وثيقة:مدخل إلى النسوية الإيكولوجية

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

Circle-icons-document.svg
مقالة رأي
تأليف كارين ج. وارين
تحرير غير معيّن
المصدر عالم المعرفة
اللغة العربية
تاريخ النشر 2006
مسار الاسترجاع http://maaber.50megs.com/issue_november09/deep_ecology1.htm#_ftn1
تاريخ الاسترجاع 2020-01-26
نسخة أرشيفية http://archive.is/IG74O
ترجمة معين شفيق رومية
لغة الأصل الإنجليزية
العنوان الأصلي غير معيّن
تاريخ نشر الأصل غير معيّن


نشرت هذه المقالة كمقدمة للباب الثالث من كتاب الفلسفة البيئية: من حقوق الحيوان إلى الإيكولوجيا الجذرية، ج2؛ سلسلة عالم المعرفة، العدد 333، نوفمبر، 2006.



قد توجد وثائق أخرى مصدرها عالم المعرفة


شهدت بضعة العقود المنصرمة اهتمامًا هائلاً بكل من حركة النساء والحركة البيئية. وقد حاجج كثير من مفكري النسوية بأن أهداف هاتين الحركتين مترابطة ومتبادلة التآزر. ففي المآل، كلاهما يتضمن تطوير نظرات إلى العالم وممارسات خالية من نماذج الهيمنة المنحازة ذكوريًا. وقد عبرت روزماري رادفورد رويثر عن ذلك في كتابها امرأة جديدة / أرض جديدة الصادر عام 1975:

ينبغي أن تدرك النساء أنه ليس بالمستطاع تحريرهن ولا حلُّ الأزمة البيئية في سياق مجتمع ما يزال النموذج الأساسي لعلاقاته هو الهيمنة. فيجب عليهنّ توحيد مطالب حركة النساء مع مطالب الحركة البيئية بغية تصوّر إعادة تشكيل جذرية للعلاقات الاجتماعية الاقتصادية الأساسية والقيم المبطونة في هذا المجتمع (الصناعي الحديث).

ومنذ أوائل السبعينات دافع الكثير من النسويين، وعلى الأخص النسويون الإيكولوجيون، عن الموقف الأساسي لرويثر: البيئة قضية نسوية.

فما الذي بالضبط يجعل البيئة قضية نسوية؟ في هذه المقالة، أقترح إجابات ممكنة على ذلك السؤال من خلال مناقشة الأدبيات الأكاديمية للنسوية الإيكولوجية. وإذ أبدأ بوصف النسوية الإيكولوجية، أحدّد عشرة أنماط من الترابطات بين النساء - الآخر البشري - الطبيعة. تشير هذه الترابطات إلى الكيفية التي يعامل بها المرء البشر والمجموعات البشرية المحرومة والمهمَّشة والمستغَلة، أو الآخر، من جهة، والكيفية التي يعامل بها المرءُ غيرَ البشر من الحيوانات والنباتات والطبيعة، من جهة ثانية. تزودنا مناقشة هذه الترابطات بنظرة إجمالية إلى القضايا الأساسية في النسوية الإيكولوجية وإلى الأسباب التي يسوقها النسويون الإيكولوجيون لتبرير أهمية تبصراتهم بالنسبة للنسوية والمذهب البيئي والفلسفة البيئية.

وصف النسوية الإيكولوجية

كما أنه ليس ثمة نسوية واحدة، كذلك ليس ثمة نسوية إيكولوجية واحدة. ويشير مصطلح النسوية الإيكولوجية إلى مظلّة تغطي تنوعًا من المواقف التي تمتد جذورها إلى نظريات وممارسات نسوية مختلفة وأحيانًا متنافسة. وتعكس المنظورات النسوية الإيكولوجية المختلفة منظورات نسوية مختلفة (مثلاً، النسويات الليبرالية أو الماركسية، والجذرية، والاشتراكية، والسوداء، والمضادة للكولونيالية). كما تعكس أيضًا إدراكات مختلفة لطبيعة المشكلات البيئية المعاصرة وحلولها. ويبقى السؤال التالي مفتوحًا: إلى أي حد، وعلى أيّ أسس ندعو نسويًا إيكولوجيًا أيًّا من المواقف المتنوعة في الفلسفة البيئية ذات التوجه النسوي؟ وبعبارة مختلفة، إن ما يعدّه المرء موقفًا نسويًا إيكولوجيًا سوف يعتمد إلى حد كبير على كيفية تذهن المرء لكل من النسوية والنسوية الإيكولوجية والفلسفة البيئية.

فما الذي، بعد كل ذلك، يمكن قوله بصدد النسوية الإيكولوجية؟ أعتقد أنه بالرغم من التباينات المهمة بين النسويين الإيكولوجيين فإن هؤلاء يتفقون على ثلاث دعاوى أساسية: أولاً، ثمة ترابطات دالّة على الهيمنات غير المبررة على النساء، وعلى الآخر البشري (أي، البشر المهمَّشين والمستغَلين والمسيطر عليهم) وعلى غير البشر من الحيوانات والنباتات والطبيعة. ثانيًا، إن فهم الترابطات بين النساء – الآخر البشري - الطبيعة شأن مهم بالنسبة لكل من النسوية والمذهب البيئي والفلسفة البيئية. ثالثًا، إن المشروع المركزي للنسوية الإيكولوجية يتمثل في استبدال بنيات الهيمنة غير المبررة وإحلال بنيات وممارسات عادلة حقًا محلّها. ففي صميم النسوية الإيكولوجية يكمن سعي لجلاء الترابطات بين النساء – الآخر البشري - الطبيعة، وتفكيكها عندما تكون مؤذية.

النساء، الآخر البشري، الطبيعة: الترابطات

ثمة على الأقل عشرة ترابطات بين الهيمنات غير المبرَّرة على النساء والآخر البشري المهمّش والطبيعة التي لا تشمل البشر، تطفو على سطح الأدبيات الأكاديمية للنسوية الإيكولوجية. تزودنا هذه الترابطات بتحليلات، أحيانًا متتامة وأحيانًا متنافسة، لمنظومات الهيمنة المتشابكة. إن التمعّن المتقطّع، وإن يكن غير نقدي فلسفيًا، في هذه الترابطات العشر يساعدنا على توضيح دعوى النسويين الإيكولوجيين حول اعتبار البيئة (الإيكولوجيا) قضية نسوية.

الترابطات التاريخية (السببية نموذجيًا)

إن تفشي الهيمنات على النساء والطبيعة دفع بعض النسويين الإيكولوجيين لتقديم تفسيرات تاريخية وسببية للترابطات فيما بينها. يقتفي بعض النسويين الإيكولوجيين أثر هذه الترابطات إلى النماذج الأولية للهيمنة التي بدأت مع غزو المجتمعات الهندو – أوربية من قبل القبائل البدوية القادمة من أوراسيا وذلك بين الألفين السادس والثالث قبل الميلاد. فمثلاً، تصف رايان إيسلر في كتابها الزهرة والسيف ذلك الزمن قبل حدوث الغزوات البطريركية الرعوية بأنه حقبة زراعية آمنة، مجتمع شراكة حكمته الزهرة لا السيف. ترمز الزهرة إلى مجتمع التعاون والسلام والمساواتية والشراكة المتسم بعلاقات الرعاية بين البشر أنفسهم وبينهم وبين الطبيعة. ومن جهة أخرى، يرمز السيف إلى مجتمع العدوان والعنف والنزعة الحربية والهيمنة الذكورية المتسم بعلاقات التسلط غير العادلة والهيمنة الحربية. وتزعم إيسلر أن جذر المشكلة يكمن في منظومة اجتماعية تحولت فيها سلطة السيف إلى مثال. (إيسلر 1988، xviii).

لكن بعض النسويين الإيكولوجيين يحصر التفسيرات التاريخية – السببية لترابط الهيمنات على النساء والطبيعة في تغيرات ثقافية وعلمية حدثت في وقت أكثر قربًا. فمثلا، تحاجج كارولين ميرخانت في كتابها موت الطبيعة أنه بين العامين 1500 – 1700 حصل تبدل في النظرة إلى العالم فحواه أن النظرة إلى العالم القديمة العضوية التي ترى الطبيعة كأنثى لطيفة نافعة زودت الجنس البشري بحاجاته في إطار كون منظمّ مخطط، قد حلّت محلّها النظرة إلى العالم الاختزالية الآلتية التي تبناها العلم الحديث وترى أيضًا الطبيعة كأنثى، إنما أنثى جامحة وحشية متمرّدة قادرة على التسبب بفوضى عامة (ميرخانت 1980، 1، 2). ويُزعم أن هذه النظرة الآلتية إلى العالم تسببت بـ "موت الطبيعة" عندما أجازت التوسع الصناعي والتجاري بلا رادع والإباحة الخلقية لتدمير البيئة.

