وثيقة:العمر، العنصر، الطبقة والنوع النساء يعدن تعريف الاختلاف
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | أودري لورد |
---|---|
تحرير | سماح جعفر |
المصدر | اختيار |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://www.ikhtyar.org/wp-content/uploads/2015/03/النساء-يعدن-تعريف-الاختلاف.pdf
|
تاريخ الاسترجاع |
|
ترجمة | تامر موافي |
لغة الأصل | الإنجليزية |
العنوان الأصلي | Age, Race, Class, and Sex: Women Women Redefining Difference |
تاريخ نشر الأصل |
نُشر هذا المقال بلغته الأصلية سنة 1984، ضمن مجموعة مقالات أخر في كتاب أودري لورد "Sister Outside". ويوجد نسخة من المقال بلغته الأصلية على موقع Socialism
هذا النصّ موجود كذلك في ملف:العمر، العنصر، الطبقة والنوع النساء يعدن تعريف الاختلاف.pdf
قد توجد وثائق أخرى مصدرها اختيار
العمر، العنصر، الطبقة والنوع: النساء يعدن تعريف الاختلاف(1)
كثير من تاريخ أوروبا الغربية يفرض علينا أن نرى الاختلافات البشرية في تضاد بسيط مع بعضها البعض: السيادة\الخضوع، الخير\الشر، الأعلى\الأسفل، الأسمى\الأدنى. وفي مجتمع يتم فيه تعريف الخير وفق شروط الربح بدلًا من الحاجة الإنسانية، ينبغي دائمًا أن تكون ثمة مجموعة من الناس الذين يمكن جعلهم يشعرون بأنهم زائدون عن الحاجة، من خلال القمع المنهجي، ويحتلون موقع الأدنى المجرد من الإنسانية . وفي مجتمعنا هذا، تتشكل هذه المجموعة من السود ومواطنو العالم الثالث، والطبقة العاملة، والأكبر سنًا، والنساء.
كامرأة في التاسعة والأربعين من عمري، سوداء، مثلية، نسوية، اشتراكية، وأم لطفلين، أحدهما صبي، وشريكة في زواج مختلط، اجد نفسي عادة جزء من مجموعة يتم تعريفها على أنها مختلفة، أدنى أو فقط تمثل خطأً واضحًا. وفي المجتمع الأمريكي، يتوقع تقليديًا من أعضاء المجموعات المقموعة والذين ينظر إليهم كأشياء، أن يمدوا أيديهم ويعبرون الفجوة بين وقائع حياتنا وبين وعي من يقمعوننا. فحتى أن نبقى على قيد الحياة، فإن هؤلاء الذين كان القمع بالنسبة لهم أمريكيًا بقدر ما فطيرة التفاح كذلك، كان عليهم دائمًا أن يراقبوا، وأن يكونوا معتادين على لغة وسلوك قامعيهم، وفي أحيان كان عليهم أن يتبنوا هذه اللغة وهذا السلوك للحصول على حماية وهمية. وأينما ظهرت الحاجة إلى بعض من إدعاء التواصل، فإن هؤلاء المنتفعين من قمعنا يطالبوننا بمشاركة معرفتنا معهم. بعبارة أخرى، إنها مسؤولية المقموع أن يعلم قامعيه عن أخطائهم. فأنا مسؤولة عن تعليم المدرسين الذين يُقصُون ثقافة أبنائي في المدرسة. وكذا فإن السود ومواطنو العالم الثالث يُتوقع منهم أن يعلموا البيض عن حقيقة كوننا بشر، ويتوقع من النساء أن يعلموا الرجال، والمثليات والمثليين أن يعلموا العالم غيري الجنس. فالقامعين يتمسكون بموقفهم ويتجنبون الاعتراف بالمسؤولية عن أفعالهم. وثمة استنزاف مستمر للطاقة التي كان من الأفضل أن تستخدم لإعادة تعريف أنفسنا وتوظيف سيناريوهات واقعية لتغيير الحاضر ولبناء المستقبل.
