وثيقة:هل أنتم محصنون ضد الذكورية؟

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

نحو وعي نسوي.jpg
تدوينة
تأليف سومة محمد الولي
تحرير غير معيّن
المصدر نحو وعي نسوي
اللغة العربية
تاريخ النشر 2020-06-19
مسار الاسترجاع https://feministconsciousnessrevolution.wordpress.com/2020/06/19/هل-أنتم-محصنون-ضد-الذكورية؟/
تاريخ الاسترجاع 2020-07-28
نسخة أرشيفية http://archive.vn/65qDs



قد توجد وثائق أخرى مصدرها نحو وعي نسوي



من بين تسجيلات عدة عن جريمة محاولة الاغتصاب لطفلة قاصر في مدينة باسكنو، تهجم زعيم حركة ايرا الإنعتاقية بيرام الداه عبيدي على الحراك النسوي الموريتاني، واصفا إياه بأنه جزء من نظام “الابرتايد” الموريتاني، يتجاهل قضايا الاغتصاب ضد نساء الحراطين، متهما إياه بالانحياز إلى منظومة العبودية التي تجعل من أجساد الحرطانيات مسرحا لتجارب الاحتجاج ضد الجرائم الجنسية، مزايدا هنا من موقعه كرجل في منظومة ذكورية قبل موقعه كمناضل ضمن حراك تقدمي يدك المنظومة العنصرية والطبقية لكنه لا يمانع في نفس الوقت استمرار شقها الأبوي. وكأنه يتناسى أن الحراك النسوي الناشئ لم يأتي من فوق بإملاء نساء الامتيازات الاجتماعية والعرقية بل جاء قاعديا من نساء الهامش ونساء أثرن التضامن والعمل التقاطعي لإنهاء كافة أنواع القهر بصفتهن قادرات على خوض معاركهن دون انسياق أو تبغية سواء لنساء الطبقات المهيمنة أو رجال الأقليات المضطهدة.

وهنا سأتحدث عن حراك “هُن” كحراك تقاطعي قادته نسويات من طبقات وفئات مختلفة ضدا في قهر المنظومة الأبوية والطبقية والعنصرية:

في مارس من عام 2018 صممت وفق مجموعة من المؤمنات بقضية المرأة في الانخراط في حراك نسوي أسميناه “حراك هن” يفرض قضايا المرأة على الفضاء العام في موريتانيا، كن يحسبن على رؤوس الأصابع.


  • بينتو بوكو
  • السالكة حميده
  • منة جودة
  • عيشة حمادي
  • منة زيدان
  • روكي سومارى
  • منى باب
  • حوراء حميده
  • وصاحبة هذه الأحرف: سومة محمدالولي.

انطلقنا من أمام الجمعية الوطنية من خلال مظاهرة مطالبة بالإسراع في تجريم الاعتداءات الجنسية بالتوازي مع عملنا على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال المناشير المصاحبة لهاشتاك #حمايتي_بالقانون_حقي.

كانت المظاهرات والبيانات جنبا إلى جنب مع إثارة قضايا العنف ضد المرأة وتفكيك المنظومة الأبوية ومواجهة الخطابات الميسوجينية المعادية للمرأة في مواقع التواصل الاجتماعي الموريتانية، ثم وسائل الإعلام ونقل أخبار الاعتداءات الجنسية على صفحاتنا لجعلها أخباراً جديرة بالاهتمام والتداول اليومي لكسر حاجز الصمت عنها.

مؤخرا شاركنا في أحد المؤتمرات الاقليمية في تونس مع منظمة أوكسفام، سرنا في هذا الاتجاه إلى هذه اللحظة، وأصبحت قضايا العنف جزءً يوميا من القضايا التي تتناولها المدونة أو المدون الموريتاني، تم رفع حاجز الصمت عنها، والتف حولها الجميع بتعدد مشاربهم الفكرية والسياسية، طبعا لم نتجاهل التعاطي المخجل من قبل السلطة السياسية مع هذه الجرائم، بوصفها المسؤول الأول في سن القوانين والتشريعات المجرمة لها، ولم يفتنا الموقف المتخاذل من قبل البرلمان الموريتاني؛ بحيث رفض مشروعا قدمته الحكومة سنة 2016 تحت عنوان قانون النوع.