أيضًا، يقتفي نسويون إيكولوجيون آخرون أثر الترابطات التاريخية بين النساء والطبيعة إلى الهيمنات البطريركية ومفاهيم العقل والعقلانية في الفلسفة اليونانية الكلاسيكية. فعلى سبيل المثال، تحاجج فال بلمود بأن المتهم هو المذهب العقلي، ذلك التقليد الفلسفي الغربي طويل الأمد الذي يعدّ العقلانية السمة المميزة للبشرانية ويرفع من شأن البشر فوق غير البشر من الحيوانات والطبيعة على أساس مقدراتهم العقلية الفائقة. وتحاجج بلمود بأن المذهب العقلي يرسخ بين الثقافة والطبيعة ثنوية قيمية مؤذية تتصف بأنها متمركزة بشريًا ومتمركزة ذكوريًا (1993، 1996). وتنتقد بلمود الفلسفة البيئية عمومًا على إخفاقها في أن تُناجز المواقف المتنوعة للتقليد العقلي التي كانت ضارّة بكل من النساء والطبيعة (1996، 22).

الترابطات المفهومية

حاجج كثير من مفكري النسوية الإيكولوجية، وبالأخصّ الفلاسفة منهم، بأن الترابطات بين النساء كآخر والطبيعة كآخر تكمن أصلاً في البنيات المفهومية للهيمنة غير المبررة. فأحد هذه التفسيرات (بلمود، 1993) يحدد الأساس المفهومي بالثنوية القيمية المؤذية والتراتبيات القيمية. وهذه وسائل في مفهمة التنوع بواسطة أزواج مفرِّقة يستبعد أحدها الآخر (ثنويات قيمية)، واستعارات مكانية على نمط أعلى-أدنى (تراتبيات قيمية) تعزو منزلة أو قيمة أو امتيازًا أكبر لأحد الطرفين على حساب الآخر أو للذي يعدّ أعلى في علاقته بما يعدّ أدنى. والأمثلة المتكررة عن هذه الثنويات القيمية المنظمة تراتيبا تتمثل في الانقسامات التالية: الثقافة/الطبيعة، الإنسان/الطبيعة، العقل/العاطفة، العقل/الجسم، الرجل/المرأة، الذكر/الأنثى.

وعلى نحو مشابه يضع تفسيرٌ ثانٍ الثنويات القيمية الإشكالية والتراتبيات القيمية في أطر مفهومية جائرة أكثر شمولاً - تلك الأطر المشتركة في كل منظومات الهيمنة الاجتماعية (مثلاً، الجنسانية، العرقية، الطبقية، والشهوانية الجنسية، والتفرقة على أساس العمر والمقدرة، والكولونيالية، والتمركز الإثني) (انظر وارين 1990، 2000 ومقالتها في هذا الباب). الإطار المفهومي مجموعة من الاعتقادات والقيم والمواقف والافتراضات التي تشكل وتعكس رؤية المرء لنفسه ولعالمه. ويكون الإطار المفهومي جائرًا عندما يفسر، ويحافظ على، ويجيز علاقات الهيمنة والإخضاع غير المبررة. ويكون الإطار المفهومي الجائر بطريركيًا عندما يفسر، ويحافظ على، ويجيز إخضاع النساء من قبل الرجال. وتتميز الأطر المفهومية الجائرة لا بالثنويات القيمية المؤذية والتفكير القيمي التراتبي وحسب، بل أيضًا بمفاهيم السلطة والسيادة التي هي منهجيًا في مصلحة من هم الأعلى، وكذلك تتميز بـ "منطق الهيمنة". فهذا المنطق هو الذي يزود التفوق (المرتبة العليا) بالمقدمة الخلقية فائقة الأهمية التي تبرر من خلالها الإخضاع (المرتبة الأدنى). وفق هذا التفسير الثاني، تعدّ الأطر المفهومية البطريركية والجائرة، وما انبثق عنها من سلوكيات، المسؤولة عن إدامة الترابطات بين النساء كآخر والطبيعة كآخر.

ويضع تفسير ثالث الترابطات المفهومية في الاختلافات الجنسية-الجنسانية[1] sex-gender خصوصًا ما يتعلق منها بتشكيل الشخصية أو الوعي المختلف (تشيني 1987؛ غراي 1981؛ ساله 1984). نموذجيًا، تتمثل الدعوى في أن الخبرات الجسدية الأنثوية المشكَّلة اجتماعيًا كإنجاب الأطفال ورعايتهن، فضلاً عن البيولوجية الصرفة، تضع النساء في موقع مختلف عن الرجال فيما يخص العلاقة بالطبيعة غير البشرية. وتتجلى هذه الاختلافات الجنسية-الجنسانية المزعومة في أنواع مختلفة من الوعي لدى النساء والرجال. كما توفر هذه العوامل الاجتماعية النفسية رابطًا مفهوميًا بقدر ما تتجسد في طرق معرفة، واستراتيجيات لمواجهة الصعاب، وطرق ارتباط بالطبيعة تختلف لدى النساء والرجال. فمثلاً، تحاجج أرييل كاي ساله لصالح طريقة في التفكير تستند على التجربة الحية للنساء باعتبارها تمثل وعيًا جديرًا بالتفضيل إذا ما أردنا تقدمًا حقيقيًا نحو مستقبل إيكولوجي إنساني سليم. (1998، 323).

إذا كانت مثل هذه التفسيرات للترابطات المفهومية بين الهيمنات غير المبررة على النساء والآخر البشري والطبيعة صحيحة، فإن كثيرًا من المفاهيم الأساسية للفلسفة الغربية (مثلاً، العقل والعقلانية، الثقافة والطبيعة، المعرفة والموضوعية، الأخلاق والذات الخلقية) سوف تحتاج إلى تذّهن جديد. وكذلك فإن التفسير المفهومي للترابطات بين النساء- الآخر البشري -الطبيعة سوف يمثل تحديًا مهمًا للتيار الرئيسي في الفلسفة الغربية.

الترابطات التجريبية والاجتماعية الاقتصادية

يركز كثير من مفكري النسوية الإيكولوجية على شواهد تجريبية تربط النساء، والملونين، والطبقات الدنيا، والأطفال، والشعوب المستعمَرة بالتدمير البيئي.

تشير تفسيرات بعض النسويين الإيكولوجيين إلى عوامل صحية وخطرة متنوعة تلقي بثقلها بنسب مختلفة على كاهل هذه المجموعات البشرية - عوامل يتسبب بها وجود الإشعاع المنخفض المستوى والمبيدات والسموم والملوثات الأخرى (انظر كاليكوت وليلاند 1983؛ كورتين1999، ومقالته في هذا الباب؛ لايدك 1999؛ مايس 1986؛ مايس وشيفا 1993؛ شيفا 1988، ومقالتها في هذا الباب؛ وارين 1997، 2000، الفصل.1). يقدم هؤلاء بيانات لإظهار كيف تفضي سياسات التطوير في العالم الأول إلى سياسات وممارسات فيما يخص المياه والأشجار والغابات والتصحر وحتّ التربة وإنتاج الغذاء تسهم مباشرة في عجز النساء، خصوصًا نساء الملونين الفقراء، عن التزود بما يكفي أنفسهن وعائلاتهن. وهذه شواهد يتم اقتباسها كأمثلة على الجور البيئي.

