آسفة أرفض الطلاق
النوع | دراما |
---|---|
قصة | حسن محسب |
سيناريو | نادية رشاد
|
إخراج | إنعام محمد علي |
إنتاج | أفلام التلفزيون (تلفزيون جمهورية مصر العربية) |
الدولة | مصر |
تمثيل | ميرفت أمين و حسين فهمي و مجدي وهبة و نادية رشاد |
اللغة | العربية |
المدة | 92 دقيقة
|
الموضوع | تمييز جنسي |
السينما | IMDb |
آسفة أرفض الطلاق هو فيلم مصري تلفزيوني، أنتج عام 1980، تأليف حسن محسب، سيناريو وحوار نادية رشاد، وإخراج إنعام محمد علي، وبطلاته وأبطاله هم ميرڤت أمين ونادية رشاد وحسين فهمي ومجدي وهبة. تدور أحداث الفيلم حول زوجة يقرر زوجها تطليقها بشكل مفاجئ، وهي بدورها ترفض هذا الطلاق أحادي الجانب وتقرر الاستعانة بالقانون لمواجهة زوجها. يحاول الفيلم من خلال السيناريو والأحداث طرح قضايا متعلقة بالتمييز ضد النساء في قانون الأحوال الشخصية وحق الرجل في التطليق الغيابي، كما يختبر فكرة إمكانية الاجتهاد في الشرع الإسلامي.
طاقم التمثيل
- ميرفت أمين
- حسين فهمي
- مجدي وهبة
- نادية رشاد
قصة الفيلم
تدور أحداث فيلم آسفة أرفض الطلاق حول منى (ميرفت أمين) الزوجة المحبّة والهائمة المتفرغة لزوجها عصام (حسين فهمي) وتربية ابنته وأعمال المنزل. بينما تستعد منى لعيد زواجهما العاشر وتستعيد ذكرياتها السعيدة لسنوات مع عصام، يفاجئها زوجها برغبته بالانفصال ويترك لها المنزل مباشرة، ثم يرسل لها بلاغ الطلاق الغيابي إلى المنزل، ويهملها هي وابنتهما الوحيدة، ويقدم استقالته من عمله بالمستشفى مع والدها. تنهار حياة منى تمامًا، وتعيش في حالة من عدم التصديق لما يحدث لها تحديدًا بسبب تغير عصام المفاجئ من الحب إلى الاختفاء. من جهة أخرى نرى صديقة منى، هناء (نادية رشاد) أستاذة القانون التي تنادي بتعديل قانون الأحوال الشخصية وفتح باب الاجتهاد في التشريعات الإسلامية المتعلقة بحقوق النساء والرجال. على عكس منى ربة المنزل، نرى هناء تنتقل بين انشغالاتها المختلفة وتربية ابنها ولقاءاتها التلفزيونية وعلاقتها الأكثر اتزانًا مع زوجها المحامي. عندما تجد هناء صديقتها منى في هذه الأزمة، وتستمع لفكرتها عن هدم عصام لأسرتهما ولأحلامهما بقرار عشوائي واحد، تثير القضية اهتمام هناء، وتسعى لبقية الفيلم في مساعدة منى في اللجوء إلى القانون لمواجهة عصام وقراره أحادي الجانب في التطليق.
تحليل الفيلم
آسفة أرفض الطلاق من تأليف حسن محسب، والذي تحول إلى سيناريو وحوار على يد الكاتبة والممثلة نادية رشاد، التي كتبت عدة أعمال تلفزيونية أخرى تناقش قضايا متعلقة بالنساء منها القانون لا يعرف عائشة وجواز في السر[1].
بوجه عام يمكن تصنيف فيلم آسفة أرفض الطلاق على أنه أحد الأفلام التي صُنعت بدافع مناصرة حقوق النساء الإنسانية، لما يطرحه من نقد لقانون الأحوال الشخصية وحق الرجل المطلق في التطليق الشفهي والغيابي وغياب حق الزوجة في رفض أو قبول هذا الطلاق بوصفه إنهاءً لعقد الزواج الذي هو ككل العقود القانونية. كما يطرح الفيلم نقدًا مباشرًا لحالة المرأة ربّة المنزل (منى) التي ينحصر طموحها وقوة تقرير مصيرها بوجودها في المنزل وتكريس حياتها لأسرتها وزوجها، في مقابل المرأة التي تخرج لميدان التعليم والعمل (هناء)، وتكتسب قوة في الشخصية والإرادة والتقرير.
