علاج نفسي نسوي

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

علاج نفسي نسوي منهجيات علاجيّة بدأت مع الحراك النسوي في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، تحديدًا ضمن نظريات وحركة علم النفس النسوي، مبنية على الفلسفة السياسية النسوية وتحليل الجندر. يهدف المعالج/ة وطالب/ة العلاج إلى الوصول إلى استراتيجيات لتعزيز المقاومة النسوية والتغير الشخصي والاجتماعي في الحياة اليومية، إنطلاقًا من رؤية العلاج النفسي كعمل سياسي وفهم الأذى السياسي كجزء من دوافع العلاج النفسي.


الأساليب والمنهجيات

وفقا لأخصائية علم النفس كارولاين إنز، هناك ثلاث مقومات للعلاج النفسي النسوي: [1]

الشخصي سياسي

من أساليب العلاج النفسي النسوي العلاج المبني على القوة الداخلية للأفراد (Strength-based approach) حيث يتم إعادة تصور الكرب/الضائقة كاستجابة تكيفية للاضطهاد وليس كسلوك مرضي بحد ذاته. ويتم استخدام طريقة تحليل الهوية الاجتماعية (social identity analysis) وهو تحليل الطرق التي تشكل بها الهويات الثقافية المختلفة تجربة الفرد. يؤدي ذلك إلى تغيير محل اللوم من الذات إلى الأنظمة القمعية التي تجيز العنف والتمييز على أساس الجنس أو اللون أو الميول أو القدرة الجسدية.

المساواة في العلاقة العلاجية

يشجع العلاج النفسي النسوي على مراقبة توازن القوى بين المعالج/ة والشخص المتلقي/ة للعلاج لمنع إساءة استعمال السلطة. يتم ذلك عن طريق تبني سلوكيات مشاركة السلطة مثل: التواصل مع المريض/ة بخصوص القيم المشتركة، ومناقشة مدى التوافق بين المعالج/ة والمريض/ة، والتأكيد على قدرة الطرفين على الاختيار، وتوفير المعلومات بما في ذلك الحقوق والمسئوليات، وتحديد الأهداف من العلاج بشكل تعاوني.

التنوع

يؤكد العلاج النفسي النسوي على أهمية التنوع الثقافي والاجتماعي والعرقي. لذلك يعطي أهمية كبيرة لمفهوم التقاطعية أو وجود أشكال متعددة ومتداخلة من التمييز. تقول إينز "في الفكر النسوي يعتبر العلاج النفسي بحد ذاته مقاومة للاضطهاد". لذلك يتم تطبيع (normalization) مخاوف المريض/ة كرد فعل تلقائي ضد عدم المساواة. بالإضافة إلى ذلك، أثبتت الأبحاث والأدلة التجريبية أن الاضطهاد الاجتماعي أو السياسي يؤثر بشكل سلبي على الصحة العقلية للأفراد، وهو ما يسمى ب “نمط ضغوط الأقليات" (minority stress model) [2] هنا يجب أن يكون المعالج أو المعالجة ملم/ة بالسياق الاجتماعي الذي يعيشه هؤلاء الأشخاص للوصول إلى خطة علاجية فعالة. كما يحتاج المعالج/ة أن يراقب السلوكيات التي، بشكل واعى أو لا واعي، قد تعبر عن تحيز ما. يؤدي ذلك لنتائج علاجية أفضل حيث أشارت الأدلة التجريبية أن الأشخاص الذين لم يختبروا سلوك اضطهاد مصغر (microaggression) في الجلسة العلاجية أو الذين اختبروه ولكن ناقشوه مع المعالج/ة حظوا بنتائج أفضل.