والتفسير النسوي الإيكولوجي الثاني المرتبط بما سبق يركز على الترابطات الاجتماعية الاقتصادية بين استغلال النساء وأجسادهن وعملهن، من جهة، واستغلال الطبيعة من جهة أخرى (انظر ميلور1992، 1997؛ شيفا ومقالتها في هذا الباب). تنتقد هذه التفسيرات البطريركية الرأسماليةَ ومعاملتها للنساء والطبيعة كموارد قابلة للاستغلال ومستغَلة فعلاً، وبدون ذلك لم يكن لثروة الطبقة الحاكمة من الرجال أن تتراكم. كما تنتقد أيضًا استراتيجيات التنمية الزراعية الغربية المفروضة على بلدان العالم الثالث. فمثلاً، تحاجج فاندانا شيفا بأن التنمية الغربية هي في الواقع تنمية ذكورية تستند على عدة افتراضات زائفة ومنحازة ذكوريًا:

الطبيعة غير منتجة؛ والزراعة العضوية القائمة على دورات التجدد في الطبيعة تعني العوز؛ والمجتمعات النسوية والقبلية والفلاحية الملتصقة بالطبيعة غير منتجة أيضًا، ليس لأنه ثبت أنهم بتعاونهم ينتجون بضائع وخدمات أقلّ لسدّ الحاجات، بل بموجب الزعم بأن الإنتاج هو ما يتمّ بتوسط تقانات الإنتاج السلعي، حتى لو أن هذه التقانات تدمّر الحياة. فلا يعدّ النهر المستقر النظيف موردًا منتجًا وفق هذه النظرة؛ فهو يحتاج إلى التطوير بواسطة السدود كي يصبح منتجًا. والنساء اللواتي يتقاسمن النهر كعامة الناس من أجل تلبية الاحتياجات المائية لعائلاتهنّ ومجتمعهن، لا يعتبرن من عناصر العمل المنتج: فعندما يحلّ محلهنّ الرجل المهندس تصبح إدارة المياه واستثمارها نشاطات منتجة. وعلى هذا الغرار، تظلّ الغابات الطبيعية غير منتجة إلى أن يتم تطويرها إلى مزارع وحيدة المحصول تزرع بنوع من النبات مربح تجاريًا. (شيفا 1988، 4).

وتعدّ التنمية الذكورية، وفق رؤية شيفا، نموذجًا إرشاديًا ينظر إلى كل الأعمال التي لا تدر الأرباح والرأسمال كأعمال غير منتجة. إن إهمال عمل الطبيعة في تجديد ذاتها وعمل النساء في تأمين الرزق المتمثل في الحاجات الحيوية الأساسية، يعدّ جزءًا أساسيًا من النموذج الإرشادي للتنمية الذكورية الذي روجّته الرأسمالية الصناعية.

وتركز تفسيرات نسوية إيكولوجية أخرى على حقوق الحيوان أو على الارتباطات القائمة بين العنف حيال الحيوانات والنساء وبين البورنوغرافيا[2] (انظر آدمز 1990، 1994، 1996؛ آدمز و دونوفان 1995؛ كولرّاد وكونتروسي 1988؛ غارد 1993؛ كيل 1985؛ سليزر 1997). فمثلاً، يحاجّون بأن الزراعة المصنعة والتجارب على الحيوانات والصيد وأكل اللحوم ترتبط على نحو وثيق بالمفاهيم والممارسات البطريركية. ومثل هذه البيانات التجريبية توثِّق الترابطات "التجريبية" الواقعية، الملموسة والحية، بين الهيمنات على النساء والآخر البشري والطبيعة.

الترابطات اللغوية

حاجج كثير من الفلاسفة (مثلاً، لودفيغ فيتغينشتاين) بأن اللغة التي يستخدمها المرء تعكس وتُمرئي مفهومه لذاته ولعالمه. وكذلك تلعب اللغة دورًا حاسمًا في صياغة المفاهيم. ويحاجج بعض النسويين الإيكولوجيين بأنها تلعب أيضًا دورًا حاسمًا في عدم خدش الترابطات المؤذية بين النساء- الآخر البشري-الطبيعة التي يعزّز بعضها بعضًا.

تُخترق اللغة الأورو-أمريكية بأمثلة عن لغة جنسية-طبيعية. فتوصف النساء تكرارًا بألفاظ حيوانية ازدارئية: المرأة كلبة، قطة، خبيثة كالقطة، بسّة، حيوان مدلل، أرنب، أرنب قذر، بقرة، خنزيرة، ثعلب، دجاجة، قندس، خفاش عجوز، دجاجة عجوز، غراب عجوز، ملكة نحل، فهدة، أفعى، حمقاء، (عقلها صغير كعقل الطير)، خفيفة العقل (كالأرنب ذي الشفة المشقوقة)، فيل، حوت. تنقّ النساء كالدجاجات، وتسيطرن على أزواجهنّ، وتصبحن فرخات عجائز (دجاجات عجائز بلا جاذبية جنسية أو قدرة على الإنجاب) (انظر دوناير 1995، 13؛ وارين 2000، الفصل1، 3). وعلى نحو مشابه، فإن اللغة التي تؤنّث الطبيعة في الثقافة البطريركية، حيث تُرى النساء تابعات وفي مرتبة أدنى، تقوي وتجيز الهيمنة على الطبيعة. فالطبيعة الأمّ (وليس الطبيعة الأب) تُغتصب وتخضع وتضبط وتستوطن وتحفر وتخترق أسرارها (وليس أسراره)، ويوضع رحمها (الرجل لا رحم له) في خدمة رجل العلم (وليس امرأة العلم أو العالمة). تقطع أشجار الغابة العذراء وتقلّم. وتحرث التربة الخصبة (وليس الفحلة)، كما أن الأرض التي تفلح وتترك موسمًا بدون زراعة هي أرض لا نفع لها أو عاقر، مثل امرأة لا تستطيع الحبل بطفل. إن حَيْوَنَة أو تطبيع النساء في الثقافة البطريركية التي ينظر في سياقها إلى الحيوانات والطبيعة كمرتبة أدنى من البشر والثقافة؛ وإن تأنيث الحيوانات والطبيعة في الثقافة البطريركية حيث ينظر إلى النساء كمرتبة أدنى من الرجال والثقافة، كل ذلك يقوِّي ويجيز الهيمنات المتساندة على النساء والحيوانات والطبيعة. وهكذا يبرّر استغلال الطبيعة والحيوانات بتأنيثهم (وليس تذكيرهم)؛ كما يبرر استغلال النساء بتطبيعهن أو حيونتهن (وليس تذكيرهن).

وكما تحاجج كارول آدمز في كتابها The Sexual Politics Of meat، فإن اللغة التي تؤنث الطبيعة وتطبّع النساء تصف وتعكس وتُسرمد الهيمنة البطريركية غير المبررة وذلك إذ تفشل في رؤية المدى الذي تكون فيه الهيمنات على النساء والطبيعة، وخصوصًا الحيوانات، نظائر ثقافية لبعضها بعضًا وليست مجرد نظائر مجازية (1990، 61).

الترابطات الرمزية والأدبية

تناقش ميرخانت صورتان عن الطبيعة – الفكرة اليونانية الأقدم عن الطبيعة كأنثى سخية وأمّ حاضنة، والصورة الحديثة الأكثر جِدّة عن الطبيعة كمجرد آلة عاطلة ميتة- ويعدّ هذا النقاش محوريًا في حجتها حول أن الانتقال من النموذج العضوي إلى النموذج الآلتي قد أتاح مفهوميًا وسوّغ أخلاقيًا استغلال الأرض (الأنثى). وقد فعل هذا الانتقال فعله بإزالة الحواجز الخلقية أمام هذا التعامل بحيث أعيقت مسبقًا الاستعارة التي ترى الطبيعة حيّة. وكما زعمت ميرخانت:

ليس من السهل على المرء أن يذبح الأم، وأن ينقّب في أحشائها عن الذهب أو يُمثّل بجسدها، حتى لو أن استخراج المعادن لأغراض تجارية يتطلب ذلك. فطالما ينظر إلى الأرض على أنها حيّة وحسّاسة، سيعد من قبيل خرق السلوك الأخلاقي البشري القيام بمثل هذه الأعمال المدمرة ضدّها. (1980، 3).

إن مناقشة صور المرأة والطبيعة غير البشرية تطرح قضايا كبيرة تتصل بالنماذج الرمزية التي تربط النساء والطبيعة. ويستكشف بعض النسويين الإيكولوجيين هذه النماذج الرمزية في ميادين الأدب والفن والثقافة الشعبية.

