وثيقة:البویضة و الحیوان المنوي: كیف یشكل العلم صورة نمطیة رومانسیة لأدوار كل من الأنثى و الذكر و العلاقة بینهم

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

شعار موقع نون العربية.jpg
مقالة رأي
تأليف إیملي مارتن
تحرير غير معيّن
المصدر نون العربية
اللغة العربية
تاريخ النشر 2018-04-11
مسار الاسترجاع https://thearabnoon.net/2018/04/11/gender-roles/
تاريخ الاسترجاع 2018-06-01
نسخة أرشيفية http://archive.is/nnD1j
ترجمة غير معيّن
لغة الأصل الإنجليزية
العنوان الأصلي The Egg and the Sperm: How Science Has Constructed a Romance Based on Stereotypical Male-Female Roles
تاريخ نشر الأصل 1991


يوجد نسخة للمقال باللغة الإنجليزية على موقع Jstor



قد توجد وثائق أخرى مصدرها نون العربية



“نظریة جسم الإنسان، ستكون دائما جزء من صورة هذا العالم … نظریة جسم الإنسان ستكون دائما جزء من عالم الخیال” – جایمس هیلمان، أسطورة التحلیل

كعالمة أنثروبولوجي دائما ما تثیرني احتمالیة تشكیل الثقافة للغة المستخدمة في وصف الاكتشافات العلمیة في الأحیاء. إن كان ذلك صحیحا، فإن هذا یعني أنه أثناء حصص الأحیاء لم تتعلم فقط عن مواضیع تخص الطبیعة، بل تعلمنا عن معتقدات و ممارسات ثقافیة و كأنها جزء من بالطبیعة. خلال بحثي وجدت أن صورة البویضة و النطفة تم تصویرها في المخیلة الجمعیة و حتى في الشروح علمیة لعملیة التكاثر مبنیة على صورة نمطیة مرتكزة حول التعریف الثقافي للذكر و الأنثى. الصورة النمطیة لتوحي فقط بدور أقل فعالیة للأنثى في عملیة التكاثر من نظیرها الذكر، لكن أیضا أن النساء أقل أهمیة من الرجال. جزء من هدفي في هذه المقالة هو تسلیط الضوء على التنمیط الجندري المتخفي خلف لغة علمیة في الأحیاء. أملي إن تعریة هذه اللغة سوف تفقدها القوة إیذائنا.

البویضة و الحیوان المنوي: قصة خیالیة علمیة

على مستوى جوهري، كل الكتب العلمیة المهمة تصور أعضاء التكاثر الأنثویة و الذكریة كأنظمة مهمة في عملیة إنتاج مواد ذات قیمة كالبویضة و الحیوان المنوي. في حالة النساء، توصف الدورة الشهریة بأنها مصممة لإنتاج البویضات، و إیجاد البیئة المناسبة لها لتتخصب و تنمو لتشكل في النهایة رضیع. لكن الحماسة تنتهي عند هذا الحد. إن تمجید الدورة الشهریة كمشروع، تتحول النظرة للحیض كفشل. تصف الكتب الطبیة دم الحیض “مخلفات”1 یلفظها رحم جدار الرحم، نتیجة تلف أو موت الأنسجة. هذا الوصف یعطي انطباعا بأن خلل ما أصاب جهاز المرأة، و كأنه لمنتج تم تبدیده أو خردة غیر ذي فائدة. في شرح یستخدم على نطاق واسع في الكتب الطبیة

كحالة فضویة من التفكك مضیفة للنص أوصاف ك “توقف”، “موت”، “خسارة”، “تفسخ”، “لفظ”. في المقابل فیزولوجیة الإنتاج لدى الذكر، یتم تقییمها بشكل مختلف. في أحد هذه النصوص التي ترى أن عملیة الحیض هو فشل في الإنتاج، یصف بحماسة عملیة نضوج النطفة:

إن الآلیة التي تقود التحول المثیر في تركیب الخلیة للطلائع المنویة، لحیوانات منویة نضاجة یبقى غامضا ….ربما أكثر الجوانب إثارة للدهشة في عملیةإنتاج الحیوانات المنویة،هي عددها الهائل: فیمكن للذكر الطبیعي إنتاج مئات الملایین من الحیوانات المنویة في الیوم الواحد.

في ”الفیزولوجیا الطبیة” أحد المراجع التقلیدیة في الطب، و الذي تم تحریره من قبل فیرنون مونتكاسل یتجلى التفاوت في وصف عملیة الإنتاج/التدمیر لدى الأنثى و الذكر بوضح أكثر: "بینما تقوم الأنثى بإسقاط مشیج واحد في الشهر، تنتج الأنابیب المنویة مئات الحیوانات المنویة في الیوم". مؤلفة كتاب آخر تسهب بالشرح بإعجاب بطول الأنابیب المنویة المجهریة، و التي لو تم حلها و صفها “ستمتد نحو ثلث میل!” تواصل: “عند ذكر بالغ تنتج هذه الأنابیب ملایین الخلایا المنویة كل یوم”. ثم لاحقا تطرح سؤالا: “كیف لهذا العمل الفذ أن یتم؟” و لا واحدة من تلك الكتب تبدي هذه الحماسة في وصف ما یحدث في الجهاز الجنسي الأنثوي.

