سطر 72: |
سطر 72: |
| رسخ علم الأحياء التطوري لفكرة أن أنماط العلاقات الجندرية الموجودة بحاجة لتفسير وأنها إشكالية إلى حدِ ما، وذلك بتقديمه شرحًا للسلوك الجنسي. | | رسخ علم الأحياء التطوري لفكرة أن أنماط العلاقات الجندرية الموجودة بحاجة لتفسير وأنها إشكالية إلى حدِ ما، وذلك بتقديمه شرحًا للسلوك الجنسي. |
| | | |
− | ==القرن العشرين== | + | ===القرن العشرين=== |
| | | |
| | | |
سطر 83: |
سطر 83: |
| ففي مقالاته "ثلاثة أوراق حول نظرية الجنسانية" (three essays on the theory of sexuality)، في عام 1905، طرح فرويد مفهوم "فطرية ثنائية الميل الجنسي" (the innate bisexuality) كمدخل لفهم المثلية الجنسية. كان فرويد يعني بفطرية ثنائية الميل الجنسي أن جميع البشر يولدون بميل جنسي ثنائي وأن ذلك الميل الثنائي يتحول لميل أحادي في إطار مراحل تنشئة الفرد، بينما يتحول الميل الجنسي الثنائي لحالة كامنة بداخله. وينتج ذلك التحول عن العوامل الداخلية (أي البيولوجية) والعوامل الخارجية (أي السياق الاجتماعي والتجارب الحياتية للفرد). | | ففي مقالاته "ثلاثة أوراق حول نظرية الجنسانية" (three essays on the theory of sexuality)، في عام 1905، طرح فرويد مفهوم "فطرية ثنائية الميل الجنسي" (the innate bisexuality) كمدخل لفهم المثلية الجنسية. كان فرويد يعني بفطرية ثنائية الميل الجنسي أن جميع البشر يولدون بميل جنسي ثنائي وأن ذلك الميل الثنائي يتحول لميل أحادي في إطار مراحل تنشئة الفرد، بينما يتحول الميل الجنسي الثنائي لحالة كامنة بداخله. وينتج ذلك التحول عن العوامل الداخلية (أي البيولوجية) والعوامل الخارجية (أي السياق الاجتماعي والتجارب الحياتية للفرد). |
| | | |
− | ينطلق فرويد من أطروحة فطرية ثنائية الميل الجنسي إلى إمكانية ميل البشر إلى كلا الجنسين في آنِ واحد، ولكنه يقول أنه هناك ميل جنسي مشترك وطبيعي لدى كل جنس للجنس المقابل، كما يضيف في أطروحته أن الميل الجنسي المثلي ينتج عن صدمات نفسية قد يتعرض لها الفرد تعيق نموه الجنسي الأحادي المغاير الطبيعي وتؤدي لعدم انجذابه للجنس المقابل. | + | ينطلق فرويد من أطروحة فطرية ثنائية الميل الجنسي إلى إمكانية ميل البشر إلى كلا الجنسين في آنِ واحد، ولكنه يقول أنه هناك ميل جنسي مشترك وطبيعي لدى كل جنس للجنس المقابل، كما يضيف في أطروحته أن الميل الجنسي المثلي ينتج عن صدمات نفسية قد يتعرض لها الفرد تعيق نموه الجنسي الأحادي المغاير (الطبيعي) وتؤدي لعدم انجذابه للجنس المقابل. |
| | | |
− | بالرغم من وصف فرويد للميل الجنسي المغاير كميل طبيعي، وشرحه للميل الجنسي المثلي كنتيجة للصدمات النفسية التي قد يمر بها الفرد، إلا أن أطروحته تلك قد أدت إلى إدراك عدم وجود نمط ثابت وواحد للشخصية الجنسية للفرد. كما أظهر تحليله ل"عُقدة أوديب" (Oedipus complex) أن أنماط المشاعر لدى البالغين هي نتيجة لنشأتهم، وأن تجارب الطفولة المختلفة لدى الأشخاص المختلفين تُطور وتعيد تشكيل كل جانب من جوانب الحياة العاطفية والجنسية للفرد. | + | بالرغم من وصف فرويد للميل الجنسي المغاير كميل (طبيعي)، وشرحه للميل الجنسي المثلي كنتيجة للصدمات النفسية التي قد يمر بها الفرد، إلا أن أطروحته تلك قد أدت إلى إدراك عدم وجود نمط ثابت وواحد للشخصية الجنسية للفرد. كما أظهر تحليله ل"عُقدة أوديب" (Oedipus complex) أن أنماط المشاعر لدى البالغين هي نتيجة لنشأتهم، وأن تجارب الطفولة المختلفة لدى الأشخاص المختلفين تُطور وتعيد تشكيل كل جانب من جوانب الحياة العاطفية والجنسية للفرد. |