اضطرابات الشهية وصورة الجسد

بدأ كتاب سوزي أورباك "السمنة قضية نسوية" (1978) موجة من الكتابات النسوية التي تعرف اضطرابات الشهية والمشاكل المتعلقة بالوزن كاستجابات لقوى اجتماعية وسياسية معقدة. .ترى أورباك أن السمنة هي تعبير لا واعي عن تعاسة النساء في مواجهة التناقضات المحيطة بأجسادهن. واستخدمت نظريات التحليل النفسي من منظور نسوي لفهم اضطراب الشهية كنوع من الإزاحة الجندرية (displacement) حيث تجسد النساء الأفكار والمشاعر التي قد لا تستطيع التعبير عنها بالكلمات.[3] . كما ترى أن الاقتصاد الرأسمالي يستفيد من تشجيع انعدام ثقة النساء بمظهرهن لأنه بذلك يتمكن من بيع المنتجات التي تعد أن "تصحح" هذا المظهر. بينما يتعامل العلاج النفسي التقليدي مع اضطرابات الشهية بكونها مشاكل مرضية وفردية، يركز العلاج النفسي النسوي على العوامل الإجتماعية والثقافية ودور الإيذاء الجنسي والجسدي في رفع عامل خطورة الإصابة. يتخذ العلاج النفسي لاضطرابات الشهية أسلوب ملاجي يحترم استقلالية الجسد ويتجنب استخدام القوة والإكراه والخوض في صراعات مع النساء حول أجسادهن. من الأساليب العلاجية المتبعة:

أسلوب العلاج الترابطي الثقافي (Relational-Cultural Therapy)

يرى أن الانفصال والعزلة هم سبب المشكلات النفسية، فيكون الهدف هو تعزيز التواصل وبناء علاقات تدعم النمو المتبادل. استخدام هذه النظرية يسهل على المريض/ة البحث عن الدعم الخارجي لأنه يغير المنظور من السيطرة والاكتفاء الذاتي إلى التواصل والتشارك.[4]

نموذج العلاج السردي (Narrative Therapy)

يعمل على تغيير الروايات السائدة التي تصف النساء بالضعف والعاطفية. يستخدم المعالج/ة نقاط قوة المريض/ة في بناء روايات بديلة غير قمعية بشكل تعاوني تدعم هوياتهم/ن المفضلة.

نظرية التجسد التطورية

اقترح علماء النفس "نيفا بيران" و "تانيا تيل" مفهوم التجسد (embodiment) والذي يرون أنه يعبر بشكل أفضل عن تعقيد التجربة الحياتية الجسدية التي تعيشها النساء والفتيات على باختلاف الأزمنة والموقع الاجتماعي، بالمقارنة مع مفهوم "صورة الجسد". يمكن قياس التجسيد باستخدام متسلسلة تبدأ بالفاعلية المجسدة من ناحية وتنتهي بالتجسيد المعطل من ناحية أخرى. يتكون من 3 عناصر:

  • الحرية الجسدية في مقابل التقييد
  • الحرية الفكرية في مقابل التقييد
  • القوة الاجتماعية في مقابل الاستضعاف
نظرية ارتباطات الأغراض/ نظرية العلاقات بالشيء(Object relations theory)

العنف والصدمة

يرى العلاج النسوي تجارب العنف والقمع الذي تتعرض له النساء والأفراد من الأقليات العرقية والجنسية والطبقة العاملة كنوع مختلف من الصدمة النفسية، حيث يعتبر استراتيجية داعمة للقمع الثقافي والسياسي. لذلك يجب فهم تأثير البيئة المشجعة على العنف على عملية تعافي الناجيات وتعاملهن مع العنف المحيط بهن.

الصدمات المتخفية

ترى عالمة النفس ماريا روت أن الحياة اليومية للفئات المستهدفة مثل النساء والأشخاص الملونين والمثليين والعابرات والعابرين جنسيًا وذوي القدرات الخاصة تمتلئ بالتجارب التي يمكن وصفها بالصدمات المتخفية (insidious traumatization)، وهي تمثل مسببات للصدمة ولكن لا ترقي لمعايير تشخيص الصدمة في العلاج النفسي النمطي.[5] ولها أشكال متعددة مثل:

  • أخبار عن تعرض أحد أفراد المجموعة المستهدفة لأحداث عنف أو تمييز.
  • التعرض لصور سلبية وواصمة للمجموعة في وسائل الإعلام أو الكتب الدراسية أو خطاب الأقران.
  • مختلف أشكال التمييز المؤسسي الذي يستثنى بعض الأفراد من الوصول إلى موارد أو خدمات معينة.

تقترح روت أن التعرض لتلك التجارب على مدار حياة الفرد يخلق استراتيجيات تكيف فريدة وإحساس فريد بعدم الأمان يعود إلى التذكير الدائم بالخطر. يفسر مفهوم الصدمات المتخفية التأثير الذي تتركه تجارب مثل التحرش الجنسي والعنصرية، رغم أنها قد تبدو أقل خطرًا للبعض، ولكنها تعتبر مسببات للتروما وقد تؤدي إلى أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.