بالتأكید أنه لیس من باب المصادفة أن هذه العملیة “المثیرة” لإنتاج النطفة بالنسبة للحقل الطبي، تنطوي على قیمة لیست موجودة في عملیة الحیض. قد یجادل البعض بأن الحیض و إنتاج الحیوانات المنویة، عملیتین غیر متوازیات. لذا لیس من المتوقع أن تنتج ردود أفعال متماثلة. إن العملیة الأنثویة الحیویة المقابلة لعملیة إنتاج الحیوانات المنویة هي الإباضة. رغم ذلك، فالإباضة لا تستدعي أي شكل من أشكال الحماسة في تلك الكتب. تصر المراجع العلمیة في وصفها للجهاز التناسلي الأنثوي أن المبایض و البویضات في داخلها موجودة منذ الولادة. و لا تنتج كما یحدث مع الحیوانات المنویة، فهي مجرد بضاعة متكدسة تشیخ و تفسد ببطأ: “تلد الإنثى الطبیعیة بمبایض تحوي كل واحدة منها على ملیون بصیلة تقریبا، و لا تظهر أي بصیلة جدیدة بعد الولادة. لذا، على نقیض من الذكر تلد الأنثى حاملة كل الخلایا الجنسیة التي ستحصل علیها طیلة حیاتها. و فقط ٤٠٠ واحدة مقدر لها الوصول للنضج الكامل خلال حیاتها كأنثى قادرة على الإنجاب، كل البصیلات

الباقیة تتبدد في مرحلة ما من نموها، لذا لا یبقى إلا القلیل منها (إني بقي) عند بلوغها سن الیأس في سن الخمسین تقریبا. لاحظوا “التباین الواضح” الذي یضعه هذا الوصف بین الذكر و الأنثى: یقوم الذكر بالاستمرار بإنتاج خلایا جنسیة جدیدة، في المقابل لدى الأنثى مخزون من الخلایا الجنسیة منذ الولادة معرض للضیاع. حتى الأعضاء الأنثویة لا تحصل على هذا الوصف زاه تلك. كتب أحد العلماء مقالة في جریدة أن مبیاض المرأة تشیخ و تبلى بتجهیزها لبیضة بالغة كل شهر، حتى لو كانت المرأة ذاتها ما زالت شابة نسبیا: “عندما ترى المبایض التي مرت بمئات الدورات الشهریة من خلال المناظیر، حتى عند امرأة أمریكیة في صحة رائعة، نرى عضو متجرح و مليء بالندوب”.

و حتى یتم تجنب الدلالات السلبیة التي یربطها البعض بالجهاز التناسلي الأنثوي، یمكن للعلماء القیام بوصف العملیة لدى الآنثى و الذكر بأوصاف متماثلة. أیضا یمكنهم أن یدینوا للأنثى “إنتاجها” بویضة واحدة ناضجة عند الحاجة كل شهر، و أن یصفوا الذكر بأنه یواجه مشكلة في فقده للخلایا الجنسیة. هذا التبدید یحدث للحیوان المنوي طوال حیاته، و أن الخلایا الجنسیة في الخصیتین هي حیوانات منویة في حالة سبات موجودة منذ مدة طویلة. لكن هذه النصوص تصر بعناد على تسلیط الضوء على االعملیة الأنثویة بشكل سلبي. ذات النصوص تحتفل بإنتاج بالحیوان المنوي لأنه یستمر من البلوغ و حتى الشیخوخة، بینما یصور إنتاج البویضة بدونیة لأنه یتوقف عند الولادة. هذا الوصف یصور الأنثى و كأنها غیر منتجة، بل أن البعض یذهب للقول بأن الأنثى تقوم مهملة. في أحد أجزاء كتاب البیلوجیا الجزیئیة للخلیة أحد أكثر الكتب مبیعا علمنا أن ”تكوین البویضة مضیعة للوقت”. یشدد الكتاب على أن أغلب السبعة ملایین خلیة جنسیة أنثویة تفسد في داخل المبایض، و البقیة التي تتحول لبویضات تفسد هي أیضا، حتى لا یبقى عند الولادة سوى ملیوني بویضة في المبایض.

هذا الخراب یستمر خلال حیاة المرأة، فعند البلوغ لا یتبقى سوى ٣٠٠،٠٠٠ بویضة، ومن هذه الثلاث مئة ألف لا یبقى إلا القلیل عند بلوغ سن الیأس. “خلال الأربعین سنة من الحیاة كامرأة بالغة فقط ٤٠٠ إلى ٥٠٠ بویضة یتم إطلاقها”. یكمل الكاتب:”كل البویضات الباقیة تفسد. إنه شيء غریب أن كل هذه البویضات تتكون فقط لتموت في المبایض”. الأمر الغامض حقا، لم لا یعتبر هذا الإنتاج المهول من الحیوانات المنویة مجرد تبذیر. بافتراض أن الرجل “ینتج” مئة ملیون نطفة یومیا (تقدیر متحفظ)، و خلال أكثر من ٦٠ سنة كبالغ، مما یعني أنه قد ینتج ما معدله ترلیونین حیوان منوي (١٠١٢). بافتراض أن المرأة “تنضج” لدیها بویضة واحدة في الشهر القمري، أو ٣٠ فالسنة خلال أربعین سنة كأنثى بالغة مما یعني أنها أنتجت ٥٠٠ بویضة طیلة حیاتها. لكن كلمة “الإسراف” تحمل معان بإنتاج كبیر و زائد عن الحاجة. بافتراض أن المرأة تنجب طفلین أو ثلاثة، فإنها تقوم بإضاعة فقط ٢٠٠ بویضة عن كل طفل، و لكل طفل یقوم الرجل بإنجابه، یضیع الرجل ترلیون حیوان منوي.

