وثيقة:حريتي بين التجسس والحبس بالمنزل - شهادة طالبة جامعية
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | مجهول |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | نظرة للدراسات النسوية |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | http://www.nazra.org/2018/03/حريتي-بين-التجسس-والحبس-بالمنزل-شهادة-طالبة-جامعية
|
تاريخ الاسترجاع |
|
أنا طالبة في جامعة خاصة، ولدي شغف طوال الوقت على المشاركة في أكثر من نشاط مرتبط بالدفاع عن حقوق الإنسان ومنها الحقوق السياسية سواء داخل الجامعة أو خارجها. طريقتي في العمل على تلك الحقوق المختلفة كانت مرتبطة بأن دوائر تحركي ليست مفتوحة على بعضها البعض، ولذا لم أتوقع في أي لحظة أن يؤثر ذلك الاهتمام أو العمل على حياتي الشخصية أو جسدي أو حتى على حسابي الشخصي على أحد مواقع التواصل الاجتماعي. إلا أنه في يوم من الأيام، اكتشفت أن والدي جاءته مكالمات من أحد الأشخاص بالجامعة يقول له أن ابنته (أنا) تذهب إلى أماكن معينة مع أشخاص سيئين السمعة وأخبره أشياء متعلقة بميولي الجنسية الغير مغايرة و المختلفة عن السائد مجتمعياً. بمعنى آخر هذا الشخص قال لوالدي "شوف بنتك بتعمل أيه وعاملة إزاي ومصاحبة مين وبتخرج فين". ليس هذا فقط بل أن ذلك الشخص أخبر أبي وأرسل له معلومات خاصة جدا مرتبطة بحياتي الشخصية والعاطفية، وهو الأمر الذي يوحي بأنه كان يتم مراقبتي عن قرب.
المعلومات التي وصلت لأبي لم تكن فقط عن حياتي الشخصية وإنما كانت أيضاً عن انخراطي في أنشطة عامة داخل الجامعة وخارجها ذات طابع تحرري و مرتبطة بقضايا النوع والجنسانية، مما أعطى أبي انطباع بأن ما يحدث في حياتي الشخصية ليس أمرا عابراً وإنما هو نمط حياة.
أذكر أنني شعرت بالرعب التام في البداية خاصة بعد أن أصدر أهلي فرمان بحرماني من الخروج من المنزل. ولكنني حاولت التمسك بحقوقي وساعدني في ذلك أني كنت على علم بحدوث أشياء مشابهة مع بعض اصدقائي. يمكن القول أن درايتي بتجربتهم ساعدتني بأن اكون مستعدة بشكل ما الى حدوث ذلك مع أهلي وحاولت رفض محاسبتهم لي. استمر منعي من النزول بضعة أيام فقط. صرت بعدها أشعر في حياتي اليومية أن أحد ما يراقبني. أتوتر عندما تمر سيارة بجواري أو من الأشخاص الجالسين بجواري في الأماكن العامة وصرت أتجنب المقاهي المفتوحة وأفضل المقاهي المغلقة بل وأن أحرص على عدم الجلوس بجوار النوافذ. بعبارة أخرى "كنت خايفة ان الشخص ده ممكن يكون ماسك عليا حاجات اصعب بكتير، وكنت بفكر انه لو عنده الحاجات اللي قالها لوالدي يبقى أكيد عارف تفاصيل تانية أصعب بس هو معملش كده. فده خلاني على المدى البعيد حاسة على طول اني "ممسوك عليا ذلة" وانه خلاص محتاجة "الم الدور شوية". بعد ذلك شعرت بأنه ربما علي أن أوقف أنشطتي في الجامعة خاصة وأن إحساسي بأن ما حدث كان "قرصة ودن" لي من ذلك الشخص وبأنه حتما يعرف أشياء أكثر كان يتزايد بداخلي. ترتب على ذلك أن قمت بمسح أشخاص أعرفهم من مواقع التواصل الاجتماعي خوفاً من أن يتم ربطي بهؤلاء الأشخاص، وهو الأمر الذي أثر على علاقاتي الاجتماعية و دوائري المقربة.
فكرة أنني الآن مرتبطة عاطفياً بشاب وليس فتاة تجعلني أفكر كيف كان ليختلف الوضع لو كنت في علاقة عاطفية مع فتاة. أعتقد أن أثر ذلك نفسياً عليّ كان ليصبح أسوأ. أخشى حتى الاعتراف لنفسي بذلك، ولكن في أحيان كثيرة فكرة وجود شاب وليس شابة في حياتي يشعرني بشيء من الراحة وبأنني أستطيع استخدام ذلك كحجة للدفاع عن نفسي. أعرف جيداً الآن وجود فارق ضخم بين الجسد الكويري والجسد المغاير جنسياً من وجهة نظر المجتمع.
أحياناً أفكر أنه ربما لكون ملابسي محافظة ولأنني أبدو من الخارج كشخصية محافظة، فهذا جعل ذلك الشخص يتحدث مع أبي بمنطق "بنتك مش زي الناس دي، خللي بالك من بنتك". وفي النهاية تذكرت الفتاة من مسلسل "هذا المساء" والتي كان يتم ابتزازها وكيف قررت في النهاية أن تكتب على الفيس بوك الشيء الذي كان يتم تهديدها به. ما حدث معي جعلني أفكر أنني بحاجة لأن أكون مستقلة مادياً وناجحة مهنياً، خاصة وأنني طالما كنت أعيش "تحت جناح أهلي". أفكر أحياناً في أنه حتى في أسوا الحالات، إن عرفوا أشياء أخرى عني أصعب مما عرفوه بالفعل، لن تكون نهاية العالم بالنسبة لي. أستطيع أن أقول أنني قررت أنها لن تكون نهاية العالم".