الرفض المؤسسي للاختلاف هو ضرورة قصوى في مجتمع قائم على تحقيق الربح وفي حاجة إلى منبوذين يجعلهم زائدين عن الحاجة. وكأعضاء في مثل هذا الاقتصاد، تمت برمجتنا جميعًا للاستجابة إلى الاختلافات الإنسانية فيما بيننا بخوف ونفور وأن نتعامل مع هذه الاختلافات بأحد طرق ثلاثة: أولًا تجاهلها فإن لم يكن هذا ممكنًا، فعلينا تقليدها إذا ما ظننا أنها سائدة، أو أخيرًا علينا تدميرها إذا ما ظننا أنها أدنى منا. ولكننا لا نملك نماذج للتواصل عبر اختلافاتنا الإنسانية على أساس المساواة بيننا. وكنتيجة لذلك، فإن هذه الاختلافات قد أسئ تسميتها وأسئ استخدامها في خدمة إحداث الفرقة والتشوش.
ثمة بالتأكيد اختلافات حقيقية بيننا من حيث العنصر والعمر والنوع. ولكن هذه الاختلافات ليست هي ما يفصل بيننا. وإنما رفضنا لملاحظة هذه الاختلافات ولفحص التشوهات الناتجة عن اساءة تسميتها وآثار ذلك على السلوك والتوقعات الإنسانية.
العنصرية: الإيمان بتفوق أصيل لأحد الأجناس على غيره ومن ثم حقه في السيادة عليها. الذكورية: الإيمان بالتفوق الأصيل لأحد النوعين على الآخر ومن ثم حقه في السيادة. التفرقة على أساس العمر، الغيرية الجنسية، النخبوية، الطبقية.
إنه عمل يستغرق عمر بأكمله لأي منا أن يسعى إلى استخلاص هذه التشوهات من حياتنا وفي نفس الوقت أن يلاحظ ويسترد ويعرّف الاختلافات التي فرضت هذه التشوهات عليها. لأننا جميعًا قد تربينا في مجتمع كانت حياتنا فيه موبوءة بهذه التشوهات. وفي أغلب الوقت، نبدد الطاقة اللازمة للتعرف على الاختلاف واستكشافه في ادعاء أن هذه الاختلافات هي عوائق لا يمك تجاوزها، أو أنه لا وجود لها على الإطلاق. وهذا يؤدي إلى العزلة الاختيارية، أو إلى إقامة صلات زائفة وغير موثوقة. وفي أي من الحالين، لا نطور أدوات لاستخدام الاختلاف الإنساني كأساس للتغيير الخلاق في حياتنا. فنحن لا نتحدث عن الاختلاف بل عن الانحراف الإنساني.
في مكان ما، على حافة الوعي، ثمة ما أسميه معيارًا خرافيًا، والذي يعرف كل منا في أعماقه "إن هذا ليس أنا". في أمريكا، يتم تعريف هذا المعيار عادة بأنه أبيض، نحيف، ذكر، شاب، غيري الجنس، مسيحي، وآمن ماديًا. وفي إطار هذا المعيار الخرافي تكمن خيوط السلطة في هذا المجتمع . فهؤلاء منا الذين يوجدون خارج أروقة السلطة يتم تعريفنا بطريقة أو بأخرى بوصفنا مختلفين، ونحن نفترض أن هذا هو السبب الأساسي لكل قمع، متناسيين التشوهات الأخرى حول الاختلاف، والتي قد نمارس نحن أنفسنا بعضا منها. وبقدر أو بآخر فإنه في الحركة النسوية اليوم، تركز النساء البيضاوات على ما يتعرضن له من قمع بوصفهن نساء ويتجاهلن اختلافات العنصر، والتوجه الجنسي، والطبقة، والعمر. وثمة ادعاء لتجانس التجربة تحت غطاء كلمة الأخوية التي لا وجود لها في الواقع.