كیف حرمت المرأة من أن تلقى أي صورة إیجابیة عن جسدها؟ إن إلقاء نظرة على اللغة، وفي هذي الحالة، اللغة العلمیة تمنحنا مفتاح لهذا اللغز. دعونا نلقي نظرة على كل من البویضة و النطفة، إنه من المثیر للدهشة كیف تتصرف البویضة ب”أنوثة”، و كیف أن الحیوان المنوي یتصرف بشكل “ذكوري”. فالبویضة توصف بأنها كبیرة و بلیدة، فهي لا تتحرك و لاترتحل. لكنه یتم “نقلها” أو حتى “تنجرف” من خلال أنبوب فالوب. في تناقض واضح نرى أن الحیوانات المنویة صغیرة “متدفقة”، و هي دائما نشطة. و تقوم “بتوصیل” جیناتها للبویضة، “لتفعیل آلیة النمو في البویضة”، و لدیها “السرعة” التي دائما ما یتم استحضارها. ذیولها “قویة” و فعالة، حیث أن وجودها مع قوة القذف یمكنها “من دفع السائل المنوي في أعمق نقطة في المهبل”. و لهذه المهمة تحتاج النطف “للطاقة” و “الوقود” لذا من خلال “حركات شبیهة بضربة السوط” و “اهتزاز” قوي یمكنها “ثقب جدار البویضة” و “اختراقها”.

تمنح العلاقة العتیقة بین البویضة و النطفة في أكثر الأوصاف تطرفا صبغة دینیة. حیث یسمى الغلاف الذي یحمي البویضة “رداء”2 و هو مصطلح یطلق عادة على الأردیة ذات القداسة. أیضا یقال أن للبویضة “تاج” و أن لدیها “وصیفات من الخلایا”. و فوق كل ملكة، هناك ملك (النطفة). و بما أن البویضة بلیدة، فهمي بحاجة للحیوان المنوي لینقذها. یشبه كل من جیرالد و هیلین شاتین البویضة بالجمیلة النائمة: “عروسة غارقة في سبات عمیق تنتظر قبلة سحریة تعیدها للحیاة من رفیقها”. و على النقیض نجد أن للحیوان المنوي “مهمة”، و هي “التحرك في الأعضاء التناسلیة الأنثویة بحثا عن البویضة”. و في أحد الروایات الشعبیة، تقول أن النطفة تقوم ب”رحلة محفوفة بالمخاطر” نحو “ظلام دافيء” حیث تتساقط بعض هذه النطف “مرهقة”. أما “الناجیة” منها فأنها تقوم ب”الانقضاض” على البویض، حیث تتمكن النطف الناجحة في الوصول من “محاصرة الجائزة”. و في أحد التفسیرات العلمیة لسبب حدوث هذه العملیة بتلك السرعة الملحة “عند إطلاق البویضة من المبیض ستموت خلال ساعات إن لم یتم إنقاذها من قبل حیوان منوي”. إن هذه الصیغة تشدد على ضعف البویضة و اتكالیتها، علما بأن نفس الكتاب یذكر حقیقة أن النطفة تموت بعد ساعات قلیلة. في كتاب صدر عام ١٩٤٨ حیث حوى معلومات كانت فریدة من نوعها في ذلك الوقت، تقول روث هیرشبرقر، یتم النظر للأعضاء التناسلیة الأنثویة كأعضاء غیر مستقلة، بینما تعامل الأعضاء التناسلیة الذكریة كوحدة ذات كینونة، تعمل منفصلة و بانعزال:

في الوقت الحاضر عند الحدیث عن آلیة عمل كل عضو في جهاز المرأة التناسلي یتم الإصرار على ربط كل شيء بالنساء: مبایضهن، أرحامهن، مهابلهن. كلها كأعضاء لیست مستقلة. أما عند الذكر، فیبدو و كأن جهازه التناسلي یحتوي على “أعضاء” فقط. رغم أنه كما الحال لدى البویضة، فإن الحیوان المنوي یعتمد على العدید من العملیات المترابطة. فمثلا یغلق الجسم المثانة، ویتم إفراز مواد في تقلل من البول في المجرى البولي قبل القذف لحمایة الحیوانات المنویة، كما تقوم البروستاتا بإطلاق إفرازات، كم تحدث أشكال مختلفة من الدفع العضلي. فالنطفة لیست أقل اعتمادا على محیطها من البویضة، رغم ذلك قرر علماء دعم نظریات تظهر أن الأنثى ابتداء من البویضة بطبیعته اتكالي. فقط لأن هذا ما یتمنونه.

مرة أخرى في أحد أشكال منح الحیوان المنوي القدرة على التحكم بالذات، ظهر مقال في نشرة سیل3 تتخذ النطفة “قرار وجودي” لتقوم باختراق البویضة: ”للحیوان المنوي ذخیرة محدودة من السلوكیات، واحد منها موجه نحو تخصیب البویضة، لذا یقوم باتخاذ القرار بالتخلي عن صبغته الأحادي (هابلوید) فیسبح تجاه البویضة و هناك یحصل على قدرة التأثیر على الغشاء”. هل هذه نسخة مدیر شركة في وصف نشاطات الحیوان المنوي “تنفیذ قرار” و كأن الحیوان المنوي علیه القیام بقرارات صعبة، بمخاطر عالیة؟

هناك أسالیب أخرى تمنح الحیوان المنوي أهمیة كبیرة رغم صغر حجمه مقارنة بالبویضة. ففي مجموعة من الأوراق العلمیة التي تحوي صورة مجهریة لبویضة عملاقة و حیوان منوي صغیر تم عنونة الصورة ب”صورة شخصیة4 للحیوان المنوي”. هذه العنونة شبیهة بلو تم وصف صورة لكلب “صورة برغوث”. نعم إن الحیوانات المنویة المجهریة لیس من السهل تصویرها مقارنة بالبویضة التي یمكن رؤیتها بالعین المجردة، لكن بالتأكید أن استخدام مصطلح “صورة شخصیة” و الذي له ارتباطات بالسلطة و الثراء یحمل دلالات كبیرة.