يعتمد بعض النسويين الإيكولوجيين على "كتابات الطبيعة لدى النساء" من أجل تفكيك طبيعة الترابطات بين النساء- الآخر البشري- الطبيعة. ومن أوائل من قام بذلك سوزان غريفين. ففي تقديمها لقصيدتها الملحمية Woman and nature: the Roaring Inside Her، تكتب غريفين:

هو يقول إن المرأة تتحدث مع الطبيعة. وأنها تسمع الأصوات القادمة من تحت الأرض. وأن الريح تصفر في أذنيها والأشجار تهمس لها. وأن الأغنية الخافتة عبر فمها وصرخات الأطفال واضحة لها. لكن، بالنسبة إليه ينتهي هذا الحوار. هو يقول إنه ليس جزءًا من هذا العالم، وأنه ألقي في هذا العالم كغريب. ويعتبر نفسه منفصلاً عن المرأة والطبيعة.

ولذلك فإن غولدي لوكس هي من تذهب إلى مسكن الدببة الثلاثة، وليتل ريد رايدينغ هي من تحادث الذئب، ودوروثي من تصادق الأسد، وسنو وايت من تتكلم مع العصافير، وسندريلاّ من تعتبر الفئران حلفاءها، وميرميد من هي نصف سمكة، وثومبيلينا من أغواها الخلد. (وعندما نسمع في ترتيلة نافاجو الجبلية أن رجلاً ناضجًا يجلس ويدخّن بصحبة الدببة ويتّبع الاتجاهات التي حددتها له السناجب، نستغرب ذلك. فقد اعتقدنا أن الفتيات الصغار فقط من يتحدث إلى الحيوانات.)

نحن بيوض الطيور. بيوض الطيور، الأزهار، الفراشات، الأرانب، البقرات، الخراف؛ نحن اليرقات؛ نحن أوراق اللبلاب ووريقات المنثور. نحن النساء. ولقد خرجنا من القبر. نحن الغزلان والظباء، الفيلة والحيتان، الزنابق والورود والخوخ، نحن الهواء، نحن اللهب، نحن المحار واللؤلؤ، نحن الفتيات. نحن النساء والطبيعة. هو يقول أنه لا يستطيع سماعنا نتحدث. لكننا نستطيع السماع. (1978، 1)

إن كتابة غريفين شهادة على قدرة الأدب واللغة على نقل المواقف الأساسية حول النساء والطبيعة.

وقد ظهر نوع جديد من التحليل الأدبي يدعى النقد الأدبي النسوي الإيكولوجي. وتبعًا لأحد أنصاره البارزين، باتريك مورفي، هذه المقاربة في النقد الأدبي تستعمل النسوية الإيكولوجية كأساس من أجل نقد كل ما يقرؤه المرء من أدب. وهذا يعني، خصوصًا للنقاد الأدبيين، إعادة تقييم الآثار الأدبية التي تشكل قائمة الأعمال والنصوص الكبرى، والدعوة إلى حوار بين التقييمات النقدية المستندة على معايير بشرية وتلك المستندة على معايير ترفض المركزية البشرية. وهذا يتطلب، على سبيل المثال، إعادة تقييم التراث الشعري الرعوي الذي يجنح نحو صورة مثالية للطبيعة وليس نحو مواجهة صميمية معها. (1995، 25) والنقد الأدبي النسوي الإيكولوجي لا يبحث فقط عن أدب يلبي على نحو متعادل المعايير النسوية والإيكولوجية، بل عن أعمال تجسّد إلى حدّ ما كلا البُعدين (مورفي 1995، 29).

الترابطات الروحية والدينية

كانت عالمة اللاهوت النسوية الإيكولوجية إليزابيث دودسون غراي من بين أوائل مفكري النسوية الإيكولوجية الذين يتفحصون الأدوار التي يلعبها الخيال الجنسي والديني في التراث البطريركي اليهودي-المسيحي والتقاليد الفكرية الغربية. ففي كتابها الفردوس الأخضر المفقود الصادر لأول مرّة عام 1979، تزعم غراي أن تراتبية للكائنات مدمِّرة تقبع في قلب الوصف التوراتي لحدث الخلق:

في هذه النظرة التوراتية لطبيعة الأشياء، تأتي المرأة بعد الرجل وأدنى منه. خلقت المرأة (تبعًا لهذا الوصف المبكر السردي لخلق العالم في سفر التكوين) من جسم رجل (وليس من جسم امرأة كما يحدث طبيعيًا)... ثم ينشأ الأطفال، وهم ثانويون جدًا حتى أن قصة الخلق لاتذكرهم... ثم تنشأ الحيوانات التي لا تمتلك الروح البشرية الفريدة إطلاقًا... ولذلك فالحيوانات أدنى منزلة. وبالمضي نحو الأدنى ثمة النباتات التي لا تتحرك حتى. وأدنى منهم أساس الطبيعة نفسها - الهضاب والجبال، الأنهار والأودية - وهي في قعر كل شيء، تمامًا كما أن السماوات والقمر والنجوم أقرب إلى الله وأعلى من كل شيء.

في هرم "الهيمنة والمنزلة" التراتبي هذا، كلما صعد المرء نحو الأعلى يقترب من كل ما هو روحي وسامٍ، وتحاجج غراي بأن أساطير الخلق الدينية القديمة كانت في الوقت ذاته بطريركية وذات نزعة طبيعية:

إن الواضح الجلّي هنا هو أن ثمة نظام تراتبي للوجود، المراتب الدنيا فيه - سواء من الإناث أو الأطفال أو الحيوان أو النبات - يمكن معاملتها، أو إساءة معاملتها، أو التعدي عليها، أو المتاجرة بها، أو التضحية بها، أو قتلها باسم المراتب العليا للوجود الروحاني المتجسد في الذكور أو الإله. والطبيعة، التي ليست وحسب في أسفل هذا الهرم، بل ومليئة بالقذارة والدم والمفاجآت الطبيعية البغيضة من قبيل الزلازل والفيضانات والعواصف الطائشة، هذه الطبيعة مرشَّحة بجلاء لتكون جائزة يفوز بها "السيد" الأكثر بطشًا من الجميع. (6-7).

وبالنظر إلى الوصف الذي تقدمه غراي، لن يكون مستغربًا أن تحظى الرموز والصور والقصص الواردة في الأديان البطريركية التقليدية بانتباه النسويين الإيكولوجيين. وقد أشعلت، بين علماء اللاهوت، مناظرة حول ما إذا كان من الممكن إصلاح الأديان البطريركية من الداخل لإلغاء التحيّزات البطريركية المؤذية، أو أن المطلوب إحلال أديان جديدة أو قبل-بطريركية محلّها. كما أنها طرحت على بساط البحث القضية المرتبطة بـ"النسوية الإيكولوجية الروحانية" ("النسوية الإيكولوجية الثقافية") وفحواها ما إذا كانت الروحانية تعدّ جانبًا ضروريًا في أية ممارسة أو نظرية نسوية إيكولوجية (انظر سبريتناك 1989، 1990؛ ستارهوك 1989؛ وارين 1993).

الترابطات الإبستمولوجية

إن الترابطات المتنوعة المزعومة بين النساء - الآخر البشري - الطبيعة (ونناقشها في هذا التقديم) قد شجعت الدعوة إلى إبستمولوجيات جديدة نسوية إيكولوجية (انظر مقالة كورتين في هذا الباب).

نموذجيًا، تستند هذه الإبستموجيات الصاعدة على دراسات أكاديمية تجري الآن في الفلسفة النسوية وتتحدى النظرات الفلسفية الغربية البارزة بخصوص المعرفة، والعارف، العقل والعقلانية؛ مثلاً، أن المعرفة موضوعية؛ وأن العارف هو مراقب عقلاني مستقل موضوعي وغير متحيز؛ وأن الطبيعة غير البشرية هي موضوع المعرفة المنفعل.

وكي تقيم قضيتها، غالبًا ما تنعطف هذه الإبستمولوجيات نحو العمل الحديث الذي ينجزه فلاسفة العلم النسويون، من أمثال ساندرا هاردينغ (1986، 1991، 1993).

