وثيقة:هل النسوية مستوردة؟ نقاش مفتوح عن نشأة النسوية وموجاتها و”أسلمتها”
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | هيثم خيري |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | قراءات |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://qira2at.com/2018/04/12/feminism-seket-elmaarif/
|
تاريخ الاسترجاع | |
نسخة أرشيفية | http://archive.is/4Y0jm
|
قد توجد وثائق أخرى مصدرها قراءات
دراسات الجندر أو النوع الاجتماعي.. أين تتجه؟
السؤال يبدو فضفاضا جدا، وبالإمكان تضييق الخناق على السؤال لنضيف إليه “في مصر”، حينها سيصبح مقبولا نوعا ما، وقد نضيف إليه تساؤل آخر، وهو: “أي الدراسات بالضبط؟”
الجلسة الفائتة من سيمنار سكة المعارف، التابع لجمعية النهضة الثقافية والعلمية، سعت لشرح تاريخ الحركات النسوية، كما توقف طويلا عند سؤال: هل الأفكار الجندرية مستوردة من الخارج وبالتالي لسنا في حاجة إليها؟
الدكتورة دينا مكرم عبيد، استاذة علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، تقود النقاش في هذه الجلسة من “سكة المعارف” استنادا إلى قراءات مسبقة، هي دراسة بعنوان “ النقد النسوي والنسوية الإسلامية: مسألة التقاطع”، للباحثة سارة سالم، وعدة قراءات إضافية هي دراسة بعنوان “التضامن النسوي” لسارة سالم أيضا، و” النسوية الإسلامية والربيع العربي: نهوض أم سقوط” للباحثة فاطمة إمام سكوري، و” من يخاف من الشريعة؟ النسوية الإسلامية والحوكمة الإسلامية” للباحثة يارا سلام.
الإمبريالية والجندر
الكلام في السطور التالية سيكون لدينا مكرم عبيد..
فيه بداية لخناقات لها علاقة بـ “هل الأفكار الجندرية مستوردة من الخارج وإنها لا تنفعنا في مصر”، الكلام عن الجندر باللغة العربية غير كافي وغير مرضي، لذا حبينا نشتغل على جزء مهم من دراسات الجندر وهو الحركات النسوية والنظرية التقاطعية، التي تحاول الاجابة عن سؤال: “هل الجندر بالفعل شيء إمبريالي؟”
قبل أن نبدأ الكلام عن النسوية بشكل عام، اللحظة اللي قبلها إننا مينفعش نتكلم عن الجندر بدون التفكير في علاقات القوى المجتمعية، اللي أثرت على شكل العلاقات أو النوع الاجتماعي في المجتمعات.
مش هانعرف نتكلم ـ مثلا ـ عن الجندر والتطور دون النظر إلى الرأسمالية، وكيف أنها أثرت على الأشكال المختلفة للجندر، مثلا نتكلم عن ظهور “النيوكلير فاميلي” (العائلة متناهية الصغر) اللي ظهرت مع الرأسمالية، خاصة أنه نظام اجتماعي يساعد على توريث الملكية بشكل أوسع.. أو هكذا يقول المنظرون.. فكرة قيمة الأشخاص وأدوارهم في حد ذاتها أصبحت مرتبطة بشكل مهم جدا بالرأسمالية.
وأكتر واحدة اشتغلت على الفكرة دي هي سيلما سيفيريدشل، اللي حاولت تشوف أنماط العلاقات الأسرية وعلاقتها بالنسوية، وترى أن الرأسمالية بشكلها الحالي مكنش هاينفع تبقى موجودة إلا مع بداية عصر التنوير، وبتاخد حالة وتسلط الضوء عليها وهي محاولة إبادة الساحرات في أوروبا وإنها كانت واسعة ومسكوت عنها في التاريخ، أوتروى على أساس أنها شيء هامشي، وهي إن الساحرات كانوا بيقدروا يعملوا علاقة معقدة بين الجسد والعقل، وكان لديهن السلطة على أجسادهن بشكل عال، ومع ظهور الأفكار التنويرية في القرن الـ 18 محاولة لتبدية العقل على حساب الجسد، أصبح هناك تقليلا من دور الساحرات وإبادتهن تماما.
تتحدث عن الأفكار الفلسفية بداية من ديكارت الذي ينادي بالفصل بين العقل والجسد، وتستخدم جملة “الجسد يجب أن يموت حتى تعيش الرأسمالية” باعتبارها جوهرية في فهم كيف تخدم آليات الرأسمالية فكرة موت الجسد وتهميشه، وبالتالي يبقى مفيش جسم عنده أحاسيس ومشاعر وغير ذلك، جيه مع ده تأسيس جديد لدور المرأة، إنها تحولت إلى حد بينتج قوى عاملة، والستات تحولن إلى منتجات للرجالة وغير ذلك فلا دور لهن.