الفوارق الطبقية غير المعترف بها تجرد النساء من طاقات بعضهم البعض ومن رؤاهن الخلاقة. كمثال اختارت مجلة نسائية مؤخرًا لأحد أعدادها أن تنشر نصوصًا نثرية فقط، قائلة أن الشعر كان شكلًا فنيًا أقل دقة وجدية. ومع ذلك فإن الشكل الذي تتخذه ابداعتنا الفنية هو دائمًا مسألة طبقية. والشعر، من بين كل الأشكال الفنية، هو الأكثر اقتصادًا. فهو الشكل الأكثر سرية، والذي يتطلب أقل جهد بدني، وهو الأقل مادية، والذي يمكن القيام به بين فترات العمل، في كافيتريا المستشفى، في المترو، وعلى قصاصات الورقة الزائدة عن الحاجة. وخلال السنوات الأخيرة بينما كنت أكتب رواية بتمويل محدود، أمكنني ان أقدر الفارق الضخم في المتطلبات المادية بين الشعر والنثر. فبينما كنا نستعيد أدبنا الخاص بنا، كان الشضعر هو الصوت الرئيسي لنساء الطبقة العاملة الملونات والفقيرات. في المقابل قد يكون ضروريًا أن يكون لك غرفة خاصة بك لكتابة عمل نثري، وكذا الكثير من الورق، وآلة كاتبة، وكثير من الوقت. وبالمثل تساعد المتطلبات الواقعية لإنتاج أعمال الفن التشكيلي على تحديد، أي فن هو مناسب لمن من الناس على أساس طبقي. وفي زمننا هذا حيث ترتفع أسعار المواد المختلفة، من هم نحاتونا، ورسامونا، ومصورونا الفوتوغرافيون؟ فعندما نتحدث عن ثقافة نسائية واسعة القاعدة، نحتاج إلى أن ننتبه لأثر الطبقة والفوارق الاقتصادية على المتطلبات المتاحة لإنتاج الفن.
بينما نتحرك نحو خلق مجتمع يمكن لكل منا الازدهار فيه، يكون التمييز على أساس العمر تشوهًا آخر لعلاقاتنا يتدخل في مسعانا مع غياب الرؤية . وبتجاهل الماضي، نجد أنفسنا مدفوعين إلى تكرار أخطائه. فالفجوة بين الأجيال هي أداة اجتماعية هامة لأي مجتمع قمعي. فإذا نظر أعضاء المجتمع الأصغر سنًا إلى الأكبر سنًا على أ،هم مستحقون للاحتقار أو مشكوك فيهم، أو زائدون عن الحاجة، فلن يمكنهم أبدًا أن يوحدوا جهودهم معهم لفحص الذكريات المعيشية للمجتمع، ولا أن يطرحوا السؤال الأكثر أهمية: "لماذا؟" وهذا يؤدي إلى فقدان للذاكرة التاريخية نستمر معه في إعادة اختراع العجلة في كل مرة نحتاجة فيها إلى الذهاب إلى المتجر لشراء خبزنا.