البویضة لیس لدیها صور شخصیة، فهي إما لدیها صورة أو صورة مجهریة. التصویر الوحید الذي أعرفه في الحضارة الغربیة للحیوان المنوي ككائن ضعیف ومتردد، بدل تصویره كقوي ومتمكن هو في فیلم وودي الآن5 كل شيء تود أن تعرفه عن الجنس، لكنك أكثر خوفا من أن تسأل، یمثل الآن في الفیلم دور نطفة قلقة في داخل خصیة رجل على وشك الوصول للنشوة. ممتنع عن الغیاب في الظلام، خائف من الإصطدام بواق ذكري، أو أن تنتهي دورة حیاته على سقف الغرفة حیث یقوم الرجل بالإستنماء. إن الصورة الشائعة للبویضة كفتاة مختمرة، و للحیوان المنوي كمحارب شهم ینقذها لیس له أساس علمي. رغم أن “الحقائق” في عالم الحیاء لا یتم بنائها دائما بتأثیر من الثقافة المحیطة، فإنني أرى أن الجدل بشأن تأثیر الثقافة على رؤیة العلم متحقق هنا. إن الدرجة التي تستخدم فیها الألفاظ المجازیة في هذه الأوصاف، و التأكید على الاختلافات بین البویضة و النطفة و توازیها مع الصور النمطیة للذكر و الأنثى في الثقافة، كل هذه تقود لهذا الاعتقاد. بحوث جدیدة، مع تصور عتیق ظهرت مفاهیم جدیدة حول البویضة و النطفة، حیث تمت إعادة النظر في الكتب العلمیة الموجودة و التمثیل الجندري فیها. لكن ما زالت البحوث تستخدم ذات الصور نمطیة للبویضة و الحیوان المنوي، ببساطة في تعید تكرار ذات الأفكار الموجودة في الكتب. الاستمراریة في استحضار هذه الصور یستدعي ما أطلق علیه لودفیك فلیك طبیعة “الاكتفاء الذاتي” عند المنطق العلمي، كما یسمیه. “التفاعل بین ما هو معلوم، ما سیكتشف، وهؤلاء الذین یتلقون هذه المعرفة، یسعون لضمان تناغم الجمیع داخل النظام. و بذات الوقت یبقون على انسجام مع الأوهام المسبقة، و هو سلوك یشعر بالأمان بالنسبة لطریقة تفكیر محدودة”.

یجب أن نفهم الطریقة التي یتغیر بها المحتوى الثقافي في الشروح العلمیة مع ظهور الاكتشافات الجدیدة، بغض النظر كون هذا المحتوى الثقافي راسخ، أو سهل التغییر. في كل النصوص المذكورة في الأعلى توصف النطفة بأنها تخترق البویضة، و أنه یوجد في رأس الحیوان المنوي مادة معینة تساعده على الالتصاق بالبویضة. مؤخرا تم إعادة كتابة ما یحدث من قبل معمل للفیزیاء الحیویة بجامعة جونز هوبكنز حیث تحولت البویضة من جزئیة سلبیة إلى فعالة. قبل ذلك البحث كان یعتقد أن المنطقة الشفافة في الجدار الداخلي للبویضة تشكل حاجز منیع أمام النطفة. و أن الحیوان المنوي یقوم بنشاط میكانیكي لثقبه، من خلال ضربات متواصلة بالذیل حتى یتمكن من العبور. لاحقا كشفت البحوث أن الحیوان المنوي یطلق أنزیمات تقوم بتكسیر المنطقة الشفافة، لذا ظن العلماء أن الحیوان المنوي یستخدم قدرات حركیة و كیمیائیة لینفذ إلى البویضة. في تحقیقات لاحقة بدأ الباحثون بطرح أسئلة عن القوة الحركیة التي یحملها ذیل الحیوان المنوي. لذا قاموا بتجربة معملیة، حیث صنعوا موانع حمل موضعیة للنطفة، حیث وجودوا وخلافا لما كان متوقعا أن قوة اندفاع الحیوان المنوي جدا ضعیفة، حیث كان یعتقد أن لدیها قوة دفع للإختراق، و بدل من الاندفاع للأمام، صار الحیوان المنوي یتحرك للأمام و الخلف. حیث أن الحركة الجانبیة للذیل تجعل رأس الحیوان المنوي یتحرك للیمین و الیسار بقوة هي أكبر عشر مرات من قوة اندفاعه للأمام. لذا حتى ولو كانت النطفة تحمل قوة حركیة كافیة لاختراق البویضة، فإن معظم هذه القوة موجهة للجوانب، ولیس للأمام. في الواقع، أن أكثر قوته الحركیة تكمن في محاولته الهروب من البویضة. و هذا یعني أن للنطفة قدرة على الهروب في حال ألتقت بأي أخلیه، مما یتركنا للأعتقاد بأن سطح البویضة مصمم لنصب شراك حول الحیوان المنوي لمنعه من الهروب، و إلا فأنه لن یصل للبویضة إلا عدد قلیل من النطف.

وصل الباحثون من جامعة جونز هوبكنز لحقیقة أن الحیوان المنوي یعلق بالبویضة بسبب جزیئات لاصقة على كلا منهم. تقوم البویضة بحصار الحیوان المنوي و تمسك به بقوة، حیث تجبر رأس الحیوان المنوي على التمدد على المنطقة الشفافة، إن الشرح الذي أعطوني إیاه كان شبیه بهذا: أنه كالشخصیة الكرتونیة الأرنب رابیت و هو یحاول التخلص من القطران، لكنه یلتصق أكثر كلما تحرك أكثر ”حیث تستمر النطفة بالتحرك بدون فعالیة من جانب لآخر. إن القوة الحركیة في ذیل الحیوان المنوي ضعیفة جدا، حتى أنه غیر قادرة على كسر حتى لو رابطة كیمیائیة واحدة. هنا یأتي دور الأنزیمات، حیث یتم إطلاقها من قبل الحیوان المنوي. إذا تمكنت النطفة من تحلیل المنطقة الشفافة عند الرأس فقط، ما زالت الجوانب ملتصقة، فإن الذیل الضعیف لا یمكنه توجیه الحیوان المنوي بالاتجاه الصحیح، و اختراق المنطقة الشفافة، حیث تقوم روابط المنطقة الشفافة بتحلیله أثناء حركته. رغم أن هذه النسخة الجدیدة من ملحمة البویضة و النطفة تجاوزت التوقعات الثقافیة. مازال الباحثون الذین قاموا بهذه الاكتشافات یقومون بكتابة أوراق و ملخصات و كأن النطفة هي الجزء الفعال، یهاجم، یربط، یخترق و یدخل البویضة، الفرق الوحید الحاصل الآن أن الحیوان المنوي یقوم بكل هذه الأشیاء بشكل ضعیف.