| | | |
| | | |
سطر 91: |
سطر 91: |
| تطورت حركات النساء بداخل الحركة الاشتراكية، أثناء العقد الأول من القرن العشرين، في دول متعددة من ضمنها ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وتحت ضغط المجموعات النسائية، بدأت تظيمات الطبقة العاملة استكشاف طرق جديدة عملية لجعل مهام اعادة الإنتاج والأعباء المنزلية مهمة مجتمعية، وتم ذلك من خلال عمل تعاونيات لرعاية الأطفال، ومن خلال المساكن الشعبية ومؤسسات غسل الملابس ودور الحضانة العمومية. | | تطورت حركات النساء بداخل الحركة الاشتراكية، أثناء العقد الأول من القرن العشرين، في دول متعددة من ضمنها ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وتحت ضغط المجموعات النسائية، بدأت تظيمات الطبقة العاملة استكشاف طرق جديدة عملية لجعل مهام اعادة الإنتاج والأعباء المنزلية مهمة مجتمعية، وتم ذلك من خلال عمل تعاونيات لرعاية الأطفال، ومن خلال المساكن الشعبية ومؤسسات غسل الملابس ودور الحضانة العمومية. |
| | | |
− | ولمدة قصيرة، كانت تلك هي السياسات المتبعة من قبل الحكومة الثورية في الاتحاد السوفييتي، صُدرت قوانين حضانة خاصة تمنع ساعات العمل الطويلة والعمل الليلي واُقرت إجازة ولادة مدفوعة الأجر، ومراكز شعبية للعناية بالأسرة ولرعاية الأطفال. وفي عام 1920، تم سن قانون لضمان الحق في الإجهاض، وتم تشريع الزواج المدني وتسهيل اجراءات الطلاق. كما تم إلغاء مفهوم "الأطفال الغير شرعيين". <ref name="socialist feminism">[https://www.marxy.com/women/marxism-feminism-emancipation-women110308.htm ،آنا مينوز وآلان وودز، "الماركسية وتحرر النساء"، 8 مارس 2000، ماركسي.كوم]</ref> | + | ولمدة قصيرة، كانت تلك هي السياسات المتبعة من قبل الحكومة "الثورية" في الاتحاد السوفييتي، صُدرت قوانين حضانة خاصة تمنع ساعات العمل الطويلة والعمل الليلي واُقرت إجازة ولادة مدفوعة الأجر للنساء، ومراكز شعبية للعناية بالأسرة ولرعاية الأطفال. وفي عام 1920، تم سن قانون لضمان الحق في الإجهاض، وتم تشريع الزواج المدني وتسهيل اجراءات الطلاق. كما تم إلغاء مفهوم "الأطفال الغير شرعيين". <ref name="socialist feminism">[https://www.marxy.com/women/marxism-feminism-emancipation-women110308.htm ،آنا مينوز وآلان وودز، "الماركسية وتحرر النساء"، 8 مارس 2000، ماركسي.كوم]</ref> |
| | | |
| ====هيمنة الستالينية==== | | ====هيمنة الستالينية==== |
سطر 110: |
سطر 110: |
