وثيقة:فهم ثقافة الاغتصاب
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | بيرنا سينج |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | نحو وعي نسوي |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://feministconsciousnessrevolution.wordpress.com/2019/08/04/فهم-ثقافة-الاغتصاب/
|
تاريخ الاسترجاع | |
نسخة أرشيفية | http://archive.vn/BWeDT
|
ترجمة | وفاء |
لغة الأصل | الإنجليزية |
العنوان الأصلي | Understanding Rape Culture |
تاريخ نشر الأصل |
نشرت التدوينة الأصلية على موقع feminisminindia.com
قد توجد وثائق أخرى مصدرها نحو وعي نسوي
في استبيان حديث لمؤسسة توماس رويترز، تم تصنيف الهند كأقل الأماكن سلامة في العالم للنساء، حيث تبين أنها تمتلك أسوء سجل في الاغتصاب، والتحرش الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي. ربما من الصعب تصديق هذا الإستبيان بالنسبة للعديد من الهنود، لكن الحقيقة أننا نعيش في ثقافة تُطبع الاغتصاب، والعنف والتحرش ضد النساء.
تشير ثقافة الاغتصاب إلى الميل لرؤية العنف وكراهية النساء كتعبير أو جزء من ” العادات” و “الثقافة”، وتبدأ بالإستخدام اليومي للغة العنف الجنسي في الثقافة العامة.
وتظهر إهانة المرأة، من خلال الكثير من السلوكات مثل التحرش الجنسي في الشارع، لمس جسد المرأة، إظهار الرجل لأعضائه الجنسية، الإنتقام الجنسي، التعقب، وهي سلوكات من ضمن أخرى تحدث نتيجة لتطبيع العنف الجنسي اليومي، وللأفعال والمعتقدات التي ترسخ الاغتصاب.
العنف ضد المرأة لا يحدث في معزل، إنه جزء من ثقافة اغتصاب ممنهجة. تبدأ بتطبيع الإعتداء الجنسي، مرورا بإهانة المرأة، والتي تتواصل لتشكل مزيدا من العنف والإعتداء.
الأفعال والتصرفات التي نصفها بأنها” غير مؤذية” و”ليست مرتبطة بالاغتصاب” هي في الحقيقة جزء من هذه التركيبة التي هي تعزيز، وأيضا تبرير، لمزيد من العنف الجنسي.
وثقافة الاغتصاب هي مفهوم اجتماعي لإطار يكون فيه الاغتصاب منتشرا ومرسخا بسبب المواقف المجتمعية حول الجنس والنوع/الجندر. وقد تمت صياغة هذا المصطلح خلال الموجة الثانية من النسوية، في السبعينات، لمواجهة تطبيع العنف الجنسي ضد النساء في المجتمع.
وتفرض هذه الثقافة على النساء أن يعشن في خوف على أمنهن، مما يحدد تصرفاتهن وتحركاتهن. هكذا يعمل الاغتصاب كأداة قوية للإضطهاد لإبقاء النساء خاضعات للذكور، بالرغم من أنه “ليس كل الرجال” مغتصبون. إلا أنهم ضمن هذه الدائرة التي تشكل ثقافة الاغتصاب.
وفي هذا السياق سنستعرض خمسة أمثلة يومية منتشرة تخلد ثقافة الاغتصاب:
نكت الاغتصاب
نكت الاغتصاب مؤذية، وهي أيضا ليست مجرد ” نكت”. عندما نؤسس رابطا بين الفكاهة والاغتصاب، نشترط على المستمع أن يتجاهل ويُطبع مع الاعتداء الجنسي. التنكيت عن أحداث مفزعة، وتقديمها “كمزحة”، هو دفاع عن سلوك المعتدي وجعله “عادي” أو “معتاد”. لا نستطيع أن نبيع النكتة على حساب الضحية. فيما تبدو “النكات” في ظاهرها بريئة لكنها تمثل وتديم الأيدولوجيات القمعية، والتي بدورها تُغذي وتساند ثقافة الاغتصاب. عن طريق “تشويه سمعة” صدمة الضحية، وهذا النوع من المزاح يجعل الإعتداء الجنسي والاغتصاب أمور مضحكة.
الاغتصاب جريمة بشعة ومستمرة. والنكات عنها تجعل الضحية، التي تشعر بالعزلة من الناس الذين لم يختبروا الصدمات الجنسية، تسترجع التجارب المؤلمة. وتجعل الاغتصاب “ليس بذلك السوء”. وبالمثل، عندما نصيغ أوجه التشابه بين الاغتصاب وشيء غير مريح لنا، لغرض الضحك، فإننا نقدم الاغتصاب على أنه فعل غير عنيف أو شنيع.
مرات كثيرة سمعت أصدقائي يخرجون من قاعة الإختبار قائلين “هذا الإختبار اغتصبني” مقدمين الاغتصاب على أنه فعل تافه مثل الإختبار الصعب. وأثناء تصوير فيلم “سلطان” قال سلمان خان أنه شعر “كأنه امرأة مًغتصبة”. لقد إستخدم الاغتصاب كجناس لشرح مقدار العمل الجسدي الذي انغمس فيه، مهملا الصدمة الجسدية والعقلية التي تمر فيها ضحية الاغتصاب.
