وثيقة:من أجل تلك الناجية المجهولة: حركات مناهضة العنف الجنسي والحراك النسوي الجديد في مصر
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | هند محمود |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | مبادرة الإصلاح العربي |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://www.arab-reform.net/ar/file/2094/download?token=4_goB_3H
|
تاريخ الاسترجاع |
|
هذه الورقة هي إحدى دراسات مُجلّد مصر الثّائرة: التعبئة الاجتماعية وإرث 2011 المنقطع 1، ص154-178.
مقدمة
قدمت ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير إمكانيات جديدة للحراك السياسي واالجتماعي، تجاوزت في أحيان كثيرة الحدث السياسي المباشر لتشكل خلفية عامة لموجة احتجاجات متنوعة وعديدة. فالثورة التي طرحت ثالثة شعارات رئيسية هي: عيش وحرية وعدالة اجتماعية، واستهدفت رأس النظام السياسي؛ طرحت للنقاش كذلك المسألة االجتماعية بكافة جوانبها عبر الفعل السياسي المباشر الذي شارك فيه الماليين من المصريين، خالل السنوات المنصرمة. أي عبر الاحتجاج السياسي المباشر في الشوارع والميادين. فالتقاء فئات الشعب كافة في المجال العام المصري طرح بمعنى ما إمكانية سقوط الكثير من الحدود الفاصلة بين الفئات الاجتماعية والطبقات المختلفة وكذلك الأطر والخطابات الحاكمة لمعنى الفعل السياسي في المجال العام.
وتشكّل الثورة المصرية في هذا الإطار وضعًا ثوريًا بامتياز كما يوضح تشارلز تيلي[1] فاستمرار موجة الاحتجاجات والتظاهرات طوال السنوات المنصرمة يّعد تحديا لبنى القوى الاجتماعية القائمة، وانهياراً للحدود الفاصلة بين الفئات الاجتماعية وأدوارها المختلفة[2] ّ بالإضافة لذلك، فقد وفر هذا اللقاء فرصا لظهور أشكال جديدة من التنظيم السياسي والاجتماعي، لم يكن من المتصور رؤيتها أو التفكير بها بدون الإمكانيات التي وفرها الوضع الثوري نفسه. وقد تجلى ذلك في ظهور المئات من أشكال التنظيم والتعبئة العفوية في مجالات شديدة التنوع. بدءاً من إعاشة المعتصمين، وتشكيل مجموعات الاشتباك المباشر أثناء المعارك مع قوات الأمن، وانتهاء بمجموعات تطرح قضايا سياسية كالمجموعات المناهضة للحكم العسكري، وأخرى تطرح قضايا نوعية كقضايا النساء والأقباط. وتتنوع كذلك أهداف تلك الحركات الجديدة بين المطالب الاجتماعية والاقتصادية المحددة، والاعتراف بهويات اجتماعية أو دينية أو ثقافية غير معرفة بشكل سياسي ومطلبي. كما تأخذ أحيانا شكل التنظيم من أجل أهداف مؤقتة ومحددة سلفا تنتهي بانتهاء الغرض منها.
وبحسب تعبير سيدني تارو في وصفه للحركات الاجتماعية في السبعينات؛ فإن الثورة المصرية تمثل "دورة تعبئة أو احتجاج" شديدة التفرد والاستثنائية، وذلك لكونها تقدم "فرصا لظهور مجموعات منظمة جديدة ونشوء رموز جديدة، وتفسيرات جديدة للعالم وأيديولوجيات جديدة".[3] ويمكن القول هنا: إن الثورة المصرية، رغم ما لاقته من تعثرات كبيرة في مسارها السياسي؛ قد قدمت فيضا من التصورات الجديدة حول الخطاب السياسي من ناحية وأدوات العمل السياسي من ناحية أخرى. فتعثر مسارات الثورة وتعدد الفاعلين فيها طرح على الجميع ضرورة إعادة النظر في فاعلية طرق الحراك الاجتماعي والسياسي. والذي انهارت خلال السنوات الماضية الحدود الفاصلة بينهما في أكثر من مناسبة.