لیس حتى أغسطس من عام ١٩٨٧، بعد أكثر من ثلاثة سنوات على الأكتشاف قام الباحثون بإعادة صیاغة المفاهیم و إعطاء البویضة دور فعال أكبر في العملیة. لقد بدأوا بوصف المنطقة الشفافة كصائدة هجومیة للحیوانات المنویة، مغطاة بجزیئات لاصقة قادرة على صید الحیوان المنویة برابط واحد و حبسه داخل المنطقة الشفافة. هنا وصف لما یحدث، بأقوالهم المنشورة: ”یتكون الغشاء الداخلي للبویضة و المسمى بالمنطقة الشفافة من قشرة من البروتین سكري حیث تصطاد و تقید النطفة قبل أن تخترق هذا الغشاء …. یتم اصطیاد الحیوان المنوي عند أول إلتقاء له عند الرأس مع المنطقة الشفافة… و بما أن قوة مقاومة الحیوان المنوي أقل من اللازم لكسر رابطة واحدة، مما یؤدي للإمساك بالحیوان المنوي”. التجارب في معمل آخر تظهر نفس النمط المتكرر في شرح المعلومات. جیرالد و هیلین شاتین یوضحون ذلك، خلافا للاعتقاد القدیم “بأن البویضة مجرد كرة من الصفار تنخر بها الحیوانات المنویة تمنحها حیاة جدیدة. بدلا من ذلك، تقترح الأبحاث الجدیدة وجهة نظر شبه هرطقیة بأن النطفة و البویضة كلاهما یعملان كشریكین فعالین.” قد یبدو هذا تحول في الكتب العلمیة، لكن في القراءة أكثر نجد أن هیلین و جیرالد مازالا متمثلین للصورة المجازیة للحیوان المنوي الشرس. فیواصلان الوصف: “یتلامس كل الحیوان المنوي و البویضة عند رأس النطفة المثلث حیث تطلق فتیل طویل، تطعن بها البویضة.” ثم نتعلم بأن “بشكل ملفت ، هذه الحراب لا یتم إطلاقها، بل یتم صفها بسرعة جزيء بجزيء، تؤخذ من خزان بروتین موجود في مكان محدد اسمه الجسیم القمي. هذا الفتیل ینمو لیصبح أطول من حجم النطفة الأصلي بعشرین مرة، قبل أن یصل رأس الحیوان المنوي للبویضة و یلتصق به.” لم لا یمكن تسمیة هذه العملیة “إنشاء جسر” أو “مد خیط” بدلا من حربة مشتعلة. فالحربة تصطاد و تقتل الفریسة ، أیضا لم لا یتم التركیز على النتائج التي أتى بها معمل جامعة جونز هوبكنز، وهي أن البویضة هي الأخرى لدیها عوامل تساعد على التصاق كما التي لدى الحیوان المنوي. لاحقا في الكتاب، یعود الكاتبان لتردید نفس الفكرة عن رحلة الحیوان المنوي المحفوفة بالمخاطر نحو المهبل المظلم، هذه المرة لشرح رحلته نحو البویضة:” مازال أمام الحیوان المنوي رحلة شاقة. فیجب علیه اختراق مادة السیتوبلازم التي تملأ البویضة، و أن یحاول إیجاد النویة، حتى تتمكن الكروموسومات في كل من النطفة و البویضة بالتلاحم. یقوم الحیوان المنوي بالغوص في السیتوبلازم، یقوم ذیل النطفة بالضرب، لكن تتم مقاطعته بتحرك مفاجئ و سریع من النویة، حیث تتحرك باتجاه الحیوان المنوي بسرعة أكثر من ثلاثة أضعاف سرعة الكروموسوم خلال عملیة انقسام الخلیة، حیث تقطع النویة، البویضة كاملة في دقیقة واحدة".

ككتابات شاتین وشاتین، و علماء الفیزیاء الحیویة من جامعة جونز هوبكنز، باحثین أخرین توصلوا لاستنتاجات جدیدة تظهر علاقة تفاعلیة أكثر بین البویضة و الحیوان المنوي. هذا العمل الذي قام به بول واسرمان مجریا تجارب على البویضة و النطفة لدى الفئران مركزا على معرفة الجزيء الموجود في المادة الشفافة، و المعني بالتفاعل بین البویضة و الحیوان المنوي. في البدایة یظهر وصفه كأنه یصور علاقة متساویة. خلایا جنسیة ذكریة و أنثویة “یتعرفان على بعض” و یحدث تفاعل بین البویضة و النطفة.” لكن المقال في ساینتفیك أمریكان تم التقدیم للمقالة بهذا التقدیم: “لقد مضى قرن منذ أن كان عالم الحیوان السویسري هیرمان فول أول شخص یرى بمایكروسكوبه الحیوان المنوي وهو یخترق البویضة و یلقحها و یكون المشیج” هذا التصویر للحیوان المنوي و كأنه الجزء الفعال الوحید، حیث هو الذي یخترق، یخصب، و یكون المشیج، من دون الإشارة أن هذا الاعتقاد تم دحضه. بل في الواقع إن الكاتب یعید هذه النقطة لاحقا في المقال: “العدید من الحیوانات المنویة یمكنها إنشاء روابط، و اختراق المنطقة الشفافة، أو الغشاء الخارجي لبویضة الفأر غیر المخصبة، لكن حیوان منوي واحد فقط هو من سیتمكن من الالتحام بالغشاء البلازمي الرقیق الذي یغلف البویضة لیتمكن من تخصیبها مما یؤدي لظهور مشیج جدید. إن صورة الحیوان المنوي كمندفع مذهلة في هذا المثال بالذات: إن الاكتشاف الأساسي هو حدوث عزل لجزيء محدد یحدث على غشاء البویضة، و یلعب دورا هاما في التخصیب! لكن اللغة التي اختارها واسرمان تبقي على الصورة القدیمة. فهو یسمي الجزيء الذي یتم

