ترجمة:أنجيلا ديفيس في مصر - حول التضامن النسوي
محتوى متن هذه الصفحة مترجم من لغة غير العربية أنجزته المساهموت في ويكي الجندر وفق سياسة الترجمة.
تدوينة | |
---|---|
ترجمة | سماح جعفر من الإنجليزية |
تحرير | فرح برقاوي |
بيانات الأصل: | |
العنوان الأصلي | Angela Davis in Egypt: on feminist solidarity |
المصدر | Postcolonialism and its Discontents |
تأليف | سارة سالم |
تاريخ النشر | 2013-12-01 |
تاريخ الاسترجاع | 2017-11-20 |
مسار الأصل | https://neocolonialthoughts.wordpress.com/2013/12/01/angela-davis-in-egypt-on-feminist-solidarity/
|
قد توجد وثائق أخرى من نفس المصدر مصنّفة على تصنيف:وثائق مصدرها Postcolonialism and its Discontents
{{#createpageifnotex:تصنيف:تدوينات|{{صفحة_تصنيف_نوع_وثائق}}}} {{#createpageifnotex:تصنيف:وثائق مصدرها Postcolonialism and its Discontents |{{صفحة_تصنيف_مصدر_وثائق}}}}
أنجيلا ديفيس في مصر: حول التضامن النسوي
لقد أمضيت الكثير من الوقت مؤخرًا وأنا أفكر في التضامن النسوي وكيف يمكن خلقه. فمن ناحية، فإن إرث الحركة النسوية الغربية جعل التضامن عملًا صعبًا للغاية، ومن ناحية أخرى، هناك أمثلة متعددة لتنظيمات نسوية ناجحة بين مختلف فئات النساء. لقد كنت مهتمة دائمًا بالطرق التي تستوعب بها النساء الملونات أو تقاومن الأفكار الغربية المهيمنة، وخاصة داخل الحركة النسوية. على سبيل المثال، كيف ترى النسويات العربيات النسويات الأمريكيات من أصول أفريقية؟ هل يُبطِن المفاهيم الخاطئة للحركة النسوية الغربية عن النساء السود، أم أنهن تتماهين بسهولة أكبر مع النسويات السود ويرونهن حليفات ضد كل من النظام الأبوي العالمي والحركة النسوية الغربية التي تميل إلى استبعاد النساء الملونات؟ أنا أدرك أن هذا سؤال فضفاض جدًا وأنه يختلف من امرأة إلى امرأة، ولكن في الوقت نفسه تكتيكات فَرِق تَسُد التي تمارسها الجماعات المهيمنة غالبًا ما تميل إلى أن تكون ناجحة جدًا، ولهذا السبب كنت دائمًا مهتمة بشكل خاص بالتضامن بين مجموعات مختلفة من النسويات.
انتهيت للتو من فصل في كتاب أنجيلا ديفيس "النساء، الثقافة والسياسة" الذي اِستند إلى تجاربها خلال زيارتها لمصر. لقد كنت أتطلع لهذا الفصل منذ عدة أشهر، لأنني اعتقدت أنه سيكون نصًا مثيرًا للاهتمام بشكل خاص حول ما ستبدو عليه النسوية العابرة للحدود إذا مُورست من منظور ما بعد الاستعمار والماركسية. أنجيلا ديفيس هي بالطبع واحدة من النسويات الأميركيات من أصل أفريقي الأكثر شهرة، والمعروفة بآرائها الشيوعية ونشاطها المناهض للعنصرية. كما اعتقدت أنه سيكون مثيرًا للاهتمام من حيث فهم كيف ستتواصل نسوية من خلفية أفرو- أمريكية مع نسويات من خلفية مصرية. وبعبارة أخرى، هل ستعيد إنتاج أفكار نسوية بيضاء عن النساء المصريات أم ستتمكن من التواصل مع المرأة المصرية بسبب تجاربها (السلبية) مع الحركة النسوية الغربية؟
لقد بدأت قصتها بهذا:
عندما وافقت مبدئيًا على السفر إلى مصر بغرض توثيق تجربتي مع النساء هناك، لم أكن أعلم بعدّ أن رعاة هذا المشروع يتوقعون مني أن أركز تحديدًا على المسائل المتعلقة بالبعد الجنسي لسعي المرأة إلى تحقيق المساواة. لم أكن أعرف، على سبيل المثال، أن ممارسة ختان الإناث (تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية) كانت من بين القضايا التي سوف يطلب مني مناقشتها. وبما أنني كنت على وعي تام بالمناقشة الشغوفة التي لا تزال مستعرة داخل دوائر النساء الدولية حول جهود بعض النسويات الغربيات لقيادة حملة صليبية ضد ختان الإناث في البلدان الأفريقية والعربية، فحالما أبلغت عن الدافع الخاص لزيارتي، أعدت النظر جديًا حول المضي قدمًا في المشروع.