| في نفس الوقت بدأ التحليل النفسي يؤثر على تطور الأنثروبولجيا ويدفعها في اتجاهات جديدة؛ فعلى سبيل المثال، أطلق فرويد وتلميذه المجري جيزا روهيِّم (Géza Roheim) أطروحة عالمية عقدة أوديب. يعتبر جيزا روهيم (1891- 1953) من أهم علماء الأثروبولوجيا والتحليل النفسي، ويُنسب له أنه المؤسس للتحيليل النفسي الأنثروبولوجي (Psychoanalytic anthropology) كما طور النظرية الجينية للثقافة (Ontogenetic theory of culture) حيث ركز على أهمية علمي الأحياء والتشريح لفهم التكوين النفسي والعقلي للفرد. واعتمد في نظريته على العلاقة الاعتمادية الطويلة ما بين الطفل وأمه خلال مراحل نموه الجنيني أثناء الحمل والبيولوجي بعد الولادة، وما يترتب على ذلك من روابط عاطفية واجتماعية.<ref>[https://www.encyclopedia.com/people/social-sciences-and-law/anthropology-biographies/geza-roheim#B International Encyclopedia Of the Social Sciences, Géza Roheim ]،</ref> | | في نفس الوقت بدأ التحليل النفسي يؤثر على تطور الأنثروبولجيا ويدفعها في اتجاهات جديدة؛ فعلى سبيل المثال، أطلق فرويد وتلميذه المجري جيزا روهيِّم (Géza Roheim) أطروحة عالمية عقدة أوديب. يعتبر جيزا روهيم (1891- 1953) من أهم علماء الأثروبولوجيا والتحليل النفسي، ويُنسب له أنه المؤسس للتحيليل النفسي الأنثروبولوجي (Psychoanalytic anthropology) كما طور النظرية الجينية للثقافة (Ontogenetic theory of culture) حيث ركز على أهمية علمي الأحياء والتشريح لفهم التكوين النفسي والعقلي للفرد. واعتمد في نظريته على العلاقة الاعتمادية الطويلة ما بين الطفل وأمه خلال مراحل نموه الجنيني أثناء الحمل والبيولوجي بعد الولادة، وما يترتب على ذلك من روابط عاطفية واجتماعية.<ref>[https://www.encyclopedia.com/people/social-sciences-and-law/anthropology-biographies/geza-roheim#B International Encyclopedia Of the Social Sciences, Géza Roheim ]،</ref> |
| | | |
− | حركة تحرر المثليين والنسوية: | + | ====حركة تحرر المثليين والنسوية==== |
| | | |
− | ما حدث في سبيعينيات القرن العشرين، بتفاعل النسوية كأيديولجية سياسية مع حركة تحرر المثليين/ات في الولايات المتحدة الأمريكية، أدى إلى إعادة توجيه جزء كبير من المجال البحثي حول مواضيع السلطة واللامساواة، أدى هذا إلى إعادة الربط ما بين النظرية (التي طغت عليها الأكاديميا) وما بين السياسات الراديكالية. وأصبحت القضايا الاستراتيجية لحركة التحرر الجنسي مركز القضايا التي يهتم بها جيل جديد من المنظرات/ين. وأصبحت نظرية الجندر نظرية استراتيجية، مبنية على التساؤل حول كيف وإلى أي مدى يمكن للعلاقات الاجتماعية المبنية على الجندر أن تتغير؟ وبالرغم من أن الحركة النسوية كانت قد وصلت لأطروحات متماسكة وقائمة حول الكثير من القضايا، إلا أنه كانت هناك مساحة كبيرة للتساؤل بكثافة وبعمق حول كل شئ، مما جعل من التحليلات حول الجندر من أكثر القوى تشتيتًا في المجال الثقافي كله. كانت للنسوية أثر كبير على الأكاديميا؛ فحجم الأبحاث حول الأدوار الجنسية/الجندرية والفروقات الجنسية/ الجندرية ارتفع من 0,5% من نسبة المقالات المنشورة في مجلات علم الإجتماع سنة 1969 إلى 10% سنة 1978. | + | ما حدث في سبيعينات القرن العشرين، بتفاعل النسوية كأيديولجية سياسية مع حركة تحرر المثليين/ات في الولايات المتحدة الأمريكية، أدى إلى إعادة توجيه جزء كبير من المجال البحثي حول مواضيع السلطة واللامساواة، وترتب عليه إعادة الربط ما بين النظرية (التي طغت عليها الأكاديميا) وما بين السياسات الراديكالية. وأصبحت القضايا الاستراتيجية لحركة التحرر الجنسي مركز القضايا التي يهتم بها جيل جديد من المنظرات/ين. وأصبحت نظرية الجندر نظرية استراتيجية، مبنية على التساؤل حول كيف وإلى أي مدى يمكن للعلاقات الاجتماعية المبنية على الجندر أن تتغير؟ وبالرغم من أن الحركة النسوية كانت قد وصلت لأطروحات متماسكة وقائمة حول الكثير من القضايا، إلا أن ذلك التطور أدى إلى فتح مساحة كبيرة للتساؤل بكثافة حول كل شئ حتى حول ما كان يُعتبر مسلم به، مما جعل من التحليلات حول الجندر من أكثر القوى تشتيتًا في المجال الثقافي كله. كانت للنسوية أثر كبير على الأكاديميا؛ فحجم الأبحاث حول الأدوار الجنسية/الجندرية والفروقات الجنسية/ الجندرية ارتفع من 0,5% من نسبة المقالات المنشورة في مجلات علم الإجتماع سنة 1969 إلى 10% سنة 1978.<ref name="gender and power" /> |
| | | |
| كتبت الباحثتان إلينور ماكوبي وكارول جاكلين كتابًا بعنوان "سيكولوجية الاختلافات الجنسية " والتي تحدثتان فيه عن أن جنس/جندر الفرد هو مزيج ما بين الحقائق البيولوجية والحقائق الاجتماعية, في مقدمة دراستهما قدمتا بحثهما باعتباره دراسة تبحث أثر الجنس البيولوجي على سيكيولوجية الفرد وتساعد على تعميق الفهم لبعض الأمور المبدئية كالطريقة التي تتفاعل بها المعطيات البيولوجية مع التجربة الاجتماعية وأثرهما على تشكيل سيكولوجية الفرد. | | كتبت الباحثتان إلينور ماكوبي وكارول جاكلين كتابًا بعنوان "سيكولوجية الاختلافات الجنسية " والتي تحدثتان فيه عن أن جنس/جندر الفرد هو مزيج ما بين الحقائق البيولوجية والحقائق الاجتماعية, في مقدمة دراستهما قدمتا بحثهما باعتباره دراسة تبحث أثر الجنس البيولوجي على سيكيولوجية الفرد وتساعد على تعميق الفهم لبعض الأمور المبدئية كالطريقة التي تتفاعل بها المعطيات البيولوجية مع التجربة الاجتماعية وأثرهما على تشكيل سيكولوجية الفرد. |
| | | |
− | سنة 1975 أنشئت مجلة بحثية بعنوان "الأدوار الجنسية/الجندرية"، وانقسم مجال التنظير إلى قسمين؛ الأول هو المجال المهتم ببحث التنشئة الاجتماعية للفرد (أسطورة الرجولة – the myth of masculinity جوزيف بليك)، والثاني هو العلاج النفسي المرتبط بالتعديل الجندري، بمعنى تعديل بعض السلوكيات المرتبطة بجندر معين مثل التبعية وما يليها من انعدام التعبير عن الذات عند النساء والعنف وتبلد المشاعر عند الرجال، تمت تلك العلاجات من خلال التدريبات التعبيرية للنساء وهو نوع من أنواع العلاج السلوكي الذي كان يساعد النساء على التعبير عن أنفسهن وتفضيلاتهن و"علاج نفسي للرجولة" وكان المنطق الأساسي للعلاج هو احتياج الرجال إلى معالجين لكسر الدور الرجولي التقليدي حتى يصبحوا أكثر حساسية وتعبيرًا . زعمت مراكز الرجال التي أُنشئَت في السبيعنات في الولايات المتحدة الأمريكية أنهم يسعون للتحرر مما اعتبروه دورًا جنسيًا مقيد. كان يروج لتلك العلاجات من قِبَل حركة الأطباء النفسيين النامية حينها مثل | + | سنة 1975 أنشئت مجلة بحثية بعنوان "الأدوار الجنسية/الجندرية"، وانقسم مجال التنظير إلى قسمين؛ الأول هو المجال المهتم ببحث التنشئة الاجتماعية للفرد، يُعتبر كتاب أسطورة الرجولة (the myth of masculinity) لجوزيف بليك من أهم الكتابات في هذا المجال، حيثُ بحث وحلل وانتقد الكتابات البحثية الكاملة حول دور الذكور منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر، حدد مكونات نموذج "الدور الاجتماعي للذكور" وكتب ملاحظاته حول التضليل الملحوظ للبيانات في أغلب الأبحاث، والتفسيرات الملتوية التي ينتج عنها نتائج مغلوطة وذكورية ومعادية للمثلية الجنسية ومنحازة طبقيًا. واقترح نموذج "الأدوار الجنسية" كنظرية جديدة تقدم إعادة صياغة لأنماط الادوار الجنسية وتقدم نقد للباحثين السوسيوبيولوجيين الزاعمين بأن عنف الذكور هو ميل متأصل فيهم بيولوجيًا.