لم يفوت أعداء المرأة فرصة ركوب الموجة وكانت المفاجأة أن من قادت تلك الحملة سيدة وصلت عن طريق الكوتا النسائية، لعبت الدور الرئيسي في تجييش العامة ضده، ووصل بها الحال إلى رفع المصحف في قبة المرأة قائلة أن حقوق المرأة توجد بين ضفتي المصحف وأن قيمنا في خطر.

لا نغض الطرف عن موقف حركات الاسلام السياسي الرجعي والمعادي لقضايا النساء، لقد دخلت مع هذه السيدة في نقاشات على الفيسبوك في خصوص موقفها الذي اعتبره طعنة في خاصرة قضايا المرأة الموريتانية، وآل الحال منها إلى تكفيري ووضعي في قائمة الحظر على صفحتها، كما فعلت ذلك مع نسويات أخريات ونسويين آخرين.

استمر نضال النسويات على نفس المنوال، تطبعه روح راديكالية غير مهادنة مع خطابات الأبوية ومايسير في ركبها ضد قضيتنا، لم تأخذ الأحزاب السياسية موقفا واضحا معنا في نضالنا، ظلت مسايرة للمشهد، ولم ننفك من المواجهة مع وجوه تمثل تلك التيارات و أخرى تمثل صف النخب والمثقفين.

سرنا على الدرب نفسه تحدونا نظرياتنا باختلاف مدارسنا النسوية، منا من كانت يسارية تقاطعية ومنا من كانت ليبرالية في مطالبها، احتوينا كل ذلك، تماشيا مع السياق، أن النساء يتعرضن لجرائم خطيرة و بأشكالٍ مخيفة جدا، التعرض للقتل من طرف الأزواج، جرائم الاغتصاب، والتعنيف المنزلي، التحرش، المنع من التعليم… إلخ. نضع نصب أعيينا أن النساء هنا يعشن كل ذلك الرعب بشكل مستمر، علينا النضال لإيقاف ذلك، لا يمكن الإستمرار في حالة الرعب والتهديد هذه، إنهن يتعرضن للعنف والاضطهاد والتمييز أولا لأنهن نساء. انطلاقا من ذلك لا يمكن لنا أن ننشغل في تهميش معاناة بعضنا أو اغفالها أو جعلها غير مرئية من خلال المقارنة، لقد سمعنا اصوات تحاول تحريف معركتنا، رفعنا شعار: علينا التضامن أولا وأبدا. ينبغي أن تتوحد كل النضالات في لحظة واحدة، نحن نحارب على عدة اتجاهات، النظام الأبوي يشبه الأخطبوط، لكن وعيينا النسوي يوضح لنا أننا لسن امرأة واحدة، ومن الجيد والجذري الإعتراف بذلك، ذلك شعار مرحلي مهم وأساسي، علينا أن نجعل كل معاناة النساء، على اختلافهن، مرئية وظاهرة وأن نمنحها لغة، لذلك نحن في حاجة ماسة لكل المدارس والتيارات النسوية، سواء كانت يسارية أو إسلامية أو ليبرالية أو تقاطعية أو راديكالية، إننا لا نملك ترف الرفض بعد، أو المواجهة في ما بيننا كنسويات تختلف مدارسنا، أو حقوقيات نكتفي بمطالب محددة، كانت لحظة اعلان ودعوة إلى تكثيف النضال، هذا سيدفع بالقضية للأمام، لا نريد احراجا ولا تهميشا أو تسخيفا لأي طرح أو نقاش أو فكرة، لكننا في المقابل نرفض الشيطنة أو التحريف أو الترهيب أو الإقصاء.