ممكن يكون تراكم الانتقال من نظام الإقطاع إلى الرأسمالية، وما نتج عنها من خصخصة الممتلكات العامة، وأصبحت هناك ملكلية خاصة، وتم خصخصة الجسد أيضا وأصبح مرتبطا بإنتاج القوى العاملة بشكل ما.. طبعا هذا التراكم لم يحدث مرة واحدة في النقلة بين الأقطاع إلى الرأسمالية إنما كان على مراحل خدت عشرات السنين.
النظرية التقاطعية
نيجي هنا للنظرية التقاطعية، اللي قالت إنه مفيش حاجة اسمها نسوية في المطلق، وإن النسوية مرتبطة بمسارات أخرى في المجتمع يجب أن نفهمها، وقبل ما ننتقل إلى التقاطعية يجب القول إن الدولة كان لها دور شريك وأساسي أدى لوجود أشكال معينة من أنماط النوع الاجتماعي في المجتمعات، وجميعها أبوية بالطبع، منها حاجات زي القانون اللي بيكتبه معظم الوقت رجال.. القوانين غير منصفة للستات وبالأخص ما يخص الأحوال الشخصية، وعدم الاعتراف بإن فيه حاجة اسمها اغتصاب في مؤسسة الزواج، ومشاكل ما بعد الطلاق، وغيرها من المشكلات المرتبطة بالقوانين بالأساس.
ما أسعى لقوله هو إنه مينفعش نتكلم عن الجندر من غير ما نبص على القوى الأخرى اللي موجودة في المجتمع، وده اللي عمله نسويات الموجة الثالثة تحديدا، واللي أسست لما يسمى بالتقاطعية.
موجات النسوية
فيه مفهوم عام سائد بين دارسي النسوية إن تاريخها بدأ واستمر على 3 موجات، وده تنظير للنسوية في العالم الغربي، الأولى اللي دايما بتبقى مرتبطة بالسيدات اللي حاربن من أجل تحرير المرأة مع بدايات القرن العشرين، وكانوا بيشتغلوا على الحق في التصويت والتمثيل السياسي، والحقوق الأساسية في الصحة والتعليم، وبالتالي بدأت الموجة دي من الحقوق السياسية، وعملت نقلة بينها وبين الحركة اللي بعدها في الموجة النسوية الثانية، وهي دور الستات في الأسرة وحقوقها في العمل وحقوق الملكية في المجال العام والخاص، حق الستات في التعليم والصحة بأشكال أكثر تبلورا في الخمسينيات والستينيات، خاصة حينما اشتغلت على العدل مثلا في العمل.
الموجة الثالثة جاءت من نضالات من نسويات مش بيض (سود وأعراق مختلفة) وابتدوا يقولوا إن النسويات البيض بيناقشوا قضايا لا تمثلنا، وإن دورنا وخصوصيتنا تؤثر علينا بشكل مغاير.. ومن الحاجات اللي ناقشوها بجدية، إنه وقت ما النسويات البيض كانوا بيتكلموا عن الأسرة كمكان مش بالضرورة عادل، النسويات السود قالوا إن الأسرة هي المكان الذي نلجأ إليه في مقابل العنف الذي نعيشه خارج نطاق الأسرة، وإن الحق في الإجهاض متفهمينه جدا، لكن نعاني من أن أبنائنا بيتاخدوا مننا ويتمنعوا من الحمل؛ لأن كان فيه رؤية إنهم ستات غير قادرات على تعليم وتربية أبنائهن، وغير متقدمات بما فيه الكفاية لرعاية الأبناء، بمعنى إن هؤلاء الستات الملونات عندهم قضايا وأجندة محتاجين يطرحوها.
وفيه باحثين بيقولوا إن فيه موجة رابعة من النسوية ظهرت في 2012 على مستوى العالم، وإن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للحديث عن قضايا النوع الاجتماعي، والتركيز على العنف الجنسي ضد الستات كان المحرك الأساسي اللي بيقود هذه الموجة.
عودة للتقاطعية
التقاطعية النسوية جاءت من أستاذة القانون، كيمبرلي كرينشو، وبدأ الأمر بإن فيه ستات سود عاوزين يعملوا شكوى من كونهم بيتعاملوا بشكل غير عادل كستات سود، وتداخلت كممبرلي كرينشو معهن واحتارت في البداية: تعمل لهم شكوى باعتبارهن سود، أم باعتبارهن نسوة سود، وبدا إنه مفيش تنظير نسوي حول الستات السود.
في موقف تالي، في ملجا للستات ضد العنف المنزلي، راحوا ستات من جنسيات مختلفة وقدموا شكوى بلغة غير إنجليزية، ولم تقبل شكواهن وبالتالي لم يقبل وجودهن في الملجأ لأنهم “مش عارفين يعبروا عن نفسهم أو يمثلوا نفسهم”. كيمبرلي شافت إننا محتاجين نظرية نتكلم بها عن فكرة إن البني آدمين لديهم خلفيات مختلفة، وإن مفيش حاجة تجمع بين كل قضايا النسوية، وإن هذه القضايا تتقاطع لأسباب كتير جدا منها العرق واللون والإقليم وطبيعة الحياة في كل بلد وبالتالي طبيعة مشاكل كل طبقة وبلد أو ثقافة، وجاءت فكرة التقاطع من تقاطع الفئات والحاجات الاجتماعية المختلفة مع بعض، ولذا فتجربة “الست” ليست موحدة.