تحاجج هاردينغ بأن الموقع الاجتماعي للعارف حاسمٌ من أجل فهم وتقدير الدعاوى الإبستمولوجية:

إن نشاطات أولئك الذين في أدنى... المراتب الاجتماعية يمكنها أن تزودنا بنقاط البدء للتفكير - تزود بحوث ودراسات كل شخص - ويمكن انطلاقًا منها أن تتضح علاقات البشر بعضهم ببعض وبالعالم الطبيعي. وذلك نظرًا لأن تجربة وحياة الناس المهمشين، عندما يتم فهمها، تقدم على الخصوص مشكلات هامة ليتم تفسيره، أو برامج بحثية. (1993، 54)

يوافق كثير من النسويين الإيكولوجيين على ذلك. ويحاجون بأنه فقط بالإصغاء إلى وجهات أولئك الذين في أدنى المراتب الاجتماعية يمكن للمرء البدء برؤية طرق بديلة في النظر إلى مشكلة بيئية، أو تحليل بيانات، أو التنظير حول الترابطات بين النساء - الآخر البشري - الطبيعة. توضح حركة تشيبكو Chipko في الهند (انظر كورتين، في هذا الباب، شيفا 1988؛ وارين 1997) أن معظم النساء المحليات المشتغلات في الحراج، "اللواتي في الأدنى"، لديهن معرفة تقنية فطرية تستند إلى تجربتهن المباشرة واليومية الحية كمدبرات للعمل الحراجي. تقدم هذه المعرفة منظورًا نفسيًا حول ما الذي يعنيه العيش وفق ما يعشنه - معلومات ومنظورات لاتتاح بسهولة لأولئك الذين يعيشون خارج هذه الثقافة.

وتعتمد الفيلسوفة النسوية الإيكولوجية لوري غروين على أعمال فلسفة العلم النسوية من أجل تطوير إبستمولوجيا خلقية نسوية إيكولوجية، وتحاجج بأن النظرية النسوية الإيكولوجية تنشأ وتمتحن دومًا في السياق الاجتماعي الذي تتولد فيه الدعاوى الخلقية والإبستمولوجية. إن إدراك التواكل بين العلم والمجتمع، الحقائق والقيم، العقل والعاطفة هو الخطوة الأولى باتجاه أية معرفة مشروعة (1994، 34) وتكتب غروين:

يدرك النسويون الإيكولوجيون أن دعاوى المعرفة تتأثر دومًا بالقيم السائدة في الثقافة التي تتولد فيها. وبإتباع الحجج التي يسوقها النسويون من فلاسفة العلم، والماركسيين، والنقاد الثقافيين، وغيرهم، يعتقد النسويون الإيكولوجيون أن الحقائق محملة بالنظرية، وأن النظريات محملة بالقيمة، وأن القيم ملونة بالإيديولوجيات التاريخية والفلسفية، وبالمعايير الاجتماعية، وبعمليات التصنيف الفردية. (1994، 124)

وغالبًا ما تنتقد الإبستمولوجيات النسوية الإيكولوجية الأفكارَ الغربية حول الموضوعية ورؤية الطبيعة كموضوع منفعل في سياق البحث. ومن المحتمل أن معظم النقد الجذري قد استهلته دونا هراوي التي زعمت أن التصورات الغربية الحديثة حول الموضوعية وحول الطبيعة كموضوع تعكس إيديولوجيات بطريركية للهيمنة والسيطرة (1988، 1989، 1991).

وتحاجج هاراوي من أجل نظرة بديلة إلى المعرفة تكون تعددية ومستندة إلى السياق، وهو ما تدعوه معارف مموضعة situated knowledges:

تتطلب المعارف المموضعة أن يُصوَّر موضوع المعرفة كفاعل ومؤثر، وليس كغطاء أو خلفية أو مورد، ولا كعبد لسيدٍ يغلق باب الجدل بموجب فاعليته الفريدة وسلطته في إجازة المعرفة الموضوعية... إن النتيجة الطبيعية للإلحاح على أن الأخلاق والسياسة تقدم تلميحًا أو تصريحًا أسسَ الموضوعية... هو تحويل منزلة الفاعل/ المؤثر إلى موضوعات العالم. (1988، 592- 93)

بموجب هذه النظرة، الطبيعة ذاتٌ فعّالة - وليست مجرد موضوع أو مورد يخضع للبحث. تسهم الطبيعة على نحو فعال بما يعرفه البشر عنها وإن وظيفة العالم والفيلسوف والمنظِّر لا تتمثل في محاولة تقديم أوصاف "تعكس مرآويًا" الطبيعة، لأن هذا يفترض أن الطبيعة معطى خام. ولا تتمثل هذه الوظيفة بأن يعمل المرء كما لو أنه يكتشف الطبيعة؛ لأن مزاعم الاكتشاف (من قبيل أن كولومبوس اكتشف أمريكا) تفترض خطأ أن لاشيء (أو لاشيء مهم) موجود مسبقًا ويتمتع بالفاعلية. وبدلاً من ذلك، إن وظيفة العالم والفيلسوف والمنظر تتمثل في تقديم دعاوى وأوصاف معرفية مموضعة علائقيًا في سياقات مادية واجتماعية مهمة.

بدلاً عن ذلك، يلجأ بعض النسويين الإيكولوجيين ممن يناقشون الارتباطات الإبستمولوجية إلى النظرية النقدية لمفكرين من أمثال هوركهيمر وأدورنو وبالبوس ومدرسة فرانكفورت. فمثلاً، تزعم أرييل سالي أن "التحليلات الإبستمولوجية والجوهرية لدى هؤلاء... تشير إلى تقارب الاعتبارات النسوية والإيكولوجية، مستبقين بذلك المجيء المتأخر للنسوية الإيكولوجية". (1988، 31). وتوافق باتريشيا جاغينوفيتز ميلر على ذلك وتحاجج بأن "النظرية النقدية" تقدم نقدًا للانقسام الذي يضع "الطبيعة إزاء الثقافة" وبنية إبستمولوجية للنهوض بنقد العلاقات القائمة بين الهيمنة على النساء والهيمنة على الطبيعة (1987).

الترابطات السياسية

كانت النسوية الإيكولوجية على الدوام حركة سياسية شعبية استحثتها الاهتمامات العملية الملحة. وهذه تشمل قضايا النساء والسلامة البيئية، والقيم، والتطور والثقافة، ومعاملة الحيوانات، والسلام، والنشاط المضاد للأسلحة النووية والنزعة العسكرية. وينظر إلى حد بعيد إلى تنوع المنظورات النسوية الإيكولوجية حول البيئة كمحاولة من أجل الاعتبار الجدي لمثل هذه النشاطية والاهتمامات السياسية الشعبية وبالتالي تطوير تحليلات الهيمنة بما يفسر ويوضح ويوجه الممارسة.

تبين ستيفاني لاهار هذه المسألة جيدًا، وتلخص تحليلها للروابط بين النظرية النسوية الإيكولوجية والنشاطية السياسية الشعبية كما يلي:

تتضمن الأهداف السياسية للنسوية الإيكولوجية تفكيك المنظومات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الجائرة وإعادة بناء أشكال اجتماعية وسياسية أكثر قابلية للاستمرار. ليس ثمة أية نسخة من النظرية النسوية الإيكولوجية تحدد بالضبط ما الذي ينبغي على الناس فعله إزاء أوضاع يواجهونها في حياتهم الشخصية والعامة، وليس ثمة أي برنامج سياسي وحيد. إن علاقة النظرية النسوية الإيكولوجية بالنشاطية السياسية هي نموذجيًا علاقة تثقيفية وتوليدية وليست مجرد أفعال جزئية آمرة أو شخصية . تدافع النظرية النسوية الإيكولوجية عن سياسة مركبة من المقاومة والخطط الخلاقة، لكن الأدوار النوعية تكون نتيجة حوار بين الأفراد المعنيين والوضع أو القضية الواقعية (1996، 5)

وتحاجج لاهار بأن النسوية الإيكولوجية تسهم في التمكين السياسي من خلال فهم تأثيرات أفعال المرء في مجتمعات بشرية وغير بشرية متعددة.