نحن نجد أنفسنا مضطرين إلى تكرار أو إلى إعادة تعلم نفس الدروس القديمة التي تعلمتها أمهاتنا، مرة بعد مرة، لأننا لا ننقل ما تعلمناه إلى الآخرين، أو لأننا غيرقادرات على الإنصات. وعلى سبيل المثال، كم مرة سبق لما أقوله الآن أن قيل من قبل؟ وكمثال آخر، من منا قد تصور أنه مرة أخرى ستسمح بناتنا لأجسادهن بأن تعذب وتشوه بأحزمة التقويم والأحذية ذات الكعوب العالية والتنانير القصيرة؟
تجاهل الفوارق العنصرية بين النساء وآثار هذه الفوارق يمثل التهديد الأكثر جدية لحشد القوة المشتركة للنساء. فبينما تتجاهل النساء البيضاوات المميزات المسبقة للونهن، ويعرفن المرأة وفق شروط تجربتهن وحدها، تصبح النساء الملونات "الآخر"، الغريب، مَن تجربته وتقاليده "أجنبية" إلى حد لا يمكن مع فهمها. والغياب ذو الدلالة لتجربة النساء الملونات كمورد لبرامج دراسات النساء، هو مثال لذلك. لأنه نادرًا ما يتم تضمين أدب النساء الملونات في البرامج الدراسية للأدب النسائي ويكاد ينعدم في غيرها من برامج دراسة الأدب وكذا في الدراسات النسائية بصفة عامة. ودائمًا يكون العذر الملعن هو أن أدب النساء الملونات يمكن فقط أن تشرحه نساء ملونات، أو أن هذا الأدب من الصعب فهمه، أو أن الطالبات لا يمكنهن "النفاذ" إليه لأنه ناتج عن تجارب هي "مختلفة أكثر مما ينبغي". وقد سمعت هذه الحجة، تطرحها نساء بيضاوات، هن فيما عدا ذلك يتمتعن بذكاء واضح، وهن نساء لا يبدو أن لديهن أي مشكلة على الإطلاق في تدريس ومراجعة أعمال أنتجتها تجارب شيكسبير، وموليير، ودوستويفسكي، وأريستوفانس، شديدة الاختلاف عن تجاربهن. ومن ثم فبالتأكيد ثمة تفسير آخر.
هذا سؤال شديد التعقيد، ولكنني أؤمن بأن أحد أسباب الصعوبة التي تجدها النساء البيضاوات في قراءة أعمال النساء السوداء هو تكاسلهن عن رؤية المرأة السوداء كامرأة هي في نفس الوقت مختلفة عنهن. فاختبار أدب النساءي السوداوات بشكل فعال يتطلب أن تتم رؤيتنا كشعب في مجمله وفي تركيبتنا الفعلية –كأفراد، كنساء، وكبشر- بدلًا من رؤيتنا كواحدة من هذه النماذج النمطية الإشكالية ولكنها في نفس الوقت مألوفة، والتي يفرضها المجتمع بديلًا عن الصور الأصلية للنساء السوداوات. وإنني أؤمن بأن هذا يبقى صحيحًا فيما يتعلق بآداب النساء الملونات الأخريات من غير السوداوات.
إن آداب كل النساء الملونات تعيد خلق الاحساس بحياتنا، وكثير من النساء البيضاوات محبوسات تمامًا في تجاهل الاختلافات الحقيقية. لأنه طالما كان أي اختلاف فيما بيننا يعني أن أحدنا أدنى من الآخر، فإن الاعتراف بأي اختلاف لابد وأن يكون محملًا بالشعور بالذنب. والسماح للنساء الملونات بالخروج عن الأنماط التقليدية يحفز كثيرًا من الشعور بالذنب، لأنه يهدد كل هؤلاء النساء اللاتي يرين القمع فقط وفق شروط النوع بأن يتهمن بالتواطؤ. فرفض الاعتراف بالاختلاف يجعل من المستحيل رؤية المشاكل المختلفة والعراقيل الخفية التي تواجهنا كنساء.
ومن ثم فإنه في منظومة سلطة أبوية، حيث ميزة البشرة البيضاء هي عامل تقدم رئيسي، تكون الفخاخ المستخدمة لتحييد النساء السوداوات ليست هي نفسها المستخدمة لتحييد النساء البيضاوات. فعلى سبيل المثال، من السهل أن تستخدم النساء السوداوات من قبل بنية السلطة ضد الرجال السود، ليس لأنهم رجال ولكن لأنهم سود. وبالتالي فمن الضروري للنساء السوداوات في كل وقت أن يفصلن احتياجات القامع عن التناقضات المشروعة داخل مجتمعاتنا. هذه المشكلة لا وجود لها في حالة النساء البيضاوات. فقد تشارك النساء والرجال الخضوع للقمع العنصري وما زالوا يتشاركونه، على الرغم من تعرض كل منهما له بشكل مختلف، ومن خلال هذا القمع المشترك طورنا دفاعات مشتركة ونقاط ضعف مشتركة تجاه بعضنا البعض، لا مثيل لها في المجتمع الأبيض، مع استثناء العلاقة بين النساء والرجال في المجتمع اليهودي.