النقد اللي اتوجه للتقاطعية أنه “بيبهوأ”، وبالتالي يصعب تطبيقه مع كامل الظروف والأعراق والطبقات، وبيتحول تطبيق التقاطعية إلى شيء مجحف وصعب أو مستحيل في بعض الأحيان، لكن أهم حاجة في هذه الجزئية (التقاطعية) انه بدأ يبان إن فكرة النسوية ليس بدعة، ومش جاي من الغرب، وشيء ممكن يشمل ناس من هويات مختلفة وتاريخ متخلف أيضا.
وفيه مجموعات بدأن يعملوا شغل على ده، زي مجموعة “مواطنة” اللي نظمن من وقت قريب مؤتمر عن الست المسيحية من منطلق نسوي تقاطعي، وفيه ناس كتير اشتغلوا على حقوق الست المسيحية والحقوق الشخصية لها، وكيف إن عندها قضايا مختلفة عن حقوق المرأة المسلمة، فيما يخص الطلاق والتبني وما إلى ذلك.
أما فكرة الموجات فهي قائمة في حد ذاتها على تخيل للوقت إنه بيمشي للأمام دوما، وإن الوقت تراتبي من تحت لفوق، ورأيي إن التفكير اللي ماشي بشكل مستقيم غير مفيد، والانتقاد الموجهة لفكرة “ الموجات” إن فيه شغل نسوي بيحصل طول الوقت وستات كتير جدا مش بتنتمي للنسوية بمعناها المعروف ولا يعرفن الموجات ولا يشغلهن، وبالتالي بننسي نوع مهم جدا من النضال وهو حركة المجتمع نفسها.
هنا ييجي سؤال آخر: هل النسوية طالعة من الطبقة الوسطى فقط أم من الطبقة العاملة فقط؟ فيه كلام كتير محتاجين نقوله فيما يخص التأريخ النسوي.
المشاركون يتداخلون
انتهى طرح الباحثة دينا مكرم عبيد، وبدأ النقاش المفتوح من الباحثة مي عامر قائلة: “مفيش نظرية في العالم بتقول إننا ممكن نعمل كل حاجة في نفس الوقت”.
تتابع مي عامر بالقول: عندي مشكلة مع ما يسمى بالنسوية الإسلامية، على قد ما بحبهم على قد ما بيخوفوني جدا، بخاف من النسوية الإسلامية لأنهم بيحاولوا يروحوا للمجتمع على أرضيته، وبالتالي بيزود خناقتنا واغترابنا معاهم، على الجانب الآخر بنبقى إحنا المستوردين والنسوية الإسلامية اللي حالها بيمشي أكتر، كمان مقدرش أقول إن النسويات الإسلاميات يمثلوني في كل مطالبي.
وتتحدث د. ريم سعد، أستاذة الأنثربولوجي في الجامعة الأمريكية، عما يسمى بالنسوية الإسلامية، فتقول: هناك تفاوت بين القول والفعل، متعودين إن الناس بتتكلم حلو أوي لكن أفعالها بتكون هي الأمر الحاكم.
وتقول د. ملك رشدي، أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية: “أنا جاية من مجال محدد وهو الأنثربولوجي، والاعتبارات اللي بنضعها في ذهننا وإحنا بنتكلم عن النسوية زي الطبقة أو العرق أو كذا بنستخدمها ونضعها في اعتبارنا في أي بحث أكاديمي آخر وده بديهي، إنما هنا فكرة التقاطعية جاية من خناقة واشتباك مع الواقع، بمعنى إن هناك ضرورة لعدم تنميط الستات وقضاياهن في الحديث عن النسوية بشكل مطلق دون الوضع في الاعتبار الطبقة والسن والثقافة وغيرها من المحددات الأخرى
حتى وإحنا بنتكلم عن رموز النضال النسوي محتاجين نتوخى الحذر شوية.. بالصدفة وقعت على مذكرات كتيرة جدا لصفية زغلول، الملقبة بأم المصريين وزوجة سعد زغلول، مكتوبة بالفرنسية، بتتكلم فيها عن إن “سعد” بيلعب قمار كتير وعنده مشاكل عويصة.. ويصبح سعد زغلول إشكالية عظيمة في حياتها، وإنها مش عارفة تتصرف معاه إزاي، كمان بتتكلم عن مشكلتها مع اللغة العربية، وإنها مش بتعرف تكتب بالعربية ولا تستطيع تحديد هويتها القومية. وفيه كلام آخر عن إن هدى شعراوي بكل ما تملك من تاريخ حقوقي نسوي كانت بتتضهد البنت اللي بتشتغل عندها وبتعاملها بمنتهى القسوة.. قصدي إنه مفيش تاريخ واحد، ومهم إننا نراجع التاريخ ونقراه من زوايا متعددة.