وبذلك، فإن ديفيس قد أوضحت موقفها بالفعل: فهي لا تريد أن تكون جزءًا من مشروع يهدف إلى إنقاذ المرأة المصرية من ختان الإناث. لقد تحدثت عن أنها واجهت مشكلة مع "التركيز المحسور" على ختان الإناث في الأدب النسوي الأمريكي حول النساء الأفريقيات، والذي غالبًا ما يعني ضمنًا أن النساء سوف تتحررن بطريقة سحرية بمجرد أن تتمكن من إنهاء ختان الإناث (تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية)، أو "حالما تنجز النسويات الغربيات البيض الأمر لأجلهن". هؤلاء النسويات يثرن القضية بشكل عاطفي لدرجة أنهن يفقدن الحساسية تجاه كرامة النساء المعنيات. وهذا بدوره يجعل فعل التضامن مستحيلًا لأن هؤلاء النساء ليسوا بشرًا متساوين بل أشياء يجب إنقاذها.
تلفت ديفيس الانتباه إلى الرابط بين هوس النسويات الأميركيات بختان الإناث (تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية) وهوسهن بتحديد النسل والنساء السود:
من السهل أن نفهم لماذا أثارت هذه الحركة عداء النساء الأمريكيات من أصل أفريقي، رغم حسن نواياها، لأنها غالبًا ما صورتنا على أننا همجيات وشبقات، واستنسخت عشوائيًا بدرجة عالية أن حكم الأغلبية البيضاء قد يشكل تحديًا في نهاية المطاف.
كانت هذه أول صلة بين النساء المصريات والنساء الأمريكيات من أصل أفريقي لفتت ديفيس الانتباه نحوها، ويتعلق الأمر بالطريقة التي تعاملت بها النسويات الغربيات مع المجموعتين. فقد أشارت إلى أنه في حين أن العديد من الأميركيات يعبرن عن اشمئزازهن من ختان الإناث (تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية)، إلا أنهن لا يفكرن مرتين في المدى الذي تذهب إليه بعض النساء الأمريكيات من أجل تغيير أجسادهن جراحيًا للتوافق مع المعايير الاجتماعية للجمال التي وضعها النظام الأبوي الرأسمالي. وقد أنهت الحكاية بكتابة: "أدركت أنني لا أستطيع أن أكتب بضمير مرتاح عن تشويه الأعضاء التناسلية وغيرها من الأمثلة على الاضطهاد الجنسي في مصر دون الاعتراف بأنه تم التلاعب بهذه المشاكل من قبل أولئك الذين فشلوا في النظر إلى أهمية السياق الاقتصادي والسياسي الأكبر لتفوق الذكور". ولذلك فقد وضعت نفسها منذ البداية في موقع التضامن مع المرأة المصرية: فهي حساسة للطريقة التي أصبح بها ختان الإناث (تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية) قضية "نساء بِيض ينقذن نساء بُنِيات"، وذكرت بوضوح أنها لن تكون جزءًا من ذلك.
كان هناك اقتباس ملفت بشكل خاص لنسوية مصرية تُدعى الدكتورة شهيدة الباز التقت بها هناك:
ينبغي للنساء في الغرب أن يعرفن أن لدينا موقفًا فيما يتعلق بتدخلهن في قضايانا ومشاكلنا. نحن نرفض موقفهن المتعالي لأنه مرتبط بآليات استعمارية مدمجة وبشعورهن بالتفوق. ربما بعضهن لا يفعلن ذلك بوعي ولكنه هناك. إنهن يقررن المشاكل التي تواجهنا، وكيف ينبغي لنا أن نواجهها، دون امتلاك الأدوات اللازمة لمعرفة مشاكلنا حتى.
هناك موضوع متكرر في جميع أنحاء الفصل وهو تركيزها على الطبقة، المرأة، والرأسمالية العالمية. على سبيل المثال، تشير إلى العديد من المشردين الذين رأتهم خلال رحلتها من المطار. رغم أنه ليس من الجديد سماع تعليقات الزوار حول انتشار الفقر عند زيارتهم لمصر. ما أدهشني على كل حال هو أنها ربطت الأمر بشكل صريح بالسادات والرأسمالية:
هذا (التشرد) هو إرث سياسة الباب المفتوح للسادات: فالشركات متعددة الجنسيات التي هرعت بطمع إلى مصر تحت وطأة تعزيز التنمية الاقتصادية أدت إلى المزيد من البطالة، المزيد من الفقر، والمزيد من التشرد.
