وثيقة:من قال أنني لم أشعر بالخوف
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | مريم كولونتاي |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | نحو وعي نسوي |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://feministconsciousnessrevolution.wordpress.com/2020/07/13/من-قال-أنني-لم-أشعر-بالخوف/
|
تاريخ الاسترجاع | |
نسخة أرشيفية | http://archive.vn/AnKzf
|
الجزء الثاني من الحوار موجود على الرابط: حان الوقت لإنهاء التهميش
قد توجد وثائق أخرى مصدرها نحو وعي نسوي
مقدمة الحوار
في هذا الحوار نسعى لأن نؤسس لمساحة جديدة داخل الخطاب النسوي والحقوقي في السعودية، وهو صوت العابرين والعابرات، صوت المضطهَدين والمضطهَدات من المنظومة الأبوية والقمعية بتقاطعات كثيرة منها الهوية الجندرية والمواقع الطبقية، اضطهادٌ قد لايُرى للكثيرات والكثيرين، وقد يُهمش في أغلب الأحيان نظرا لتغلغل الأبوية وقيمها حتى في الدوائر التي يفترض أن تعاديها.
ولكي نستعيد مساحتنا ونضالاتنا ونخرجها من قبضة النظام الأبوي ومعاييره علينا اسماع الصوت المهمش والتضامن لفرض المزيد من كسر الصمت حول قضية العبور الجنسي والقمع الذي يتعرض له كل من العابر والعابرة بأشكال متعددة ومختلفة بإختلاف تجربة كل منهما. للبدء بفهم تجربة الرجل العابر في السعودية مثلا يجب التيقظ لعواملٍ ومؤثراتٍ مختلفة ومتشعّبة، إذ يقع الرجل العابر ضحية قوانين الولاية والتمييز ضد النساء وضمن القيود التي تشل حركته وتجعل الحصول على العلاج والتعليم العادل صعبة جداً لكونه مقيدا بولي الأمر ولو مارس ذلك الأخير أشكال العنف أو الاضطهاد ضده.
ويتم تعليق الفرمانات عن ”التشبه بالجنس الآخر” في الجامعة والتي لا زالت تلعب دوراً صارماً في الرقابة الجندرية في السعودية عبر الإدارات الرسمية وعمادات الكليات ورؤساء الجامعات وبشكل مباشر تُمارَس هذه الرقابة عبر توظيف نساء كمشرفات أمن وهن من يعلقن الإعلانات وفرمانات على جدران الجامعة لتعلن عمَّا تعرض له من عقوبات لكونه أقدم على ”التّشبه“. وحين يصل -بعد نأي- إلى المشفى لشرح حاجته للاستشارة وحقه بالحصول على التصحيح الجنسي والجندري الذي يمكنه من عيش حياته قد يقوم الطبيب بإبلاغ الشرطة وأمن الدولة، وقد يتعرض للإغتصاب والتحرش.
ويُؤثر عامل الحدود بشكل مضاعف على المهاجرات/ين ومن لا يملکون الجنسية في السعودية فيمنع من الانتقال لوطن آخر يتيح التصحيح الجندري والعلاج وأكثر أمانا من السعودية بنظامها العنصري وآلياتها القانونية المجحفة ومنها الكفالة والولاية والأنظمة الضريبية الشهرية المرتفعة كنظام المقابل المادي، وأخيراً من العنف الوحشي والتعذيب من الشرطة الذي قتل “مينو” وهي امرأة عابرة ومهاجرة اُعتقلت شهر فبراير عام ٢٠١٧.
هذه الإنتهاكات تعرف طمساً ممنهجا نظرا للجو البوليسي وتكميم الأفواه السائد في البلد، وتبقى الوسيلة الوحيدة المتوفرة لتسليط الضوء على القضايا في السعودية هي ”تويتر“، لكن استخدامه له كلفة عالية جداً، منها التعرّض للتهديد بالقتل والإغتصاب والتحريض وحملات التبليغ والإعتقال المتواصلة، والتي تنظمها الحكومة بشعارات مختلفة كـ“كلنا مسؤول“ و“تم القبض“.
كل هذه هي رؤوس أقلام من زاوية محدّدة كون هذا الحوار عن تجربة المُحَاور بشكل مباشر لا تجربة المرأة العابرة المهاجرة أو تلك السعودية أو الرجل العابر المهاجر، ففي النهاية ستكتمل المعالجة فقط لقضايا كل النساء العابرات والرجال العابرين بفتح النقاش وإتاحة المنصات للجميع وهذا ما نأمله. نسعى لأن يكون هذا الحوار بداية لرفع صوت الرجال العابرين والنساء العابرات، لقد حان الوقت لينصت الجميع أفراداً ومنظمات، نسويات ونسويين ، حقوقيات وحقوقيين، فلينتهي هذا الطمس والتهميش ولتعطوا النساء العابرات والرجال العابرين المايكروفون حالاً.