ًعلى الرغم من أن الثورة المصرية وفرت فرصا كبيرة لظهور أشكال متنوعة من الحراك السياسي واالجتماعي؛ فقد شكّلت في الوقت نفسه، أكبر مصدر تحدٍ للشكل البنائي الكلاسيكي التقليدي لشكل تلك الحركات ولإمكانيةاستمرارها وتطورها.فارتباط معظم تلك الحركات بالمسار الثوري صعوداً وهبوطا، وخاصة بإمكانيات التحرك في مجال عام شهد انفتاحا غير مسبوق، جعلها شديدة الارتباط بالموجات الثورية، بحيث تنشط في أوقات التهاب الأحداث السياسية، وتشهد خمولًا في حالات تعثر المسار الثوري. ورغم عدم جواز التعميم على مختلف الحركات الاجتماعية في مصر نظراً لتنوعها الشديد؛ فإن القاسم المشترك بينها جميعا هو كون الثورة مصدر إلهام، وفي الوقت نفسه مصدر تحدٍ لتماسكها واستمراريتها. ويتضح ذلك بشكل جلي إذا ما تأملنا مسائل مثل قدرة تلك الحركات على الاستمرارية وتغيير أهدافها والتوسع عن طريق ضم أعضاء جدد وتبدل رؤيتها من مرحلة لأخرى وغيرها من المسائل.
تتناول هذه الورقة أحد أشكال هذا الحراك الذي برز من قلب الحراك الثوري، متمثلأ في مجموعات مناهضة العنف الجنسي في المجال العام. إن هذا الحراك الذي يضم عشرات المجموعات المختلفة، وآلاف المتطوعين والمتطوعات في كافة أنحاء مصر؛ يشكّل نواة لحركة اجتماعية قيد التشكّل. تضم عدة خطابات بعضها نسوي وبعضها حقوقي عام. ولكنها تشترك جميعها في طرحها، وبقوة، لسؤال سلامة الجسد ووجود النساء في المجال العام. ويمثل هذا الحراك نموذجا ً واضحا لكيفية تفجر سؤال اجتماعي شديد الحيوية كجزء من حركة الاحتجاجات الواسعة المصاحبة للثورة. فعلى الرغم من أن قضية العنف ضد النساء كانت مطروحة قبل الثورة؛ فإن الحراك المصاحب لها ومشاركة النساء فيه على قدم المساواة مع الرجال قد أدى لتحول مجتمعي جوهري في التعاطي مع قضية موجودة وقائمة بالفعل.
ويمكن القول: إن ثورة كانون الثاني/يناير قد مثلت منعطفا فاصلًا في طريقة التعاطي مع تلك المسألة، وفي الخطاب حولها، بحيث صارت قضية سياسية ذات صبغة جماهيرية ومرتبطة بأهداف الثورة نفسها، وهي تأمين أماكن التظاهر بحيث تستطيع النساء التواجد بها. وتطورت الأمور وبدأت تلك الحركات تتجاوز رقعة الاحتجاج السياسي لتمارس أنشطة متعددة في محافل غير سياسية بالضرورة، ووفقا لأجندة مستقلة تتطور يوما بعد يوم.
أما على مستوى الخطاب، فقد تمكّنت تلك المجموعات والمجاميع المرتبطة بها من تطوير وعي نسوي شديد السيولة لا يزال يبحث عن نفسه ويتبلور يوميا من خلال العمل الحركي ذاته. فعلى الرغم من التنوع الشديد فيأساليب العمل وطرق التنظيم والخطاب الذي تعتمده المجموعات المختلفة المكونة لهذا الحراك الناشئ؛ فإن معظمها أصبح نشاطه يعتمد، وبشكل غير مسبوق، على التواجد في أماكن مختلفة وعلى حراك جماهيري واسع. فمن تأمين الميدان، وإنقاذ من تيسر الوصول إليهن من ناجيات من حوادث اعتداء جنسي، إلى التصدي للعنف الجنسي خلال أيام عيد الأضحى، إلى محاولة رفع الوعي بالقضية داخل مترو الأنفاق، وعقد فعاليات وحملات مشتركة. لقد طورت تلك الحركات في عمرها القصير مجموعة من المهارات وطرق العمل Repertoires المتنوعة والمتغيرة وفقًا للسياق الذي وجدت فيه.