ثم ربطت هذه الزيادة في الفقر مع العلاقات الجنسية، وهو ما كان مختلفًا جدًا عن عمل النسويات الآخريات اللاتي زُرنَ مصر وتحدثن عن الاضطهاد الجنسي. وبدلًا عن عرض الأمر من منظور ثقافي أو ديني، فقد وضحت الروابط الجلية بين الاقتصاد، التحرر، وآثارها على الأسرة والمرأة.
تقول الباز إن النساء المصريات بدأن يعانين أكثر بعد سياسة الباب المفتوح والعلاقات الجديدة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وتقتبس من هدى بدران:
إن النظام الاقتصادي في مصر توقف عن كونه منتجًا لأنه مرتبط بالغرب، لقد تحولت مصر إلى مجتمع استهلاكي. وفي وضع لا تتوفر فيه فرص عمل، يحاول الناس إيجاد كبش فداء ... ولهذا فإن هناك مزيدًا من التحامل ضد النساء. كما أنه في بلد تحولت إلى مجتمع مستهلك، من السهل استخدام النساء كأدوات جنسية من خلال وسائط الإعلام.
هناك حكاية أخرى مثيرة للاهتمام عندما كانت أنجيلا تتناول العشاء مع نساء في بيت نسوية مصرية، وذكرت أنه طُلب منها كتابة مقال عن النساء المصريات والجنس. اندلع الغضب في الغرفة قبل أن تشرح أنها قررت عدم القيام بالأمر. كتبت عن أن رد فعلها الأول كان دفاعيًا، وخصوصًا عندما رأت كيف كانت النساء غاضبات. "لقد جهدت لإقناع نفسي بالامتناع عن محاولة الدفاع عن موقفي. لأنه رغم كل شيء، ألم أكن في مصر لمعرفة المزيد عن الطريقة التي تفسر بها المرأة المصرية نفسها دور الحياة الجنسية في حياتها ونضالها؟ ألم أكن مهتمة بشكل خاص باستجاباتهن المختلفة للشوفينية المؤسفة التي تميز المواقف في الدول الرأسمالية تجاه البعد الجنسي لحياة المرأة العربية؟"
تمكنت من التغلب على موقفها الدفاعي الأولي (استجابتها الانعكاسية تقريبًا) وبدلًا عن ذلك حاولت وتعلمت من التجربة. جعلني هذا أتساءل لماذا لم تتمكن الكثير من النسويات الآخريات من فعل الشيء ذاته؟ استطردت قائلة إنها تفهم الغضب: فالنساء المصريات اللائي كانت معهن يؤكدن على أن تحديًا معزولًا لعدم المساواة الجنسية لن يحل المشاكل المرتبطة بالتبعية الاقتصادية والسياسية التي تؤثر على النساء والرجال على السواء.
قالت لطيفة الزيات لأنجيلا:
لو كنتِ مجرد باحثة أمريكية، لما أتيت لرؤيتك، بل كنت لأقاطع هذا الاجتماع، لأنني أعلم أنه من خلال هذا البحث سيتم تحويلنا إلى حيوانات، أرانب جبلية. كنت لأقاطع أي أمريكية تقوم ببحوث عن النساء العربيات لأنني أعلم جيدًا أنه يتم اختبارنا، ندرج في الكتالوجات، ويتم تعريفنا من حيث شروط الجنس لأسباب لا تخدم مصالحنا.
أعتقد بصدق أن هذا أفضل تصريح قرأته من قبل ويوضح لمَ أبحاث العلوم الاجتماعية على المرأة المصرية إشكالية جدًا.
وبالرجوع إلى النقاش حول الجنس والمرأة المصرية، أصابتني الدهشة من أن هذا الموضوع لا يزال حساسًا. هذا لا يعني أن العدالة الجنسية ليست مهمة بالنسبة للنساء والرجال المصريين، أو أن النسويات المصريات يتجاهلنها. بل لتفريغ ردود فعل هؤلاء النسويات المصريات حيال اقتراح أن أنجيلا تكتب عن الجنس ولا شيء آخر. الهوس المعتاد من جهة الغرب (وهي الحالة التي وضعت فيها أنجيلا من قبل هؤلاء النساء) بــ "الجنس" في العالم العربي مُنَهِك، ويؤدي بدقة إلى الوضع الذي يصبح فيه الأمر أقل أولوية لأن الأجانب مهووسون به. وهذا لا يؤدي فقط إلى فصله عن القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المترابطة كلها، بل إنه يُظهر أيضًا الرجال المصريين / الثقافة على أنها متخلفة وبربرية، وجامدة.