الجزء الأول: من قال أنني لم أشعر بالخوف؟
يقال لي أنني شجاع واستطعت تجاوز كل هذه العواقب ولكنني أجيبهم؛ من قال لكم أنني لم أشعر بالخوف؟من قال أنني لم أخف على حياتي وأمني خلال هذه الفترة، لقد كنت أخشى على حياتي وقد وصلت إلى هنا لكن غيري لم يصل إلى الآن، فأحاول أن أوصل أصوات الجميع أيضاً.
تعريف بالمُحاوَر: آلڤين
رجل عابر ونسويّ بالدرجة الأولى كما يعرّف نفسه، ٢٤ سنة، من السعودية/القطيف، انتقل قبل أشهر إلى بريطانيا. ناشط بعدة قضايا نسوية سياسيّة، وعلى رأسها قضايا العابرات والعابرين والتعنيف والعنف داخل البيئة المنزلية، إلى جانب التغيير الديموقراطي في السعودية والمنطقة، يتحدث في هذا الحوار عن تجاربه الشخصية كعابر بالإضافة إلى تجاربه وخبراته كناشط.
مريم: تحدثت عن وجود فجوة ضخمة تفصل واقع النساء العابرات والرجال العابرين في السعودية والصورة الإعلامية المعلنة هل يمكنك شرح مقصدك بهذه الفجوة؟
آلڤين: يُمارس تضليلٌ إعلامي مخيف، فبينما نتعرض للتحريض والإخفاء القسري يزداد خطاب الكراهية ضدنا، ونتعرض لبلاغات تنتهي بالإعتقال، ونمر بكل ذلك بعمر المراهقة فمجرد توثيق ماتعرضنا له يعتبر صعباً. الوضع في السعودية يُعكس عبر روايتين منفصلتين، الوضع كما يُروج عنه والمرسوم عبر الساعيين للتلميع الإعلامي في منصات إعلامية رائجة في السعودية، مثل برنامج داوود الشريان وطارق الحبيب، وتتجاوز الوعود والتصريحات الإعلامية وعود العلاج حيث زُعم أنه من الممكن إصدار أوراق جديدة لبطاقة الهوية بعد العبور الجنسي بعد التصحيح لكن في الواقع لم يتم تسجيل هوية واحدة.
مريم: كيف يتم التلميع تحديداً؟ ماهي رواية الحكومة الرسمية وكيف تُنقل؟
آلڤين: يتم إغراق كافة المنابر بالمعلومات الخاطئة ومن ضمنها السوشال ميديا باستخدام شخصيات مؤثرة أو حسابات وهميّة بالإضافة للبرامج التلفزيونية والشخصيات الأكثر تأثيراً كداوود الشريان وطارق الحبيب… العام الماضي كان محمد الجاسر ضمن حلقة في برنامج داوود الشريان وتمت استضافة محامية من البحرين أيضا تدعى فوزية الجناحي، التي حضرت ضمن حلقة تم تسجيلها عبر منصة زوم قبل شهر لتكرار ما تحدثت عنه سابقاً، وحينها سألتُها إذا كان قد تم الاعتراف بالتعاسة الجندرية فعلاً فلمَ لايوجد سند نظامي؟ فأجابتني أنه بعد انتهاء حظر السفر والتجول ستذهب لمراجعة الوضع وحتى لو لم يكن هنالِك سندٌ فينبغي علي سؤال محمد الجاسر والإعلامي داوود الشريان!
لم تجب المحامية على أسئلتي، أو عن تهمة ”التشبه بالجنس الآخر” التي لاتزال موجودة على لوائح العقوبات الرسمية والتي يُدان بها العابرون والعابرات بشكل روتيني. كما يروج كذباً بأنه يسمح بإجراء العمليات لثنائيي وثنائيات الجنس البيولوجي (بينجنسية و إنترسكس وجنس بيني من ولدن بصفات وأعضاء غير محددة لجنس واحد) وتحويلها للاعتراف بالتعاسة الجندرية بل وتوفير العلاج! لكن لا شيء من ذلك صحيح. ومن المهم أيضا أن ننوه أن التعامل مع قضايا الانترسكس أيضا له مشاكله المتعددة، فمثلاً تقول بعض الشهادات أنه قد يأخذ الأمر سنوات قبل الحصول على العلاج.