نحلل و نفكك المنظومة الأبوية الطبقية في تعاطيها مع قضية المرأة دون أن ننسى أو نتجاهل مضامين العرق والطبقة والخلفية الاجتماعية، لإيماننا باختلاف المعاناة وسبل مواجهتها، من الجذور، لا يمكن تجاوز كل ذلك، لكن بشكل لا يؤثر على أي امرأة أخرى ولا يطمس مشاكلها ولا يسكت صوتها ولا يكذب قصتها.

لم نسأل في تعاطينا مع الناجيات من العنف من أي موقع اجتماعي هن، ولا عن المجرم، سرنا جنبا إلى جنب مع اختلاف طبقاتنا واختلاف مواقعنا الاجتماعية نصدح ونصرخ في الشارع وفي مواقع التواصل وفي وسائل الإعلام بخطورة جرائم العنف ضد المرأة والأبوية.

ثم كانت جريمة في إحدى مدن الشرق الموريتاني، وصلتنا الأخبار عن طريق إحدى الجمعيات الناشطة في هذه القضية، الجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل، تناقلنا الخبر على صفحتنا كما نفعل دون نشر أي معلومة خاصة عن الضحية أو المجرم، صحيح أننا مجتمع متعدد الأعراق والطبقات؛ الاقتصادية والاجتماعية، إلا أننا في تلك اللحظة نتعامل مع الجريمة أن هناك ضحية وهناك مجرم. ونحن منحازات إلى الضحية ونصدقها ونآزرها حتى تحصل على العدالة، دون نشر معلوماتها الخاصة إلا بإذن منها.

وقعت هناك هجمة على إحدى الحركات المناهضة للعبودية “حركة ايرا الانعتاقية” وبوصفنا خبيرات في سياقتنا وما يتضمنه من معاداة للحركات الجماهيرية والحقوقية والنسويات وكل دعاة التحرر والتقدم هنا، لم ننجرف وراء ذلك، تحديدا أنا صاحبة هذه الأحرف، موقنة بالعداء اتجاه هذه الحركة بالذات، عداء قائم على نضالها ضد جرائم عبودية لحراطين، لقد كانت ايرا شوكة في حلق منظمومة الاستعباد والاهانة ضد “لحراطين”، كنت في مسافة قريبة منها، لتشابك قضيتنا، كانت ايرا حليفنا ضد المجتمع التقليدي القائم على العبودية الأبوية وكل مظاهر إذلال الانسان.

دافعت في البداية عن إلصاق فكرة استخدام ايرا لجرائم الاغتصاب ضد النساء من فئة “البيظان” بوصفهم كانوا فئة مهيمنة ومتورطة بممارسة العنصرية في التعاطي مع هذه الجرائم، لم أستبعد استخدام ذلك كوسيلة للتشويه ضدها.

لكن المفاجأة كانت وقفة أقامتها الحركة الانعتاقية للمطالبة باطلاق سراح المتهمين في محاولة جريمة الاغتصاب والاعتداء على الناجية في باسكنو بقص شعرها، كما صرحت بذلك والدة الضحية في تسجيل صوتي وصلنا، بدأت الخيوط المتشابكة تنكشف، رغم موقف بعض الناشطين في الحركة على صفحاتهم، من إدانتهم للجريمة أيا كان صاحبها وأيا كانت ضحيتها، لكنهم لم يكونوا صريحين معنا، لقد تواصلت مع أحد أعضاء المكتب التنفيذي في الحركة متسائلة عن الوقفة وهل يدافعون عن المتهمين، وكانت المفاجأة أن ايرا تنحاز إلى المتهين على أساس شريحتهم، كما تحدث زعيمهم بيرام الداه اعبيد، متهجما على النسويات من خلال ذلك.