<ref>[https://mitpress.mit.edu/books/myth-masculinity Myth of Masculinity, overview, mitpress ].</ref> والثاني هو العلاج النفسي المرتبط بالتعديل الجندري، بمعنى تعديل بعض السلوكيات المرتبطة بجندر معين مثل التبعية وما يليها من انعدام التعبير عن الذات عند النساء والعنف وتبلد المشاعر عند الرجال، تمت تلك العلاجات من خلال التدريبات التعبيرية للنساء وهو نوع من أنواع العلاج السلوكي الذي كان يساعد النساء على التعبير عن أنفسهن وتفضيلاتهن<ref>[https://link.springer.com/chapter/10.1007/978-1-4899-2192-5_7 Marsha M. and LinehanKelly J. Egan, Assertion training for women, 1979].</ref> و"علاج نفسي للرجولة" وكان المنطق الأساسي للعلاج هو احتياج الرجال إلى معالجين لكسر الدور الرجولي التقليدي حتى يصبحوا أكثر حساسية وتعبيرًا.<ref>[http://mural.maynoothuniversity.ie/5095/1/Patricia_Page_20140624091626.pdf Patricia Page, "Masculinity in crisis?", National University of Ireland, August 1999].</ref> زعمت مراكز الرجال التي أُنشئَت في السبيعنات في الولايات المتحدة الأمريكية أنهم يسعون للتحرر مما اعتبروه دورًا جنسيًا مقيد. كان يروج لتلك العلاجات من قِبَل حركة الأطباء النفسيين النامية حينها، من ضمنهم دكتور هيرب جولدبرج في كتابه مخاطر أن تكون رجل (hazards of being male)، حيثُ جادل بأنه يتم التحكم في الرجال وتشكيلهم من خلال الأسرة والمجتمع وعادةً ما تشجع النساء قيام الرجال بأدوار متناقضة كأن يكون رجل أعمال عنيف وزوج مُرهف في وقت واحد؛ أو أن يكون المصدر الأساسي للدخل وأن يكون أبًا منتبهًا لأطفاله؛ أون أن يكون الحامي الشجاع لأسرته وبلده وفي نفس الوقت لديه قدرة على ممارسة الحميمية. ويضيف قائلًا أن مثل تلك القيود المستحيلة تشل الرجال عاطفيًا وجسديًا.<ref>[https://www.amazon.com/Hazards-Being-Male-Surviving-Masculine/dp/0965762874 "The Hazards of being male: Surviving the myth of masculine privilege", overview on Amazon, 15 July 2009].</ref> |
− | هيرب جولدبرج في كتابه مخاطر أن تكون رجل – hazards of being male | |
| | | |
− | أسطورة الرجولة: بحث وحلل وانتقد الكتابات البحثية الكاملة حول دور الذكور منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر، حدد مكونات نموذج "الدور الاجتماعي للذكور" وكتب ملاحظاته حول التضليل الملحوظ للبيانات في أغلب الأبحاث، والتفسيرات الملتوية التي ينتج عنها نتائج مغلوطة وذكورية ومعادية للمثلية الجنسية ومنحازة طبقيًا. واقترح نموذج "الأدوار الجنسية" كنظرية جديدة تقدم إعادة صياغة لأنماط الادوار الجنسية وتقدم نقد للباحثين السوسيوبيولوجيين الزاعمين بأن عنف الذكور هو ميل متأصل فيهم بيولوجيًا.