مريم: هل سألت المحامية فوزية الجناحي عن حالات القتل تحت التعذيب مثل ماحدث عام ٢٠١٨ لمينو التي تم اعتقالها بعد اقتحام منزل؟ أو الاعتقالات كإعتقال سهيل وآخرها اعتقال محمد البكاري؟
آلڤين: لا، لم تتطرق إلى أي من هذه القضايا مطلقاً.
مريم: أنتقل للسؤال التالي، تحدثت عابرة مهاجرة عن ضلوع ضباط من الشرطة في السعودية بجريمة الاغتصاب والضغط على الأقليات الجندرية والمثليات والمثليين للسكوت عن الاغتصاب مقابل الإفراج عنهن/هم، هل سمعت بقضايا مشابهة؟
آلڤين: لم أسمع عن حالات أخرى عن الشرطة لكن حدثت حالات مشابهة مع الأطباء، يصل الأمر ببعض الأطباء للضغط على مراجعيه ومراجعاته وإجبارهن/هم على ممارسة الجنس واغتصابهن/هم، ويبرر هذا الإنتهاك للضحية عبر كلام من نوع “سيجعلك هذا امرأة“ وكأنه جزءٌ من العلاج، كل هذا يحدث دون حماية وفي وضع قانوني يجعل العابرة والعابر عرضة لخطر مضاعف نظرًا لعدم قدرتهن/هم على رفع صوتهن/هم لطلب المساعدة حيث سيتم معاقبتهن/هم لا الجاني.
وهذه ليست الحالات الوحيدة للانتهاك في قضايا العبور الجنسي داخل القطاع الصحي، فمثلا مستشفيات الأمل الحكومية هي الوحيدة المخولة لإصدار تقارير طبية رسمية، لكنها لا تستقبل حالات العابرات والعابرين إذ قيل لي شخصياً ”لا نستقبل مثل هذه الحالات“، وأكد أصحاب مستشفيات خاصة أن مستشفيات الأمل هي الوحيدة المخولة لإصدار تقارير رسمية.
كما توجد انتهازية واستغلال في البيئة الطبية في السعودية داخل القطاع الخاص، مثل طلب رشاوي ومبالغ كبيرة لمجرد تقرير شكلي وبلا توصية علاجية، والأسوأ هو أن الأطباء قد يبلغون الشرطة وأنا شخصياً اضطررت لدفع رشوى ضخمة (٢٥ ألف ريال) لإتلاف محضر بأمر بالقبض علي حين كنت بعمر التاسعة عشرة.
ولا يتم تطبيق بروتوكولات منظمة الصحة العالمية، التي تنص تلك على ضرورة التشخيص وعلى أن يُعطى وتُعطى للعابرة والعابر مدة أقصاها سنتان كجندر الذي تشعر/ يشعر أنه يمثله/ا يمارس فيها الجندر ويواصل مراجعة الأخصائي أو الإخصائية النفسية قبل البدء بالعلاج الهرموني، والتشخيصات دوماً تتم بالتوصية بالتصحيح الجنسي المقابل فوراً..
مريم: هل تعني أن اللامعياريات واللامعياريين جندريا والذين واللواتي لا يعترفون بالهوية الذكورية التامة أو الأنثوية التامة يتم دفعهم/ن للجنس المقابل الذي لايناسبهم/هن؟
آلڤين: نعم. لكن يتجاوز الأمر ذلك فلكي تحصل على التشخيص بالتعاسة الجندرية لابد أن تكون ميولك متلائمة فمثلاً لو ذهبت وقلت ”لا أعتقد أنني امرأة وهوية امرأة لاتناسبني وأنا أنجذب جنسياً وعاطفياً للنساء لا الرجال“ قد يتعاون الطبيب ليس لخبرته أو مهنيته ولكن لكونه يريد أن يفرض الميول على مراجعيه ومراجعاته ويحكم تبعاً لذلك، وقد تُجبر امرأة مثليّة على العبور دون رغبتها به… لذلك شددت التأكيد على أهمية التوعية في أوساط مجتمع الميم نفسه فالمرأة المثلية قد تعتقد أنها لابد أن تمر بالعبور ليكون من حقها أن تحب النساء أو تشعر بالانجذاب الجنسي اتجاههن!
وأعرف رجلاً عابرا رغم تعاسته الجندرية أُجبر على الزواج برجل وأنجب أيضاً وهذا ماجعل إيجاد طبيب يستمع له أصعب حتى.
