيبة وصلابة ومساحة إني أقدر أفكر، وأقدر أفهم. أنا عارفة إني ممكن كنت بتزرزر عليكم ساعات، وبنشف دماغي أو بكون بايخة، وأنا بجد آسفة. بس بعيدًا عن ده، أنا شفت كل الناس اللي بحبها من دواير مختلفة تمامًا بتبني شبكات وعلاقات جديدة مع بعض، وبيتعاونوا وبينظموا وبيفكروا سوا. وبيهرجوا وفيه بينهم نكت وصداقات بتتبني. وأكيد كمان كان في عياط وانهيارات كنتم بتخبوها مني 🙂 بس أ*ـا.. يخرب بيت أم الجمال.. ده حلم حياتي بيتحقق.. أنا طول عمري بكره أعمل عيد ميلادي عشان بيكون عندي «انجزاياتي» من فكرة إني أحط كل الناس اللي بحبها بس من دواير مختلفة في مكان واحد. هيحبوا بعض ولا هيكرهوا بعض؟ السنة الجاية أنا هعمل عيد ميلاد ومش هبقى خايفة وكلكم معزومين!

أنا عارفة أد إيه أنا محظوظة، وعارفة أد إيه إحنا محظوظين، وأد إيه إحنا فشاخ. مش عشان إحنا ما حصلش زينا، بس عشان إحنا بنعرف نشتغل بشكل كوليكتف، حتى لو بيننا اختلافات وحتى لو بينا خناق وحتى لو هنتزرزر على بعض.

فيعني اعتبروا الإيميل ده بقى أي حاجة.. يمكن هو حضن جماعي 🙂

إحنا مش كويسين بس، إحنا الفشاخة نفسها، وهنبقى كويسين.