على الجانب الآخر تواجه النساء البيضاوات فخ أن يستدرجن إلى مشاركة القامع تحت دعوى المشاركة في السلطة. وهذه الإمكانية لا وجود لها بالطريقة نفسها بالنسبة للنساء الملونات. فالمفردات التي يتم أحيانًا تمديدها لتشملنا ليست دعوة للمشاركة في السلطة؛ "فآخريتنا" العنصرية عي حقيقة مرئية بحيث تجعل هذا أمرًا واضحًا. في حين أنه بالنسبة للنساء البيضاوات ثمة مجالُ أوسع من الخيارات المزعومة والجوائز للتماثل مع السلطة الأبوية ومع أدواتها.
اليوم، ومع هزيمة الإي آر إيه(2)، والاقتصاد المنكمش، والمحافظة المتزايدة، أصبح من السهل مرة أخرى للنساء البيضاوات أن يصدقن التصور الخيالي الخطر أنك إن كنت خيرة بالقدر الكافي، جميلة بالقدر الكافي، لطيفة بالقدر الكافي، هادئة بالقدر الكافي، وعلمت أطفالك حسن السلوك، وكرهت من يستحقون الكراهية، وتزوجت الرجل المناسب، فإنه سيسمح لك بالتعايش مع الأبوية في سلام نسبي، على الأقل حتى يحتاج رجل إلى وظيفتك، أو حتى يظهر مغتصب جديد في منطقة سكنك. وفي الحقيقة، إذا لم يعش أحدنا ويجب على خطوط المواجهة، يكون من الصعب عليه أن يتذكر أن الحرب ضد إهدار الإنسانية لا نهاية لها.
ولكن النساء السوداوات وأطفالنا يعرفون أن نسيج حياتنا مطرز بالعنف وبالكراهية إلى حد لا يسمح لنا بالراحة. فنحن لا نتعامل معهما فقط على خطوط المواجهة، أو في الحواري المظلمة في منتصف الليل، أو في تلك الأماكن التي نجرؤ فيها على إعلان مقاومتنا فبالنسبة لنا وبشكل متزايد، يخترق العنف النسيج اليومي لحياتنا –في السوبرماركت، في الفصل، في المصعد، في العيادة وفناء المدرسة، من السباك، الخباز، البائعة، سائق الحافلة، موظف البنك، نادلة المطعم التي ترفض خدمتنا.
ثمة بعض المشاكل التي نتشاركها بوصفنا نساء وثمة البعض الذي لا نتشاركه. فأنتن تخشين أن ينمو أطفالكن لينضموا إلى السلطة الأبوية وينقلبن عليكن، ونحن نخشى أن يجرجر أطفالنا من سيارة ما ويطلق عليهم الرصاص في الشارع، وأنكن سوف تدرن ظهوركن لأسباب موتهم.
لم يكن تهديد الاختلاف أقل تسببًا من العمى للملونين، فهؤلاء السود منا ينبغي أ، يروا أن حقيقة حياتنا ونضالنا لا تكسبنا مناعة ضد أخطاء تجاهل الاختلاف واساءة تسميته. ففي المجتمعات السوداء حيث العنصرية هي حقيقة حياتية، تبدو الاختلافات فيما بيننا دائمًا خطرة وسببًا للشك. فالحاجة الوحيدة إلى الوحدة يساء تعريفها على أنها حاجة إلى التجانس، ويتم الخلط بين رؤية نسوية سوداء وبين خيانة المصالح المشتركة لنا كجماعة. وبسبب المعركة المستمرة ضد المحو العنصري التي يتشاركها الرجال والنساء والسود، فإن بعض النساء السوداوات مازلن يرفضن أن يعترفن بأننا أيضًا مقموعات كنساء، وأن العداء الجنسي ضد النساء السوداوات لا يمارسه فقط المجتمع العنصري الأبيض، وإنما يتم داخل مجتمعاتنا السوداء أيضًا. إن هذا مرض يضرب قلب الأمة السوداء، ولن يؤدي الصمت إلى اختفائه. ونتيجة لتضخمه بسبب العنصرية وضغوط العجز، فإن العنف ضد النساء والأطفال السود يصبح دائمًا نمطًا ملازمًا لمجتمعاتنا، وهو نمط تقاس به الرجولة. ولكن نادرًا ما تناقش هذه الأفعال الناتجة عن كراهية النساء بوصفها جرائم ضد النساء السوداوات.