تستخدم جنيفر فريد مفهوم صدمة الغدر (Betrayal Trauma) لوصف الصدمة التي تنتج عن الأذى الجنسي أو الجسدي في الطفولة. هنا تتواجد الصدمة الناتجة عن الأذى جنبًا إلى جنب مع الصدمة الناتجة عن فقدان العلاقة مع شخص قد أخل بدوره كراعي أو حامي.[6]

تتميز العلاجات النسوية للصدمة بعدة خصائص مشتركة وهي: الاهتمام بالسياق والتحليل السياسي الصريح وتمكين الناجيات. يبدأ علاج الصدمة بالتفكير في السياق أو البيئة المحيطة ومدى ارتباطها بالتجربة الصادمة. يهتم المعالج أو المعالجة باستكشاف سياق نشأة "المريضة" والسياق الخاص بتجربة الصدمة والسياق الذي يعيشه أو تعيشه الآن. قد يأخذ التمكين أشكال مختلفة ولكن أولا يحدد مدى تأثير الصدمة في سلب قوته/ا الشخصية ثم يتم تطوير استراتيجيات للاستجابة لها.[7]

من الاستراتيجيات النسوية لدعم الناجيات المتعرضات للصدمة هي لعبة التصديق (believing game).[8] قد يواجه الناجين والناجيات من التروما مشكلة تكذيب عدد من الناس لرواياتهم/ن. يرجع ذلك لكونها تحتوي على قدر من التشتيت أو الغرابة، وهو أمر طبيعي. هنا يفترض المعالجة النسوية صحة تجربة الناجية ويشجعها على التفكير فيما إذا كان مرتكب العنف قد خلف وراءه رواية مشوشة وغريبة وصعبة التصديق عن قصد.

استراتيجية أخرى لدعم الناجين والناجيات من الصدمة في العلاج النسوي هي الشهادة. طورت عالمة النفس آدريان أرون هذه الاستراتيجية لمساعدة الناجيات من التعذيب والقمع الحكومي في أميركا اللاتينية.[9] وهي عبارة عن رواية شخصية تصيغها الناجية لسرد تجربة التروما ووضعها في السياق الثقافي والسياسي المناسب. أثبتت هذه الاستراتيجية فاعليتها على المستوى الشخصي، تتمكن الناجيات من استعادة القدرة على توجيه مسار حياتهن. وأيضًا على المستوى المجتمعي، يساعد في تعافي المجتمع من الصدمة الجماعية الناتجة عن إرهاب الدولة وإعادة تأكيد القيم الإنسانية التي فقدت قيمتها من أجل تبرير العنف.

أخيرًا، من طرق استعادة القوة الشخصية في العلاج النسوي للصدمة هو الانخراط في العمل السياسي. تعمل المعالجة مع الناجية على خطة للاشتباك مع الواقع الاجتماعي أو السياسي المحيط.

الاكتئاب والقلق

العلاج النفسي كمقاومة

مر العلاج النفسي النسوي بعدد من التحولات والتطورات إلى أن تبلور في شكله الحالي كجزء من النضال وشكل من أشكال المقاومة. إلا أن تركيزه من البداية - ضمن الحركات الاجتماعية في الستينيات - كان حول عدة محاور منها وضع العلاج ضمن السياقات الاجتماعية والسياسية لكي يتمكن الأشخاص الذي يخوضن العلاج من تفكيك بناءات الجندر (النوع) والسلطة والعجز. وشمل تفكيك ديناميات القوة وتقاطعاتها في مركز العلاج وخارجه؛ فلم يكن العلاج فقط أثناء الجلسة أو في غرفة الاستشارات لكن كان أيضًا مرتبطًا بالأحداث اليومية وسياسة القوة والامتيازات في المجتمعات. مما يعني أن كل ما يُكتسب من جلسات العلاج يصبح ممارسة سياسية واجتماعية، وبالتالي شكل من أشكال المقاومة لهياكل القمع المختلفة.