ويستخدم الاغتصاب أيضا كوصف للهزائم في الرياضة. في نصف النهائي كأس العالم 2014، عندما هزمت ألمانيا البرازيل 7-1، انهالت التغريدات في تويتر قائلة “المانيا اغتصبت البرازيل”، ومئات المُشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي التي تحدثت عن كيف “اُغتصبت باكستان من قبل الهند” بعد فوز الهند في مباراة كريكت ضد باكستان. كل هذا يوضح كيف نسخف الاغتصاب.
هذا التطبيع مع الاغتصاب يخلد ثقافة الإعتداء الجنسي. ويحوله لمزحة مقللا من شدته وإجرامه وفظاعته، كما يساهم في عزل أكثر للناجيات اللواتي يترددن في مشاركة تجاربهن.
لوم الضحية
يهمش “لوم الضحية” الناجيات ويجعل من الصعب عليهن الإبلاغ عن الإساءة أو الإعتداء الجنسي. فالمجتمع الذي يحمل الضحايا مسؤولية الأعمال الوحشية التي عانين منها لا يجعلهن يشعر بالأمان والراحة في التقدم والحديث عن معاناتهن.
موكيش سينج، أحد الرجال الذين تمت إدانتهم بقضية الاغتصاب الجماعي والقتل في دلهي في ديسمبر 2012، في مقابلة في وثائقي ” ابنة الهند” قال بأن الضحية تعدت الحدود المرسومة لأدوار الجنس المؤنث وأن المرأة مسؤولة عن الاغتصاب. حتى أن محاميه لخص رأيا مشابها للوم الضحية وذهب إلى حد أن قال أنه “سوف يحرق ابنته حية إن تصرفت بأسلوب “معيب”.
ومع ذلك، فإن لوم الضحية، على أي نوع من الإعتداء الجنسي، يقود إلى فكرة أن الاغتصاب شيئا منتشرا وعاديا في المجتمع، وأن من مسؤولية الأفراد حماية انفسهن. مثل هذا الموقف، الذي يُطبع ويعطي أعذارا للعنف الجنسي، لا يحمل المعتدين مسؤولية أفعالهم بالمرة.
جزء من موقف لوم الضحية هذا من الممكن أن يعزى أيضا إلى حقيقة أنه عندما تسأل أسئلة مثل ” ماذا كنتِ ترتدين؟” أو ” لماذا كنتِ في الخارج في وقت متأخر؟”، فأنت تحاول أن تعزل نفسك عن الضحية وتسائلها. عندما يجد الناس أخطاء لدى الضحية (وهو ما لن يجدوه) ، فإنهم يحاولون أن يثبتوا حقيقة أنهم بأمان ولن يقعوا في نفس الموقف. بهذا الموقف المشبع بلوم الضحية، يعزز المجتمع العلاقة بين المعتدي والمعتدى عليها، والذي يسمح للمعتدي بإدامة العنف الجنسي ويقلل من مسائلته عن أفعاله من خلال توجيه اللوم للضحية.
الذكورية السامة
تشير الذكورية السامة بشكل أساسي إلى الإعتقادات والتوقعات التي تدور حول العدوان والقمع والرزانة والتي تحدد كيف يتصرف “الرجل الحقيقي”. الذكورية السامة متأصلة في ثقافة الاغتصاب والمجتمع الأبوي. وهي شيء يتعلمه الرجال عبر السنوات من خلال تحكم اجتماعي وثقافي مختلف. وبدلا من التضمين أن” كل الرجال سامون”، إنها تشير إلى المعايير الثقافية التي تساوي الذكورة مع التحكم والعنف والعدوان.
وتعتمد الذكورية السامة على النوع الجندري والذي يثبت أن الرجال “حيوانات” جنسية مفترسة وتشيئ النساء لكي تشرعن “رجولتهم”. التحكم الجنسي بالنساء هو “منطقة” يجب غزوها، وكنتيجة لذلك يشعر الرجال ان أجساد النساء ملكا لهم جنسيا كطريقة لإثبات “رجولتهم”.
وتجعل الذكورية السامة النساء أقل من الرجال وخاضعات لهم. وهكذا، فإن ردهم على تمكين المرأة يكون بالقمع من خلال الإساءة الجسدية والجنسية. حتى أن الرفض من قبل امرأة، لأي نوع من العلاقات الجنسية، يؤدي إلى اساءات جنسية عنيفة. الذكورية السامة تغذي الاغتصاب إلى حد استخدامه كطريقة “للتحكم” في المرأة. ستستمر الذكورية السامة بتقوية ثقافة الاغتصاب حتى يأتي الوقت الذي يتم فيه تعريف الذكورية بـ “الغزو” الجنسي.