تتفق بلمود مع لاهار وتحاجج بأنه عندما يؤوِّل المرء خطأ الفلسفة البيئية باعتبارها معنية فقط أو بشكل رئيسي بالأخلاق، فسوف يغفل عن "الجانب الأساسي للمشكلة ككل والذي يتمثل في تعريف الذات البشرية بمعزل عن الطبيعة، أو علاقة هذا بالنظرة الأداتية إلى الطبيعة، والجوانب السياسية الأوسع لنقد المذهب الأداتي". (1996، 162)

وقد فصّلت نويل ستورغون بوضوح الجوانب السياسية في الانتقادات النسوية الإيكولوجية وذلك في كتابها Ecofeminist Natures. تحاجج ستورغون في سبيل تصور للنسوية الإيكولوجية باعتبارها "خطابًا سياسيًا معارضًا ومجموعة من الممارسات منضوية في سياقات محددة، تاريخية ومادية وسياسية". وتؤول ستورغون النسوية الإيكولوجية على أنها "كيان متمزق، ومتنازع، وغير مترابط يشكل ذاته كحركة اجتماعية". (1997، 3). كما أن وصف ستورغون للنسوية الإيكولوجية كحركة اجتماعية يقوم على فهمها للحركات الاجتماعية على أنها:

صراعات في علاقات السلطة المسيطرة ينجم التغيير فيها من خلال أنواع كثيرة من العمل، بما في ذلك تعبئة الطاقات الرمزية، والتحولات في بنيات الهوية، وإنتاج كل من المعرفة العامة والأكاديمية - إضافة إلى العمل المباشر، والعصيان المدني، والإضرابات، والمقاطعة، والمظاهرات، وجماعات الضغط، وغيرها من أشكال العمل السياسي المعترف بها تقليديًا. (1997، 4)

وتبعًا لما تراه ستورغون فإن النسوية الإيكولوجية حركة اجتماعية معنية بكل من نشر المفاهيم والتنظير لها (مثلاً، عن الطبيعة والنساء والعرق). ويعد كتاب ستورغون نقدًا للنظرية والممارسة في ميدان النسوية الإيكولوجية "غايته طرح مقترحات من أجل صوغ حركة نسوية إيكولوجية أكثر شمولاً وانخراطًا في السياسة". (19)

ويكتشف كثير من النسويين الإيكولوجيين المنخرطين في سياسات السلم وحركة مناهضة التسلح النووي ارتباطات نظرية بين النزعة العسكرية والنزعة النووية والنسوية الإيكولوجية. ويحاجج هؤلاء نموذجيًا بأن البنيات المفهومية والنظرية ذاتها التي تهيمن على النساء والشعوب المستعمَرة وكوكب الأرض تؤكد وتسوغ كلا من العنف الفردي والمؤسساتي. فعلى سبيل المثال، يحاجج كورتين (1999، في هذا الباب) بأن الثورة الزراعية الخضراء التي فرضها الغرب على الهند تعكس إيديولوجيا استعمارية تبيح العنف المؤسساتي ضد النساء والشعوب المستعمرة والأرض. ويحاجج سبريتناك بأن القوى الإيديولوجية التي تشكل أساس البطريركية هي ذاتها تلك القوى التي "تدفعنا نحو الحروب". (b 1989). وتحاجج وارين بأن البطريركية منظومة اجتماعية معتلّة تولد بموجب أرومتها المفهومية (أي نواتها من المعتقدات والقيم) السلوكيات والفكر المختل للهيمنة التي تحافظ على، وتديم، و"تسوِّغ" النزعتين العسكرية والنووية (وارين 1993، 2000، الفصل 9؛ انظر أيضًا وارين وكيدي 1996). ولذلك فإن النسوية الإيكولوجية تنكب على قضايا الحرب والسلام في السياقات الفردية والمؤسساتية والعالمية وفي كلا ميداني النظرية والممارسة.

لنلاحظ أن المناظرة بين النسويين الإيكولوجيين حول السياسة غالبًا ما تدور حول النموذج النسوي المبطون في موقف نسوي إيكولوجي معين. فالسياسات النسوية الإيكولوجية المختلفة تجد أرومات مختلفة، مثلاً، في النسوية الليبرالية، والنسوية الماركسية، والنسوية الجذرية، والنسوية الاشتراكية، ونسوية التحليل النفسي، والنسوية العالمية والنسوية ما بعد الكولونيالية. وما يتم القبول به كاستراتيجية أو عمل سياسي نسوي إيكولوجي مناسب يعكس في الغالب المنظورات المختلفة والمتغايرة لهذه النسويات.

الترابطات الأخلاقية

ركز الكثير من الأدبيات الأكاديمية للفلسفة النسوية الإيكولوجية على الأخلاق البيئية. ويحاجج الفلاسفة النسويون الإيكولوجيون بأن الترابطات المفاهيمية والسلوكية فيما يخص النساء، والبشر الآخرين الخاضعين، والحيوانات وبقية الطبيعة تتطلب تحليلاً أخلاقيًا نسويًا واستجابة متوافقة معه. وعلى أقل تقدير، فإن هدف الأخلاق البيئية النسوية الإيكولوجية يتمثل في تطوير نظريات وممارسات تعنى بالبشر والبيئة الطبيعية بعيدة عن التحيز الذكوري وتقدم دليلاً للعمل في الزمن الراهن الما- قبل نسوي.

وقد كانت يانيسترا كينغ من بين أوائل المنظِّرين في أمريكا الشمالية وقد دافعت عن أخلاق نسوية إيكولوجية تستند إلى النسوية الاشتراكية. تحاجج كينغ بأن الأخلاق النسوية الإيكولوجية تفكك ثنويات العقل والجسم، العقل والعاطفة، بإيجاد موضع "يتلاحم فيه العقل والطبيعة، القلب والعقل، لتحويل منظومات الهيمنة الداخلية والخارجية التي تهدد وجود الحياة على الأرض". (1990، 117- 18)

كما دافع بعض النسويين الإيكولوجيين عن أخلاق نسوية إيكولوجية تتأسس على الأهمية الخلقية لرعاية العلاقات بين البشر أنفسهم وبينهم وبين الطبيعة غير البشرية (انظر كورتين، 1996؛ ر. كينغ 1996؛ وارين،2000، الفصل 5) وبما أن الرعاية "مفهوم حساس – جنسانيًا" ( بارودين، 197) فإن المهمة الأولى للرعاية في كل من النظرية والممارسة الأخلاقية النسوية الإيكولوجية تتمثل في تصحيح التحيز الذكوري في مفاهيم وممارسات الفلسفة الغربية والأخلاق البيئية. إن التنبه إلى الأهمية الخلقية للرعاية يفترض أن العواطف شأن يهم العقلانية والأخلاق، وأن الأخلاق النافعة يجب أن تتجذر في النفسية البشرية، وأن الأخلاق تعنى بنوعية العلاقات بحد ذاتها (وليس بمجرد طبيعة الأطراف الداخلين في هذه العلاقات). (انظر وارين 2000، الفصل 5.)

ويحاجج الفيلسوف النسوي الإيكولوجي كريس كومو في سبيل أخلاق تقع على مفترق طرق النظرية والممارسة السياسية والأخلاقية "وذلك في شكل أخلاق الازدهار". تعتمد أخلاق الازدهار على مفاهيم أرسطية من قبيل eudaimonia (التي تترجم على نحو متنوع بـ السعادة والحياة الخيرة وحسن العيش والفضيلة والازدهار)، ومفهوم polis (أو ، "المجتمع")، إضافة إلى الالتزام بقيمة الازدهار أو حسن الحال فيما يخص الأفراد والأنواع الحية والمجتمعات (1998، 70). وتبعًا لما يراه كومو، "ففي النسوية الإيكولوجية تعد الفتنة النابضة لدى كيان ما - أي قدرته الداخلية الوافرة في التكيف مع، أو مقاومة التغير، وكذلك نماذجه السببية والحافزة وشخصيته - ما يجعله ذا اعتبار خلقي ويفيد كنقطة ابتداء لتحديد ما هو خير لذلك الكائن أو الشيء". (71). إن مفهوم كومو عن ازدهار الأشياء الحية و"الفتنة النابضة" للمنظومات يفترض درجة من المعافاة المادية والانقياد الذاتي يمكن الوصول إليها من قبل كل من الأفراد في المجتمعات (الاجتماعية والإيكولوجية) والمجتمعات نفسها. ولذلك فإن فكرة الفتنة النابضة تعمل كفكرة إيكولوجية وأخلاقية ذات مضامين سياسية.