النساء الملونات هن الفئة التي تحصل على أدنى الأجور في أمريكا، ونحن الهدف الرئيسي للاستغلال في الإجهاض والتعقيم، هنا وفي الخارج. وفي مناطق بعينها من إفريقيا، لازالت الفتيات الصغيرات يتم خياطة أعضائهن التناسلية لجعلهن أكثر طواعية، ولتحسين متعة الرجال، ويعرف هذا بطهارة النساء، وهي ليست مسألة ثقافية، كما أصر الراحل جوموكينياتا، وإنما هي جريمة ضد النساء السوداوات.
إن أدب النساء السوداوات ملئ بالألم الناجم عن الاعتداء المتكرر، ليس فقط من قبل الأبوية العنصري، ولكن أيضًا من قبل الرجال السود، ومع ذلك فإن ضرورة المعركة المشتركة وتاريخها قد جعلنا، نحن النساء السوداوات، أكثر عرضة للاتهام الزائف بأن عداء الذكورية هو عداء للسود. وفي نفس الوقت، فإن لجوء العاجزين إلى كراهية النساء يستنزف قوى المجتمعات السوداء، ويستنزف حياتنا نفسها. فالاغتصاب المبلغ عنه وغير المبلغ عنه يتزايد، والاغتصاب ليس جنسانية عدائية، بل هو عدوان جنسي وكما يوضح الكاتب الأسود، كلامو يا سلام(3) "طالما وجدت سيادة الذكر، سيوجد الاغتصاب. فوحده تمرد النساء وإرغام الرجال على الوعي بمسؤوليتهم في مواجهة الذكورية، يمكن أن يؤدي إلى وقف الاغتصاب بشكل جماعي".
إن الفوارق بيننا كنساء سوداوات تساء تسميتها أيضًا ويتم استخدامها لفصل بعضنا عن بعض. فكنسوية مثلية سوداء أشعر بالراحلة للمكونات المختلفة لهويتي، وكامرأة ملتزمة تجاه التحرر العنصري والجنسي من صور القمع، فإنني أجد بشكل مستمر ضغطًا علي لأبرز أحد جوانب ذاتي ولأقدمه على أنه الكل ذو المعنى، مخفية أو منكرة الأجزاء الأخرى من نفسي. ولكن هذه هي طريقة مدمرة ومتشظية للعيش. فالتركيز الكامل للطاقة يتاح لي فقط عندما تتكامل كل الأجزاء المكونة لمن أكون بشكل منفتح، متيحة للقوة النابعة من المصادر المختلفة لمعيشتي أن تتدفق بشكل حر ومتبادل خلال كل ذواتي المختلفة، دون المعوقات المفروضة من التعريفات الخارجية. ففقط حينها، يمكنني أن أحشد ذاتي وقدراتي ككل متكامل في خدمة هذه النضالات التي أعتنقها كجزء من حياتي.
خوف كثير من النساء السوداوات من المثليات أو الخوف من أن يتم اتهامهن بأنهن مثليات، قد أدى بهن إلى إدانة أنفسهن. وقد أدى ببعضنا إلى تحالفات مدمرة، وبالبعض الآخر إلى اليأس والعزلة. وفي مجتمعات النساء البيضاوات تكون الغيرية الجنسية أحيانًا نتيجة للتماثل مع الأبوية البيضاء، ورفض لهذا الاعتماد المتبادل بين النساء اللاتي يعرفن ذواتهن كنساء والذي يسمح للذات بأن تكون لنفسها، بدلًا من أن تستخدم في خدمة الرجال. وفي بعض الأحيان تعكس الغيرية الجنسية إيمانًا أعمى بالحماية التي توفرها العلاقات الغيرية، وفي أحيان أخرى تعكس كراهية للذات نتعلمها منذ الميلاد ويجب أن تقاتل كل النساء ضدها.