بالإضافة لذلك، فقد طورت تلك الحركة خطابات نسوية جديدة، وطورت خطابات أخرى كانت قائمة بالفعل بشكل أكثر أصالة وراديكالية. وذلك على الرغم من استمرار بعض خطابات الحماية أو الأفكار الرجعية بين أفراد المجموعات المختلفة. فتجربة التصدي للعنف الجنسي ميدانيا ًثم خطابيا فرضت على المشاركين فيها الاشتباك مع العديد من الأسئلة الشائكة التي تمثل صلب المسألة النسوية في مصر حالياً، مثل: أدوار كل من الرجال والنساء في المجالين العام والخاص، وعلاقة العمل النسوي بالعمل السياسي والثوري، ومسؤولية الدولة في تفاقم الظاهرة وإخفاقها في التصدي لها حتى الآن.
ومن هنا تتبدى أهمية قضية العنف الجنسي ومحوريتها بالنسبة للحركة الصاعدة في مصر الآن، ليس فقط بسبب انتشارها وخطورتها في حد ذاتها؛ بل لأنها شكّلت المدخل الأساسي للوعي النسوي للكثير من الفتيات في مصر والالتي تشكّل لهن معركة اكتساب مساحات جديدة للحركة في المجال العام معركة حقيقية ويومية.
تركّز الورقة على ثلاث نقاط أساسية هي:
- آليات بناء كل من خطاب الحركة gnimarF ،وطرق العمل على الأرض seriotrepeR ،والتأثير المتبادل بينهما.
- العلاقة بين الخطابات النسوية المختلفة، التي طرحتها تلك المجموعات والخطاب الثوري الأعم.
- كيف تم بناء مشكلة العنف الجنسي من قبل تلك المجموعات، كمشكلة اجتماعية وسياسية، ودور الخطابات النسوية المختلفة في صياغة تلك المشكلة.
وتسعى الورقة لتحليل هذه النقاط من خلال التركيز على مفهومين رئيسين ساهما بشكل أساسي في بناء خطاب الحركة وتطوير آلياتها الحركية، وشكّلا بشكل أساسي وجهات نظر الناشطين فيها عن دورهم عبر المراحل المختلفة لتطور الحركة. وهما: أ – مفهوم الناجية وما صاحبه من طرح لقيم أوسع مثل التضامن النسوي. ب – دور الرجال داخل الحركة، وتحديداً مسألة توزيع الأدوار الميدانية وخاصة داخل مجموعات التدخل. يشكّل هذان المفهومان مفتاحان مهمان، من وجهة نظري، لفهم طبيعة الحراك النسوي الجديد في مصر، ولماذا يمثل تطوراً جديداً يختلف عما سبقه، بشكل يجعلنا نتحدث عن حركة نسوية حقيقية في مصر ربما للمرة الأولى.
منهجية البحث وأدواته
ملاحظات حول موقع الباحثة داخل مجموعات مناهضة العنف الجنسي
لماذا العنف الجنسي؟ عن تأسيس الحركة وتطور خطابها
عن تأطير الخطاب والحركة
آليات النضال النسوي: أدوار النساء والرجال في الحركة
نحو خطاب سياسي نسوي حول قضايا العنف الجنسي
خاتمة واستنتاجات حول مستقبل الحراك المرتبط بمناهضة العنف الجنسي في مصر
الهوامش
- ↑ .Wesley – Addison: Reading. Revolution to Mobilization from. 1978. Charles, Tilly
- ↑ 000.625.rfspe/3917.10: DOI. 29 – 1. p, 62. Vol 5/2012) English (politique science de francaise Revue in “uprisings Arab the on Reflections: situations revolutionary of sociology a Towards. ”al Mouniaet Chrabi – Bennani
- ↑ Tarrow. Sydney. 1998. Power in Movement: Social Movements and Contentious Politics. Cambridge: Cambrdige University Press.