يفتتح الفيلم بسلسلة من المشاهد حول علاقة منى وعصام المليئة بالحب والرومانسية عبر السنين، ويعرّفنا على حياتها المتراوحة بين المنزل والنادي حيث تخرج مع ابنتهما الوحيدة، ومنزل عائلتها المقتدرة والمحبة. وفي المقابل نرى هناء صديقة منى في النادي، وهي تحدث منى عن حياتها وانشغالاتها وطموحاتها الكثيرة التي تعطلها عن رؤية الأصدقاء. ونسمع هناء تقول لمنى اللائمة لها على الغياب: "لو كنتِ اشتغلتِ كنت عذرتيني"، بينما ترد منى عليها حين تسألها إن شاهدت آخر برامجها وحديثها عن القوانين: "كلام إيه؟ قوانين؟ لا لا أنا بحبك كدا من غير قوانين". وحين تسألها هناء: "إنتي لسه مصممة على مقاطعة الكتب؟"، ترد منى: "يعني لو قصّة معلش، وتكون صغيرة"، لتخبرها هناء: "ما تغيرتيش يا منى، زي ما إنتي من وإحنا في ثانوي، يا دوب شعرك بقى دلوقت أقصر" في إشارة إلى تعطل النمو الشخصي والطموح لامرأة اختارت أن تتزوج وتكرس حياتها لزوجها وأبنائها. نرى أيضًا في الفيلم الفرق بين أسرة منى المحبة والداعمة ولكن المحافظة التي تفكر مثلها بعش الزوجية والاحتفال بعيد الزواج، وبين والد هناء المشجع والمستمع والفخور بآراء ابنته وقوتها وجرأتها. ويظهر هذا الفرق لاحقًا أيضًا حيث يغضب والد منى من نيتها مقاضاة عصام ويخشى الفضيحة أمام الناس لرغبة ابنته في تحدي القانون والمجتمع، بينما يفخر والد هناء ويدعمها حين تخسر القضية ويخبرها بأنه متأكد من أنها سترفع القضية مرة أخرى وتحاول من جديد.
وفي التأسيس لموقف هناء كقانونية من الطلاق، تستعرض المخرجة لنا سلسلة من اللقطات نشاهد فيها هناء تحاضر تلاميذها وتناقشهم بشكل مباشر ومتتالي ومركز حول قانون الأحوال الشخصية، وحقوق المرأة، وإمكانية الاجتهاد في الشرع. كما نرى هنا كيف يحاول خطاب الفيلم الوقوف في المنتصف بين القضية التي يطرحها والمزاج المتدين للجماهير، حيث يتناول على لسان هناء المحاضرة فكرة أن الشرع الإسلامي عادل ولكن الناس هم من يظلمون بعضهم بعضًا، وأن عمر بن الخطاب وغيرها من الشخصيات الإسلامية الهامة اجتهدوا مسبقًا في قضايا الأحوال الشخصية لما ينفع المصلحة العامة، ما يطرح فكرة أن الاجتهاد مرحب به في الوقت المعاصر لأجل مصلحة النساء والرجال وإعمال العدالة، مع التركيز على النجاة من الحرمانية في هذه الاجتهادات حين تقول هناء "محدش يقدر يقول إنها حرام". وتستعرض هناء كيف أن عقد الزواج ككل العقود، وتجوز فيه الشروط، ومنها ألا يتزوج الرجل بأخرى، وهنا يزلّ خطاب الفيلم المفترض "نسويته" حين يطرح أحد الطلبة سؤاله عليها: "يتنازل عن شيء من حقه؟"، فترد عليه: "زي ما بيتنازل عن أي شيء بيملكه"، فنعود لندور في فلك الرجل وما يختاره للتنازل عنه أو ما يختاره للتعسف فيه. لكن عندما تُسأل الأستاذة الحقوقية نفسها إن كان عقد زواجها يتضمن شرطًا كهذا، تقطع الكاميرا إلى لقطة أخرى دون أن نحصل على إجابة، في إشارة مكتومة إلى أنها هي أيضًا لم تضع هكذا شرط في عقد زواجها.
ومع تقدّم الأحداث وصدمة منى بقرار عصام المفاجئ بتطليقها، نشاهد وقوف هناء بجانب صديقتها، ونقاشها مع زوجها المحامي والمناصر لها ولمعظم أنشطتها (مؤقتًا وفي حدود ما يراه منطقيًا). تشبه هناء الطلاق الغيابي بالتعسفي، والذي يبدو كالفصل التعسفي، حيث يقرر طرف واحد عدم رغبته في الاستمرار ويتخذ خطوات غيابية دون استشارة الطرف الآخر و"معدتيش تلزميني". ثم نرى كيف أن منى ترفض الطلاق، في البداية ربما بسبب إيمانها بأن طارئًا حدث لتفكير عصام وأن هناك أمرًا غير طبيعي أصابه، أي وقع تحت تأثير نزوة مثل الرجل الغاضب أو السكران أو المجنون، ومن هنا فهو إنسان غير قادر على التصرف السليم. ومع رفض منى لفكرة مقاضاة عصام لأجل النفقة، تطرح فكرة أنها تريد إلغاء الطلاق. الفكرة التي تثير هناء المهتمة بفكرة الاجتهاد والتغيير، والتي تدفعها إلى البحث والتصميم على رفع القضية والمحاولة.