وعلى الرغم من أن عناصر من هذه السلوكيات توجد في كل النساء، فإن ثمة وقع خاص للغيرية الجنسية والعداء للمثلية بين النساء السوداوات. وبرغم حقيقة أن الرابطة بين النساء لها تاريخ طويل ومشرف في المجتمعات الإفريقية والأفروأمريكية، وبرغم معرفة وانجازات العديد من النساء السوداوات القويات اللاتي يعرفن أنفسهم كنساء في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، فإن النساء السوداوات الغيريات يملن دائمًا إلى تجاهل وجود وأعمال المثليات السوداوات أو إلى التقليل من شأنها. وقد نجم جزء من هذا السلوك عن خوف مفهوم من هجوم الذكور السود داخل حدود المجتمع الأسود، حيث لا يزال عقاب أي أنثى تؤكد ذاتها هو اتهامها بأنها مثلية ومن ثم غير جديرة بالاهتمام أو الدعم من الذكر الأسود. ولكن جزء من هذه الحاجة إلى إساءة تسمية المثليات السوداوات وتجاهلهن يأتي من خوف حقيقي من أن السوداوات اللاتي يعرفن ذواتهن كنساء ولم يعدن يعتمدن على الرجال لتعريف ذواتهن من المتوقع أن يعدن ترتيب مفهومنا للعلاقات الاجتماعية في مجمله.
إن النساء السوداوات اللاتي أصررن من قبل على أن المثلية هي مشكلة تخص النساء البيضاوات، يؤكدن إصرارهن الآن على أن المثليات السوداوات يمثلن تهديدًا للأمة السوداء، وأنهن متحالفات مع العدو، وأنهن غير سوداوات في الأساس. وهذه الاتهامات، الآتية من النساء أنفسهن اللاتي نتجه إليهن من أجل فهم عميق وحقيقي، قد أدت إلى إبقاء كثير من المثليات السوداوات مختبئات، وقد حوصرن بين عنصرية النساء البيضاوات وبين عداء أخواتهن للمثلية. ودائمًا ما تم تجاهل عملهن، أو قلل من شأنه أو أسئ فهمه، كما هو الحال مع أعمال، أنجلين جريمكي(4)، وأليس دنبار-نيلسون(5)، ولورين هانزبيري(6). ومع ذلك فإن النساء المؤمنات بالروابط النسائية كن دائمًا جزء من قوة المجتمعات السوداء، من عماتنا العزباوات وحتى أمازونات داهومي(7). ومن المؤكد أنه ليست المثليات السوداوات من يعتدين على النساء ويغتصبن الأطفال والجدات في شوارع مجتمعتنا. وعبر هذا البلد، كما حدث في بوسطن خلال ربيع 1979 في أعقاب قضية قتل اثنا عشرة امرأة سوداء، تقود المثليات الحراك في مواجهة العنف ضد النساء السوداوات.
ما هي إذن التفاصيل الخاصة في حياة كل منا التي يمكن نقدها وتعديلها للمساعدة على إنتاج التغيير؟ كيف نعيد تعريف الاختلاف لكل النساء؟ فليست اختلافاتنا هي ما يفصل بيننا وإنما تكاسلنا عن الاعتراف بهذه الاختلافات وعن التعامل بفعالية مع التشوهات التي نتجت عن تجاهله وعن اساءة تسميتها.