سيبقى الرجال رجال
تسمح فكرة “سيبقى الرجال رجال ” بالتصديق بأن أفعالهم يوجد لها عذر دائما. إنها قائمة على فكرة أن طبيعة أجسامهم والتي لا يستطعون السيطرة عليها هي السبب الرئيسي لسلوكاتهم. ويذهب أنصار هذه الفكرة إلى حد أن الرجال يميلون بشكل طبيعي للاغتصاب والسلوكيات الإجرامية، مما يسمح بالحديث عن إدامة ثقافة الاغتصاب. قال مولايام سنج، في إحدى مسيراته السياسية، بينما كان يتحدث عن قوانين الاغتصاب، أن ” الرجال يرتكبون الأخطاء”، وهكذا حول أفعال المغتصبين إلى “أخطاء” فقط. عندما يعزز المجتمع هذه الأفكار، فإنها تحرر الرجال من تحمل مسؤولية أفعالهم ويضع الضغط على النساء “للمحافظة” على أنفسهن من الأفعال العنيفة “المتأصلة” في الرجال. وهذا يوحي بأنه طالما أن الرجال سيتصرفون بطريقة عنيفة، لأنهم لا يستطيعون التحكم بتصرفاتهم، فمسؤولية المرأة في المقام الأول بأن ” لا تتساهل بأفعال” من الممكن أن تجعلها ضحية للعنف الجنسي.
فكرة “سيبقى الرجال رجال” سوف تستمر، إن رفضنا مواجهة الملاحظات والقضايا الجنسية، إن لم نعلم الرجال أنهم مسؤولون عن تصرفاتهم، وإن استمرينا بمساعدة انتاج هذا السلوك المروع. ستستمر فكرة تعزيز ثقافة الاغتصاب إن لم نحمل الرجال مسؤولية تصرفاتهم ونرفض التسامح مع هذا السلوك المرفوض الذي يعتبر عاديا وشيئا “يفعله الرجال”.
- تشييء جسد المرأة
تتضمن ثقافة الاغتصاب أيضا تشييئا لجسد المرأة، والذي يختصر المرأة إلى مجرد شيء. إنها فكرة منتشرة في كل مكان – ومنها الإعلانات، وسائل التواصل الإجتماعي، التلفزيون، والأفلام.
ويساهم التشييء الجنسي في الأفكار النمطية الجندرية السامة التي تبرر العنف ضد النساء. وتتعلم منه النساء أن مظهرهن والطريقة التي تبدو عليها أجسادهن مهمة جدا وشيء يعتبره الرجال “مرغوبا”. هوسنا بمظاهرنا وكيف نقدمه وفقا لحاجة الرجال، يحولنا إلى أشياء.
عندما نأصل لحقيقة أن نوع/جندر كامل موجود فقط من أجل إرضاء حاجيات الآخرين، فإننا نقلل من إنسانية ملايين النساء ونرفض هوياتهن. ومادام يدل التشييء على التحكم والملكية. فمن الصعب أن نتعاطف مع شيء لا نعتبره أو نراه كـ “شخص حقيقي”. المشكلة مع التشيء أنه يختصر المرأة في جسدها، ويقلل من قيمتها كإنسان، ويجعلها أكثر عرضة للعنف الجنسي الشنيع.
الصاق “الشرف” في فرج المرأة
في الهند، واحدة من أكبر ثقافات الاغتصاب الأبدية، هي حقيقة أن شرف العائلة أو المجتمع مربوط “بنقاء” جنسانية المرأة. ومعاملة جسدها كشيء مقدس. ثقافة الاغتصاب هنا تهين الضحية وليس المغتصب، لأن المرأة هي “شرف” المجتمع.
ويُوصف الاغتصاب في اللغة الهندية بأنه” سرقة شرف شخص ما”، وعندما يتم اعتبار المرأة مصدر “للشرف” تصبح ضعيفة للغاية، ويتم التحكم بشكل كامل بتصرفاتها وحراستها من قبل العائلة والمجتمع، ويتم اعتبارها كهدف لأولئك الذين يريدون الإنتقام من المجتمع. يُنظر إلى الاغتصاب كطريقة قوية للإنتقام لأنه مرتبط بأفكار مثل الخزي والعار. الاغتصاب والوصمة المرتبطة به تجعل من الصعب على النساء طلب العدالة، لأنهن في معظم الأوقات لا يبلغن عن الجريمة خوفا من العار.
أخيرا، فإن فكرة الشرف تحدد أنشطة النساء في تحميلهن مسؤولية المحافظة على شرف المجتمع، إذ يجعل الاغتصاب كنوع طبيعي من الإنتقام عندما يتم التعدي على شرف المجتمع.
هذه بعض الأمثلة على التمييز الجنسي اليومي الذي يساعد على تطبيع الاغتصاب. فالتصرفات والسلوكات الجنسية العنيفة المنتشرة والتي لا يواجهها أحد، منشأة بنية يتم فيها تطبيع التحرش الجنسي، ممهدة الطريق لإساءات واعتداءات جنسية مختلفة . ثقافة الاغتصاب إذا ليست فكرة افتراضية تم انشاؤها من قبل “نسويات مفرطات الحساسية”. إنها تهدف لفهم كيف يتم تطبيع وإدامة العنف الجنسي في المجتمع.