كانت الحركات الإجتماعية في الستينات والسبعينات السبب الأول في بداية اعتماد مفهوم العلاج النفسي والشفاء النسوي كمفهوم سياسي. وكان يهدف بشكل أساسي إلى تولي النساء السيطرة على حياتهن. وكانت المقاربات الأساسية في العلاج النفسي هو الاعتراف بسلوك النساء النفسي كمحاولة للتكيف مع الواقع الأبوي والتأكيد على نقاط القوة ودعم الحزم والحق في التعبير عن الغضب. أي أصبح العلاج النفسي النسوي يهدف إلى إعادة إمتلاك النساء لحياتهن، بدلًا من التكيف مع السلب والاغتراب الذي تخلقه الأبوية. كانت نقطة النهاية المرجوة للعلاج النسوي حينها هو أن ينتهي المطاف بالزبونة/المريضة/المتلقية للعلاج بالانتماء إلى حركة ثورية تناضل من أجل إنهاء النظام الأبوي. عندها، لم يعد يعتبر العلاج النفسي إلها "شخصاني" عن الاضطهاد، بل بداية الخطوات الأولى في رحلة سياسية للمشاركة في تحرير النساء.

إلا أن هذا المفهوم انخفضت حدته في نهاية المطاف، بعد أن رأت عدة معالجات نفسيات أن النساء لا يبدأن العلاج بهدف التسييس أو تغيير العالم، بل من أجل تغيير أنفسهن وعالمهن الشخصي. وخاصة بعدما أدت الحركات التي ناهضت العلاج النفسي والطب النفسي باعتباره آلة قمعية إلى التركيز على مفهوم القوة المتأصلة دائمًا في العلاقة بين المعالج والعميل/الزبون/المتلقي للعلاج.

وتطورت المفاهيم المرتبطة بالعلاج والشفاء النسوي ليكون أشمل من علاج نفسي تصحيحي مخصص للنساء ومناهض للعلاج الذكوري الذي كان يستخدم في ذلك الحين؛ فتطور العلاج النسوي ليصبح علاج تحرري يستخدم الجندر والموقع المجتمعي وعلاقات القوى والعرق والطبقة كإستراتيجية أولية لفهم الصعوبات المتعلقة بالتأقلم والعيش. وأصبح يشمل العلاج النسوي أشخاص من كافة الخلفيات والأنواع الاجتماعية. شملت أسس الممارسة الجيدة للعلاج النفسي النسوي على استخدام الموافقة المدعمة بالمعرفة والمكتوبة للعلاج الذي يحدد حقوق الذين واللواتي يرغبن بالعلاج. وأدمجت العديد من المنهجيات النسوية في النماذج العلاجية السائدة.


الحركات المناهضة للعلاج والطب النفسي

من اعتصام مجموعة مناهضة للطب النفسي أمام جمعية علم النفس الأميركية في نيويورك، الولايات المتحدة الأميركية سنة 1983

تقوم حركة مناهضة الطب النفسي على مفهوم العلاج النفسي غالبًا ما يكون ضارًا أكثر من كونه مفيدًا للمرضى. ويعتبر نشطاء هذه الحركة أن الطب النفسي أداة قسرية للقمع بسبب علاقة القوة غير المتكافئة بين الطبيب والمريض. كان توماس سزاز أحد المؤسسين للحركة المناهضة للطب النفسي، وهو محلل نفسي أمريكي اقترح أن الفصام كان أسطورة ابتكرها الأطباء النفسيون لمصلحتهم الخاصة. نشطت الحركة في الستينات وتأسست حول مفاهيمها مجموعات عدة تحت أسامي متنوعة ك "المرضى السابقين" أو "الناجين" أو "ex patients" وغيرها.

نُشر عام 1960 كتاب "النفس المقسومة: الاتزان والجنون" The Divided Self: An Existential Study in Sanity and Madness للطبيب النفسي ار دي لاينغ. وأصبح النص أساسي للحركة المناهضة للعلاج نفسي؛ إذ أنه يعتبر في في تحليله للذهان والفصام باعتباره ينبع من الانقسام المنهجي: شخصية الفرد الحقيقية مقابل الشخصية التي يخلقها لكي تبدو مقبولة اجتماعيًا.

يروي لاينغ في نصه قصص عدد من المرضى، ولكن تلك التي تخص النساء تركز على الصراع مع هوياتهن. أي أنهن في تعارض دائم مع العلاقات في حياتهن، لكن لا يوجد اعتراف بالمكان المعقد الذي تحتله النساء في العالم خارج الروابط الأسرية الضحلة. وعلى الرغم من محاولات حركة مناهضة الطب والعلاج النفسي لتحدي الرعاية الصحية النفسية، إلا أنها حافظت على هيكل أبوي. لم تحقق أي امرأة في الحركة مكانة لينغ ومعاصريه، وكان هناك نقص في فهم تجارب النساء خارج الإدراك الذكوري.