كأداة للتحكم الاجتماعي، تم تشجيع النساء على الاعتراف بمجال واحد للاختلاف الإنساني بوصفه مشروعًا وهو مجال الاختلافات بين النساء والرجال. وقد تعلمنا أن نتعامل عبر هذه الاختلافات بكل ما يفرضه علينا وضعنا كتابعات ومقموعات من اهتمام بالغ. وكان علينا جميعًا أن نتعلم أن نحيا أو نعمل أو نتعايش مع الرجال، بدءًا من آبائنا. وقد اعترفنا بهذه الاختلافات وتفاوضنا حولها، حتى عندما يكون مثل هذا الاعتراف مجرد استمرار للنمط القديم من ثنائية السيد\التابع للعلاقة الإنسانية، حيث ينبغي على المقموع أن يعترف باختلاف السيد حتى يبقى على قيد الحياة.
ولكن بقاءنا على قيد الحياة في المستقبل يتوقف على قدرتنا على بناء علاقاتنا في إطار المساواة، وكنساء، ينبغي أن نجتث الأنماط المستبطنة للقمع في ذواتنا، إذا ما كان لنا أن نتقدم إلى ما وراء الجوانب الأكثر سطحية للتغيير الاجتماعي. والآن ينبغي أن نعترف بالاختلافات بين النساء اللاتي هن متساويات معنا، فلا هن أدنى ولا أعلى، وأن نوظف سبلًا مختلفة لاستخدام اختلافات كل منا لإثراء رؤانا ونضالنا المشترك.
إن مستقبل كوكبنا قد يعتمد على قدرة كل النساء على تعريف وتطوير تعريفات جديدة للسلطة وأنماط جديدة لبناء العلاقات عبر الاختلاف. فالتعريفات القديمة لم تخدمنا، ولا خدمت الأرض التي تدعم وجودنا. فهذه الأنماط القديمة، بغض النظر عن أي قدر من البراعة أعيد به ترتيبها لتحاكي التقدم، مازالت تحكم علينا بتكرار معدل بشكل تجميلي فقط للتبادلات القديمة ذاتها، وللشعور القديم نفسه بالذنب، وللكراهية، والإدانة، والرثاء، والشك. ولأن في داخلنا جميعًا ثمة مخططات قديمة للتوقعات وردود الأفعال، وبنى قديمة للقمع، ويجب لهذه كلها أ، تتغير في نفس الوقت الذي نغير فيه ظروف المعيشة التي تنتج عن هذه البنى، لأن أدوات السيد لا يمكن لها أبدًا أن تهدم منزله.
وكما أوضح باولو فريري بشكل رائع في "تربية المقموعين"(8) فإن التركيز الحقيقي للتغيير الثوري ليس فقط على المواقف القمعية التي نسعى إلى الإفلات منها، ولكن على هذا الجزء من القامع المزروع عميقًا داخل كل منا، والذي يعرف فقط تكتيكات القامع، وعلاقاته.
إن التغيير يعني النمو، والنمو يمكن أن يكون مؤلمًا. ولكننا نصقل تعريف الذات بتعريض هذه الذات من خلال العمل والنضال معًا، لهؤلاء الذين نعرفهم على أنهم مختلفين عنا، على الرغم من أنهم يشاركوننا الأهداف ذاتها. فبالنسبة للسود والبيض، وللأكبر والأصغر سنًا، وللمثليات والغيريات، على السواء، يمكن لهذا أن يعني سبلًا جديدة لنجاتنا.
لقد اخترنا بعضنا البعض
واخترنا حافة معاركنا.
الحرب هي ذاتها
إذا ما هزمنا
ستتخثر دماء النساء يومًا ما
على سطح كوكب ميت
وإذا ما انتصرنا
فلا أحد يعرف ما قد يكون
نبحث فيما وراء التاريخ
عن لقاء جديد وممكن أكثر.(9)
حواشي
- ورقة قدمت في كوبلاند، جامعة أمهرست 1980
- ERA: Equal Rights Amendment
- "Rape: A radical Analysis, An African-American Perspective" by Kalamu ya Salaam in Black Books Bulletin 1980
- Angelina Grimke
- Alice Dunbar – Nelson
- Lorraine Hansberry
- Amazons of Dahomey
- The Pedagogy of the oppressed- Paulo Freire, Seabury Press, New York, 1970
- From "Outlines" Unpublished poem