| + | شكل مدخل الأدوار الجنسية/ الجندرية ركيزة مهمة في الأفكار النظرية التي ارتكزت عليها النسوية الليبرالية، وهي أكثر أشكال النسوية تأثيرًا في الولايات المتحدة الامريكية. تقدم النسوية الليبرالية اضطهاد النساء باعتباره نتيجة للتوقعات النمطية والمبنية على العادات والتقاليد، التي تحملها النساء وتعيد انتاجها، يتم الترويج لهذه الأنماط من خلال الأسرة والمدرسة والعمل والإعلام والمؤسسات الأخرى التي تساهم في التنشئة الاجتماعية للفرد. لا يرى الييبراليون أن النظام بطبيعته غير عادل، أو أن التمييزيُمارس بشكل منهجي ومؤسسي، بل بالعكس إنهم يرون أن الرجال والنساء بإمكانهم العمل معًا من أجل المساواة ومن أجل القضاء على السياسات والممارسات التي تميز ضد النساء. تُقَدِم النسوية الليبرالية تكتيكات مثل التمييز الإيجابي والتعديلات القانونية والسياسية المرتبطة بالمساواة في الفرص وتحدي وكسر الأنماط الاجتماعية بشكل فردي كحل للامساواة وكطريق لإعادة هيكلة البُنا والعلاقات الجندرية في المجتمع.<ref>[https://pdfs.semanticscholar.org/0823/a10c39007455f8217fddbeeed7859c07b239.pdf Sally S. Simpson,Feminist Theory, Crime And Justice, University of Maryland, 1989, p.607 ].</ref> |
− | https://mitpress.mit.edu/books/myth-masculinity
| |
− | مخاطر أن تكون رجُل: جادل الدكتور جولدبرج بأنه يتم التحكم في الرجال وتشكيلهم من خلال الأسرة والمجتمع وعادةً ما تشجع النساء قيام الرجال بأدوار متناقضة كأن يكون رجل أعمال عنيف وزوج مُرهف في وقت واحد؛ أو أن يكون المصدر الأساسي للدخل وأن يكون أبًا منتبهًا لأطفاله؛ أون أن يكون الحامي الشجاع لأسرته وبلده وفي نفس الوقت لديه قدرة على ممارسة الحميمية. ويضيف قائلًا أن مثل تلك القيود المستحيلة تشل الرجال عاطفيًا وجسديًا.