انطلاقا من ذلك اوضحت موقفي على صفحتي، في منشور هذا مقتطف منه “ذي القضية ألا من كين خيوطها بدأت توضاح.. وبشكل نهائي وقطعي؛ فإنني لا أتراجع عن الانحياز للناجيات من جرائم الاغتصاب. دون قيد أو شرط.. لا يهمني أصلهن الاجتماعي ولا موقعهن الطبقي.. وتوف”.

إنها مرحلة جديدة في التعاطي مع جرائم الاغتصاب، على أساس اللون، هذه حرطانية اغتصبها بيظاني وهذه بيظانية اغتصابها حرطاني؟ والانحياز إلى المتهم إذا كان ينمتي إلى فئة على حساب الضحية، والعكس صحيح.

مرحلة جديدة “اغتصاب حقيقي و اغتصاب مزرة.. وأم اعشر اسراويل” حسب تسجيل لزعيم الحركة. صاحب ذلك كم هائل من التكذيب والطعن في مصداقية الناجية من العنف في باسكنو.

كنسويات لدينا آليات نظرية ومعرفية لتحليل خطاب وموقف بيرام هذا، بوصفه خطابا صادرا من إنسان ينتمي إلى أقلية مضطهدة ومستعبدة، داخل نظام مبني على التراتبية الاجتماعية والعرقية والقبيلة وينتمي إلى أسفل الهرم الاجتماعي، لا يمكن وصفه بالعنصرية، حتى إذا تضمن ذلك الخطاب كراهية واضحة، لكننا نرفضه ونناهضه وننضال ضده بوصفه خطابا ينطلق من ذهنية ذكورية ميسوجينية فاضحة، ومحاولة تصوير جريمة محاولة اغتصاب ومحاولة قتل كتصفية حسابات، نعرف كناشطات ونشطاء أننا داخل دولة تحكمها مؤسسات اجتماعية واقتصادية ودينية يسيطر عليها البيظان بوصفهم فئة مهيمنة، ونعرف الطرق والآليات التي يستخدم هذا النظام لإرجاع الفئات المهمشة إلى مربع العبودية والتهميش والاسكات والإبعاد عن امتلاك أدوات النضال لفرض التغيير، لكن هذه الفئات لا تنفصل عن المجتمع من حولها، المبني على الذكورية والامتيازات الجندرية التي تمنح المنظومة الأبوية للرجال، وتجعل في استطاعتهم استخدام الاغتصاب كسلاح هيمنة وسلاح لفرض القوة وفرض العضلات، ولا يمكن بحال من الأحوال استثناء رجال هذه الفئات من ارتكاب جرائم الاغتصاب، ما لم تتخلص من الرواسب الذكورية، وما لم يتم الاعتراف بذلك ومواجهته، إلا إذا كانت الحركات التي تناضل عن هذه الفئات وتتحدث باسمها لا ترى مشكلة أصلا في الاغتصاب نفسه، وسقطت في أول فخ ووحل للذكورية ووحل تبرير الاغتصاب وتبرئة الرجال الذين يوجودون في صف هذه الحركة.

بدل ذلك؛ كان الأجدر بالحركات التي تصف نفسها بأنها تقدمية أن تعمل على إدراج خطاب وممارسة نسوية ضمن أجنداتها التحررية، لنتخلص من منظومة ذكورية وطبقية وعنصرية،عوض أن تقوم بإعادة تدوير الأفكار الذكورية وتستخدم سلطتها لإسكات النسويات ووصمهن والتنكر لهن.

إن النساء لسن دروعا بشرية للصراع، وهذا ما على الحركات والتنظيمات أن تفهمه وتتيقن منه، ولن نفوت تهميش قضيتنا والقفز فوقها، إذا كانت العبودية والتهميش والإقصاء قضايا للنضال؟ فإن الذكورية لا تقل بشاعة عن تلك القضايا، ولا يمكن بحال من الأحوال أن نتسامح أو نغض الطرف عن العقلية الذكورية في التنظيمات التحررية.