عزله ZP3 “مستقبل للحیوان المنوي.” بجعل البویضة جزء سلبي مهمته الانتظار فقط، یتمكن واسرمان من جعل النفطة هي المحرك الذي بسببه تحدث كل هذه الأشیاء: “العملیة الأساسیة تبدأ حین تتعلق الحیوانات المنویة ثم ترتبط بالمستقبلات على سطح البویضة الخارجي السمیك، المسمى بالمنطقة الشفافة. كل حیوان منوي یحتوي سطحه على عدد كبیر من بروتینات رابطة بالبویضة، و التي ترتبط بمستقبلات النطف على البویضة. بالتحدید فإن كل بروتین رابط بالبویضة، ینطبق مع مستقبل للحیوان المنوي، تماما كما یتلائم كل مفتاح مع قفل معین.” و بما أنه تم الحیوان المنوي لیكون “المفتاح” و البویضة هي “القفل” فإنه من الواضح من هو الفاعل، و من المفعول به. ألم یكن من الممكن أن تعكس الصورة، حیث تكون النطفة هي )القفل(، تنتظر البویضة لتنتج المفتاح؟ أو أن تكون كل من

البویضة و النطفة نصفي قلادة، حیث تطابقها یشكل بدایة الإخصاب؟ إنه و كأن واسرمان بدا مصرا على جعل البویضة هي المتلقي فقط. ففي العادة في بحوث الأحیاء یسمى البروتین الموجود في زوج من الجزیئات الرابطة: المستقبل، و فیزیائیا لدیه جیب یشبه القفل. و كما تظهر الرسوم البیانیة في مقال واسرمان، فإن الجزیئات الموجودة على الحیوان المنوي هي بروتین ولدیها “جیوب.” و تسمى الجزیئات المتحركة الصغیرة التي تدخل فیه هذه الجیوب: رویبطات. كما تظهر الرسوم البیانیة فإن ZP3 الموجود على البویضة هو مبلمر “مفتاح” حیث تبرز منه تعرجات صغیرة. عادة ما تسمى الجزیئات الموجودة على النطفة بالمستقبلات، و الموجودة على البویضة بالرویبطات. لكن واسرامان قرر إطلاق وصف مستقبل على ZP3 الموجود على البویضة، ثم قام باختراع مصطلح جدید “البروتین الرابط للبویضة” للجزيء الموجود على النطفة، و الذي بالعادة یسمى مستقبل. لا ینكر واسرمان أن لغشاء البویضة وظائف أكثر من المستقبلات لدى الحیوان المنوي. حیث یقول: “أن المنطقة الشفافة تم النظر إلیها من قبل بعض المحققین كحاجز منیع أمام الحیوان المنوي مما یشكل عائقا أمام محاولات التخصیب. ” بحثه الجدید یكشف أن غشاء البویضة “كنظام حمایة حیوي متطور، حیث یقوم بتصفیة النطف، و یختار فقط القادرة منها على الاخصاب و التطور، و تقوم بتجهیز الحیوان المنوي لاتحاد مع البویضة، و لاحقا حمایة المشیج المتكون من التعدد المنوي6 (حالة قاتلة ناتجة عن تخصب أكثر من حیوان منوي مع بویضة واحدة).

رغم إن هذا الوصف یمنح البویضة دورا فعال، إلا أنه مرسوم باستخدام تنمیطیة للأنثى. تختار البویضة زوج مناسب. تجهزه للاندماج، من ثم تقوم بحمایة المنتج من أي أذى. سلوك التودد و البحث عن شریك هذا یمكن مشاهدته من خلال أعین علماء الاجتماع الحیوي: تتحول النساء من جائزة صعبة المنال، لخادمات و أمهات بعد الزواج. لم یتوقف واسرمان عند هذا الحد. ففي قراءة قدمها لمجلة ساینس، قام فیها بشرح “التسلسل الزمني للاخصاب”، في آخر المقال هناك عنوانین، أحدهما “الحیوانات المنویة تخترق” حیث یشرح واسرمان أن دخول الحیوان المنوي في داخل البویضة عائد إلى التحلل الكیمیائي للمنطقة الشفافة مع “قوة الدفع الكبیرة لدى الحیوان المنوي.” و العنوان الآخر “اندماج النطفة و البویضة.” هذا الجزء یشرح ما یحدث في داخل المنطقة الشفافة بعد أن “یخترق” الحیوان المنوي الجدار. “تستطیع الحیوانات المنویة، الارتباط و الالتصاق و الاندماج مع البویضة.” مرة أخرى ینحاز واسرمان في اختیاره للكلمات بشكل فاضح لنشاطات الحیوان المنوي، و في نفس السیاق یقول أن الحیوان المنوي یفقد قدرته على الحركة عن التحامه مع البویضة. لدى الفأر و قنفذ البحر یقول واسرمان أن الحیوان المنوي یدخل البویضة طواعیة:” على حد وصفه:” كیف یدخل الحیوان المنوي بعد أن یندمج في الغشاء البلازمي للبویضة لداخل البویضة؟ سطح البویضة لدى كل من الفأر و قنفذ البحر یحتوي على الآف الروابط البلازمیة المسماة زغیبة7.

