وثيقة:اغتصاب القُصّر بين مطرقة الجرم وسندان القوانين الموريتانية
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | هيام مخيطير |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | نحو وعي نسوي |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://feministconsciousnessrevolution.wordpress.com/2019/12/10/اغتصاب-القُصّر-بين-مطرقة-الجرم-وسندان/
|
تاريخ الاسترجاع | |
نسخة أرشيفية | http://archive.vn/CkD5c
|
قد توجد وثائق أخرى مصدرها نحو وعي نسوي
يحضر الاغتصاب بشكل عام كقضية محورية في الساحة النسوية الموريتانية، ليس فقط لتكرار الجرائم التي تطفو على السطح بشكل شبه يومي وممنهج والتي تستهدف النساء تماما كما تستهدف الأطفال، بل أيضا لكون حياة الأطفال في هذا البلد أصبحت مهددة ولا تطرح سلامتهم كأولوية بالنسبة للمؤسسات الرسمية والتشريعية.
مما يدفعنا للمقارنة بين وحشية جرائم اغتصاب القصر والقوانين الهزيلة التي تنتظر المجرمين. وعن مدى جدية الدولة الموريتانية في حماية الأطفال. وعن تأثير الذكورية في صناعة القرار الرسمي الموريتاني.
وردة وأقرانها يسألون هل القانون يحمي المغتصبين ؟
أعادت قضية الطفلة وردة دحمد التي تم اغتصابها منذ أشهر، جرائم اغتصاب القُصر للواجهة كما سلطت الضوء على التعامل الغير جدي والمستهزء بسلامة الأطفال من المؤسسة القضائية ومن الدولة في معاقبة الجناة. خصوصا مع حقيقة أن القانون الموريتاني لا يضع تعريفا واضحا وصريحا لجريمة الاغتصاب مما يجعل الحديث عن تحقيق العدالة مبالغا فيه نظرا لقصور النص القانوني وتفشي ثقافة الاغتصاب في المؤسسات الرسمية التي لا تعترف بوحشيته وإنما تبحث عن مبررات تزيد من حجم معاناة الضحية وتجعلها مدانة في أغلب الحالات في حال لم يعترف المتهم بفعلته، حتى وإن كانت طفلة. ومع اتساع النص القانوني والثغرات المتعددة فيه والتي يعد من أبرزها الخلط المتعمد بين جريمة الاغتصاب والجنس الرضائي المقدم تحت اسم “الزنا”، وغياب التعريف القانوني الواضح لجريمة الاغتصاب يأتي التشريع الهزيل الذي يجعل اغتصاب الأطفال في موريتانيا اخف من عقوبة من اغتصاب البالغين مما يفتح الباب للحديث عن استهزاء قانوني بسلامة الأطفال، يقول المحامي “ول مولاي أعلِ:
تعاقب المادة 309 من القانون الجنائي الاغتصاب بالاشغال الشاقة المؤقتة، ومدتها حسب المادة 18 من نفس القانون تتراوح بين 5 إلى 20 سنة، بينما تعاقب المادة 24 من قانون الحماية الجنائية للطفل – وهو قانون خاص- الاغتصاب الواقع على الأطفال بالسجن من 5 إلى 10 سنوات. معنى ذلك أن الحد الأعلى لعقوبة اغتصاب البالغين هو 20 سنة سجنا، بينما الحد الأعلى لعقوبة اغتصاب الأطفال 10 سنوات فقط، وقد أثرنا في أكثر من مناسبة أن هذا المنطق غير قويم، وأنه يخل بقاعدة جسامة العقوبة تبعا لجسامة الضرر وخطورة الأثر.
فعندما يأمن المغتصب والمجرم العقوبة القانونية اللازمة في حقه يكون من الطبيعي أن يسيئ التصرف ويرتكب الجرائم على مرئ ومسمع من السلطات. إذ أنه متيقن بأن فعله الإجرامي لا يصنف كإنتهاك أو عنف وأن هنالك مؤسسات وأفراد في المجتمع والدولة سيجدون له المبرر ويتوسلون القيم السائدة لتبرئته خصوصا إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن موضوع الاغتصاب لايزال تابو لا يناقش ولا يعرف تحسيسيا توعويا مما يراكم قابلية المجرم للإفلات من العقاب.