الترابطات النظرية

إن كلا من الترابطات بين النساء - الآخر البشري - الطبيعة التي عينّاها أعلاه تطرح قضايا نظرية، ليس على الأخلاق البيئية فقط، بل وعلى الفلسفة البيئية والغربية عمومًا. فمثلاً، إن البيانات التجريبية والتاريخية المستقاة من العلوم الاجتماعية حول العلاقات بين النساء، والملونين، والأطفال والموقع الجغرافي، والتطور، والتقانة، والهيمنة أو حول سلامة البيئة الطبيعية تطرح قضايا أخلاقية مهمة حول التحيِّزات المتمركزة بشريًا وذكوريًا في كيفية ممارسة الأخلاق وتذهّنها. كما أن البيانات حول التقسيم الجنساني للعمل في الأحراج، وجمع المياه، والزراعة، وإنتاج الغذاء تطرح قضايا أبستمولوجية حول المعرفة التقنية الفطرية والإبستمولوجيات ذات التوجه النسوي التي تتحدى الأفكار الفلسفية التقليدية حول المعرفة والعارفين الموضوعيين والحياديين والمستقلين. والبيانات عن الترابطات بين النساء - الآخر البشري - الطبيعة المتغيرة عبر الثقافات تطرح قضايا ميتافيزيقية ومنهجية حول البنيان الاجتماعي والإيكولوجي لمفاهيم الجنس، والعرق، والطبقة، وحول قابلية استمرار - ثنويات الإنسان/الطبيعة أو الثقافة/الطبيعة. كما أن البيانات عن مستويات المعيشة المتدنية للنساء عالميًا، وبالأخص النساء الفقيرات من الأعراق الملونة، تطرح قضايا سياسية حول الأدوار التي تلعبها التوزيعات غير المتساوية للسلطة والامتيازات في الحفاظ على البنيات المهيمنة في صناعة القرار السياسي. كما أن البيانات عن التبخيس الغربي التاريخي لكل ما يتماهى مع النساء أو الحيوانات أو الطبيعة غير البشرية يطرح قضايا حول الكفاية التاريخية للنظريات الفلسفية حول "الطبيعة البشرية" و"التطور الخلقي البشري". والبيانات عن دور النساء في النشاطات المعيشية المباشرة والملموسة في ميادين الاقتصاديات المنزلية، والزراعة المعيشية، والتنمية المستدامة في سياقات عابرة للثقافات تطرح قضايا إيكولوجية وعلمية حول طبيعة كل من الممارسة والنظرية العلمية.

ولكن، لعلّ أكثر التحديات النظرية جديّة مما يواجه الفلسفة البيئية والغربية يكمن على مستوى التحليل المفهومي والتنظير بحد ذاته. تطرح النسوية الإيكولوجية قضايا مهمة على ما قدمته الفلسفة الغربية من مفاهيم الذات، المعرفة والعارف، العقل والعقلانية، الموضوعية، المنهجية الفلسفية، وثلّة من الثنويات القيمية الأثيرة التي تشكل العمود الفقري للتنظير الفلسفي - وفي الواقع فإنها تشكل مفهوم الفلسفة بحد ذاتها. فإذا كان النسويون الإيكولوجيون على حق، فإن هذه الأفكار سوف تحتاج إلى إعادة فحص بحيث يستغنى عن أية تحيزات جنسانية ذكورية (وعرقية وطبيعية) حيثما وجدت، وإحلال مفاهيم ونظريات وممارسات غير متحيزة محلّها. وهذا ما يحاجج النسويون الإيكولوجيون عمومًا، والمشاركون في هذا الباب خصوصًا، بأن النسوية والمذهب البيئي والفلسفة البيئية والفلسفة يحتاجونه كي يحققوا الكفاية النظرية.

المراجع

  • adams, carol. 1990. The Sexual Politics of Meat: A Feminist-Vegetarian Critical Theory.New York: Continuum.
  • 1994. Neither Man Nor Beast: Feminism and the Defense of Animals. New York:Continuum.
  • 1996. "Ecofeminism and the Eating of Animals," in Ecological Feminist Philosophies, ed. Karen J. Warren. Bloomington: Indiana * University Press, 114-36. adams, carol J., and josephine donovan, ed. 1995. Animals and Women: Feminist The­oretical Explorations. Durham, NC: Duke University Press.

- bowden, peta. 1997. Caring: Gender Sensitive Ethics. London: Routledge.

- cheney, jim. 1987. "Eco-Feminism and Deep Ecology." Environmental Ethics 9 (2), 115-45.

- collard, andree, with Joyce Contrucci. 1988. Rape of the Wild: Man's Violence Against Animals and the Earth. Bloomington: Indiana University Press.

- cuomo, christine. 1998. Feminism and Ecological Communities: An Ethic of Flourishing. London: Routledge.

- curtin, deane. 1996. "Toward an Ecological Ethic of Care," in Ecological Feminist Philosophies, ed. Karen J. Warren. Bloomington: Indiana University Press, 66-81.

- 1997. ChinnaGounder's Challenge: The Question of Ecological Citizenship. Bloom­ington: Indiana University Press.

- dunayer, joan. 1995. "Sexist Words, Speciesist Roots," in Animals and Women: Feminist Theoretical Explorations, ed. Carol J. Adams and Josephine Donovan. Durham, NC: Duke University Press, 11-31.

- eisler, riane. 1988. The Chalice and the Blade: Our History, Our Future. San Francisco: Harper & Row.

- gaard, greta. 1998. Ecological Politics: Ecofeminists and the Greens. Philadelphia: Tem­ple University Press, 1998.

- 1993. Ecofeminism: Women, Animals, Nature. Philadelphia: Temple University.

- gray, elizabeth dodson. 1981. Green Paradise Lost. Wellesley, MA: Roundtable Press.

- griffin, susan. 1978. Woman and Nature: The Roaring Inside Her. New York: Harper&Row. ^

- gruen, lori. 1994. "Toward an Ecofeminist Moral Epistemology," in Ecological Femi­nism, ed. Karen J. Warren. New York: Routledge.

- haraway, donna. 1988. "Situated Knowledges: The Science Question in Feminism and the Privilege of Partial Perspective." Feminist Studies 14, no. 3 (Fall): 575-99.

- 1989. Primate Visions: Gender, Race and Nature in the World of Modern Science. New York: Routledge.

- 1991. Simians, Cyborgs, and Women: The Reinvention of Nature. New York: Routledge.

- harding, sandra. 1986. The Science Question in Feminism. Ithaca, NY: Cornell Univer­sity Press.

- 1991. Whose Science? Whose Knowledge? Thinking from Women's Lives. Ithaca, NY: Cornell University Press.

- 1993. "Rethinking Standpoint Epistemology: What Is 'Strong Objectivity'?" In Feminist Epistemologies, ed. Linda Alcoff and Elizabeth Potter. New York: Rout-ledge, 49-82.

- kheel, marti. 1985. "The Liberation of Nature: A Circular Affair." Environmental Ethics 7, no. 2 (Summer): 135-49.

- 1989. "From Healing Herbs to Deadly Drugs: Western Medicine's War Against the Natural World," in Healing the Wounds: The Promise of Ecofeminism, ed. Judith Plant. Philadelphia: New Society, 96-114.

- king, roger J. H. 1996. "Caring About Nature: Feminist Ethics and the Environ­ment," in Ecological Feminist Philosophies, ed. Karen J. Warren. Bloomington: Indi­ana University Press, 82-96.

- king, ynestra. 1990. "Healing the Wounds: Feminism, Ecology, and the Nature/Cul­ture Dualism," in Reweaving the World: The Emergence of Ecofeminism, ed. Irene Diamond and Gloria Feman Orenstein. San Francisco: Sierra Club, 106-21.

- laduke, winona. 1999. All Our Relations. Boston: South End Press, 1999.

- Lahar, Stephanie. 1996. "Ecofeminist Theory and Grassroots Politics," in Ecological Feminist Philosophies, ed. Karen J. Warren. Bloomington: Indiana University Press, 1-18.

- mies, maria. 1986. Patriarchy and Accumulation on a World Scale: Women in the Interna­tional Division of Labor. Atlantic Highlands, NJ: Zed Books.

- mies, maria, and vendana shiva. 1993. Ecofeminism. Atlantic Highlands, NJ: Zed Books.

- mellor, mary. 1992. Breaking the Boundaries: Towards a Feminist Green Socialism. Lon­don: Virago.

- 1997. Feminism and Ecology. New York: New York University Press.

- merchant, carolyn. 1980. The Death of Nature: Women, Ecology and the Scientific Revo­lution. San Francisco: Harper & Row.

- 1992. Radical Ecology: The Search for a Livable World. New York: Routledge.

- 1995. Earthcare: Women and the Environment. New York: Routledge.