الأدلة تظهر أنه لدى قنفذ البحر، أنه بعد الاندماج بالغشاء مجموعة من الزغیبیات الطویلة تجتمع و تحیط بقوة برأس الحیوان المنوي و تقوم بشفطه لداخل البویضة. لذا شل الحركة الذي یحدث للحیوان المنوي لدى الفئران و قنافذ البحر لا یؤثر على دخول البویضة. كان أكثر منطقیة لو تم تسمیة العنوان الجانبي الذي یلي “لحیوانات المنویة تخترق” ، “البویضة ُتغلف” بدلا من “اندماج النطفة و البویضة.” هذا العنوان سیكون أكثر توازنا، و یوضح أن كل من البویضة و الحیوان المنوي یقومان بفعل. في محاولة أخرى من واسرمان للتقلیل من البویضة، هو أنه لا یتحدث أبدا عن البویضة كوحدة كاملة، بل یصف مكوناتها، في المقابل یعامل الحیوان المنوي على النقیض. تطلق دیبوراه على هذا السلوك “الذریة” (”الجزء مستقل و مكتف بذاته”) وهو “غطرسة و تصلف” العلوم و الطب الغربي. و هنا یستخدم واسرمان الذریة لصالحة. فعندما یصف تفاعلات تحدث للحیوان المنوي، دائما ما یرجع و یذكرنا بكیف حدثت هذه التفاعلات: أنها أتت من حیوان منوي قد اخترق البویضة، أو لدیه قوة دفع قویة. أما عندما یصف تفاعلات تحدث للبویضة فأنه یكتفي بذكر هذه التفاعلات. لذا أي دور فعال فهو یعود لجزء معین من البویضة و لیس للبویضة. ففي المثال الأعلى الزغیبات هي التي تحیط بالحیوان المنوي. و في مثال آخر یقول:”القوة التي تقوم بامتصاص الحیوان المنوي من منطقة السایتوبلازم تحت غشاء البلازما في البویضة”.

نظرة لما خلف الآثار الاجتماعیة

كل الثلاثة الشروحات التي تمت إعادة فهمها للعلاقة بین البویضة و الحیوان المنوي لم تستطع الهروب من هرمیة الشروحات القدیمة. رغم أن كل الشروحات الجدیدة تمنح البویضة دورا أكبر و أكثر فعالیة، جمیعها اختارت بأن تمثل هذا الدور من خلال صورة نمطیة أخرى ترسمها الثقافة عن النساء، حیث أنهن خطیرات و یشكلن تهدید. ففي بحث معمل جونز هوبكنز، توصف البویضة بأنها “توقع بحبالها” الحیوان المنوي لیلتصق بالمنطقة الشفافة، كعنكبوت ینتظر في الشبكة. و في معمل شاتین نجد أن النویة “تقاطع” حركة الحیوان المنوي بحركة “مفاجئة و سریعة” حیث “تكبس على النطفة و توجه نویته نحو الوسط.” أما واسرمان فیصف سطح البویضة “مغطى

بالآلاف النتؤات المسماة بالزغیبات” و التي تقوم بالانقضاض على النطفة، معززا صورة العنكبوت. نعم هذه الصورة تعطي البویضة دورا أكثر فعالیة، لكنه في المقابل یرسم هذه الصورة الشرسة. تلك الصورة المنتشرة في الثقافة الغربیة عن المرأة الخطرة، الغاویة8 التي تجعل الرجال ضحیة لها. و بالتحدید ربطها بالعنكبوت حیث الفكرة عن الأم التي تلتهم أطفالها9. المعلومات الجدیدة لم توقف العلماء عن استخدام صور نمطیة لوصف العلاقة بین البویضة و النطفة. لكنها جعلت العلماء یستخدمون أوصاف مختلفة، لكنها لیست أقل خطورة. هل یمكننا إعطاء تصور أقل تنمیطیة؟ الأحیاء نفسها تمنحنا نموذج آخر یمكننا تطبیقه على البویضة و النطفة. النموذج السبراني، و نظام التغذیة المتواصل الذي یتمتع به، حیث المرونة فتبني التغییر، وتناسق الجزء مع الكل، التقییم المستمر، و الاستجابة للبیئة، كل هذا موجود في علم الوراثة، الغدد، البیئة و له تأثیر متزاید في المجال الصحي. هذا النموذج لدیه القدرة لتحویل الصورة السلبیة، حیث یتعرض الجهاز التناسلي الأنثوي للانتقاد بسبب عدم إنتاج أي بویضات بعد الولادة، و أیضا بسبب (تضییع) العدید من البویضات، لشيء إیجابي. یمكن النظر للجهاز التناسلي الأنثوى كعضو مستجیب لبیئته (الحمل، وانقطاع الحیض)، و متأقلم مع التغییر (الحیض)، و متغیر بمرونة من القدرة على الإنجاب بعد البلوغ، لعدم الإنجاب في وقت متأخر من الحیاة. و حتى التفاعل الحاصل بین البویضة و النطفة یمكن وصفه بطریقة سیبرانیة. في بحث لجي إف هارتمان قبل خمسة عشر سنة كتبه في أحیاء التكاثر، أنه إذا تم قتل البویضة بوخزة دبوس، فإن النطفة الحیة لن تتمكن من النفاذ من خلال المنطقة الشفافة.