تتظافر هذه العوامل لتجعل قضايا الاغتصاب سواء في حق النساء أو الأطفال تطمس بل وتحاط بهالة تنبع من ثقافة الاغتصاب التي تجعل الحديث عنه عار سيلاحق الضحايا وعائلتهن مدى الحياة، مما يدفع بهذه الأخيرة إلى التكتم على الجرم في الغالب وقبولهم لحل قبلي تصالحي حتى قبل أن تصل القضية إلى الجهات المختصة -رغم هشاشتها -وخوفهم من بطش المجرمين في بعض الأحيان، وتقاعس الدولة عن تقديم حل جذري يحمي الضحية أحايين أخرى.
يساهم التكتم على هذه الجرائم الوحشية أو قبول حل قبلي إما خوفا من الفضيحة أو الإنتقام في طمس أي أثر يمكن أن يقود لإحصائيات تقريبية توثق الاغتصابات التي تطال القصر، كما يمكن الجناة وكذا من يضلع في تأخير وضع قوانين صارمة في الحديث عنها وكأنها “حوادث” جانبية وليست انتهاكات تحدث كل يوم وبمباركة رسمية وصمت اجتماعي مريب.
اضافة إلى أنها تؤثر على سير القضايا التي نجحت في الوصول إلى القضاء خصوصا إذا ما كن الضحايا من فئات اجتماعية مهمشة مثل “لحراطين” حيث تواجه الفتيات الناجيات من هذه الجرائم الوحشية اضطهادا مضاعفا نظرا لموقعهن الطبقي والاجتماعي وهو ما حدث فعلا في الكثير من القضايا التي بحث لها عن تسوية ترضي المغتصب خارج القانون.
النضال النسوي في وجه المد الأصولي الذكوري
في ظل تفاقم جرائم الاغتصاب التي تطال النساء والقصر والتي تحدث في البيوت، والمدارس والشوارع، والمؤسسات وفي داخل مراكز التحفيظ الدينية، ونظرا لتفشي ثقافة الاغتصاب في الوعي الجمعي واستناد المجرمين إلى نظرة ذكورية تعتبر جسد المرأة والطفل ساحة لفرض السلطة، ومع ارتفاع وتيرة الرعب وانعدام الأمن الذي تعاني منه النساء والأطفال، جاء النضال النسوي الموريتاني كفعل مناهضة للإجرام الممنهج والذي تمثل الاعتداءات الجنسية أخطر مراحله، كما ركز كل الجهود للضغط على الدولة الموريتانية وحشد الجهود مع منظمات المجتمع المدني من أجل سن قوانين رادعة وعقابية للجناة.
وهو ما أخذ أولى خطواته قبل عامين أين تم عرض مشروع قانون أطلق عليه “قانون النوع” لحماية المرأة والأطفال من جميع انواع العنف والاجراءات المتعلقة بالإعتداءات الجنسية والوقاية وسبل التكفل بالضحايا. ورغم أن جميع مواده لم تحظى بتأييد تام من طرف الأصوات النسوية نظرا لقصوره في بعض القضايا التي تعتبر مصيرية، إلا أنه أعتبر كبادرة أولية في الإتجاه نحو سن قوانين أكثر تقدمية. لكن القوى الأصولية الذكورية متوسلة بالدين ضغطت ليتم سحبه، حيث قدم كأكثر قانون أثار جدلا واسعا في الوسط الاجتماعي وداخل الجمعية الوطنية وحجة مناهضيه أنه تتعارض بعض مواد القانون مع الشريعة الاسلامية. هذا العذر يمكن الوقوف على ضعفه إذ كان بإمكانهم المطالبة بسحب المواد التي تعارض الشريعة حسب تصورهم عوضا عن سحب القانون ككل قبل أن يصل للتصويت.
ورغم أن القانون تم اجهاضه ولا توجد أي جهود حقيقية من الدولة الموريتانية في الإتجاه نحو سن قوانين تحمي المرأة والأطفال من الاعتداءات الجنسية، فإن الناشطات الموريتانيات يلعبن دورا مهما في التعبير عن رفضهن لهذا الواقع المرير مما يؤشر على ارتفاع ملحوظ في نسبة الوعي لدى المرأة الموريتانية، كما أن هذه الجهود تنعكس على تشجيع الضحايا على المطالبة بحقهن في أن ينال المغتصب عقابه.ومن أجل أن تنال المرأة الموريتانية حقوقها كاملة.