انتقد البارزون والبارزات في الحركة الطب النفسي لتعزيزه مفاهيم الأم المطيعة وربة المنزل "الطاهرة"، مشيرين إلى أن الطب النفسي (والمستحضرات الصيدلانية) وسيلة لتأديب النساء. أي أن النساء اللواتي لم يتصرفن "بشكل صحيح" يخاطرن بأن ينتهي بهن الأمر في رعاية نفسية وربما تحت تأثير كيميائي أو أسوأ. أعمال مثل Betty Friedan's The Feminine Mystique، على سبيل المثال، اقترحت أن استخدام المهدئات الجماعية خلال الخمسينيات من القرن الماضي قد أدى إلى تهدئة النساء وسهّل موافقة النساء على القيود المفروضة عليهن.

في وقت لاحق ، أصبح عمل عالمة الاجتماع النسوية كيت ميليت عنصرًا مهمًا في مكافحة الطب النفسي والتركيز على قوة المريض. في عام 1970، كتبت ميليت دراسة أكاديمية عن النظام الأبوي في الأدب الغربي لكنها قدمت لاحقًا أعمالًا على غرار المذكرات تركز على علاقاتها وحياتها الجنسية مثل Flying وSita. وفي وقت لاحق، أصبحت ميليت شخصية مهيمنة داخل الحركة الأمريكية المناهضة للطب النفسي عندما كتبت مذكراتها عام 1990 Loony-Bin Trip. لقد أرّخت ميليت تجاربها النفسية المروعة، بما في ذلك تشخيصها للاضطراب ثنائي القطب، وصراعها مع الليثيوم القاتل، وحبسها في مستشفى نفسي. ميليت، في وقت لاحق، جمعت أفكارًا متباينة مهمة حول الحرية والجنس والطب النفسي، وانتشرت أفكارها على نطاق واسع في الولايات المتحدة.

في عام 1969، أضافت طبيبتان نفسيتان، وهما هوجي ويكوف وجوي ماركوس، بصمتهما الفكرية في مناهضة الطب النفسي. سلطت ويكوف الضوء على الطرق المتعددة التي يتم فيها عزل النساء، بما في ذلك من خلال التجارب الجنسية القسرية، وحجب الاعتراف بعملهن والتقليل منه، وتحريض ازدراء الذات والجسد. في الوقت نفسه، رفضت ويكوف بشكل واضح العلاج الفردي تحت شعار "لا توجد حلول فردية للمضطهدين" ووصفت شكل ونتائج العلاج النسوي الراديكالي. بالإضافة إلى فيليس تشيسلر، التي أسست في عام 1969، جمعية النساء في علم النفس. دفعت تشيسلر أيضًا حدود العلاقة التقليدية بين المريض والمعالج، وبالتالي تحدت الرجال في المهنة. "هل أنت متأكدة أنك تريدين النوم مع معالجك النفسي؟" هكذا، سألت قراء مجلة نيويورك في يونيو 1972، وهو الوقت الذي لم تسن فيه أي من جمعيات الصحة النفسية الأمريكية الكبرى قوانين أخلاقية تمنع اللقاءات الجنسية بين المعالج والمرضى. وقد سلطت الضوء على الجوانب غير المعلنة والاستغلالية للعلاج في أواخر الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. نمت حركة "المرضى السابقين" في هذه الفترة، بما في ذلك حركات "مناهضة الطب النفسي" و "التحرر المجنون" و "الناجيين من الصحة النفسية". بينما كانت الحركة تفتقر إلى قيادة متميزة، كانت جودي تشامبرلين من أبرز قائدات الحركة. نشرت شامبرلين "لوحدنا: بدائل نظام الصحة النفسية"في عام 1978 والذي اعتبر أساسي للحركة. بالإضافة إلى ذلك، عُقد المؤتمر السنوي الأول لحقوق الإنسان والاضطهاد النفسي في عام 1973.