التوعية قد تحميهن/هم من التشخيص الغير مهنيّ حيث يتم التشخيص أحياناً بعد أسبوعين فقط، وهذا ليس وقتاً كافيا، تتسبب عدم المهنية هذه بالتشخيص المتسرع الذي يخوض بعده العابر والعابرة تجربة تصل أحيانا للعبور الجراحي والهرموني بناء على هذا التشخيص الخاطئ، وقد تحدثت مع من ندمن/ندموا على المرور بالعبور الكامل الذي حدث بسبب تجاهل الأطباء لبروتوكولات منظمات الصحة العالمية ولإحلالهم للجهل والانحيازات التي مصدرها التمييز محل المهنية، كما لايتم تطبيق مبدأ العلاج بالاستبعاد وهذا يعني أن المراجع/ة المصاب باضطراب نفسي يحتاج للعلاج أولا من أي اضطرابات نفسية كاضطراب ثنائي القطب مثلاً قبل البدء برحلة العبور. فأطباءُُ كُثر لا هم لهم إلا جمع الأموال والسلام.
مريم: إن لم تمانع سؤالي؛ هل عرفت دوماً منذ طفولتك مثلاً أن هناك خطبا ما وأن هوية الأنوثة لا تناسبك؟
آلڤين: بكل تأكيد قد يتعجب البعض من ذلك ولكن منذ اللحظة التي اكتشفت فيها جسدي كنت أرى الفرق الواضح بينه وبين الآخرين وأشعر أن هناك خطأ كبيرا في جسدي، كنت كطفل أعتقد أنه ستحدث معجزة تعالج الموضوع أو أنه قد يكون محض حلم أستيقظ بعده بكل بساطة لأكمل حياتي كرجل بجسمي الحقيقي ولكن الأمور ليست بهذه السهولة.
مع ذلك يتسبب نقص البيانات والمحتوى وعدم وجود توعية حول التعاسة الجندرية بأن يعلق الرجال العابرون في حياة وزواج لا تُلاحظ داخله هوياتهم ويبقون سجناء الدور والجنس الأنثوي، فأحد أصدقائي متزوج، وأنا أيضاً مررت بتجربة الخطوبة بعمر السابعة عشر، لكن من حسن حظي أن هذا الرجل كان متفهماً وكان يعاملني كصديق وأبتسم عند التفكير بالأمر وكيف قال”خاطبي” وقتها ”هذا رجل مثلي تماماً“ قبل أن تنتهي الخطوبة.
مريم: لاحظت أنك في إحدى تغريداتك انتقدت تغريدة تُخبر الرجال بأن عليهم أن يكونوا رجالاً بممارسة الدونيّة على النساء “لا تنسى أن المرأة ليست نداً لك“، جعلني الأمر أفكر هل يحدث هذا لك كثيراً؟ أعني أنه وبعد أن استطعت كسر النمط المفروض الذي ربط الجنس بهويتك الجندرية تحتاج أيضاً لمحاربة الأنماط الرجولية السّامة؟
آلڤين: نعم، بالضبط يحدث ذلك كثيراً وأحياناً مع عابرين آخرين، بمعنى أنني أختلف مع نمط الرجولة الذكوري الذي قد يتبناه عابرون أيضاً، فيوجد عابرون ذكوريون حاورتهم في هذا الموضوع، لكن مع ذلك أتذكر أمراً جميلاً حدث معي، أنني لا أتقيد بالأنماط المفروضة للذكورة على جسمي وأفضّل إزالة شعر الساقين، وحين غردت عن الأمر معبراً عن هويتي الخاصّة كرجل، أجابتني نسوية كويتيّة بأنني محق ولا عيب في ذلك ولا علاقة للأمر برجولتي، أتذكر هذا الأمر وأبتسم وأشعر بالامتنان للطفها.
مريم: المدارس والجامعات في السعودية شبيهة بشرطة الجندر وتشكل مثالاً فريداً في الرقابة وإصدار العقوبات على كل من يخالف الهويّة الجندرية المعلَّبة ؛ فارتداء الكولون والساعات الرجالية مثلاً قد يعتبر مخالفة وجريمة، هل درست في الجامعات السعودية قبل خروجك وكيف كانت تجربتك؟
آلڤين: نعم. لقد أنهيت دراستي في السعودية عن طريق الانتساب كنت أذهب لتقديم الاختبارات فقط، فشهادات أصدقائي أنفرتني من الذهاب إلى الجامعة يومياً، فأحد أصدقائي يعاني من إدارة الجامعة التي تعلّق الفرمانات على جدران الجامعة تعلن فيها عن العقوبات التي أُصدرت بحقه لكونه أذنب بتهمة مايسمى ”التشبّه” والتشهير به واستخدام اسمه الكامل، لا يقف الأمر على صديقي والعابرين عموماً بل يتعرض الجميع من نساء أيضاً لانتهاكات منها قياس الشعر وفرض العقوبات عليهن بتهمة “المتشبهات“ ولا يحميهن كون هويتهن الجندرية معيارية.