موجة نسوية ثانية
أرخت عصمت محمد حوسو في كتابها الجندر: الأبعاد الاجتماعية والثقافية للموجة النسوية الثانية حيث قالت[1]:
بدأت الموجة النسوية الثانية في الستينات بأمريكا، وظلت مرتبطة بأصولها الاجتماعية والسياسية. وفي تلك الفترة اشتد عود الليبرالية الامريكية التي تدعو إلى المساواه في الحقوق بعد نجاح تحجيم التفرقة العنصرية والأصوات المناهضة لحرب فيتنام وحركة الطلبة الشهيرة بالمظاهرات لحرب الكعوب العالية ومشدات الصدور، والثورة ضد ملكات الجمال وكافة مايحصر المرأة في مجال أنوثتها فقط. وفي تلك الفترة التي كانت فيها المرأة الأمريكية في الستينات تدافع من أجل نيل بعض حقوقها، كانت المرأة في بعض الأقطار العربية كمصر وسوريا وتونس، مثل المساواة بين الجنسن للالتحاق بالجامعات، والمساواة في فرص ممارسة العمل المهني والبحث العلمي، والأجر المتساوي للجنسين لقاء العمل نفسة، وتوفير الحكومة لحضانات الأطفال للمرأة العاملة خلال ساعات العمل الرسمية. وظهر مفهوم الجندر في الموجة الثانية من أعمال منظري ومنظرات الحركة النسوية خلال تحليلهن للعلاقات الاجتماعية، وبحثهن عن أسياب هيمنة الذكور على الأناث. فكانت تلك النسويات يؤمن بأن الجنس طبيعة بيولوجية ثابتة في البيئة الوراثية، أما الجندر فهو ليس طبيعة بيولوجية بينما نتيجة للسيرورة اجتماعية تحدد الأدوار والسمات بطرق مختلفة بأختلاف الثقافة. ففي هذة المرحلة انتقد فلاسفة الحركات النسوية التشريعات القانونية المجحفة بحق النساء. وقد ادى استخدام مفهوم الجندر الي انبثاق نوعين من التنظير: الأول: يقول بوجود ماهية ثابتة لكل جنس، وبتأثير العوامل البيولوجية على الطبيعة البشرية ويمثل هذا الاتجاة كل من ( ماري دالي/سوزان غريفان/ مارلين فراي/ وغيرهن) الثاني : يرفض وجود ماهية ثابتة و يؤكد تأثير العوامل الأجتماعية علي الانسان/ة ويمثلة كل من (جولييت ميتشيل/ساندرا بارتكي/ بيتي فرايدن/ كيت ميليت/ وغيرهن) وتأثرت الموجة النسوية الثانية واستلهمت أفكارها من الفيلسوفة الوجودية سيمون دى بوفوار في كتابها "الجنس الآخر"عام 1949، وقد كان هذا الكتاب الرافد الأساسي لها، والنافذة التي اطلت عليها مفكرات هذة المرحلة حيث حاولن تصور المجتمع يخلو من التمييز والقمع، واتهمن الفلاسفة الذكور بأنهم وظفوا مبدأ العقلانية وأقصاء النساء عن المجالات المعرفية متعامين عن رؤية مفكرات مثل والتسون كرافت وسيمون دو بوفوار. وأكدت سيمون في هذا الكتاب أن المرأة لا تولد أمرأة، انما تصبح امرأة. فهي مصنوعة اجتماعيا بفضل المجتمع الذى يقوم بصياغة وضع الأنثى. وكانت تسمي الموجة الأمريكية الثانية بالنسوية الجديدة لأنها أكتسبت نضجا فكريا. فكانت تهدف الي البحث عن إطار نظري أعمق وأشمل من مجرد المطالبة بالمساواة مع الرجال وطبقا للنموذج الذكوري السائد للأنسان الرجل. ففي هذة الموجة تم التأكيد على ضرورة إعادة إكتشاف النساء لأنفسهن كنساء، ومن ثم صياغة نظرية عن هذة الهوية النسوية وتحولاتها الممكنة. وقد أمكن تحقيق ذلك بفضل التطور المعرفي، وتطور مناهج البحث والنساء الأكاديميات القادرات علي اخراج بحوث متعمقة في ذلك. كما انها ترفض التفسير الذكوري الوحيد المطروح للحضارة، وتحاول تقديم تفسير آخر يبرز دور المرأة. كما عمد رواد الموجة النسوية الثانية لأختراع مصطلح مركزية العقل الذكوري psllogocentrism الذى يبلور القيم الذكورية المهيمنة علي الحضارة، وتتلحص فكرة هذا المصطلح " مركزية العقل الذكوري الغربي" حول قدرتة علي قهر ثالوث الأطراف ، فقهر المرأة، الطبيعة، تحرر القوميات. ولذلك فهي تعتبر فلسفة بعد استعمارية وبعد حداثية.
المصادر
- ↑ عصمت محمد حوسو، الجندر: الأبعاد الاجتماعية والثقافية ص49