وثيقة:حين تنزف الذاكرة: معنى أن تكوني ناجية من العنف

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

نحو وعي نسوي.jpg
تدوينة
تأليف تارا
تحرير غير معيّن
المصدر نحو وعي نسوي
اللغة العربية
تاريخ النشر 03-07-2020
مسار الاسترجاع https://feministconsciousnessrevolution.wordpress.com/2020/07/03/حين-تنزف-الذاكرة-معنى-أن-تكوني-ناجية-من/
تاريخ الاسترجاع 23-07-2020
نسخة أرشيفية http://archive.vn/hWkee



قد توجد وثائق أخرى مصدرها نحو وعي نسوي



قبل ثلاثة أعوام، وحين حاولت الكتابة أول مرة، لم أستطع نبذ ذاتي خارج النص. وحتى اليوم، أدمنت تلك العادة. إن الكتابة عن نفسي تجعلني أدخل النص مرهفة المشاعر، وأمشي بخطى سريعة، وأنتهي قبل الشعور أنني بدأت.

كفتاة ناجية من العنف الجسدي، وكمشروع نسوية كي لا أقول نسوية، فهي أكبر مني بكثير تواجه يوميا العنف النفسي، ونظرة المجتمع لها، كخارجة عن الإطار، مارقة عن العادات والتقاليد والدين.

وأنا، كفتاة عاشت/تعيش في ظل منظومة أبوية، وفي ظل أسرة مستعبدة من طرف عادات المجتمع، وكفتاة أضحت رقما من سلسلة لاتنقطع من ضحايا هذا المجتمع، وهذه المنظومة، أدرك جيدا كم المشاعر التي تجتاح المرء حين يكتب عن نفسه، وتستحضر ذاكرته كل تلك الحوادث المؤلمة، والتي أثرت/تؤثر حتما على سلوكه، نفسيته، وحياته بشكل يومي. وربما مايساعدني على الإحتفاظ بتلك الذكريات، البعيدة منها والقريبة، هو أن الكثير من أمثلتها تجري على مسمعي يوميا، وكل أفرادها لايزالون هنا، حاضرين ليس فقط في ذاكرتي وإنما أراهم يوميا، وأشم رائحة الحادث كلما واجهتهم.

وبسبب كل هذا، أنا أفهم ألم النساء.

حين كان عمري لايتجاوز السبع سنوات، أتذكر الشخص الذي انتهك براءتي بكل بشاعة، أتذكر صوت أنفاسه، وأتذكر تمريرات يده على بطني. وأتذكر أن ذلك الحادث الأسوأ في طفولتي، كان في أحد غرف بيتنا، وأن الوحش كان أحد أصدقاء العائلة، وأنه لازال يزورنا حتى اليوم ويبتسم لي.

المرة الثانية التي تعرضت فيها لاعتداء جنسي، كانت في بداية مراهقتي، وأذكر تقسيمات يد ذلك الرجل الذي مررها على فخذي، وأسكت فمي بكل قوته، وحين استجمعت قوايَ وخرجت من سيارته عدت للمنزل وأخبرت عائلتي بالأمر، جاءتني الأسئلة “هل فقدت شرفك؟”، وحين طمئنت أفراد الأسرة أنني لم أتعرض للاغتصاب، وأنه تحرش جسدي فقط، سكت الجميع وعادوا لأعمالهم، ببساطة.

قبل أشهر ليست بالكثيرة، تعرضت للضرب من طرف مراقب المدرسة، وحين شكوت للإدارة، اعتذر لي مدير المدرسة وطلب مني أن أتجاوز هذا الحادث، وأنه كان خطأ فقط.

لم أكن مخيرة في النهاية، ليس لي إلا أن أتجاوزه، فالشرطة لن تتعاون معي، كقاصر أولا، ثم كإمرأة ناقصة الشهادة ثانيا. وأدرك جيدا، أن الأسرة لن تتعاون، فما دمت لم أفقد شرفي فكل شيء بخير. كانت العيون دائما تشير لي أنني لست في معايير الجمال المطلوبة، فأنا كفتاة في هذا المجتمع مختزلة في إطار معين، وفي شكل معين.

وأذكر كيف كانوا يقولون أن ابتسامة ابنة خالتي الصادقة، ليست جميلة، لأنها ببساطة ليست طبق معاييرهم التي حددوها لنا، كاستخدامٍ للسلطة على أجسادنا.

ولأن كل تلك الحوادث لم/لن نتجاوزها، لأنها لم تكن يوما عادية بالنسبة لنا، فتأثيرها النفسي اليومي علينا لم يستشعروه، إننا كفتيات نشكل أرقاما من سلسلة طويلة للناجيات من العنف، والمعنفات نفسيا حتى اللحظة. نملك دائما وقتا لنسترجع الأحداث، ونعيش الشعور مرة أخرى، ونستذكر الروائح والملمس والتفاصيل التي لاتغادر الذاكرة. نملك دائما وقتا لنكتب عن هذه الحوادث، لنجد غيرنا من الناجيات/المعنفات اللائي يفهمنها ويستشعرنها، بعيدا عن أتباع منظومة سيخبروننا أننا بخير، مادمنا لم نفقد شرفنا.