وثيقة:أنا وسارة
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | مجهول |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | سلوان أهل العزاء |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://queerswhocantgriefinpublic.wordpress.com/2020/06/18/%d8%a3%d9%86%d8%a7-%d9%88-%d8%b3%d8%a7%d8%b1%d8%a9/
|
تاريخ الاسترجاع |
|
2010
لم أفهم حب الكبار للياسمين بمراهقتي أو غزلهم به, مع انني قدرت جماله و رائحته, و بالفعل كان الياسمين بكل شوارع و حارات دمشق. و مع أني احببت دمشق, لكن كنت متخذ قرار بمراهقتي انني اردت السفر و لن يستوقفني الياسمين. إلا أنه استوقفني, فأصدرت مشروع ليلى أغنية شم الياسمين و بدأت الثورة السورية, و أدركت أن الياسمين بأمكانه أن يكون لي أيضا, و أنه يوجد أمثالي و أمثال سارة حجازي في شوارع دمشق و بيروت و القاهرة و القدس, و أن الشوارع هذه ممكن أن تكون لنا أيضا. لنا نحن المثليين و المثليات, الشواذ و الخول و سحاق السحاقيات و الطنطات, و العابرين والعابرات وكل ما بين, لنا نحن قوم لوط.
قابلت الكثير من هذا القوم في هذه السنوات, في دمشق وبيروت وعدة مدن عربية أخرى, و رقصنا سويا لأغاني مشروع و ليلى, وتكلمنا عن تجاربنا الجنسية سويا, و تعرفنا على مدننا بشكل و منظور جديد و أكثر حميمية, و بكينا سويا على ثوراتنا و أحبائنا. و ببطء تلاشى قومي,و نفي الى اوروبا و اميركا و ماليزيا و تركيا و العراق و افريقيا. المنفى هو أي مكان يعطينا الفيزا. لم أفهم لما كل المغتربين السوريين كانوا يتغزلون بالياسمين, و يبكوا عليه, فبعد كم سنة من الحرب السورية, كان كل ما أريده هو الخروج. لم يبقى الا اثنين أو ثلاثة من أصدقائي و مع أن شوارع هذه المدن لنا, لكن لم تكن كافية للعيش أو حتى النجاة. ما بين فقر و قنابل و انفجارات و حواجز و معتقلات, وخوف و قلق و صدمات مستمرة, كان الخروج هو الحل الوحيد. و فعلا أميركا كان منفاي و خرجت بمعجزة.
2020
أشتاق للياسمين و انا في امريكا و أدرك أن الخروج لم يكن خيارا أبدا. أنتظر جنسيتي الأميركية و أفكر مع شركائي بأي بلد يجب أن أستقر. أريد منزل صغير حوله ياسمين و نظام يخولني أن أعيش, أي غير رأسمالي. وفاة سارة كانت بعد ثورة في أميركا و جائحة عالمية و كانت الصدمة الأكبر.
أنا سارة و سارة أنا: مثليين كتير, شيوعيين كتير, نسويات, و بالمنفى.
وفاة سارة ذو الوجه الدافئ و الحنون تذكرني بأن غضبي و حزني اليومي مبرر, فنحن لا نعيش في عالم يريدنا أن نعيش. يقتلونا بشتى الطرق يوميا. طرقهم الرأسمالية و الأبوية و الجندرية حرفيا تقتلنا, في الوطن و في المنفى, مع أن كل ما أردناه هو أن نشم الياسمين. صمت البعض صاخب و حزني عارم لكن اليوم فخري يطغوا فقومي وجد قبلي و سيوجد بعدي, و قومي أقوى و أحلى و أذكى وأطيب من قومهم.
أتخيل سارة في السماء تشم الياسمين و تسمع أم كلثوم مع كارل ماركس و كيف أن يوم ما سنكون معهم.