تمضي أنجيلا ديفيس وهي تقتبس من فتحية العسال أنه لا ينبغي أن تكون المرأة خجولة حيال مناقشة التحرر الجنسي، لأن التاريخ يظهر أن الملكية الخاصة ظهرت في الوقت الذي أصبحت فيه النساء ملكية جنسية لأزواجهن. وهذا الربط المستمر بين مشاكل المرأة والوضع الاقتصادي هو اتجاه في جميع أنحاء الفصل.
حتى عندما تعلق الأمر بالحجاب، لم تحرص ديفيس فقط على ملاحظة الهوس الغربي الإشكالي به، ولكن أيضًا الأسباب المختلفة لظهور الحجاب في مصر، فضلًا عن كونه يختلف من طبقة إلى طبقة. فقد أظهرت من خلال محادثاتها مع العديد من النساء كيف أنه موضوع معقد جدًا وبه مئات الإدراكات والتفسيرات حرفيًا. ومع ذلك، فإن تركيزها على الحجاب حتى بعد انتقاد ميل النسويات الغربيات للتركيز عليه يظهر لها تفشي سحر الحجاب.
من الواضح أن تجانس ديفيس مع النسويات المصريات كان على مستويات متعددة. وأحد أهمها هو الطريقة التي تصورن بها السلطة الأبوية، والتي يعتبرنها نظامًا يثبط كل من الرجل والمرأة، ومجموعة من العلاقات التي تبنى الذكورية والأنوثة التي تضر بالجميع. وهذا يعني أن هدف النسوية ليس شن الحرب ضد الرجال، بل شن حرب ضد النظام الأبوي، جنبًا إلى جنب مع الرجال إن أمكن.
ما يتضح من الفصل هو الرغبة في التعلم والاستماع من جانب أنجيلا ديفيس. فقد جاءت إلى مصر وهي تتوقع عدم "معرفة" أي شيء، وهذا جعلها تستقبل وجهات النظر والتجارب المتعددة التي واجهتها. لأنها لم تأتي للمساعدة أو الإنقاذ، بل لترى فقط. حتى عندما تعرضت لهجوم غاضب من جانب النساء المصريات بسبب ذكر مقال عن الجنس؛ حتى عندما تقاطعت مع ممارسات وجدتها مختلفة؛ حتى عندما وجدت نفسها غير قادرة على التواصل مع العديد من النساء المصريات. كانت دائمًا منفتحة وناقدة لذاتها. كانت تُساءل باستمرار نفسها وآرائها، ولم تصدر ولو لمرة تعليقًا أو ملاحظة متعاطفة. كانت دائمًا على علم بامتيازاتها وانحيازها، كانت تربط دائمًا بين مصر والدول الإمبريالية (وخاصة الولايات المتحدة) وبين مختلف الهياكل القمعية التي تؤثر على المرأة المصرية.
والآن أريد أن أسأل: كم من النسويات اللاتي زرن أو عملن في مصر يمكنهن القول بأنهن فعلن الشيء ذاته؟
إن التضامن النسوي العابر للحدود ممكن. ولكن هذا يعني التخلص، النسيان، وأن تكوني متواضعة ومنفتحة. لقد بدأت قراءة الفصل على أمل أن تظهر تجاربها أن التضامن ممكن، رغم صعوبته. وقد فعلت. أنا متأكدة من أن هذا يرجع جزئيًا إلى كونها شيوعية ولأنها امرأة أمريكية من أصول أفريقية حساسة لمشاكل النسوية الغربية. ولكن يبدو أيضًا أنها قد تبنت منظورًا انتقاديًا سمح لها باستمرار بمُساءلة نفسها قبل مُساءلة الآخرين، وهو أمر أنا متأكدة من أنه مهمٌ لأي علاقة تضامن.
اقتباسها الأخير:
إن هدف المساواة بين الجنسين بالمعنى الكامل قد لا يكون قابلًا للتحقق في مستقبل مصر القريب، لكني تأثرتُ بعمق بالتصميم المنيع لدى الكثير من النساء لإبقاء نيران نضالهن مشتعلة.