من الواضح أن التفاعل بین البویضة و الحیوان المنوي یتم بشكل متكافئ، مما یجعل رفض علم الأحیاء لتصویرهم بهذا الشكل شيء باعث للربكة. على الرغم من ننصح بالنموذج السبراني یجب أن نعي أنه لیس نموذج محاید، فقد استخدم في السابق للعب دور مهم في فرض السیطرة الاجتماعیة. هذه النماذج بطبیعتها تمنح “حقل” ذو مكونات متقاطعة طریقة معینة للتفكیر. بمجرد ما یتم ظهور حقل معین، فإنه یكون محل دراسة لأشكال جدیدة من المعرفة، في المقابل هذا یسمح بظهور أشكال جدیدة من السیطرة الاجتماعیة مستمدة من هذا الحقل. فمثلا في خمسینات القرن العشرین بدأ الطب بالاعتراف بالبیئة الاجتماعیة-النفسیة للمرضى: عائلة المریض و داینمكیتها النفسیة. بدأت بعض الوظائف بالتركیز على البیئة الجدیدة، و نتیجة هذه المعرفة كانت زیادة السیطرة على المرضى. فلم یعد ینظر للمرضى كأفراد منعزلین، بل وحدات اجتماعیة نفسیة موجودة ضمن نظام “بیئي”، لتصبح إدارة نفسیة “المریض” مدخل جدید للسیطرة علیه. إن النماذج التي یستخدمها علماء الأحیاء في وصف المعلومات، قد یكون لها عواقب اجتماعیة كبیرة. ففي القرن التاسع عشر تبادلت كل من العلوم الإنسانیة و الطبیعیة التأثیر بشكل كبیر: فأفكار مالتوس الاجتماعیة في تجنب ارتفاع أعداد الفقراء أوحى لداروین عمله أصل المخلوقات. بعد ظهور نظریة التطور كشرح للعالم الطبیعي، ثم ظهور السوق التنافسي، تم استیراد هذه الفكرة للعلوم الاجتماعیة بما یسمى الدارونیة الاجتماعیة لتبریر النظام الاجتماعي في ذلك الوقت.

ما نراه الآن شبیه بذلك: استیراد أفكار اجتماعیة عن الأنثى السلبیة، و الذكر البطل “لشخصیات” خلایا جنسیة. هذه المقدار من “زرع الصور الاجتماعیة في تقدیم الطبیعة لوضع أساس قوي لأعادة جلب هذه الصور الطبیعیة كتفسیرات لظواهر اجتماعیة.” في بحث معمق نرى كیف تم استحضار التأثیر الاجتماعي للصورة الحیویة للبویضة و الحیوان المنوي. في أقل تقدیر، نجد أن هذه الصورة تبقي على الصورة النمطیة العتیقة عن الفتاة الضعیفة من غیر حیلة، و منقذها الذكر القوي. أن تتم كتابة هذه الصور النمطیة على مستوى الخلیة تشكل خطوة قویة لتبدو و كأن هذه الصور للأنثى و الذكر فطریة و لا یمكن تغییرها. إن من شأن هذه الصورة النمطیة أیضا، أن تعطي الناس الاعتقاد بأن المشیج الناتج من هذا التفاعل بین البویضة و النطفة، هو فعل “إنساني” متعمد یحدث على مستوى الخلیة. و أیا تكن مقاصد الزوج البشري، في تلك “الثقافة” المایكروسكوبیة تقوم الخلیة “العروس” (أو الغاویة) و الخلیة “العریس” (ضحیتها) بإنتاج خلیة طفلة. توضح روزلیند بیتشسكي أنه من خلال أدوات العرض البصریة كالأشعة الصوتیة یتم إعطائنا “صور لأجنة أصغر و أصغر تم “إنقاذها.” مما أدى “لأن یتم دفع نقطة الكینونة إلي الما لا نهایة.” حیث أن منح البویضة و النطفة الإرادة هو مفتاح لإعطائها شخصیة، مما قد یؤدي لأن یمنح التقدم التكنلوجي فرصة أكبر للتدقیق و التلاعب لصالح هؤلاء الأشخاص الذین یسعون لإصدار أوامر من المحكمة لتقنین صلاحیات المرأة الحامل، لحمایة جنینها، عملیات الأجنة، اختبارات السائل الأمینوسي و منع حق الإجهاض. هذه بعض الأمثلة.

حتى لو نجحنا في اختیار صور مجازیة عادلة لوصف نشاطات البویضة و الحیوان المنوي، و تجنبنا مزالق النموذج السبراني، سنبقى مذنبین بمنح شخصیة لوحدة الخلیة. و الأهم من مناقشة أي نوع من الشخصیات نقوم بمنحها لخلایا، إن الشيء الذي یجعلنا قلقین بشأن عواقبه الاجتماعیة، هو أننا نمنح الخلایا شخصیات. إن واحد من التحدیات النسویة الواضحة هو أیقاظ هذه المجازات النائمة في العلوم، و بالذات تلك التي لها مرتبطة بوصف العلاقة بین البویضة و الحیوان المنوي. قد ینظر لهذه التعابیر أنها تعابیر “میته”، لكنها في الواقع لیست میته، بل نائمة بین أسطر الكتابات العلمیة، بل و تتضخم. إن إیقاظ هذه المجازات یساعدنا في رؤیة كیف تنعكس الثقافة على ما ندرسه، و تحسین مقدراتنا في البحث وفهم الطبیعة. إن إیقاظ هذه المجازات یساعدنا على معرفة استخداماتها، و سلبها القوة في تطبیع التقالید الاجتماعیة الجندریة.

الهوامش

  1. Debris
  2. رداء للكهنة المسیحیین Vestments
  3. Cell
  4. Portrait
  5. وجود اسم وودي الآن هنا لا یعني تمجیده، أو فصل أعماله عن شخصه حیث أنه یواجه تهم اعتداء جنسي، غیر أن أغلب أفلامه تروج و تمجد لعلاقات جنسیة بین ذكور بالغین و قاصرات
  6. Polyspermy
  7. Microvilli
  8. Femme fatale
  9. الأرملة السوداء