- mills, patricia jagentowicz. 1987. Women, Nature and Psyche. New Haven, CT: Yale University Press.

- 1996. "Feminism and Ecology: On the Domination of Nature," in Ecological Feminist Philosophies, ed. Karen J. Warren. Bloomington: Indiana University Press, 211-227.

- murphy, patrick. 1995. Literature, Nature, and Other: Ecofeminist Critiques. Albany, NY: State University of New York Press.

- plumwood, val. 1993. Feminism and the Mastery of Nature. New York: Routledge.

- 1996. "Nature, Self, and Gender: Feminism, Environmental Philosophy, and the Critique of Rationalism," in Ecological Feminist Philosophies, ed. Karen J. War­ren. Bloomington: Indiana University Press, 115—80.

- salleh, ariel kay. 1998. "Working with Nature: Reciprocity or Control?" in Environ­mental Philosophy: From Animal Rights to Radical Ecology, 2nd ed., ed. Michael E. Zimmerman, J. Baird Callicott, George Sessions, Karen J. Warren, and John Clark. Upper Saddle River, NJ: Prentice Hall, 315-24.

- 1988. "Epistemology and the Metaphors of Production: An Eco-Feminist Reading of Critical Theory," Studies in the Humanities. Special issue on Feminism, Ecology, and the Future of the Humanities, ed. Patrick D. Murphy. Vol. 15, no. 2, 130-39.

- shiva, vandana. 1988. Staying Alive: Women, Ecology and Development. London: Zed Books.

- slicer, deborah. 1997. "Your Daughter or Your Dog? A Feminist Assessment of the Animal Research Issue," in Ecological Feminist Philosophies, ed. Karen J. Warren. Bloomington: Indiana University Press, 97-113.

- spretnak, charlene. 1985. The Spiritual Dimension of Green Politics. Santa Fe, NM: Bear and Company.

- 1989a. "Toward an Ecofeminist Spirituality," in Healing the Wounds: The Promise of Ecological Feminism, ed. Judith Plant. Philadelphia: New Society, 127-32.

- 1989b. "Naming the Cultural Forces That Push Us Toward War," in Exposing Nuclear Phallacies, ed. Diana E. H. Russell. New York: Pergamon, 53-62.

- 1990. "Ecofeminism: Our Roots and Flowering," in Reweaving the World: TheEmergence of Ecofeminism, ed. Irene Diamond and Gloria Feman Orenstein. San Francisco: Sierra Club Books, 3-14.

- starhawk. 1979. The Spiral Dance: A Rebirth of the Ancient Religion of the Great Goddess. New York: Harper & Row.

- 1989. Truth or Dare: Encounters with Power, Authority, and Mystery. San Fran­cisco: Harper & Row.

- sturgeon, noel. 1997. Ecofeminist Natures: Race, Gender, Feminist Theory and Political Action. New York: Routledge.

- warren, karen J. 1987. "Feminism and Ecology: Making Connections," Environmen­tal Ethics 9 (1): 3-20.

- 1990. "The Power and the Promise of Ecological Feminism." Environmental Ethics 12 (2): 125-46. ____. 1991. "Feminism and the Environment: An Overview of the Issues." American

- Philosophical Association Newsletter on Feminism and Philosophy 90, no. 3 (Fall): 108-16.

  • 1993. "A Feminist Philosophical Perspective on Ecofeminist Spiritualities," in Ecofeminism and the Sacred, ed. Carol Adams. New York: Continuum, 119-32.
  • 1997. "Taking Empirical Data Seriously: An Ecofeminist Philosophical Per­spective," in Ecofeminism: Women, Culture, Nature, ed. Karen J. Warren. Blooming-ton: Indiana University, 3-20.
  • 1999. "Care-Sensitive Ethics and Situated Universalism," in Global Environ­mental Ethics, ed. Nicholas Low. London: Routledge: 131-45.
  • 2000. Ecofeminist Philosophy: A Western Perspective on What It Is and Why It Matters. Lanham, MD: Rowman & Littlefield. —. ed. Ecological Feminism. New York: Routledge, 1994.
  • murphy, patrick. 1995. Literature, Nature, and Other: Ecofeminist Critiques. Albany, NY: State University of New York Press.
  • plumwood, val. 1993. Feminism and the Mastery of Nature. New York: Routledge.
  • 1996. "Nature, Self, and Gender: Feminism, Environmental Philosophy, and the Critique of Rationalism," in Ecological Feminist Philosophies, ed. Karen J. War­ren. Bloomington: Indiana University Press, 115—80.
  • salleh, ariel kay. 1998. "Working with Nature: Reciprocity or Control?" in Environ­mental Philosophy: From Animal Rights to Radical Ecology, 2nd ed., ed. Michael E. Zimmerman, J. Baird Callicott, George Sessions, Karen J. Warren, and John Clark. Upper Saddle River, NJ: Prentice Hall, 315-24.
  • 1988. "Epistemology and the Metaphors of Production: An Eco-Feminist Reading of Critical Theory," Studies in the Humanities. Special issue on Feminism, Ecology, and the Future of the Humanities, ed. Patrick D. Murphy. Vol. 15, no. 2, 130-39.
  • shiva, vandana. 1988. Staying Alive: Women, Ecology and Development. London: Zed Books.
  • slicer, deborah. 1997. "Your Daughter or Your Dog? A Feminist Assessment of the Animal Research Issue," in Ecological Feminist Philosophies, ed. Karen J. Warren. Bloomington: Indiana University Press, 97-113.
  • spretnak, charlene. 1985. The Spiritual Dimension of Green Politics. Santa Fe, NM: Bear and Company.
  • 1989a. "Toward an Ecofeminist Spirituality," in Healing the Wounds: The Promise of Ecological Feminism, ed. Judith Plant. Philadelphia: New Society, 127-32.
  • 1989b. "Naming the Cultural Forces That Push Us Toward War," in Exposing Nuclear Phallacies, ed. Diana E. H. Russell. New York: Pergamon, 53-62.
  • 1990. "Ecofeminism: Our Roots and Flowering," in Reweaving the World: TheEmergence of Ecofeminism, ed. Irene Diamond and Gloria Feman Orenstein. San Francisco: Sierra Club Books, 3-14.
  • starhawk. 1979. The Spiral Dance: A Rebirth of the Ancient Religion of the Great Goddess. New York: Harper & Row.
  • 1989. Truth or Dare: Encounters with Power, Authority, and Mystery. San Fran­cisco: Harper & Row.
  • sturgeon, noel. 1997. Ecofeminist Natures: Race, Gender, Feminist Theory and Political Action. New York: Routledge.
  • warren, karen J. 1987. "Feminism and Ecology: Making Connections," Environmen­tal Ethics 9 (1): 3-20.
  • 1990. "The Power and the Promise of Ecological Feminism. Environmental Ethics 12 (2): 125-46.
  • 1991. "Feminism and the Environment: An Overview of the Issues." American Philosophical Association Newsletter on Feminism and Philosophy 90, no. 3 (Fall):108-16.
  • 1993. "A Feminist Philosophical Perspective on Ecofeminist Spiritualities," in Ecofeminism and the Sacred, ed. Carol Adams. New York: Continuum, 119-32.
  • 1997. "Taking Empirical Data Seriously: An Ecofeminist Philosophical Per­spective," in Ecofeminism: Women, Culture, Nature, ed. Karen J. Warren. Blooming-ton: Indiana University, 3-20.
  • 1999. "Care-Sensitive Ethics and Situated Universalism," in Global Environ­mental Ethics, ed. Nicholas Low. London: Routledge: 131-45.
  • 2000. Ecofeminist Philosophy: A Western Perspective on What It Is and Why It Matters. Lanham, MD: Rowman & Littlefield. —. ed. Ecological Feminism. New York: Routledge, 1994.
  • Ecological Feminist Philosophies. Bloomington: Indiana University Press, 1996.
  • Ecofeminism: Women, Culture, Nature. Bloomington: Indiana University Press, 1997.
  • warren, karen J., and duane L. cady. 1996. "Feminism and Peace: Seeing Connec­tions," in Bringing Peace Home: Feminism, Violence, and Nature, ed. Karen J. Warren and Duane L. Cady. Bloomington: Indiana University Press, 1-15.
  • Bringing Peace Home: Feminism, Violence, and Nature. Bloomington: Indiana University Press, 1996.