| |
− | https://www.amazon.com/Hazards-Being-Male-Surviving-Masculine/dp/0965762874 | |
| | | |
− | شكل مدخل الأدوار الجنسية/ الجندرية ركيزة مهمة في الأفكار النظرية التي ارتكزت عليها النسوية الليبرالية، وهي أكثر أشكال النسوية تأثيرًا في الولايات المتحدة الامريكية. تقدم النسوية الليبرالية اضطهاد النساء باعتباره نتيجة للتوقعات النمطية والمبنية على العادات والتقاليد، التي تحملها النساء وتعيد انتاجها، يتم الترويج لهذه الأنماط من خلال الأسرة والمدرسة والعمل والإعلام والمؤسسات الأخرى التي تساهم في التنشئة الاجتماعية للفرد. لا يرى الييبراليون أن النظام بطبيعته غير عادل، أو أن التمييزيُمارس بشكل منهجي ومؤسسي، بل بالعكس إنهم يرون أن الرجال والنساء بإمكانهم العمل معًا من أجل المساواة ومن أجل القضاء على السياسات والممارسات التي تميز ضد النساء. تُقَدِم النسوية الليبرالية تكتيكات مثل التمييز اللإجابي والتعديلات القانونية والسياسية المرتبطة بالمساواة في الفرص وتحدي وكسر الأنماط الاجتماعية بشكل فردي كحل للامساواة وكطريق لإعادة هيكلة البُنا والعلاقات الجندرية في المجتمع .
| + | أصبحت نظرية الأدوار الاجتماعية هي المرتكز الأساسي للإصلاح النسوي الذي قدمته الدول، فبدأت تُكتب تقارير تستهدف رصد وتحليل أوضاع الفتيات والنساء في التعليم والعمل والصحة والاقتصاد وغيرها من المجالات التنموية وإيجاد حلول لها، كمثال على ذلك تقرير لجنة المدارس الأسترالية بعنوان "الفتيات، المدارس والمجتمع - Girls, schools and society" الذي صدر عام 1975. تكون النقرير من أربعة عشر فصلًا تُناقش فيهم مواضيع الأدوار الجنسية والاختلافات الجنسية في المدارس، وما تقدمه المناهج التعليمية من أفكار وقيم والذي بشأنه أن يُشكل وعي التلاميذ، وقدم إصلاح المدارس باعتبارها مؤسسات تساهم في تكوين وعي الأفراد، وناقش علاقة الأدوار الجنسية بتنشئة التلاميذ والمعلمين/ات، وجنسانياتهن/م. تبنى التقرير في لغته مصطلحات وأفكار لتطوير التحليلات المرتبطة بالجندر وبالنظام الجندري، فالاختلافات الجنسية والأدوار الجنسية والذكورية كانوا المصطلحات الأكثر محورية في التقرير، وتسليط الضوء على الأشكال المختلفة من الأنوثة والرجولة كان أحد أهم ما حققه. بوجه عام، قد ركز التقرير على أن الجندر وأنظمته هو بناء اجتماعي مبني تاريخيًا، وقدم المؤسسات التعليمية كمواقع هامة يمكنها المساهمة في الإصلاح الاجتماعي والاتجاه نحو مجتمع عادل.<ref>[dehanz.net.au/entries/girls-school-and-society-2/ Craig Campbell, "Girls, School and Society |
− | | + | Australia, 1975", 31 January 2018].</ref> سار تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بعنوان "النساء والتوظيف- Women and employment" الذي صدر عام 1980، على نفس النهج.<ref name="gender and power" /> كما بدأ الترويج لخطاب يوضح المكاسب التي قد يستفيد منها الرجال إذا تم التحرر من الأعراف المرتبطة بالأدوار الجنسية/الجندرية، كان ذلك خطابًا مهيمنًا وتم الترويج له من قِبل العديد من الرجال المنخرطين في حركة تحرر الرجال(men's liberatio movment) في منتصف القرن العشرين.<ref name="gender and power" /> |