من جهة أخرى نرى كيف يريد عصام الزواج بامرأة متزوجة، وكيف يستغرب بدوره رفض زوجها لتطليقها، وهنا يتكرر الكلام عن فكرة "العصمة" في يد المرأة. ثم يشرح له صديقه (زوج هناء) كيف أن القانون يبحث عن ضرر مادي ليتيح للمرأة طلب الطلاق، ولا يحتسب الضرر المعنوي أو زواج الرجل بأخريات، خاصة مع مرور وقت على هذا الزواج مما يفترض الموافقة.
يطرح الفيلم فكرة أخرى ولو بشكل سريع وهامشي وهي التلاعب النفسي الذي يمارسه عصام على منى حين تزوره لائمة. هنا يبدأ عصام بلوم منى واتهامها بحب السيطرة والتملك لتشكيكها في نفسها وتبرير رغبته بالانفصال، لكنه يعترف في النهاية برغبته بالزواج، ونرى أن ما قاله لم يكن غير حجج واهية وتلاعب بأعصاب منى لتشعر بالذنب وتتركه لحاله.
ويناقش الفيلم كيف أن الطلاق المفاجئ والمتعسف يدمّر الأسرة؛ أساس المجتمع في الثقافة السائدة، وأنها قضية آلاف النساء لا بل آلاف الأسر التي تنهدم في لحظة غضب أو طيش، بل ويذهب إلى تشبيه الطلاق الغيابي بجريمة القتل، حيث أن الأسرة هي كائن حي. من هنا يطالب الفيلم على لسان هناء، وبشكل معتدل دينيًا مرة أخرى، بتنظيم هذا الحق وليس تجريمه، بحيث على الأقل يؤخذ رأي الشريكة أو تعطى حق التظلّم فيه أو يتم أمام القاضي، وبهذا فهم "لا يحرّمون الحلال"، وتعطى فرصة أخرى للطرفين في مراجعة قرارهما. كما يشبه الزواج ببيت لا يمكن أن يهدمه أحد دون تصريح من الحكومة لما في ذلك من أضرار جانبية محتملة. ويضرب الفيلم المثل بتونس على أنها من الدول المتقدمة في القوانين المناصرة لحقوق النساء.
لكن خطاب الفيلم يزل مرة أخرى برغم حسن قصده، حين يعود لتحدث عن المرأة ككائن مرافق ومتصل بالرجل، حيث نسمع على لسان هناء تقول: "الست إيه؟ مش أم الراجل وأخته ومراته وبنته؟ ليه بيعاملها على إنها خصم؟"
ومع إصرار هناء على رفع القضية والترافع فيها وبالتالي الاستقالة من وظيفتها المرموقة، نرى أزمتها مع زوجها الذي بدا مناصرًا وداعمًا في البداية، حيث ينقلب خطابه 180 درجة عند اعتراضه على قرارها وإحساسه بعدم جدوى فكرتها وعبثيتها، فيبدأ بالتلفظ بعبارات تدل على أنه زوجها وولي أمرها وهو من يسمح لها بفعل شيء ما أو عدم فعله. يلقي هنا الفيلم الضوء على الرجال المناصرين لحقوق المرأة حتى تتهدد مصالحهم الشخصية فتبرز ذكوريتهم على السطح مرة أخرى وبسهولة، ولا يهمهم اتساقهم مع ذاتهم في تلك اللحظة. لكن الزوج يعود في النهاية ويدرك خطأه ويعتذر لزوجته على الرغم من خسارتها للقضية.
ينتهي الفيلم بخسارة القضية، وهو الأمر المتوقع واقعيًا بسبب عدم مرونة القوانين والقضاة الذكور، وتحويلها من قبل القاضي لقضية نفقة معتادة، وإصرار هناء على رفع القضية مجددًا، وأخيرًا بموقف قوي من قبل منى التي ورغم تمسكها بعصام على طيلة الخط، ترفض عودته في النهاية بعد أن اختبر استحقاقها له حين يقول لها "بس إنت كسبتيني يا منى"، لكنها تقول له: "اللي ضاع ما يتعوضش، اللي ضاع إحساسي بالأمان".