يُعتبر علماء الاجتماع، مثل فوكو وجوفمان، أيضًا من الطليعة الفكرية للحركة المضادة للطب النفسي، حيث نسجوا معًا علم الاجتماع والأنثروبولوجيا والتاريخ لفحص الطب النفسي كمؤسسة بشكل نقدي. هذا التقليد المتمثل في تطبيق العلوم الاجتماعية النقدية على الطب النفسي لا يزال قائمًا. على سبيل المثال، يشير كتاب جوناثان ميتزل The Protest Psychosis إلى أن الاتجاهات في التشخيص والعلاج النفسي تعتمد إلى حد كبير على السياق التاريخي والسياسي. على أساس البيانات التاريخية، يجادل ميتزل أنه قبل عصر الحقوق المدنية، كان الأفراد الذين تم تشخيص إصابتهم بالفصام وتم نقلهم إلى المستشفى في الغالب من الطبقة الوسطى البيضاء. ومع ذلك، خلال حقبة الحقوق المدنية، يجادل ميتزل، أنه تم تشخيص مرض انفصام الشخصية ومعالجته بشكل متزايد بين الأمريكيين السود، وخاصة أولئك الذين كانوا فقراء ويُنظر إليهم على أنهم "غاضبون".

مبادرات في المنطقة

يوجد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عدة مبادرات تركز على الصحة النفسية للنساء. وخاصة أنه، وفي الفترات الأخيرة، تم التركيز على تقديم خدمات نفسية اجتماعية في الجمعيات والمؤسسات الحقوقية والنسوية. بالإضافة إلى تقديم الخدمات، يركز العمل في المنطقة على محاربة الوصمة المتعلقة بالصحة النفسية وكذلك أيضًا دعم النساء بشكل أساسي.

فلسطين

في فلسطين، يقدم مركز الإرشاد النفسي الاجتماعي للمرأة خدمات وعلاج للنساء اللواتي تعرضن، وبحسب تعريف المركز، إلى "عنف اجتماعي أو سياسي" كما لديهن فريق مباشر للتدخل في أوقات الحروب والصراع. وكذلك أيضًا جمعية أصدقاء المريض في القدس والتي تقدم خدمات نفسية بشكل أساسي للنساء اللواتي يعانين من أمراض مزمنة. ويقدم مركز شؤون المرأة في غزة علاج جماعي للنساء. كما يقدم مركز حياة للحماية في غزة، التابع لمركز الاستشارات والأبحاث والحماية القانونية للمرأة مأوى للنساء المعنفات وخدمات دعم وتأهيل نفسي.

مصر

أسست ماجدة عدلي وعايدة سيف الدولة مركز النديم سنة 1993 في مصر بهدف تأهيل ضحايا التعذيب والعنف. وبالإضافة إلى عملهن لتأهيل ضحايا التعذيب، ركز المركز على أشكال أخرى من العنف ضد النساء. فمنذ عام 1993 وحتى عام 2000 قدم دعم المركز نفسيًا واجتماعيًا وتأهيليًا ل316 من النساء، أكثر من نصفهن من المصريات، وثلثهن ضحايا تعذيب، والباقيات تعرضن للعنف المنزلي و الاغتصاب. في عام 2001 أسس مركز النديم برنامجا منفصلُا للنساء يقدم الاستماع والمشورة لضحايا/ناجيات العنف، وساهم في تأسيس مراكز للاستماع في عدد من محافظات مصر؛ 7 منها في القاهرة و2 في الوجه البحري و2 في الوجه القبلي. وأصدر المركز عدة كتب وأوراق ذات صلة.

لبنان

في لبنان، يعمل مشروع الألف على تقديم دعم نفسي عبر الخط الساخن وتقدم جمعية النجدة الاجتماعية خدمات صحية نفسية وخط سخن لتقديم الدعم للاجئات الفلسطينيات في المخيمات في لبنان. [10] وتقدم منظمة كفى عنف واستغلال مركز دعم نفسي واجتماعي للنساء وضحايا العنف. ويقدم المركز عدة خدمات مثل متابعة نفسية لمساعدة الضحية/الناجية من اللعنف وتقديم مركز آمن عند الحاجة إلى ذلك. [11]

وفي الأردن، يقدم اتحاد المرأة الأردنية خدمات اجتماعية ونفسية للنساء اللواتي تعرضن لعنف. ويركز معهد التضامن الأردني على موضوع انتحار النساء اللواتي سبق أن تعرضن لعنف.

المراجع

المصادر