− | أصبحت نظرية الأدوار الاجتماعية هي المرتكز الأساسي للإصلاح النسوي الذي قدمته الدول، فبدأت تُكتب تقارير تستهدف رصد وتحليل أوضاع الفتيات والنساء في التعليم والعمل والصحة والاقتصاد وغيرها من المجالات التنموية وإيجاد حلول لها، كمثال على ذلك تقرير لجنة المدارس الأسترالية بعنوان "الفتيات، المدارس والمجتمع - Girls, schools and society" الذي صدر عام 1975 وتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بعنوان "النساء والتوظيف- Women and employment" الذي صدر عام 1980. كما بدأ الترويج لخطاب يوضح المكاسب التي قد يستفيد منها الرجال إذا تم التحرر من الأعراف المرتبطة بالأدوار الجنسية/الجندرية، كان ذلك خطابًا مهيمنًا وتم الترويج له من قِبل العديد من الرجال المنخرطين في حركة تحرر الرجال – men's liberation في منتصف القرن العشرين. | |
− | | |
− | الفتيات، المدارس والمجتمع: تكون النقرير من أربعة عشر فصلًا تُناقش فيهم مواضيع الأدوار الجنسية والاختلافات الجنسية في المدارس، وما تقدمه المناهج التعليمية من أفكار وقيم والذي بشأنه أن يُشكل وعي التلاميذ، وإصلاح المدارس كمؤسسات تساهم في تكوين وعي الأفراد، وعلاقة الأدوار الجنسية بتنشئة التلاميذ والمعلمين/ات، والجنسانية والعلاقات الإنسانية. تبنى التقرير في لغته مصطلحات وأفكار لتطوير التحليلات المرتبطة بلجندر وبالنظام الجندري، فالاختلافات الجنسية والأدوار الجنسية والذكورية كانوا المصطلحات الأكثر محورية في التقرير، وتسليط الضوء على الأشكال المختلفة من الأنوثة والرجولة كان أحد أهم ما حققه. بوجه عام ، قد ركز التقرير على أن الجندر وأنظمته هو بناء اجتماعي مبني تاريخيًا، وقدم التقرير المؤسسات التعليمية كمواقع هامة يمكنها المساهمة في الإصلاح الاجتماعي والاتجاه نحو مجتمع عادل.
| |
− | dehanz.net.au/entries/girls-school-and-society-2/ | |
| | | |
| تحرك الجناح النسوي الأكثر راديكالية في اتجاه يتخطى مفهوم "الأدوار الجنسية/ الجندرية" و تحدي وكسر التوقعات المبنية على أنماط اجتماعية محددة كاستراتيجية سياسية. كان النقد المقدم للتمركز حول ذلك المفهوم وتلك الاستراتيجية يركز على افتقارهما لفهم علاقات السلطة وتوازنات القوى الغير متعادلة في العلاقات الجندرية. فقد قدمت الكثير من المجموعات المعنية بتحرر النساء اضطهاد النساء باعتباره نتيجة لامتلاك الرجال سلطة على النساء، وأنه حتى تتحرر النساء لابد من تحدي وكسر تلك السلطة بالضرورة. لم يلقى ذلك التحليل قبولًا واسعًا في الأكاديميا، بينما تم تبنيه وتطويره في الحركة الاجتماعية ومن خلال التجارب المختلفة للحملات السياسية ومجموعات رفع الوعي. | | تحرك الجناح النسوي الأكثر راديكالية في اتجاه يتخطى مفهوم "الأدوار الجنسية/ الجندرية" و تحدي وكسر التوقعات المبنية على أنماط اجتماعية محددة كاستراتيجية سياسية. كان النقد المقدم للتمركز حول ذلك المفهوم وتلك الاستراتيجية يركز على افتقارهما لفهم علاقات السلطة وتوازنات القوى الغير متعادلة في العلاقات الجندرية. فقد قدمت الكثير من المجموعات المعنية بتحرر النساء اضطهاد النساء باعتباره نتيجة لامتلاك الرجال سلطة على النساء، وأنه حتى تتحرر النساء لابد من تحدي وكسر تلك السلطة بالضرورة. لم يلقى ذلك التحليل قبولًا واسعًا في الأكاديميا، بينما تم تبنيه وتطويره في الحركة الاجتماعية ومن خلال التجارب المختلفة للحملات السياسية ومجموعات رفع الوعي. |